هوامش ومتون الأغاني التي لا تصدأ
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
رغم أن أغنية الرواد والأغنية السبعينية احتلت مساحة كبيرة من كتاب الباحث كرم نعمة (أغانٍ من فضة – الغناء العراقي بوصفه مؤرّخا) إلا أن صورة المطرب كاظم الساهر، الذي ظهر في الثمانينيات، احتلّت الغلاف، وهو ما دفعني للتساؤل: لماذا كاظم الساهر دون غيره من المطربين الذين سبقوه، وكانوا سفراء للأغنية العراقيّة، كمطربي المقام محمد القبانجي ويوسف عمر، وكذلك ناظم الغزالي وسليمة مراد التي أعجبت بأغانيها أم كلثوم حتى أنها غنّت أغنيتها (كَلبك صخر جلمود) في زيارتها لبغداد عام 1932م، وأعادت غناءها في الإذاعة المصرية، بعد عودتها للقاهرة، ولا ننسى سعدون جابر، حسين نعمة وياس خضر ود.
وحين تصفّحت الكتاب رأيته قد خصّ الساهر بمساحة واسعة من صفحاته من بينها حوار مهم كنت حاضرا تفاصيله، حين أجراه (كرم نعمة) في مبنى (جريدة الجمهورية) ببغداد عام ١٩٩٢، وفي عدّة مواضع، تتبّع مساره الغنائي، وفصّل في طبقاته الصوتيّة، وآراء النقّاد الموسيقيين، بل اعتبر كاظم الساهر "بمثابة جائزة ترضية للعراقيين حيال الخسائر السياسية والاجتماعية التي توالت عليهم، فالغناء عرض منتظم للماضي بكل قوالبه وقوانينه وأشكاله وبيئاته" ولم يفصل الكاتب الغناء عن الواقع، خصوصا إذا كان مرتبطا بحياة الناس، يقول الشاعر سعدي يوسف "كل الأغاني انتهت إلّا أغاني الناس"، فقد وجد الكاتب (كرم) في الغناء مؤرّخا روحيّا، " بدأ بجيل الوصول الصعب الذي شكله الموسيقار العراقي الراحل صالح الكويتي ومرورا بجيل الخمسينيات في اللحن العراقي، الذي كان بمثابة التعبير الأمثل عن حضارة موسيقية صافية من أي شوائب، ثم جيل السبعينيات وهو يقود ثورة غنائية ولحنية صنعت ما يمكن تسميته بأغنية البيئات التي مزجت بين الغناء الريفي وإرث الأغنية البغدادية والمقام العراقي. ثم الجيل اللاحق، حيث شكل الفنان كاظم الساهر، جيلا منفصلا بألحانه، جعل المستمع العربي يلتفت، ولو بشكل متأخر للغناء العراقي، مع ذلك كان هذا الغناء محظوظًا في إحدى المرات النادرة، عندما جعل غناء الساهر الجمهور العربي يبحث عن الأغنية العراقية التي لم تصله على مدار عقود" كما يقول في المقدمة، فجاء الغناء، مثلما الشعر في أيام العرب، سجلّا لأحداث مرّت في حياتهم، وقد مرّ ذكر الكثير من المعلومات التاريخية من بينها أن الشاعر الجواهري تأثر بقطعة موسيقية للفنان صالح الكويتي فكتب قصيدته( دمعة تثريها الكمنجة)، وأن محمد عبدالوهاب حين زار بغداد عام 1932م تعاون مع صالح الكويتي وأعجبه مقام اللامي للقبانجي "وحين عاد إلى القاهرة استوحى هذا المقام في لحنه لأغنية( يلي زرعتوا البرتقال) لتكون أول أغنية مصرية على مقام اللامي العراقي"، وحتى عندما يسهب فهو يثري معلوماتنا.
يصف ناظم الغزالي، نقلا عن أشخاص قابلهم بحكم عمله الصحفي كانوا قد زاملوا الغزالي "مثقف ووديع وصبور وسريع الحفظ وتقليد للأصوات، لم يتخل عن نكتته السريعة وأناقته الشديدة حتى في أحلك الأيام التي كان يعاني فيها من الفقر" وينقل عن عازف رافق الغزالي أنه كان ينهي حفلاته بعد غناء عدد محدود من أغانيه، "كي لا يرى أحدا يغادر الحفلة وهو يغني".
ويتحدّث عن عازف يتوسط الجوقة الموسيقية التي تظهر خلف ناظم الغزالي في أغانيه المصورة عازفا على القانون، ذلك العازف هو الملحن سالم حسين الذي غنى ألحانه: وديع الصافي، وسعاد محمد، ودلال شمالي، وفايدة كامل، ونرجس شوقي، والقائمة تطول، وكاد أن يجري حوارا معه حين التقى به بمنزل الموسيقار نصير شمة، بتونس، لكن موعد رحلته كان أسرع من شراك لعبته الصحفية" فالطائرات لا تنتظر الصحفيين قبل تحليقها" كما يقول الكاتب كرم في كتاب ممتع مليء بحكايات الأغاني التي لا تصدأ.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کاظم الساهر
إقرأ أيضاً:
قصف متبادل بين إسرائيل وإيران وترامب يقول إنه يستطيع "بسهولة" إنهاء الصراع
عواصم - الوكالات
تتبادل إسرائيل وإيران موجة جديدة من الهجمات منذ مساء أمس السبت مما أدى لمقتل العشرات وأثار مخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الصراع يمكن أن ينتهي بسهولة، محذرا طهران من مغبة قصف أي أهداف أمريكية.
ومشطت فرق إنقاذ إسرائيلية أنقاض مبان سكنية دمرتها الصواريخ الإيرانيةبالاستعانة بكلاب مدربة وحفارات بحثا عن ناجين في أعقاب مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص بينهم أطفال مما يرفع إجمالي القتلى في يومين في إسرائيل إلى 13.
ودوت صفارات الإنذار في أنحاء إسرائيل في الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي اليوم الأحد في أول مرة تنطلق فيها خلال النهار وسمع دوي انفجارات جديدة في تل أبيب.
وفي إيران، أظهرت لقطات من العاصمة طهران حريقا ضخما خلال الليل في مستودع وقود بعد أن بدأت إسرائيل في تنفيذ ضربات على قطاع النفط والغاز الإيراني، مما زاد المخاطر من تبعات ذلك على الاقتصاد العالمي وعلى قدرة مؤسسات الدولة الإيرانية على العمل.
ولم تنشر إيران إجمالي عدد القتلى لكنها قالت إن 78 لقوا حتفهم يوم الجمعة وعشرات قتلوا منذ ذلك الحين، بما في ذلك هجوم واحد أودى بحياة 60، نصفهم من الأطفال، أمس السبت عندما سوى الهجوم مبنى سكنيا من 14 طابقا بالأرض.
وشنت إسرائيل "عملية الأسد الصاعد" بهجوم مفاجئ في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة أسفر عن القضاء على عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وألحق أضرارا بمواقع نووية.
وقالت إسرائيل إن الحملة ستستمر في التصاعد في الأيام المقبلة. ومن جانبها توعدت إيران "بفتح أبوب الجحيم" على إسرائيل ردا على ذلك.
وأصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا للإيرانيين الذين يعيشون قرب منشآت الأسلحة بالإخلاء.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من شرفة تطل على شقق مدمرة في بلدة بات يم حيث قتل ستة "ستدفع إيران ثمنا باهظا لقتل المدنيين والنساء والأطفال".
وأكد مسؤول إسرائيلي أن قائمة الأهداف في إيران لا تزال طويلة، وأحجم عن تحديد إلى متى ستستمر الضربات. وذكر أن الأهداف التي تم قصفها مساء أمس السبت شملت موقعين إيرانيين للوقود "مزدوج الاستخدام" كانا يدعمان العمليات العسكرية والنووية.
وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن رد بلاده سيزداد "حسما وشدة" إذا استمرت العدوان الإسرائيلي.
* ترامب يحذر إيران
أضاءت السماء فوق إسرائيل بوابل من الصواريخ الإيرانية والصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية. وتقول السلطات الإسرائيلية إن نحو 22 من أصل 270 صاروخا باليستيا أطلقتهم إيران على مدى الليلتين السابقتين اخترقوا الدرع المضادة للصواريخ.
ومع تزايد المخاوف من نشوب صراع أوسع في منطقة الشرق الأوسط وارتفاع أسعار النفط بشدة، أشاد ترامب بالهجوم الإسرائيلي، نافيا في الوقت نفسه الاتهامات الإيرانية لواشنطن بالمشاركة فيه. وحذر طهران من توسيع نطاق ردها ليشمل أهدافا أمريكية.
وقال ترامب في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال) "إذا هاجمتنا إيران بأي شكل من الأشكال، فإنها ستواجه القوة والقدرة الكاملة للقوات المسلحة الأمريكية بمستويات لم تشهدها من قبل".
واستطرد قائلا "لكن بإمكاننا التوصل بسهولة إلى اتفاق بين طهران وإسرائيل، وإنهاء هذا الصراع الدموي".
وفي وقت سابق من اليوم الأحد، قال ترامب إن الجانبين سيحظيان بالسلام "قريبا" وأضاف أن العديد من الاجتماعات تجري دون أن يذكر تفاصيل.
وقال ترامب مرارا إن إيران يمكنها أن تنهي الحرب بالموافقة على قيود صارمة على برنامجها النووي الذي تؤكد أنه لأغراض سلمية لكن دولا غربية تقول إنه قد يستخدم لصنع قنبلة ذرية.
وألغيت الجولة الأحدث لمفاوضات الملف النووي بين إيران والولايات المتحدة بعد أن كانت مقررة اليوم الأحد في سلطنة عمان بعد أن قالت طهران إنها لن تتفاوض وهي تتعرض لهجمات إسرائيلية.