بوابة الوفد:
2025-10-22@16:13:55 GMT

بركة الوقت

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

كان القدماء، رضوان الله عليهم، من العلماء العاملين أحرص الناس على الأوقات، لم يضيعوا أوقاتهم فى الكلام الفارغ ولا فى اللهو ولا فى السهر، ولا فى القيل والقال ولا فى الغيبة ولا فى النميمة، ولا على الموبايلات الحديثة، ناهيك عن سد ذرائع قلة الأدب التى انتشرت فى كل مكان، ولا يكاد يخلو منها بينه وبين نفسه إنسان.

أعجب العجب فعلاً أنك تلاحظ أن فريضة التفكير وطلب العلم هما أعدى أعداء الوقت الضائع، فلن يتفق مطلقاً لرجل مفكر أو باحث أو أديب أو طالب علم مع ما يبدو الآن من مظاهر انتشار ضياع الوقت والقيمة والقانون، لأن أولئك كلهم بحاجة ماسّة إلى تجنيد الوقت لخدمة مآربهم العليا، ولو لم يحرصوا على ذلك لامتنع لديهم الانجاز!

وقانون الوقت من أخطر ما يمس العمر فى تحصيل ما يجب، وترك ما لا يجب، حتى تظهر بركة الأوقات مع التدبير والاعتبار، ومع الرعاية والعناية. ولذلك قال حجة الإسلام الإمام الغزالى فى بداية الهداية ما نصّه: 

(ولا ينْبغِى أَن تَكونَ أوقاتُكَ مُهْمَلَةً فَتَشْتغلَ فى كلِّ وَقْتٍ بما اتَّفقَ كَيْفَ اتَّفَقَ بل يَنْبَغِى أَنْ تُحاسِبَ نَفْسَكَ وتُرَتِّبَ وظائِفَكَ فى لَيلِكَ ونَهارِكَ وتُعَيِّنَ لكُلِّ وَقْتٍ شُغْلاً لا يَتَعَدَّاهُ ولا تُؤْثِرُ فِيهِ سِواه، فَبِهِ تَظْهَرُ بَرَكَةُ الأَوقاتِ.

فأمّا مَنْ تَرَكَ نَفْسَهُ مُهْمَلاً سُدًى إِهْمالَ البَهائِمِ لا يَدْرى بِما يَسْتقبِلُ كلَّ وَقْت، فَتَنْقَضِى أكثرُ أوقاتِهِ ضائِعَةً. 

وأوقاتُكَ عُمْرُكَ، وعُمْرُكَ رَأْسُ مالِكَ، وعَلَيْهِ تِجارتُكَ وبِهِ وُصُولُكَ إِلَى نَعِيمِ الأَبَدِ فى جِوارِ اللهِ تَعالَى، فَكُلُّ نَفَسٍ مِنْ أَنْفاسِكَ جَوْهَرٌ لا بَدَلَ لَه، فَإِذا فاتَ فَلَا عَوْدَةَ لَهُ. فَلَا تَكُنْ كالحَمْقَى الذين يَفْرَحُونَ فى كُلِّ يَوْمٍ بِزِيادَةِ أَمْوَالِهِمْ مَعَ نُقْصانِ أَعْمارِهِمْ).

يتبيّن إذن أن الحرص على مراعاة الله فى كل لحظة، إنما هو بركة تمدُّ العمر وترفعه وتباركه وتزكيه، ولا يرفع العمر ولا يباركه ولا يزكيه إلا مراعاة الأوقات بين يدى الله وخلوص السريرة قصداً وتوجُّهاً إليه سبحانه، فلا خير فيما لا يكون خالصاً له وحده دوناً عن سواه إذا كان لا محل للسِّوى معه فى كل اعتقاد صحيح.

 ولنعلم جميعاً: أن العمر كله يوم، واليوم كله ساعة، والساعة كلها وقت، والوقت كله حال، والحالُ مراقبة القلب مع الله بإحصاء اﻷنفاس فى الوقت الذى هو فيه.. فإذا أردت أن تعرف منزلتك عند الله، فانظر فيماذا يقيمك؟ 

يعنى تحقق من «عبادة الوقت»، وعبادة الوقت من أنفع وأجل العبادات التى يجيدها أهل الله وخاصّته، لأنها العبادة التى تقدر العمر كله فتحصره فى اليوم، وتقدر اليوم كله فتحصره فى الساعة التى يحضر فيها مع الله، وتقدر الساعة كلها فتحصرها فى الوقت، وتقدر الوقت كله فتنزله فى الحال، وتنزل الحال بمراقبة الأنفاس مع الله باتصال القلب بمنن الفضل الإلهى. 

فلا يعرف العبد منزلته عند الله ما لم يقدّر للوقت قيمته ويعرف على التحقيق فيما أقامة الله فيه، ويُحسن هذه المعرفة مع الإقامة، فإنّ لها مع كل حال عبادة، فقد يقيمك الله فى حال الطاعة أو يقيمك فى حال المعصية، أو يقيمك فى حال النعمة، أو يقيمك فى حال البليّة. ومقتضى الحق - سبحانه - منك أن تؤدى حق العبادة فى كل حال وفى كل وقت فيما أقامك الله فيه، وهى التى يسميها العارفون «بحقوق الأوقات».

وحقوق الأوقات هذه إذا فاتت ليس لها قضاء، بخلاف أوقات الصلاة إذا هى فاتت تُقضى من فورها.

حتى إذا أقامك الله فى حال الطاعة فمقتضى الحق منك الشكر، وإذا أقامك فى حال المعصية، فمقتضى الحق منك وجود الاستغفار، وإذا أقامك فى حال النعمة، فمقتضى الحق منك شهود منته عليك ووجوب الشكر والحمد، وإذا أقامك فى حال البلية فمقتضى الحق منك الصبر والاحتساب والرضى بقضاء الله، ولا تخلو أحوال العبدمن هذه الأربعة التى لا خامس لها: طاعة فمعصية، ثم نعمة أو بلية، ولكل حال منها عبادة يؤديها العبد فى التو واللحظة، أى فى الوقت الذى هو فيه، ولذلك سميت بحقوق الأوقات التى لا قضاء لها إذا ما فاتت.

فمثلاً: إذا كان العبد فى حال المعصية ولم يؤد حق الاستغفار منها، وجعل وقته يمضى بغير استدراك، فقد فوّت على نفسه حق الله عليه فيما أقامه الله فيه، وأضاع حال العبادة فى الوقت الذى أقامه الله فيه، فلم يعط حق عبادته التى اقتضاها الله منه فى وقتها، ولم ينظر فيما أقامه الله فيه، ولم يدرك لنفسه منزلة عند الله لأنه لم يشأ أن يدرك لنفسه منزلتها. وليس للنفس أن تدرك منزلتها وهى بمعزل عن وصلتها الإلهية وبوصلتها الربانية وشهودها الأكمل لعالم الملك والملكوت والجبروت.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مجدى إبراهيم ن القدماء فى الوقت الله فیه ولا فى فى حال

إقرأ أيضاً:

خرق غزة يسابق الوقت .. الحرب انتهت

بعد الخرق الأخير لوقف إطلاق النار في غزة، يمكن القول إنّ المشهد بات أوضح من أي وقت مضى. فبالرغم من العنف المفرط الذي استخدمته إسرائيل خلال الساعات الماضية، إلا أنّها بدت وكأنها تسابق الوقت للعودة إلى التهدئة، وكأنّ القرار الكبير قد اتُّخذ: لا عودة إلى الحرب. هذا السلوك لم يكن وليد لحظة داخلية أو حسابات ميدانية، بل يعكس قرارًا خارجيًا صارمًا، مصدره واشنطن، التي وضعت حدًا لأي تصعيد جديد في غزة، أقله بالشكل الذي عرفناه طوال الأشهر الماضية.

فالتجمّد السريع في الميدان، وفتح المعابر، والسماح بعودة المساعدات، كلّها مؤشرات إلى أن الملف الغزّي أُقفل، وربما إلى غير رجعة في المدى المنظور. لكن ما إن يُقال ذلك، حتى يبرز سؤال أكبر: ماذا عن الجبهة اللبنانية؟ هل يُمكن أن تُبقي إسـرائيل الحرب هناك "معلّقة" إلى أجل غير مسمّى، أم أن التصعيد سيبقى خيارًا قائمًا على الطاولة؟

بحسب مصادر متابعة، فان مَنْ يوقف حرب غزة لن يفتح حرب لبنان. المنطق بسيط: أي مواجهة واسعة في الجنوب اللبناني ستقود إلى انفجار إقليمي لا يمكن ضبطه، لا سياسيًا ولا ميدانيًا. فلبنان ليس ساحة معزولة، وأي تصعيد فيه يعني دخول أطراف إقليمية على الخط، وتحديدًا إيران، التي ستتعامل مع أي ضربة في لبنان على أنها موجهة لها مباشرة.

كلفة الحرب في لبنان لا تُقارن بغزة. فهنا شبكة مصالح أكبر، وتوازنات أكثر تعقيدًا، ونزاعات متشابكة بين الداخل والخارج. لذلك، يبدو أن القرار الدولي ـ الأميركي تحديدًا ـ هو منع تمدد النار إلى الشمال، ولو اقتضى الأمر الضغط على إسرائيل نفسها.

لكنّ هذه المعادلة تبقى مؤقتة، تسري فقط إلى حين الوصول إلى إيران. فطالما لم تُحسم المواجهة الكبرى هناك، سيبقى الشرق الأوسط في حالة تعليق بين الحرب والسلام. اللحظة التي تشعر فيها إســرائيل أن في إمكانها توجيه ضربة جديدة قاضية لإيران، ستفعل ذلك من دون أي تردّد، ومن دون الاكتراث لأي جبهة أخرى أو لأي تفاهم سابق.

حتى ذلك الحين، تبقى الجبهات الأخرى مضبوطة على إيقاع السياسة الأميركية، التي تحاول تأجيل الانفجار لا أكثر. أما في العمق، فالحرب لم تنتهِ فعليًا، بل جُمّدت بانتظار التوقيت الأنسب، أو الهدف الأهم. وفي هذه المنطقة، التوقيت لا يُقاس بالساعات أو الأيام، بل بالمصالح، والضربات، والقرارات التي تُتخذ خلف الأبواب المغلقة. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة الجيش يسابق الوقت Lebanon 24 الجيش يسابق الوقت 20/10/2025 11:01:31 20/10/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 تصعيد إسرائيلي يسابق الوقت: الحسم قبل نهاية 2025 Lebanon 24 تصعيد إسرائيلي يسابق الوقت: الحسم قبل نهاية 2025 20/10/2025 11:01:31 20/10/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 نيويورك تايمز: بوتين يسابق الوقت Lebanon 24 نيويورك تايمز: بوتين يسابق الوقت 20/10/2025 11:01:31 20/10/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 حماس: جاهزون للتخلي عن حكم غزة بعد انتهاء الحرب Lebanon 24 حماس: جاهزون للتخلي عن حكم غزة بعد انتهاء الحرب 20/10/2025 11:01:31 20/10/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 القرار الدولي الشرق الأوسط اللبنانية إسرائيل واشنطن الجبهة الشمال تابع قد يعجبك أيضاً بري يزور بعبدا Lebanon 24 بري يزور بعبدا 11:00 | 2025-10-20 20/10/2025 11:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 "رواتب مهينة وخدمات معدومة".. موظفو الإدارة العامة دعوا إلى الاضراب الخميس Lebanon 24 "رواتب مهينة وخدمات معدومة".. موظفو الإدارة العامة دعوا إلى الاضراب الخميس 10:38 | 2025-10-20 20/10/2025 10:38:59 Lebanon 24 Lebanon 24 محافظ بيروت يعلن جداول الرسوم البلدية لعام 2025 ويحدد مهلة السداد Lebanon 24 محافظ بيروت يعلن جداول الرسوم البلدية لعام 2025 ويحدد مهلة السداد 10:33 | 2025-10-20 20/10/2025 10:33:23 Lebanon 24 Lebanon 24 سارق في قبضة القوى الامنية.. هكذا تم توقيفه Lebanon 24 سارق في قبضة القوى الامنية.. هكذا تم توقيفه 10:29 | 2025-10-20 20/10/2025 10:29:57 Lebanon 24 Lebanon 24 أبي رميا في باريس: تعزيز الشراكة اللبنانية–الأوروبية ودعم عودة النازحين Lebanon 24 أبي رميا في باريس: تعزيز الشراكة اللبنانية–الأوروبية ودعم عودة النازحين 10:26 | 2025-10-20 20/10/2025 10:26:02 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد تعرّضه لتسمّم نتيجة تناول عشبة لعلاج الربو.. وفاة معاون في الجيش (صور) Lebanon 24 بعد تعرّضه لتسمّم نتيجة تناول عشبة لعلاج الربو.. وفاة معاون في الجيش (صور) 15:30 | 2025-10-19 19/10/2025 03:30:57 Lebanon 24 Lebanon 24 هزة أرضية شديدة تضرب السعودية.. هذه قوتها Lebanon 24 هزة أرضية شديدة تضرب السعودية.. هذه قوتها 11:33 | 2025-10-19 19/10/2025 11:33:22 Lebanon 24 Lebanon 24 مفاجأة في تقرير فرنسي عن "حزب الله".. ماذا حصل بعد اغتيال نصرالله؟ Lebanon 24 مفاجأة في تقرير فرنسي عن "حزب الله".. ماذا حصل بعد اغتيال نصرالله؟ 14:00 | 2025-10-19 19/10/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 فُقدا منذ 5 أيام... العثور على جثتي شابين وهذه هويتهما (صور) Lebanon 24 فُقدا منذ 5 أيام... العثور على جثتي شابين وهذه هويتهما (صور) 12:38 | 2025-10-19 19/10/2025 12:38:08 Lebanon 24 Lebanon 24 صحيفة تطلق تحذيراً يخصُّ لبنان.. القلق يُسيطر! Lebanon 24 صحيفة تطلق تحذيراً يخصُّ لبنان.. القلق يُسيطر! 22:00 | 2025-10-19 19/10/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب علي منتش Ali Mantash @alimantash أيضاً في لبنان 11:00 | 2025-10-20 بري يزور بعبدا 10:38 | 2025-10-20 "رواتب مهينة وخدمات معدومة".. موظفو الإدارة العامة دعوا إلى الاضراب الخميس 10:33 | 2025-10-20 محافظ بيروت يعلن جداول الرسوم البلدية لعام 2025 ويحدد مهلة السداد 10:29 | 2025-10-20 سارق في قبضة القوى الامنية.. هكذا تم توقيفه 10:26 | 2025-10-20 أبي رميا في باريس: تعزيز الشراكة اللبنانية–الأوروبية ودعم عودة النازحين 10:21 | 2025-10-20 مياه لبنان الجنوبي تدعو المشتركين لتسوية أوضاعهم المالية فيديو في الفاتيكان.. بدء مراسم إعلان قداسة المطران إغناطيوس مالويان Lebanon 24 في الفاتيكان.. بدء مراسم إعلان قداسة المطران إغناطيوس مالويان 10:16 | 2025-10-19 20/10/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 ساعة ذكية جديدة من Oppo.. هذه مواصفاتها (فيديو) Lebanon 24 ساعة ذكية جديدة من Oppo.. هذه مواصفاتها (فيديو) 08:00 | 2025-10-18 20/10/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 تجارة الحيوانات منتشرة وبقوة.. أُسود من لبنان إلى أفريقيا! Lebanon 24 تجارة الحيوانات منتشرة وبقوة.. أُسود من لبنان إلى أفريقيا! 11:30 | 2025-10-17 20/10/2025 11:01:31 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • من المنتصر؟ «٢»
  • بركة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم على الكعبة المشرفة
  • ترامب: لم يحن الوقت للتدخل عسكريا ضد حماس
  • ترمب لإسرائيل: الوقت لم يحن بعد للتدخل عسكرياً في غزة
  • مصلحة الليطاني تعلن: أعمال تنظيف أسفل بركة أنان
  • بلدية غزة تحذر من مخاطر ارتفاع منسوب المياه في بركة الشيخ رضوان
  • خرق غزة يسابق الوقت .. الحرب انتهت
  • كلام خطير لبراك عن حزب الله والحرب: حان الوقت للبنان للتحرك
  • هل يستمر حسام حسن حتى كأس العالم؟
  • «مصر.. هبة الله للأرض ومهد الأنبياء والتاريخ»