ألقى الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة اليوم، موضحًا أن للحق نوراً، وللفضيلة جمالاً، والحكمةُ البالغةُ، والموعظةُ الحسنةُ حين تكون في كلماتٍ رصينة، وخطابٍ رفيق تُقْبِل عليها النفوس، وتأنس بها العقول.
 

خطبة اليوم الجمعة من المسجد النبوي.. الموت مآل كل إنسان خطبة الجمعة: لماذا يتهاون بعض الناس بقدسية الزواج؟!


وأضاف فضيلته أن الخطاب يكون به  حجة ظاهرة ، وبرهان جلي ، في رفق وأدب : دالةٍ على أن لكل مقام مقالاً ، ولكل طبقة خطاباً، وكلمات جامعات فيها تذكير بما يلين القلوب ، ويهذب النفوس ، ويرد الشارد ، مواعظ تدل على الهدى ، وتحفظ من الردى ، وتزيد المؤمن إيماناً ، والعمل الصالح إحساناً ، توجيهات من أجل صلاح المعاش والمعاد ، والفوز بالدارين ، وتحصيل السعادتين ، توقظ غافلاً ، وتعلم جاهلاً ، وتبصر بطريق الحق ، وتأخذ بالفضيلة ، وترد عن الرذيلة.


وأشار الشيخ ابن حميد إلى أن هذا التوجه والتوجيه يقول أهل العلم: الاستقامة على الحق تكون في سلوكِ سبيلِ الهدى ، وطيبِ الغذاء ، والجدِّ في تحصيل التقوى ، وملازمةِ الذكر ، ولزومِ الشرع ، وتعظيمِ حرمات المسلمين ، ومن استقام باطنه استقامت أموره والخيرُ في خمس خصال : لباسِ التقوى ، والثقةِ بالله ، وكسبِ الحلال ، وغنى النفس ، وكفِّ الأذى ، وأدوأُ الداء خلقٌ دنيء ، ولسانٌ بذيء .


وأوضح فضيلته أن إمهال الله ليس إهمالاً ، فالعبد مُساءل ومجازى ، ولا يتعظ إلا أهل الخوف والخشية وكفى بالمرء علماً أن يخشى الله ، وكفى به جهلاً أن يعجب بعمله، مبيناً أنه يجب أن يحذر العبد الناصح لنفسه من خشوع الظاهر وفجور القلب ، وليستحِ العبد أن يُصلح ما ظهر للخلق ، ولا يُصْلحْ ما يعلمه الخالق جل وعلا (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم) ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ومن ستر عورة أخيه ستر الله عورته ، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ثم يفْضَحْه ولو في جوف بيته، منوهاً بأن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة ، والكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار. وصحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، والحسد يُولِّد قلة الشفقة بالمسلمين ، وبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد .


وذكر إمام وخطيب المسجد الحرام أنه مِنْ ظُلْمِ العبد لنفسه أن يجد لنفسه عذراً في كل شيء ولا يعذر إخوانه في أي شيء، ولا يعتذر إلا القوي ، ولا يسامح إلا الأشجع ، ولا ينسى إلا الأسعد، وأن الخلق لا يذمون العبد إلا بمقدار ما جعل الله في قلوبهم ، ومن خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد ، وعلى قدر حب العبد لربه يحبب إليه خلقه ، وكلما زاد خوفه من ربه ألقى الله مهابته في عباده .


ودعا إلى قول الصدق ، ولزوم الحق ، وعمل الصواب ، وسوف يرضى الناس ولو بعد حين، وهمُّ الدنيا ظلمة في القلب ، وهمُّ الآخرة نور في القلب، والغضبُ عقابٌ يعاقب به المرء نفسَه والمخطئُ غيرُه، والصداقة خسارة إلا ما صافيت، والمال حسرة إلا ما واسيت، والمخالطة تخليط إلا ما داريت، وليعلم العبد الصالح الناصح لنفسه أن اختيار الله خير له من اختياره لنفسه ، فالعبد مدبَّر لا مدبِّر، وسخطه لا يغير القضاء ، فليلزم طريق الرضا بالقضاء، والثبات يكون عند الابتلاء ، أما في زمن العافية فالثابتون كثير ، والرضا حين البلاء ، أما في حال طيب العيش فالراضون كثير، ومن أطاع مطامعه استعبدته، ومن زادت مطامعه هان عليه دينه، والأطماع تقطع أعناق الرجال، وأن سبب الخلاف بين الناس إما مقصود لم يفهم أو مفهوم لم يقصد .


وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام على أن من يتعامل مع أدوات التواصلَ فْليُذَكِّر بفريضة ، ولْيدُلَّ على سنة ، ولينبِّه على خطأ ، ولينصحْ باحتساب، وليحتسبْ الأجر والثواب ، وليحرصْ على جمع الكلمة ، وإحسان الظن ، وليحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه ، وليظنَّ بأخيه الخير ، وليتق شر ظنون نفسه، وليحذر أن يكون الناصح لنفسه في هذه الأدوات ممن يتجوّل بدلاء فارغة ، ويجعل عقله مستباحاً لمتطفلي هذه الأدوات الثرثارين بما لا ينفع، في السعادة عبد رزقه الله توبة تحفظه من الإصرار ، وخوفاً يقيه من التسويف ، ورجاءً يقصر عنده الأمل.

وعَمَر وقته بذكر ربه في توحيد خالص وإخلاص صادق ، وكلُّ ساقٍ سيُسقى بما سقى ، ومن ذُكِّر فلم ينزجر فهو محروم ، ومن دخل في ما لا يعنيه فهو الملوم، والحرص على أن تكون ممن إذا علم رفق ، وإذا سُئل بذل ، وكن عوناً للمسترشد ، وحليف الصدق للمستنصح ، ومستودع البر للمسترفد ، قريبَ الرضا ، بعيدَ الهمة ، الحقُّ مبتغاك ، والحياءُ سترُك ، والورعُ سربالُك ، في بصائرَ من النور تبصرها، وحقائقَ من العلم تأخذ بها ، وإذا زللت فارجع، وإذا أخطأت فاعتذر، وإذا أذنبت فأقلع، وإذا جهلت فاسأل ، وإذا غضبت فأمسك، واعلم أن لك الفضل ما لم ترَ فضلك ، فإذا رأيت فضلك فلا فضل لك .

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: إمام وخطيب المسجد الحرام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة جمعة النبوي سوء الظن لمسلم المسجد الحرام یهدی إلى

إقرأ أيضاً:

أمين الإفتاء: إذا غلب على ظن البائع أستخدام المشتري للسلعة في الحرام وجب عليه الامتناع عن البيع

قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الأصل في المعاملات التجارية هو الإباحة، طالما أن السلعة في ذاتها ليست محرّمة، لكن الأمر يختلف إذا علم البائع أو غلب على ظنه أن المشتري سيستخدم السلعة في أمر محرّم.

وأضاف شلبي في تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، أن بعض الأدوات مثل السكين أو غيرها من الأدوات ذات الاستخدام المزدوج، يجوز بيعها في العموم، لكن إن تيقّن البائع أو ترجّح عنده أن المشتري ينوي استخدامها في إيذاء أو معصية، كأن يصرّح بذلك أو تكون هناك قرائن قوية، فحينها يحرم البيع، لأن فيه تعاونًا على الإثم والعدوان، مستشهدًا بقوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.

المقصود ببيع المال بالمال والموقف الشرعي لهذا التعامل".. الإفتاء توضحالإفتاء توضح حكم سنة صلاة العصر وعدد ركعاتهاهل يجوز ترديد آيات قرآنية في السجود؟.. دار الإفتاء تجيبهل يجوز الاستخارة بالدعاء فقط دون صلاة؟.. الإفتاء توضح


وتابع شلبي: "إذا كان البائع لا يعلم شيئًا عن نية المشتري، أو كان الأمر مجرد شك متساوٍ لا يرجّح شيئًا، فلا إثم عليه، ويجوز له البيع دون حرج"، مشيرًا إلى أن الشك المجرد لا تُبنى عليه أحكام شرعية، ولا يُطلب من التاجر أن يفتّش في نوايا الناس.

وأوضح أن الشرع الشريف لا يكلّف البائع بالتحري إلا إذا ظهرت أمامه أمارات أو قرائن واضحة تدل على الاستعمال المحرّم، فهنا يجب عليه التوقف عن البيع، التزامًا بالضوابط الشرعية، ومنعًا من المشاركة في معصية.

وتابع: "هذا هو قول جمهور الفقهاء، مراعاةً لمقصد سدّ الذرائع، وحمايةً للمجتمع من أن يُتخذ البيع وسيلة لإلحاق الأذى أو المعصية".

طباعة شارك أمين الإفتا البائع المشتري الحرام الشيخ محمود شلبي

مقالات مشابهة

  • أمين الإفتاء: إذا غلب على ظن البائع أستخدام المشتري للسلعة في الحرام وجب عليه الامتناع عن البيع
  • ما حكم الخمر إذا تحوّل إلى خَلّ طبيعي؟.. أمين الفتوى يجيب
  • افتتاحية: عن الفلسفة الضائعة من سياق حياتنا
  • الاستكبار الصامت والمصير الأبدي .. قراءة قرآنية دلالية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
  • وزير الأوقاف يعتمد 40 خطيبًا بالمكافأة من المحالين للمعاش
  • 594 ألف مستفيد من برامج «قاصدي المسجد الحرام» خلال شهر محرم الماضي
  • صلاة الضحى.. اعرف وقتها وهل تكون سرية أم جهرية وحكم أدائها في جماعة
  • انتبه .. حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد
  • وزير الأوقاف يعتمد 41 خطيب مكافأة من حملة المؤهلات العليا وأعضاء هيئة التدريس
  • ما حكم أداء صلاة الضحى في المسجد؟.. الإفتاء تجيب