الجزيرة:
2025-05-21@12:08:34 GMT

الشعوب المحتكرة للحرية

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

الشعوب المحتكرة للحرية

ذهب البعض إلى جعل "الحرية الفردية" أولوية، والقيمة العليا من بين القيم الأخرى. وأصروا على مناقشتها كقيمة مجردة، بمعزل عن التجربة الغربية وما انتهت إليه من ظلم عالمي يمارسه الغرب ضد غالبية شعوب العالم، وما انتهت إليه من دمار للطبيعة والمناخ، ومن طغيان واحتكار للسلطة والثروات الخيالية في يد بضعة أفراد.

ناهيك عما انتهت إليه من إبادة للشعب الفلسطيني في غزة. وأخيرًا وليس آخرًا، ما انتهى إليه العالم من مخزون نووي (وغيره) يهدده بالإفناء.

ومع ذلك، يواصل البعض إصرارهم على مناقشة "الحرية الفردية" في إطارها النظري المجرد، باعتبارها أرفع القيم الإنسانية، وينسون – أو يتناسون – ما أسفرت عنه حين تنزلت إلى موضع التطبيق، ولا سيما خارج الإطار الغربي. وهنا نطرح الملحوظات التالية:

عندما يدعو مبدأ الحرية الفردية إلى حق، أو حرية، كل فرد أن يعمل ما يشاء، أو يعتقد بما يشاء، ويعبّر علنًا عن كل ما يعتقد به، أو يريد أن يقوله، يرد على ذلك بنقطتَين: أن يعمل كل فرد ما يشاء يطرح السؤال فورًا: هل الأعمال التي يمكن أن يختارها الفرد متساوية، أو يمكن وضعها في سلة واحدة؟ ألا يجب فرز الأعمال الشريرة أو الضارة بالحياة والمجتمع والوطن عن الأعمال التي تدخل في الخيرية أو الحيادية غير المؤذية أو المشروعة.
المنطق السليم، أن صيغة كهذه لا يجوز طرحها على إطلاقها، دون ضوابط وتمييز بين الأعمال. كذلك الأمر بالنسبة لحرية التعبير عن الرأي، فهي إن أطلقت بلا ضوابط أو حدود، أدّت إلى فوضى، بل إلى تفاقم خلاف الرأي إلى عداء وربما ما هو أكثر من ذلك. ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالاستهزاء بالدين والمعتقدات وأفكار الآخرين، أو المساس بقضايا الشرف والحريات الشخصية، أو إطلاق الاتهامات والإشاعات جزافًا.
هنا أيضًا لا ينبغي أن تكون حرية التعبير عن الفكر والرأي مطلقة، دون ضوابط وروادع قانونية، كما فعلت كل الدول الغربية، حيث أصدرت قوانين تحمي الأفراد، وتحظر المساس بالمحرقة أو كل ما يعتبرونه ضد السامية بالرأي أو الدراسة، لكنها أفسحت الساحة على اتساعها للهزء بمعتقدات ورموز الإسلام.

الحرية الفردية، دون ضوابط، تصبح امتيازًا واحتكارًا عمليًا، وتؤدي إلى نفي ما توحي به من حرص على تمتّع الإنسان بالحرية

عندما تُطرح الحرية الفردية، أو حرية الفرد، يُفترض أن تشمل جميع أفراد المجتمع. وهنا يُفترض أن يتمتع جميع الأفراد، أو غالبيتهم، وفقًا لهذه الفرضية، بقدرة على ممارسة الحرية الفردية بشكل عادل، ومن نقطة انطلاق متساوية، كما هو الحال في السباقات. ولكن الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية تُظهر تفاوتًا كبيرًا في الإمكانات بين الأفراد، أو بين فئة قليلة من الأفراد وأغلبية المجتمع. ونتيجة لذلك يحدث الاستقطاب، وتتشكل الفروق الطبقية والجهوية والعصبية، سواء قبل المنافسة أو بعدها.
يعني ذلك أن حرية الفرد لا تتضمن العدالة في ممارستها لجميع الأفراد. وبالتالي، تصبح الحرية الفردية، في غياب الضوابط، امتيازًا واحتكارًا عمليًا لفئة معينة، مما ينفي ما توحي به من تمتع الجميع بالحرية الفردية. وهذا ما حدث في التجربة الغربية.
لذلك، يجب أن تسبق الحرية الفردية أو ترافقها قيم العدالة والمساواة في الفرص المتاحة للأفراد في ممارسة هذه الحرية. بل يجب وضع ضوابط تمنع سيطرة الأقلية على الحرية الفردية وتحكمها بها. إن قراءة دقيقة للوضع العالمي تكشف أنه منقسم إلى مجموعة صغيرة من الدول الغربية التي تتحكم بالسيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية والمالية، وصولًا إلى الجامعات والمؤسسات الإعلامية والبحثية والعلمية والثقافية. وهذا ما يجعل الشعوب والدول الأخرى غير طليقة اليد، ولا تملك الحرية في اختيار النظام الذي تريده، بما في ذلك مستوى وكيفية التعامل مع قضايا الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية. وذلك ما دامت هذه الدول قادرة على فرض الحصار على الدولة المغضوب عليها، وتقييد اقتصادها، وبالتالي إغلاق الطرق أمامها، بما في ذلك مستوى وكيفية ممارسة مبدأ الحرية الفردية، أو تحويله إلى نقطة اختراق ضدّ الدولة المعنية. ولهذا، فإن قضية الحرية الفردية، من حيث فرادتها بحدّ ذاتها، بعيدًا عن النموذج الغربي، لا يمكن طرحها من دون ربطها بالوضع العالمي، خصوصًا في ظل سيطرة النظام الغربي على النظام الدولي وقدرته على ممارسة الضغوط السياسية والمالية والاقتصادية. عندما يذهب مبدأ الحرية الفردية إلى ما قد يحطم الروابط العائلية والأهلية والتقاليد الاجتماعية، اقتداءً بما يجري في الغرب، سواء أكان ذلك بالضغط الغربي، أم كان بالاقتداء الحر أو القناعة بعيدًا عن ذلك الضغط، يؤدي هذا إلى كوارث إنسانية تنزل بالشعوب الضعيفة أو المحرومة من الوصول إلى الثراء الذي تتمتع به الدول الغربية. وذلك حين يُطلب من الدولة تأمين الشيخوخة، والبطالة، والصحة، والأمن الذاتي. لأن الروابط العائلية، وما يعتبر التكافل الاجتماعي، حين يدمران يؤديان إلى تفكك الروابط العائلية والاجتماعية، فضلًا عن دورهما وأهميتهما خارج مسؤولية الدولة. الأمر الذي يوقع كوارث على مستويات الشيخوخة والبطالة والكوارث الاقتصادية والسياسية، أو مواجهة الحصار والأزمات، أو مواجهة الحروب أو الكوارث الطبيعية. لهذا فإن الحرية الفردية يجب أن تكون متوازنة في النظر إلى الرابطة العائلية، والتقاليد الخاصة بالتكافل الاجتماعي، إذ تقومان مقام ما تؤمنه دولة الرفاه في الغرب من التزامات تتعلق بالشيخوخة والبطالة، والصحة، وحتى فرص التعليم والتطور الفردي. وكيف في ظل ظروف دول تعاني من المديونية والفقر؟ ومن ثم لا بدّ من إحالة الكثير من الصعوبات الحياتية في مواجهتها إلى العائلة والروابط العائلية. ومما يزيد الطين بلة، ما يقوم به دعاة الحرية الفردية من نقد للرابطة العائلية والتقاليد، تحت الهجوم على الذكورية والتقاليد الاجتماعية، وما يسمى "التخلف". فالتنمر لا يقتصر على ما يحدث بين الأفراد، بل هناك الكثير من التنمر على التقاليد وتخلف الشعب. مشكلة الحرية الفردية تبرز عند التنافس الذي تطلقه، خصوصًا بين الأقوياء في الصراع على السلطة والثروة، إذ تتوارى إلى الخلف لتفسح المجال لصراع الأفراد، ما يعكسه التنافس في اللعبة الديمقراطية. وبهذا تبدو الحرية الفردية الغطاء المناسب لانفلات التنافس بين الأفراد الأقوياء تحت رايتها، فيما أغلبية الأفراد عليهم أن يتبعوا أطراف هذا الصراع أو يُهمشوا، حيث لا مكان هنا للحرية الفردية، فتتحول إلى حقٍ لا يُمارس. عندما تتقدم الحرية الفردية على عدم احترام حاجات كثيرة لكل الأفراد أو الأغلبية، وتطغى أيضًا على القيم والحاجات الفردية الأخرى، مثل احترام كرامة الإنسان، وتأمين حاجاته الأكثر راهنية وإلحاحًا، أو ضرورة وطنية، يُساء إلى الفرد ويُخل بتوازنه. هذا فضلًا عن شروط أخرى لا تقلّ أهمية، مثل حق الفرد في العمل والتعليم والضمانات الصحية أو الأمن الخاص والحماية الاجتماعية والعدالة. أما في المقابل، فعدم تشجيع أخلاق الخداع والنفاق والانتهازية والأنانية والشراهة وراء المال، والحصول على الملذات، فيما الأغلبية محرومة من أولويات متطلبات الحياة، بالنسبة إلى الأفراد من الطبقات والفئات الفقيرة والمهمشة. هذا كله يفسر تحول مبدأ الحرية الفردية إلى سلاح يستخدمه الغرب لإضعاف الأمة أو اختراق توجهات شبابها. ومن ثم لا معنى للتركيز على الحرية الفردية في ظروف افتقار أغلبية الأفراد لكل ما تقدم. ناهيك عن حرية الشعب والوطن، وحرية البلد واستقلاله، وتمتعه بخيراته. ولهذا فإن استبعاد هذه الأولويات يجعل الحديث عن أولوية الحرية الفردية ترفًا أو هروبًا من مواجهة كبريات القضايا التي تواجه شعوبنا، وفي مقدمتها تحرير فلسطين. ناهيك عن قضايا الشباب واليأس من أمل المستقبل.

والخلاصة، فإنه عندما تطرح مجموعة النواقص أو نقاط الضعف المطلوب مكافحتها لتأمين نهوض الأمة أو القطر أو المجتمع، فلن تجد في مقدمتها الافتقار لحرية الفرد. وإذا ذكرت، لن تجدها في الأولويات الأكثر أهمية. وعندما يطرح السؤال "ما العمل؟ وكيف نواجه التحديات التي تشكل المعوقات أو الأسباب للحالة التي وصلت إليها البلاد العربية، كما كل قُطر من أقطارها؟"، لا نجد الحرية الفردية في الأولويات التي تردّ على التحديات والمعوقات.

فقضايا مثل الفقر والبطالة والفساد (نهب ثروات الشعب) والاستبداد، أو الانقسامات والصراعات، أو قضايا التحرر من السيطرة الخارجية، أو نهب ثروات البلاد، أو تحرير فلسطين، أو حتى تأمين الفرص لمعالجة مشكلات الشباب، تعد أكثر إلحاحًا من التركيز على الحرية الفردية.

ومما يزيد تعقيد الأمور، أن الهجرة والهروب يصبحان الخيار الأول للكثيرين بدلًا من مواجهة المشكلات والتحديات عبر العمل الجمعي. وهنا تأتي إشكالية الحرية الفردية، التي لا تشكل أولوية للإصلاح والتغيير أو الثورة، بل تُستخدم أحيانًا كمبرر للهروب من مواجهة القضايا الكبرى.

وبالمناسبة، فحتى الاستبداد يُعالج بتغييره وليس بالمطالبة بالحرية الفردية فقط، وإنما بنظام عادل. لقد عالجت دول الغرب مشاكلها عبر السيطرة على الخارج ونهب ثرواته، وعالجت تناقضاتها الداخلية بفضل ما وفرته لها سيادة ثرواتها.

ولعب النظام الرأسمالي الإمبريالي القائم على الحرية الفردية والنهب الخارجي دورًا كبيرًا في تحقيق ذلك، بشكليه: البدائي والمتطور (النظام العالمي بأبعاده جميعًا). فضلًا عن الدمار الذي أحدثته فلسفة الحرية الفردية الرأسمالية في الغرب على البيئة والطبيعة.

لهذا على شعوب العالم الثالث (المستعمرات سابقًا) أن تشق طرقًا أخرى لمعالجة مشاكلها، تختلف عن الطريق الغربي وأولويته للحرية الفردية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

زيارة ترامب للخليج.. أو مرحلة التعرية المتعجرفة

هذا زمنُ الغَلبة، ولا معنى فيه لخطاب اللياقة وأساليب اللباقة، ولا جدوى فيه للبروتوكول التقليدي في التعامل بين مسؤولي الدول وقادة البلدان، هو زمنٌ للأقدر على الفعل وليس للأبلغ خطابة ولا للأجمل بيانا ولا للألطف صوتا، فقد انقضى زمن مسرحة السياسة؛ حيث يتدرب الساسة لمدة طويلة على فنون الخطابة وعلى كيفيات الحضور الرسمي؛ حيث حركة الأيدي وإشارات الأصابع واستدارات الرأس، وحيث يكون السياسي الأبرع هو الأقدر على سحر الجماهير بل وعلى تحقيق الهيمنة النفسية على الطرف المقابل من سياسيي الداخل أو قادة الخارج.

كانت الجماهير في أغلب بلدان العوالم المتخلفة تنظر إلى زعمائها على أنها صانعة انتصارات وقاهرة الأعداء وحامية حمى الأوطان والدين، ولا أحد من عموم الناس كان يتصور أن قائدا عربيا يمكن أن يكون خاضعا لأوامر خارجية أو يمكن أن يتلقى معاملة سيئة من أي قائد أجنبي؛ دون أن يكون له موقف منتصر لكرامته ولكرامة بلاده وعزة شعبه وشرف أمته.

لم تتكشّف معايبُ النظام العربي الرسمي كما تكشّفت بعد طوفان الأقصى، حيث ظهر القادة العرب منهزمين عاجزين وجبناء، بل وبعضهم انكشف مشاركا في جريمة الإبادة ضد أبناء غزة
لم تتكشّف معايبُ النظام العربي الرسمي كما تكشّفت بعد طوفان الأقصى، حيث ظهر القادة العرب منهزمين عاجزين وجبناء، بل وبعضهم انكشف مشاركا في جريمة الإبادة ضد أبناء غزة، لقد بدا قادة أغلب الدول العربية في وضعية المهزوم؛ لا يقدرون حتى على قول كلمة حق ولا على إطلاق صرخة حقيقية ضد قادة الكيان الغاصب وضد قادة الدول الكبرى الداعمة بالسلاح وبالمال وبالمواقف لحرب الإبادة ومشاريع التهجير التي لم تتوقف منذ انغراس هذا الكيان الغريب على منطقتنا وعلى أمتنا.

ما يصدر من حين لآخر من تصريحات وبيانات إدانة، يُطلقها "قادة" عرب، لم تعد تعني شيئا بالنسبة لشعوبنا ولم تعد تزعج المعتدين وحلفاءهم، الجميع يعرفون أنها بلاغة العاجزين بل وصرخات شركاء الجريمة يمشون في جنازات ضحاياهم ويظنون أنهم يصرفون عن أنفسهم شُبهة المشاركة في جريمة.

لقد كان ترامب واضحا وصريحا إلى حدّ نزع كل ما تبقى من غشاوات على أعين السّذّج من عموم أقوامنا؛ ما زالوا يعتقدون أن زعماءَ من العرب تعنيهم سيادة أوطانهم وكرامة شعوبهم ومهابة أمتهم وقداسة قضيتهم.

كان حددّ مطالبه قبل الزيارة، بل هي أوامرُه أطلقها بكل عنجهية وجشع ومن غير تقاليد بروتوكولية معهودة، كان متعجرفا وهازئا ومُهينا، وليس إهانة أكبر من أن يعتبرهم سُذّجا بلهاء حين قال -بعد أن "حَلبَهم"- إنه وجدهم بحاجة إلى الحب فأعطاهم إياه، وقال إن "بايدن لم يُعطِهم إلا قبضة يده".

ما من مواطن حر، إلا ويؤلمه أن يُهان زعماء دول عربية كبرى في مساحاتها أو في ثرواتها أو في عدد سكانها، فتلك الإهانات تتجاوز ذواتهم الخاصة لتنال من كرامة الأوطان ومن عِزّة الشعوب، وهو ما يقصده جبابرة العالم الرأسمالي
عادة، قادة الدول يستمدون قوتهم من وقوف شعوبهم معهم حتى وإن كانت بلدانهم أقل قوة اقتصاديا وعسكريا، فالشعوب هي القوة التي يهابها جبابرة العالم وقد علمهم التاريخ أن الشعوب المؤمنة بعدالة قضاياها لا يمكن أن تُهزم مهما تعاظمت تضحياتها ومهما طالت سنوات مقاومتها، فأصحاب الحق هم الأقدر على الصبر وهم الأكثر تحملا لتكاليف معارك التحرر.

غير أن هؤلاء القادة لا هم يمتلكون أسرار "قوتهم العسكرية"، ولا هم يحظون بشعبية تجلب لهم هيبة وتُكسبهم مهابة فلا يستصغرهم ظالمٌ ولا يحتقرهم متجبّرٌ.

إن ترامب وهو يمارس فنون الإهانة على بعض قادة العرب، كان يعلم أنهم في العراء، وكان يتعّمد المزيد من تعريتهم حتى لا يبقى لهم ما يتعللون به من كونهم يخشون شعوبهم وكونهم يحتاجون تدرّجا في بلوغ مرحلة "الاستسلام التام"، أي مرحلة التطبيع العلني مع الكيان الغاصب.

ما من مواطن حر، إلا ويؤلمه أن يُهان زعماء دول عربية كبرى في مساحاتها أو في ثرواتها أو في عدد سكانها، فتلك الإهانات تتجاوز ذواتهم الخاصة لتنال من كرامة الأوطان ومن عِزّة الشعوب، وهو ما يقصده جبابرة العالم الرأسمالي الغالب حين "يُنكّلُون" علنا وعلى مرأى ومسمع الساسة والمثقفين والدعاة وأجهزة الدول دون أن يتوقعوا غضبةً أو ردة فعل.

لقد علمنا التاريخُ أن مَكرَهُ مُودَعٌ في غباء المتجبّرين، وأنهم حين يبلغون فيه أوجَ عبثهم لا تتأخرُ سُننُه، فإذا هي "البطشةُ الكبرى" تنتقم فيها الشعوب لكرامتها المُخَبّأة في أعماقها؛ لا نعلم لها موعدا وإنما نعلمُ يقينا حتميتها بما هي مواتاة النتائج للأسباب.

x.com/bahriarfaoui1

مقالات مشابهة

  • بعد 43 سنة بسجون الأسد.. الطيار السوري الططري يتنفس هواء الحرية بدمشق
  • بمشاركة دولية.. السليمانية تستعد لإطلاق أول مهرجان لثقافات الشعوب (صور)
  • 2367 ريالاً إنفاق الفرد على التأمين
  • الأمة العربية.. مأساة وحدة ضائعة وكرامة مهدورة
  • ما أقصى عدد للمشتركين في شراء الأضحية ونصيب الفرد الواحد؟..الأزهر يجيب
  • زيارة ترامب للخليج.. أو مرحلة التعرية المتعجرفة
  • 3 نصائح لتحقيق الحرية المالية .. فيديو
  • غزة من وسط النار يولد الصمود وتكتب الحرية بوهج الألم
  • بنك الشمول يفتتح فرعه الجديد في سيتي ستار مول لتعزيز الشمول المالي
  • الجلاء يفوز على الحرية وأهلي حلب على اليرموك في دوري كرة السلة للسيدات