براهوفو (صربيا) "أ ف ب": في السادس من سبتمبر 1944 عمد الجيش النازي إلى إغراق المئات من سفنه في نهر الدانوب بهدف إعاقة تقدم الجيش الأحمر السوفياتي الذي كان يطارده، وبقي حُطامها في القعر 80 عاما، لكنّ مشروعا لانتشال القطع البحرية الغريقة اليوم يثير استياء صيادي السمك الصرب الذين دأبوا على إلقاء شباكهم في الموقع منذ عقود.

فقوات ألمانيا النازية التي غزت البلقان عام 1941، أصبحت محاصرة في خريف عام 1944 بفعل التقدم السوفياتي. وما كان من الألمان إلا أن قرروا إغراق أسطولهم عند مضيق "البوابات الحديدية" في نهر الدانوب، المحاذي للأجزاء الشرقية من صربيا، سعيا إلى إبطاء تقدم الجيش الأحمر على النهر والحؤول دون وقوع سفن جيش هتلر في أيدي العدو.

وأُطلقت على هذه العملية التي استغرقت يومين تسمية "دانوب إلف".

وشرح مؤرخ من المنطقة هو ميكي تريلوفيتش أن "الألمان كانوا يتراجعون في مواجهة الجيش الأحمر. وكانوا يأملون في المرور عبر مضيق جارداب (إلى شمال موقعهم)، ولكن عندما أدركوا أن ذلك سيكون مستحيلا، قرروا إغراق سفنهم". وأشار إلى أن عملية الإغراق شملت أكثر من 200 قطعة بحرية بينها بوارج وزوارق رعّادة حاملة لصواريخ الطوربيد.

وبعد الحرب، قرر الجيش اليوغوسلافي ترك حطام السفن في قاع النهر، فبقيت في الموقع نحو 80 عاما، مما كان يفرض على بحّارة المياه العذبة الإبحار بسفنهم بحذر في هذا الجزء من نهر الدانوب.

وقال مدير مرفأ براهوفو الواقع بعد مئات من الأمتار من الموقع دامير فلاديتش "على السفن أن تكون شديدة الحذر"، مشيرا إلى أن بعضها يجنح أحيانا. وأضاف "يكفي الانحراف قليلا عن الطريق حتى تظهر المشاكل".

ويؤدي وجود حطام القطع إلى تقليص العرض الصالح للملاحة في نهر الدانوب من 180 إلى 80 مترا في هذا الموقع المزدحم، حيث مرّ أكثر من ألف طن من البضائع عام 2023، وفقا لبيانات الحكومة الصربية. وغالبا ما تقع حوادث.

ففي غضون ساعات قليلة في نهاية أغسطس الفائت، عندما كان مستوى نهر الدانوب شديد الانخفاض، اصطدمت سفينتا شحن بحطام القطع، على ما لاحظت وكالة فرانس برس.

خطر

وقال إيغور سكوندريك لوكالة فرانس برس من قاربه "في كل عام، نرى الحطام عند انخفاض مستوى المياه".

طوال عقود، كان هذا الصياد يعتمد على حطام السفن لوضع شباكه وصيد أسماك السلور والشبوط المختبئة في زوايا السفن الغارقة. ولاحظ أنه "المكان الذي يوجد فيه أعلى تركيز للأسماك، ومن الأسهل بكثير اصطيادها" في هذا الموقع.

لكنّ هذا الواقع بات قاب قوسين أو أدنى من أن يتغير.

ففي أغسطس، بدأت عملية واسعة لإزالة السفن النازية من المياه.

وخصص البنك الأوروبي للاستثمار وإطار الاستثمار في غرب البلقان مبلغ 30 مليون يورو لهذا المشروع.

وتوقعت السلطات الصربية إنجاز المهمة بالكامل خلال عام ونصف عام. وقال وزير الإعمار والنقل والبنى التحتية الصربي غوران فيسيتش: "نأمل في انتشال 21 سفينة في الأشهر المقبلة".

وكانت كاسحة ألغام أول قطعة انتُشِلَت في أغسطس، ووُضِعَت على اليابسة من دون وقوع أي حادث. وتتطلب هذه العملية قدرا كبيرا من الحذر والمهارة للحؤول دون حصول انفجار.

وأوضح تريلوفيتش أن "السفن مليئة بالألغام والمتفجرات... التي يمكن أن تسبب أضرارا جسيمة إذا انفجرت".

وأضاف "عندما جاء الغواصون لإلقاء نظرة على حطام السفن قبل بضع سنوات ورأوا ما هو موجود، أدركنا الخطر الذي كانت براهوفو تواجهه".

ومن المفترض أن يكون بوسع قادة السفن التي تبحر في مياه الدانوب أن يتنفسوا الصعداء قليلا في غضون 18 شهرا، إذ لن يعودوا عرضة للاصطدام بالسفن الحربية النازية.

أما الصيادون فيخشون فقدان موقع كان لسنوات يتيح لهم ملء شباكهم ويدرّ عليهم المداخيل. وقال إيغور سكوندريك "لقد أفدنا من (هذه السفن) كثيرا".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نهر الدانوب

إقرأ أيضاً:

سفينة جديدة من أسطول الحرية تبحر من إيطاليا إلى غزة

قال تحالف أسطول الحرية، وهو منظمة دولية غير ربحية، إن إحدى سفنه غادرت ميناء كاتانيا الإيطالي اليوم الأحد متجهة إلى قطاع غزة لإيصال مساعدات إنسانية، بعد فشل محاولة سابقة بسبب هجوم إسرائيلي بطائرتين مسيرتين على سفينة أخرى في البحر المتوسط.

وأبحر متطوعون منهم غريتا تونبرغ الناشطة في مجال مكافحة تغير المناخ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام على متن السفينة (مادلين)، التي تحمل ما تصفها المنظمة بأنها "كميات محدودة لكن رمزية" من إمدادات الإغاثة.

وتعرّضت سفينة أخرى تابعة للمنظمة تحمل اسم (كونشياس-الضمير العالمي) لهجوم بطائرتين مسيرتين قرب المياه الإقليمية لمالطا في أوائل مايو/أيار الماضي، وحمّلت المنظمة إسرائيل مسؤولية هذا الهجوم.

وقالت تونبرغ للصحفيين، في مؤتمر صحفي قبل المغادرة، "نحن نفعل هذا لأنه مهما كانت الصعوبات التي تواجهنا، يتعيّن علينا الاستمرار في المحاولة، لأن اللحظة التي نتوقف فيها عن المحاولة هي اللحظة التي نفقد فيها إنسانيتنا".

وأضافت "مهما كانت خطورة هذه المهمة، فإنها لا تقارن بخطورة صمت العالم أجمع في وجه الإبادة الجماعية للأرواح". وقال تحالف أسطول الحرية إن الرحلة "ليست عملا خيريا، بل هي تحرك مباشر وسلمي لتحدي الحصار الإسرائيلي غير القانوني وجرائم الحرب المتصاعدة".

إعلان

وقالت الأمم المتحدة يوم الجمعة إن الوضع في قطاع غزة وصل لأسوأ مستوى منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع قبل 19 شهرا، بسبب منع إسرائيل دخول أي مساعدات منذ 11 أسبوعا.

و"أسطول الحرّية" الذي تشكّل سنة 2010 هو حركة دولية للتضامن مع الفلسطينيين تكتسي بُعدا إنسانيا، وتنشط ضدّ الحصار الإسرائيلي على غزة.

مقالات مشابهة

  • "كمين جباليا".. الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل مقتل جنوده الثلاثة في غزة
  • الفاية في الشارقة يكمل 11 عاماً من التعاون مع برنامج اليونسكو لـ"تطور الانسان" ويواصل دوره كمرجع لفهم الهجرة البشرية المبكرة
  • مودرن سبورت يقترب من التعاقد مع مدرب ألماني لقيادة الفريق
  • مستشارة الاتحاد الأوروبي والناتو: دعم ألماني لأوكرانيا بما يشكل ضغطا على روسيا
  • سفينة جديدة من أسطول الحرية تبحر من إيطاليا إلى غزة
  • سفينة من أسطول الحرية تستعد للإبحار من إيطاليا نحو غزة
  • من إيطاليا.. انطلاق أسطول الحرية نحو غزة لكسر حصار الاحتلال
  • حريق في مستشفى ألماني يودي بحياة 3 مرضى ويصيب العشرات
  • أكد تكامل مقوماتها.. تقرير ألماني: المملكة وجهة لصناعة التكنولوجيا
  • خفر السواحل اليمنية تنتشل جثتي شابين غرقا في ساحل العشاق بعدن