المبادرات الشعبية تجاه النازحين.. أيادٍ تمتد بالخير
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
المبادرات الشعبية والمجتمعية خلال حرب السودان عملت على سد غياب السند الرسمي للنازحين الذين اضطروا للفرار من مناطقهم إلى ولايات أخرى.
التغيير: محمد غلامابي
مع امتداد رقعة الحرب الأهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وزحفها من ولاية الجزيرة إلى ولاية سنار، كانت ولاية القضارف هي واحدة من الملاذات الآمنة للنازحين، ومع دخول قوات الدعم السريع لمدينة سنجة شرقي سنار تدافعت أعداد كبيرة من المواطنين منها نحو مدينة القضارف، ومما زاد من صعوبة عمليات النزوح دخول فصل الخريف، فانتشر النازحون على طول الطريق الطويل، وفي غياب السند الرسمي للنازحين خرجت مبادرات شعبية باهرة من ولاية القضارف، تحكي عن حالة التعاضد بين السودانيين.
(التغيير) جلست إلى الأستاذ جعفر خضر عضو المكتب التنفيذي لمبادرة القضارف للخلاص، ليحدِّثنا عن المبادرة وعن (مطبخ أبو رخم المتحرك) الذي سيّرته المبادرة لمن هم بقارعة الطريق من النازحين يقدّم لهم الغذاء والدواء والحب الكبير.
نزوح كثيف وتفاعل أكبرقلت لجعفر إن التفاعل مع نازحي سنجة كان أكبر ممن سبقهم من نازحين للولاية، فقال: “مرد ذلك التفاعل إلى أن نزوح سنار كان كثيفاً ومفاجئاً؛ مضافاً إلى ذلك القصص المؤثرة التي نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عن أوضاع النازحين في طريقهم نحو القضارف.. وتكاد تكون كل أحياء القضارف قامت بمبادرات تجاه نازحي سنجة).
وعن (مبادرة القضارف للخلاص) قال: “كان التفكير منصباً على النازحين وهم في الطريق؛ سواء كانت وجهتهم القضارف أو غيرها؛ مثل كسلا وبورتسودان، لأن من وصل المدينة قبلاً حلت مشكلته بدرجة كبيرة، لذلك كان تفكيرنا نحو شكل العون الذي يمكن تقديمه لنازحي الطريق، فاتصلت بنا مجموعة (الجوارح) كلية الطب بجامعة الخرطوم، وقالوا “عايزين نساعد”.. رحبنا بهم ودفعوا مليون جنيه مع وعد بمضاعفة المبلغ، فكان مطبخ أم رخم الأول جاهزاً للانطلاق في يومين.. بعد ذلك أعلنا عن (مطبخ أم رخم للوجبات الاسعافية للنازحين من سنار على قارعة الطريق).. ووضعنا أرقام الحساب لدى المسؤول المالي للمبادرة والمطبخ وأرقام لإرسال الإشعارات.. فكانت التبرعات قد تجاوزت الثلاثة ملايين ونصف المليون، بخلاف التبرعات العينية من الأفراد وبعض الناس تبرع بثلاثة آلاف جنيه، حيث أعلنا “إذا كنت تعتقد أن الألف جنيه لا تسوى شيئاً فأنت مخطئ، فهي تشتري لنازح في تخوم سنار 24 بلحة، تزن كذا جرام وفول مدمس ورغيفة وطعمية وكيكة بترحيلها”، فتفاعل الناس كل حسب استطاعته؛ وعن طريق الجوارح جاءتنا رابطة الأطباء السودانيين بدولة قطر، ومساهمتهم وصلت أربعة ملايين ونصف، للإيواء والضيافة لنازحي سنار، والحق ورغم ظروف السودانيين بالداخل والخارج، ومعاناتهم الشخصية لكنهم ما بخلوا عن تقديم يد العون لإخوانهم النازحين.. ونعلن عن مواصلة الرحلات واستقبال مساهمات الٱخرين، محافظين على السرية التي يطلبها البعض، واعتماد الشفافية بما يطمئن المساهمين على وصولها للنازحين..
وأضاف خضر: “ولأن العمل كبير، ويحتاج لتضافر الجهود قمنا في (مبادرة القضارف للخلاص) بالتشبيك مع (مطعم المفازة)، حيث تبعد القضارف من أبو رخم حوالي 130 كيلو، منها 85 كيلو مسفلتة حتى (المقرح)، و45 كيلو متر عبر ما يعرف بـ(الدرب الأسود)، لكن المفازة أقرب إلى أبو رخم، وننسق معهم في توفير بعض الاحتياجات بأسعار أفضل؛ وقمنا بمد المفازة بالأدوية التي طلبوها حسب الكادر الطبي لديهم؛ وكذلك لدينا تشبيك مع (مسيد أبو رخم)، وبدايات تشبيك مع أهل (الحواتة).. ورغم هذا التنسيق والتشبيك نشعر بالحاجة إلى المزيد لصعوبة وثقل العمل للنازحين على قارعة الطريق.
توفير الحاجات الفعليةوعن الحاجات الفعاية للنازحين بالطريق قال خضر: “معلوماتنا في متحرك مطعم أبو رخم الأول عن النازحين على الطريق استقيناها من وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية ومن إفادات بعض النازحين الذين وصلوا القضارف، وبعد وقوفنا على أحوال النازحين صارت الرحلة نفسها مصدراً للمعلومات مضافاً إلى ذلك التقارير الإدارية (لدينا ثلاثة تقارير) وهي تشتمل على معلومات عن أحوال النازحين وحاجاتهم لا تتوافر في مكان ٱخر.. ولكونها معلومات من أفواه النازحين تبقى معلومات واقعية وطازجة.. حديثة، كما وصلنا أبو رخم عن طريقي الدرب الأسود والفاو والأخير أطول، إذاً هذه الرحلات وفرت لنا معلومات أكبر عن أوضاع النازحين؛ كيف عبروا نهر الدندر بالمراكب من (ود كوي) بعد سيطرة الدعم السريع على الكبري والكثير من القصص والمعلومات التي وفرها مطبخ أبو رخم المتحرك في ذهابه وإيابه وأثناء تقديم المساعدة.
وتابع: “بناء على تلك المعلومات توصلنا إلى اعتماد وجبات غير قابلة للتلف فأخترنا البلح، الفول المدمس، الكيك وأخيراً يتم شراء الخبز والطعمية في يوم التحرك.. بالإضافة إلى البندول والإسبرين لشكوى الناس من الصداع، وبتشبيكنا مع (المفازة) وفرنا لهم أدوية الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط والتي تصرف حسب الطبيب.. كما نبهنا البعض إلى (الفوط الصحية للنساء) والتي لم تكن موجودة في المخيم الأول، وقد صحبتنا منذ الرحلة الثانية بنت للقيام بتوزيع الفوط الصحية للنساء”.
المتابعة الإداريةوعن الشكل الإداري لمبادرة القضارف للخلاص قال جعفر إن المبادرة لديها مكتب تنفيذي، لكن عمل المطبخ تكونت له لجنة مصغرة من أعضاء المكتب التنفيذي، بالإضافة إلى متطوعين من خارج المبادرة، مؤمنين بالمشروع؛ وشاركوا فيه.
وأضاف: “صحيح أن أعضاء المكتب التنفيذي لم يشاركوا جميعاً في المشروع، لظروفهم المختلفة، لكنهم يتابعون عمل المخيم عبر قروب المبادرة لاحتوائه على التفاصيل، ورئيس المبادرة متابع للعمل، وخاطب مطابخ الحواتة ومسيد أبو رخم للتنسيق.. وتقوم لجنة المشروع بعمل تقارير إدارية ومالية عن المخيمات”.
الوسومالجيش الدعم السريع السودان المفازة النازحين سنجة مبادرة القضارف للخلاص مطبخ أبو رخم ولاية القضارف ولاية سنارالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان النازحين سنجة مبادرة القضارف للخلاص ولاية القضارف ولاية سنار الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
تصاعد التعبئة الشعبية في الحديدة وحجة دعماً لفلسطين
يمانيون | تقرير
في سياق التفاعل الشعبي المتصاعد مع تطورات العدوان الصهيوني على غزة، شهدت محافظتا الحديدة وحجة فعاليات ميدانية واسعة النطاق، تراوحت بين وقفات مسلحة، مناورات رمزية، واستعراضات مهيبة لخريجي دورات “طوفان الأقصى”، جسّدت في مجملها روح الجهوزية العالية، والارتباط العضوي بين الشعب اليمني وقضية فلسطين.
الحديدة.. المنيرة تعلن النفير وتبارك الجهاد
ففي عزلة الساحل بمديرية المنيرة، احتشد رجال القبائل في وقفة مسلحة ضخمة، رافعين شعارات العزة والصمود، ومعلنين “النفير العام” استجابة لتوجيهات القيادة الثورية في صنعاء، وانطلاقاً من المسؤولية الدينية والوطنية تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من مجازر يومية على يد الاحتلال الصهيوني.
الوقفة، التي تخللتها كلمات وبيانات قبلية حماسية، أكدت على الجهوزية الكاملة للمشاركة في المعركة، والبراءة من الأنظمة العميلة والمطبعة، ورفض كل أشكال الصمت أو التواطؤ.
المشاركون اعتبروا أن ما يحدث في غزة يمثل كاشفًا أخلاقيًا للعالم، وفاضحًا لحقيقة الأنظمة العربية التي اختارت التحالف مع الجلاد على حساب الضحية. وأكدوا أن الموقف الإيماني يتطلب نصرة المظلوم لا التفرج على معاناته، وأن “البندقية هي لغة الكرامة” في وجه الاحتلال.
بيت الفقيه.. مناورات عسكرية لخريجي التعبئة ترسم ملامح الجاهزية الشعبية
وفي مشهد ميداني آخر، نفذ خريجو دورات “طوفان الأقصى” من أبناء عزلتي بني محمد والمعازبة في مديرية بيت الفقيه مناورات رمزية شملت تدريبات على الرماية، القنص، والتحرك الجماعي، بالإضافة إلى مسير عسكري منظم يعكس المستوى التدريبي العالي الذي وصلت إليه التعبئة الشعبية.
المشاركون، الذين خضعوا لدورات مكثفة ضمن برامج التعبئة العامة، أظهروا قدرة تنظيمية وانضباطاً واضحاً، وأكدوا في تصريحاتهم أنهم في أتم الاستعداد للالتحاق بجبهات القتال في أي لحظة، دفاعاً عن الوطن وإسناداً للشعب الفلسطيني ومقاومته.
وأشاروا إلى أن هذا النوع من التدريبات لا يهدف فقط إلى رفع الجهوزية القتالية، بل يسهم أيضاً في تعزيز التماسك المجتمعي ورفع منسوب الوعي بمخاطر المرحلة وواجباتها.
كما دعوا جميع المواطنين القادرين على حمل السلاح إلى الالتحاق بدورات التعبئة، معتبرين أن هذه المرحلة “مرحلة اصطفاف عام” لا تقبل الحياد، في ظل الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال في غزة.
حجة.. استعراض مهيب لعشرة آلاف مقاتل في بكيل المير وقارة
أما في محافظة حجة، فقد نظمت التعبئة الشعبية عرضين عسكريين ضخمين لخريجي دورات “طوفان الأقصى”، بمشاركة نحو 10 آلاف مقاتل من مديرية بكيل المير (4 آلاف مقاتل) وقارة (6 آلاف مقاتل).
العرضان أظهرا حجم الزخم البشري والتنظيمي الذي باتت تمتلكه برامج التعبئة في المحافظات، ولفتا الأنظار إلى مدى الجدية التي يتعامل بها اليمنيون مع دعوة النصرة لفلسطين، كموقف ديني وأخلاقي ومصيري.
مدير أمن المحافظة، العميد حسن القاسمي، وفي كلمته خلال العرض في بكيل المير، أشاد بالتفاعل الشعبي المذهل مع برامج التعبئة، مؤكداً أن هذه المشاركة الواسعة تمثل “استفتاءً ميدانياً على مركزية فلسطين في الوجدان اليمني”.
وأشار القاسمي إلى أن جرائم الاحتلال في غزة تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأثبتت أن العدو لا يفهم سوى لغة القوة، وهو ما يجعل دعم المقاومة في فلسطين “واجباً لا يسقط بالتقادم ولا بالظروف”.
كما عبّر الخريجون عن استعدادهم الكامل لتنفيذ توجيهات القيادة الثورية، مؤكدين أن خيارات الشعب اليمني مفتوحة في مواجهة المشروع الصهيوني، سواء بالدعم الميداني أو التهيئة للانتقال إلى ما هو أبعد من ذلك.
رسائل ميدانية ومعنوية
الفعاليات الأخيرة التي شهدتها محافظتا الحديدة وحجة لا يمكن حصرها في نطاق الاستجابة اللحظية أو التضامن العاطفي، بل تعكس بوضوح تطورًا نوعيًا في وعي الشعب اليمني تجاه المرحلة، وانتقاله من موقع التفاعل إلى موقع المبادرة والتنظيم.
لقد أظهرت الوقفات والمناورات والعروض العسكرية أن الشعب اليمني لا ينظر إلى القضية الفلسطينية بوصفها شأناً خارجياً، بل يعتبرها امتدادًا طبيعياً لمعركته الداخلية، وجزءاً من معركة التحرر الشاملة ضد قوى الاستكبار العالمي.
اليمن يثبت أنه قلب الأمة النابض
من المنيرة إلى بيت الفقيه، ومن بكيل المير إلى قارة، رسم اليمن مشهداً يتجاوز الجغرافيا ليحمل دلالات سياسية وتاريخية عميقة.. في الوقت الذي تتسابق فيه أنظمة عربية نحو بوابات التطبيع، وتغرق في صفقات الخيانة، يثبت اليمن مجدداً أنه قلب الأمة النابض، وساحتها الحرة التي لم تتلوث بحسابات السوق أو لغة المساومة.
يختار اليمنيون، بكل وضوح، طريق الكرامة مهما كانت كلفته. .ففي زمن الصمت العربي المطبق، يطلقون صرخة الحق. وفي زمن الخنوع، يحملون البندقية.. وفي زمن التخاذل، يعلّقون قلوبهم على بوابة القدس.