الإمارات والسعودية.. عمق تاريخي ونموذج للاستقرار والأمان والنماء والازدهار
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
الشراكة الاستراتيجية ركن أساسي من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون
شراكة اقتصادية وتجارية واستثمارية متميزة.. ضمن البيت الخليجي
إعداد: راشد النعيمي
يحل اليوم الوطني السعودي الموافق للثالث والعشرين من سبتمبر هذا العام، في ظل نهضة تنموية شاملة تشهدها المملكة التي بدأت رحلة جديدة نحو المستقبل المزدهر مع إطلاق «رؤية السعودية 2030» التي تعد أحد أكبر برامج التحول الوطني عالمياً، ونقطة تحول مفصلية وحاسمة في تاريخ المملكة، لتضاف إلى رصيد إنجازاتها اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وحضورها السياسي الفاعل في المنطقة والعالم.
وترى الإمارات، متانة العلاقات التي تجمعها مع السعودية، تعبيراً عن العمق التاريخي وصماماً للمنطقة العربية، ونموذجاً للاستقرار والأمان والنماء والازدهار في المنطقة.
ولتأكيد ذلك تحرص الدولة حكومة وشعباً على الاحتفاء بمناسبة اليوم الوطني السعودي، ومشاركة الأشقاء والإخوة في المملكة احتفالاتهم بهذه المناسبة. الصورة
وتضرب الروابط التي تجمع الإمارات والسعودية بجذورها في أعماق التاريخ، وتعززها روابط الأخوة والمصير المشترك، وهي نموذج يحتذى للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الدول العربية، ومثال على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة وأهمية التعامل معها، بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة.
وتشكل العلاقات الإماراتية السعودية القوية داعماً أساسياً للعلاقات الأخوية المتميزة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومقوماً رئيسياً لسيادة الاستقرار وتحفيز ديمومة التنمية والازدهار في المنطقة، وإقليمياً وعالمياً، وانعكست إيجابياً على واقع التنمية الشاملة والمستدامة بمختلف المجالات، بما فيها التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك، والتنسيق والتشاور.
وتمثل علاقات البلدين التي ارتقت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون، والأمن القومي العربي، فضلاً عن منظومة الأمن والاستقرار بالمنطقة كلها، في ظل ما يحظى به البلدان من مكانة عالمية مرموقة، بفعل ما تتميز به سياستاهما من توجهات حكيمة ومعتدلة، ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب، والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.
كما تجسد العلاقات الثقافية والاجتماعية، مستوى الترابط الجغرافي والاجتماعي بين شعبيهما. وتمتد تلك العلاقات بجذورها إلى عمق التاريخ، وتستند إلى موروث ثقافي وقيمي مشترك من فنون وآداب وعادات وتقاليد شكلت هوية ثقافية ومجتمعية متجانسة لكل منها.
علاقات تاريخية
يرجع الفضل في تأسيس العلاقات المتينة بين البلدين، إلى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، طيّب الله ثراهما، اللذين حرصا على نهج التنسيق والتعاون المستمر. وقد استمرت هذه العلاقات في تميزها بقيادة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
وحققت العلاقات نقلة نوعية تمثلت في حرص قيادتي البلدين الشقيقين، على مأسسة هذه العلاقات بتشكيل لجنة عليا مشتركة في مايو 2014، برئاسة وزيري الخارجية في البلدين. وقد عملت هذه اللجنة على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين، للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر أمناً واستقراراً لمواجهة التحديات في المنطقة، وذلك في إطار كيان قوي متماسك بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين، ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وفي الشهر نفسه من عام 2016، وقع البلدان على اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي هدفه التشاور والتنسيق في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة، حيث نصت الاتفاقية على أن يجتمع المجلس دورياً، بالتناوب بين البلدين.
وفي ترجمة سريعة لنتائج إنشاء المجلس التنسيقي، جاء انعقاد «خلوة العزم» التي التأمت على مرحلتين: الأولى في 21 فبراير 2017 بأبوظبي، بمشاركة 150 مسؤولاً حكومياً وعدد من الخبراء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في البلدين، وبحثت سبل تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بينهما بإنشاء المجلس، ووضع خريطة طريق له على المدى الطويل، ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، ولتعكس حرص البلدين على توطيد العلاقات الأخوية بينهما والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في المجالات ذات الأولوية.
وانعقدت المرحلة الثانية في 13 إبريل 2017، في الرياض، وناقشت آليات تعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين وإيجاد حلول مبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية، عبر عدد من المواضيع أهمها البنية التحتية والإسكان، والشراكات الخارجية، والإنتاج والصناعة، والزراعة والمياه، والخدمات والأسواق المالية، والقطاع اللوجستي والنفط والغاز والبتروكيماويات والشباب والتطوير الحكومي، والخدمات الحكومية وريادة الأعمال والسياحة والطاقة المتجددة، والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة.
وفي يونيو 2018 رفعت الإمارات والمملكة مستوى العلاقات إلى مراحل غير مسبوقة، اشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً، عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً ضمن «استراتيجية العزم» التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين، من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية.
اقتصاد عالمي
شكل الاقتصاد إحدى أبرز دعائم الشراكة، حيث تمتلك الإمارات والسعودية أكبر اقتصادين عربيين. كما أنهما يعدان من أهم الدول العشر المُصدرة عالمياً. والعلاقة التجارية والاقتصادية بين البلدين، هي الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون. والإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة، في المنطقة العربية، عموماً، ودول مجلس التعاون، خصوصاً.
وتعد المملكة العربية السعودية، الشريك التجاري الأول عربياً، والثالث عالمياً مع دولة الإمارات، وبلغت التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين، خلال النصف الأول من عام 2024 نحو 74.7 مليار درهم، بنمو 17.8 مقارنة بالمدة ذاتها من عام 2023.
وتصنف المملكة العربية السعودية، أول شريك تجاري مستورِد من دولة الإمارات عالمياً وأول دولة عربية، من المعدات والمعادن والمنتجات الورقية.
وبلغت الصادرات الإماراتية غير النفطية إلى السعودية 21.9 مليار درهم، خلال النصف الأول عام 2024، بنمو بلغ 18.9، مقارنة بالمدة ذاتها عام 2023.
وتعد السعودية أول شريك تجاري عالمي، المعاد التصدير إليها، كما تعد الإمارات أهم وجهات صادرات السعودية غير النفطية، وتستأثر بنحو 15% من صادراتها في العالم، من السلع غير النفطية، وبذلك تكون الإمارات الشريك التجاري الأول عربياً والثاني عالمياً للسعودية في تجارة السلع غير النفطية.
وفي الاستثمارات بين البلدين، بلغ الرصيد التراكمي لها 27.75 مليار دولار، حتى نهاية 2022، لتتصدر الإمارات قائمة أكثر الدول استثماراً في المملكة.
وعززت الناقلات الوطنية للإمارات والسعودية، الرحلات بين البلدين على مدار السنوات الماضية، في خطوة تستهدف مواكبة طلب العملاء والنمو المطرد لحركة الطيران، في ظل العلاقات التاريخية المتجذرة والروابط الاقتصادية والثقافية الراسخة بين القيادتين والشعبين الشقيقين.
وتسير الناقلات الوطنية والسعودية 629 رحلة أسبوعياً بين البلدين، موزعة بواقع 405 رحلات من الناقلات الوطنية إلى المملكة و224 رحلة من شركات الطيران السعودية إلى الإمارات.
من جانب آخر تمثلت العلاقات الثقافية بين البلدين في مستويات عدة، سواء بإقامة كثير من الاتفاقيات والبرامج المشتركة، أو التداخل الثقافي بين المؤسسات الجامعة التي تعمل في هذا السبيل، والمبدعين والمثقفين في البلدين، ضمن رؤية ترتكز على أن العلاقة بين البلدين الشقيقين، تعززها علاقة شعبين لهما امتداد وتاريخ وموروث ثقافي واجتماعي وجغرافي واقتصادي لا يمكن التشكيك فيه.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات السعودية مجلس التعاون غیر النفطیة بین البلدین فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول للكتاب.. الثقافة السعودية تعزز حضورها عالمياً
البلاد (سيئول)
اختتمت المملكة مشاركتها في معرض سيئول الدولي للكتاب 2025، الذي أُقيم خلال الفترة من 18 إلى 22 يونيو، في مركز كويكس للمؤتمرات والمعارض بالعاصمة الكورية سيئول، بمشاركة وفد رسمي تقوده هيئة الأدب والنشر والترجمة، وممثلين عن عدد من الجهات الثقافية السعودية.
وشهد الجناح السعودي طوال أيام المعرض حضورًا لافتًا من الزوّار والمهنيين في مجالات النشر والترجمة وصناعة الكتاب، حيث قدّم برنامجًا ثقافيًا شاملًا، تضمّن ندوات حوارية، ولقاءات مهنية، إلى جانب عرض مجموعة من الإصدارات الأدبية المترجمة، التي تُبرز تطورات المشهد الأدبي في المملكة.
وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز الواصل، أن هذه المشاركة عكست التحوّل الذي يشهده القطاع الثقافي السعودي، وما يحمله من محتوى نوعي، يعزز من الحضور الأدبي للمملكة في الأسواق العالمية، لا سيما في قارة آسيا، ويسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الثقافي والمعرفي.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل- من خلال مشاركاتها الدولية- على تمكين صناعة النشر المحلية، وتحفيز حركة الترجمة، وتوسيع نطاق الشراكات المهنية مع دور النشر والمؤسسات الثقافية في مختلف الدول؛ تأكيدًا لمكانة المملكة كمركز ثقافي متجدد ومؤثر.
وضم الجناح السعودي عددًا من الجهات الثقافية، التي عكست التنوع الثقافي في المملكة، بقيادة هيئة الأدب والنشر والترجمة، وبمشاركة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومكتبة الملك فهد الوطنية، وجمعية النشر السعودية، ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، وشركة ناشر للنشر والتوزيع، إلى جانب عدد من دور النشر المحلية.
تأتي مشاركة المملكة في معرض سيئول الدولي للكتاب في سياق التوجّه الإستراتيجي لتعزيز حضورها في المحافل الثقافية الدولية، والتعريف بالهوية الأدبية المتجددة للمملكة، والتفاعل مع التجارب العالمية في مجالات الأدب والنشر والترجمة، وذلك ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 الرامية إلى بناء قطاع ثقافي مزدهر ومستدام.
يُذكر أن المملكة حلّت ضيف شرف في معرض سيئول الدولي للكتاب 2024، في مشاركة متميزة جسّدت من خلالها هيئة الأدب والنشر والترجمة ثراء الثقافة السعودية وتنوعها، وقدّمت برنامجًا ثقافيًا متكاملًا ضمّ ندوات، وعروضًا فنية، وأنشطة تفاعلية، حظيت بإقبال لافت من الجمهور الكوري، وأسهمت المشاركة في تعزيز حضور الأدب السعودي في كوريا الجنوبية، وتوطيد جسور التعاون الثقافي والمعرفي بين المملكة وكوريا الجنوبية.