رَبِّ اجعَل هٰذا بَلَدًا ءامِنًا وَارزُق أَهلَهُ مِنَ الثَّمَرٰتِ ..
٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜٪؜
يحتفل الإخوة السعوديّون اليوم بعيد ميلاد دولتهم الـ ٩٤؛
قبل سنتين بتذكّر استوقفني الرقم، ٩٢؛
ـ ????: دا شنو، الناس ديل دولتهم أقدم من دولتنا!
وقفت مسافة بسترجع في واحدة من أكبر الكذبات العيّشونا عليها؛
حجاوي إنّه نحن الأسّسنا دول الجوار؛
ربّما مع بعض الصور التي تقارن بين الخرطوم والعواصم العربيّة في عهد مضى؛
المقارنة غير موضوعيّة من أساسه؛
وقتها نحن كنّا دولة محتلّة، تحت الوصاية المصريّة، ومن فوقها البريطانيّة؛
فما عارف الفخر وين بمنشآت بناها المحتل في بلدنا، وفشلنا في الحفاظ عليها؟
أمّا فكرة إنّه نحن البنينا الدول دي بخبراتتا، واليشاركنا فيها الإخوة في شمال الوادي، ففكرة ساذجة، معليش يعني؛
بنفس سذاجة الشعارات الشيوعيّة البتنسب للعامل فضل الإنتاج؛
هو يعني إنت لمن تبني بيت بيكون بنيته إنت وللا بنوه المقاول والطلب؟!
لامن تجي البلد دي وتشتغل فيها حتّى تستوعب إنّها “hub” كبير؛
وعشان المعنى ما يروح على زول، فالـ”هَب” هو الحلقة الفي نص العجلة البتتلاقى فيها الأعواذ الموصّلة للحلقة الخارجيّة؛
الكلمة أصلاً جات لعجلة الخشب بتاعة الرومان الزمان ديك، لكن ممكن تتخيّل عجلة العجلة؛
الكلمة الأقرب عندنا هي “ملتقى”؛
فبلاقوك ناس من كل شعوب العالم، كلّهم ختّوا طوبتهم في بنيان الدولة العربيّة السعوديّة، تحت إشراف أهلها؛
المهم؛
بينما كانوا ببنوا في دولتهم الأسّسوها بأيديهم، على أنقاض مملكتهم السابقة، في هدوء تام؛
كنّا نحن بنهدّم في الدولة الورثناها من الاحتلال، في صخب كبير، بلغ مبلغ الجهر بالعدوان على “دولة ٥٦” والدعوة لهدمها؛
وبينما كانوا بيعضّدوا بيت ملكهم الاتراضوا عليه، كنّا بنتبجّح بديموقراطيّة ادّعيناها، وما رعيناها حق رعايتها؛
والكلام دا لا يعني بأيّ حال من الأحوال تفضيل النظام الملكي، كما قد ينحو البعض في تقليد النظام الخليجي، عسانا نجد بعضاً من رفاه عيشهم؛
ديل بيعيدوا إنتاج نفس الخطأ الأوصلنا للوضع النحن فيه؛
بدل استيراد ديموقراطيّة “وست منستر”، كما يتشدّق بعض مثقّفينا، نستورد الأنظمة الملكيّة الفي الخليج؛
لا يا رفاق؛
حقّنا نفهم إنّه ما في نظام أفضل على إطلاق الكلمة؛
االأفضل هو الأنسب؛
الحاجة دي بتشمل كل المستويات؛
من تأسيس أسرة صغيرة لحااادّي تأسيس الدولة؛
ف سر نجاح الدولة السعوديّة يكمن في اختيار نظام يناسب ثقافة منطقتهم ومنظومة وعيهم؛
كشخص قادم من بلد ما فيه كبارات وناس “رويال”، أظن الكلمة الأقرب هي “سراة”، كنت لفترة بحس بالغرابة هنا في تسمية الشوارع والمرافق بأسماء الأمراء والملوك؛
لكن زالت الغرابة في زيارتي التالية للمملكة المتّحدة؛
لاحظ “المملكة”؛
وبديت أفكر للأسماء؛
من الـ “اليزابيث لاين” البتركبه من المطار؛
لحدّي “رويال ألبرت هول” الاتصوّرنا جنبها مع ناس المؤتمر؛
لحادّي حديقة هايدبارك الاتغدّينا فيها؛
ساحة الحرّيّة الشهيرة، المملوكة فعليّا للأسرة المالكة!
الشاهد في إنّه “المملكة العربيّة السعوديّة”، في اعتقادي، نموذج دولة ناجح في المنطقة، على غرار “المملكة المتّحدة”؛
ما بيرفكت طبعا، الكمال لله؛
لكن دولة مستقرّة بما يكفي لأنّها تتطوّر باطّراد، رغم أنف الحاسدين؛
وهي فعليّا قاعدة تتطوّر، بس بصورة طبيعيّة، أورغانيك، ما زي التطوّر الصناعي الحصل في دول محيطة يمكنكم تعديد بعضها؛
ولا زي التطوّر السطحي الحصل عندنا في السودان، وخلّانا نتوهّم الريادة ونتطاول على الشعوب الحولنا بحاجة ما صنعناها؛
ياخي أقلّاها حقّنا نتذكّر إنّه الدين واللغة جنّنا من بلاد العرب العاملين فيها علّمناهم!
بعد رجعت من المملكة المتّحدة، بديت أنتبه لأسماء كتيرة تانية في أثناء تجوالي؛
شارع سعد بن أبي وقّاص؛
مدرسة عمر بن الخطّاب؛
مسجد بلال بن رباح؛
الخ؛
وبخلاف محاولات الكيزان فرض هذه الأسماء “الدخيلة” عندنا، فالناس ديل “ناسهم”: دا كتاب تاريخهم النحن بنضربه في صفر، رغم إنّنا خمسة مرّات في اليوم بنستقبل بلدهم بالصلاة!
ما حضرت التسعين سنة الفاتت من عمر الدولة السعوديّة، الأعرق، ربّما، بين الدول العربيّة؛
لكن حضرت الخمسة سنوات الأخيرة؛
البلد دي ماشّة بسرعة الصاروخ، ما شا الله؛
لمن التحقت بجامعة الملك عبد الله كانت حصّلت المركز الـ ١٥ في مجال الكومبيوتر قرافيكس في العالم؛
وخلال سنواتي هناك وصلت المركز الثالث؛
ولي الشرف أكون صاحب المساهمة الأكبر في الأوراق المنشورة؛
لكن دا مجرّد مثال؛
التطوّر بتشوفه في كلّ اتّجاه؛
كل مجال؛
كل شارع؛
كل يوم!
والنموذج الشافه العالم كلّه إنّه المنتخب السعودي هو الوحيد الهزم بطل العالم في الكاس الأخير؛
لاقوا الأسطورة ميسّي، وغلبوه!!
الحاجة دي بتضعنا أمام أكبر عامل لنجاح الدولة السعوديّة؛
القصّة ما قروش، بس، زي ما بعضنا بحاول يختزلها؛
ليبيا والعراق كانت دول غنيّة جدّا؛
إنّما سر النجاح الحقيقي في التعاقد الاجتماعي ومنظومة الثقة البتخلّي الناس تتعاون وتنتج وتطمح للمستقبل؛
ثقة الدولة في مواطنيها، بدئاً من فكرة الكفيل؛
وثقة المواطنين في دولتهم؛
وهنا ممكن أحكي قصّة لطيفة مرّت بي؛
كنت راكب مع بتاع أوبر قبل فترة؛
شاب سعودي، بديت آخد وادّي معاه؛
فمن ضمن الونسة سألني شغّال شنو؛
قلت ليه كنت شغّال في كاوست؛
“وليه خلّيتهم؟”
سألني؛
قلت ليه عقدي معاهم انتهى؛
سألني باهتمام عن خططي وكدا، وادّاني بعض الاقتراحات؛
لمن وصلنا البيت قال لي عارف، رسّل برقيّة للديوان الملكي، بيساعدوك والله!
ياخي كلامه فرّحني بي صورة ما عاديّة؛
ما عشان يحل لي مشكلة الشغل؛
لكن فرحت شديد بي ثقته في دولته؛
مش إنّها بتحل ليه مشاكله هو، بل واثق إنّه بقدروا يحلّوا مشكلة أيّ زول ????!
قلت ليه عندهم إيميل وللا كيف؟
قال لي لالا أكتب جواب أدّيه للبريد قول ليهم للديوان الملكي، بيوصّلوه؛
حبّيت الفكرة ????؛
وفكّرت بجدّيّة كان أطلب منّهم خطاب دعم، sponsorship letter، أقدّم بيه لي ڤيزا بريطانيا، كان عندي ورقة في مؤتمر؛
لكن في النهاية اتشجّعت وقدّمت للڤيزا براي من غير سند مؤسّسي، والحمد لله أخدتها، دي قصّة طويلة ممكن تتحكي في وكت لاحق؛
المهم؛
محتفظ عندي بي خانة خطاب للديوان الملكي أرسّله في حاجة فيها مصلحة عامّة؛
حسّة برسّل ليهم رسالة مفتوحة في البوست دا، ولكل الشعب السعودي؛
بقول ليهم كلّ سنة وانتو طيبين، وربّنا يوفّقكم لما فيه خير الأمّة العربيّة والمسلمة؛
أمّا رسالتي لأهلنا في السودان؛
فبدعوهم لاحترام الجميع، ومشاركتي في الدعاء لهم بالخير؛
“لن يعلو قدرك بالحط من مقام الآخرين”؛
أو كما قيل؛
“لن تدخل الجنّة بإخراج غيرك منها، ولن تفلت من النار بإدخال غيرك فيها”؛
ما لازم تثبت إنّه التانين كعبين وللا أنظمتهم فاشلة؛
نحن ما في منافسة مع الناس، وإنّما في سباق مع احتياجاتنا ورغباتنا نحن؛
ما ح تنفع معانا لا ديموقراطيّة ويست منستر ولا ملكيّة السعوديّة ولا شيوعيّة الصين؛
وإنّما بنفع معانا نظام يناسب ثقافتنا ويحقّق مطامحنا نحن؛
وبلدنا ما شا الله لديه من الموارد الطبيعيّة والبشريّة ما يكفي لبناء دولة عظمى؛
أو دولة “عظيمة” على الأصح، تحقّق مطامح شعبها وتلبّي احتياجاتهم؛
تنقصنا الريادة والقيادة؛
وبالله التوفيق.


عبد الله جعفر
سوداني مقيم بالسعوديّة
٢٢ سبتمبر ٢٠٢٤

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدولة السعودی ة ة السعودی ة العربی ة

إقرأ أيضاً:

هذا هو حال العالم العربي من أيزنهاور إلى ترامب!

من المضحكات المبكيات في عالمنا العربي المأزوم انفجار هذه الدهشة والشعور بالمفاجأة التي عقدت ألسنة كثير من العرب عندما أفاقوا في الفترة الماضية على ازدياد حدة الأزمة في صراعات عربية قائمة أو إشعال تنافس إقليمي وحساسيات حدودية في فترة قصيرة. 

السبب في ذلك هو أن هذه الدهشة والشعور بالصدمة هي دليل جديد على أن العرب لا يستفيدون من تجاربهم وأنهم يقعون في نفس الفخاخ التي تنصب لهم المرة تلو الأخرى. لو تأمل البعض قليلا فقط لوجد أن هذه «ظاهرة تاريخية مكررة»؛ ففي كل مرة تتقدم الولايات المتحدة بمشروع لإعادة هندسة الشرق الأوسط ـ بما يحمي مصالحها ويحافظ على أمن وتفوق أداتها الوظيفية الإسرائيلية ويمنع كذلك منافسيها الدوليين من الحصول على موضع قدم فيها ـ تشتعل الحرائق في العالم العربي وفي الشرق الأوسط بل وداخل الدولة الوطنية العربية. 

لقد تفاجأ العرب في الأيام الماضية بتحول نوعي ومخيف في اليمن أدى إلى انهيار مسار التهدئة في الحرب اليمنية الذي صبغ السنوات الأخيرة ووصل إلى مرحلة متقدمة بمفاوضات مباشرة بين السعودية والحوثيين للتوصل إلى حل سياسي. 

هذا التحول تمثل في استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي المهرة وحضرموت الغنية بالنفط وطرد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. 

قبلها بأيام كذلك اشتعلت في السودان الحرب الأهلية، واتخذت منعطفا فارقًا أيضا باستيلاء ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر الاستراتيجية، والاستيلاء بعدها على حقول النفط السودانية الرئيسية فضلا عن سيطرتها على معظم مناطق إنتاج الذهب. طردت الميليشيات قوات الجيش السوداني وحكومة البرهان المعترف بها دوليا. 

في سوريا أشعلت إسرائيل حربًا طائفية بين مناطق الدروز في الجبل ومناطق العلويين في الساحل مع الحكومة الجديدة في دمشق، وساهمت في إفساد تسوية لحل الخلاف بين المركز والأكراد الذين يسيطرون على شمال شرق سوريا. 

في لبنان تصاعدت المخاوف من اندلاع الحرب الأهلية مجددًا في هذا البلد بسبب الضغوط الأمريكية/ الإسرائيلية لنزع سلاح حزب الله وعودة استقطاب ما قبل اتفاق الطائف إلى مستوياته المرعبة. 

في الجزائر دعا ناشط أمازيغي معروف إلى انفصال منطقة القبائل عن الجزائر وتفتيت وحدة الدولة الجزائرية. 

اللافت أن الناشط المذكور دعا للانفصال من دولة الاحتلال السابق، أي فرنسا، حاملا علمًا إسرائيليًا! 

في الوقت نفسه اشتعل سباق التسلح بين الجزائر والمغرب؛ فبينما تتوسع الأخيرة في استيراد الأسلحة الإسرائيلية تتوسع الجزائر في شراء الأسلحة الروسية. 

من يتأمل حتى في دروس التاريخ العربي الحديث سيجد أن هذه هي النتيجة المتوقعة والمتكررة لحالة التضافر المستمر بين ثلاثة عوامل منذ حلول أمريكا محل بريطانيا وفرنسا كقائدة للإمبراطورية الغربية وللمركز الرأسمالي العالمي. 

هذه العوامل هي أولا تقدم رئيس أمريكي بمشروع لإعادة هندسة المنطقة، وثانيا انقسام العرب تجاه هذا المشروع عادة؛ حيث مجموعة مؤيدة للمظلة الأمريكية ومجموعة معارضة ترى في المشروع تكريسًا للهيمنة الإمبريالية وتفريغ للاستقلال من مضمونه. 

وثالثا بوجود دور خطير لإسرائيل في مساعدة المشروع وزيادة حدة الانقسام العربي. 

عندما تقدم الرئيس أيزنهاور بمشروعه لملء الفراغ في الشرق الأوسط وما انبثق عنه من مبادرات جيوسياسية مثل حلف بغداد والحلف الإسلامي اشتعلت حرائق الصراع السياسي بين الدول العربية، وصارت مصر جمال عبد الناصر ومعها أغلبية عربية ضد المشروع، فيما وقفت أقلية عربية معه إضافة إلى تركيا ولاحقا إيران وباكستان. 

لكنه وصل إلى حافة الصراع العسكري في لبنان ١٩٥٨ بعد نزول قصير لقوات البحرية الأمريكية ما أعتبر بروفة مبكرة للحرب الأهلية المدمرة في لبنان عام ١٩٧٥ -١٩٩٠. 

مع احتضان مشروع ملء الفراغ بمساعدة دول في المنطقة لتيار سياسي كبير مثل الإخوان المسلمين قاد ذلك آنذاك لصراع عربي بيني وصفه الأمريكي الشهير مالكوم كير بـ«الحرب العربية الباردة». 

أما مشروع السلام المنفرد الذي طرحه الرئيس كارتر في كامب ديفيد فتبعاته الكارثية معروفة؛ إذ بدأ مسيرة الانقسام العربي الرأسي لما عرف بمعسكر الممانعة في جهة ومعسكر الاعتدال في جهة أخرى، وسقط مفهوم الأمن العربي الجماعي والدفاع المشترك الذي طورته القاهرة آنذاك. وبدأ تعريف الأمن يتم بشكل قطري من خلال تصور كل نخبة حاكمة في البلد العربي أو ذاك عن مصالحها الوطنية، حتى لو هددت مصالح دولة عربية أخرى. 

أحكمت واشنطن قبضتها على المنطقة بهندسة كيسنجر/ السادات، واطمأنت إسرائيل أنه لن تقوم دولة عربية بدخول صراع عسكري معها بعد خروج مصر من المواجهة فتفرغت لإشعال الحرائق وشن الحروب؛ فضربت المفاعل النووي العراقي قبل أن يجف حبر المعاهدة مع مصر، وقامت بغزو لبنان واحتلت بيروت كأول عاصمة عربية، وطردت المقاومة الفلسطينية من لبنان. 

ودفع التخلي العربي عن الفلسطينيين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات دفعًا إلى التوقيع على أوسلو التي بدا أنها كانت خطة إسرائيلية ممنهجة للاستيلاء على فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر بالمستوطنات والحروب المستمرة على الضفة وغزة. 

بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، قاد مشروع بوش لبناء الشرق الأوسط الكبير وفرض الديمقراطية لغزو العراق وتحويل التحركات في سوريا وليبيا إلى حروب أهلية. 

عندما وصلنا لمشروع صفقة القرن في ولاية ترامب الأولى ودمج إسرائيل غصبًا في الإقليم عبر اتفاقات إبراهام، مع البحرين والإمارات والسودان والمغرب، كان العالم العربي قد عمق انقسام المعتدلين والممانعين محولًا إياه لمعسكر التطبيع ومعسكر المقاومة، وكانت ٨ دول عربية قد دخلت في طور التفكك الجزئي أو الكلي، وفي كل الأحوال تحولت إلى دول فاشلة. 

مع ولاية ترامب الثانية زادت مساوئ مشروع صفقة القرن وذلك عبر مزجها بخطة رون ديرمر الوزير الإسرائيلي السابق. 

انتقلنا بذلك إلى مشروع ترامب الجديد المعروف باسم خطة ترامب بشأن غزة، وكان انفجار الصراعات التي أشرنا إليها في صدر المقال ونشهدها الآن يوميا من المحيط إلى الخليج والجزيرة العربية مرورًا بالشرق العربي الذي يجلس على فوهة بركان مشتعل وليس خامدًا وصولًا لوادي النيل المصري والسوداني الذي بات مهددًا من جميع اتجاهاته الاستراتيجية. 

لكن التاريخ لا يعيد نفسه بنفس الطريقة، خاصة مع أقوام وأمم مثلنا؛ إذ تعاد الكوارث بشكل أكثر مأساوية .. جديد التاريخ ـ الذي لا تتعظ منه أبدا النخب الحاكمة في عديد من البلدان العربية ـ هو: 

-تسبب النمط التدخلي والجموح الزائد لبعض الدول العربية للحصول على أدوار وظيفية من واشنطن إلى توتر مباشر في العلاقات الثنائية، حتى بين دول اعتبرت حتى وقت قريب دولًا حليفة. وليرجع القارئ في هذا لنمط الخلافات الناشبة بين حلفاء مقربين بعد التطورات الحالية في صراعات السودان واليمن ليدرك الهاوية التي ننزلق إليها. 

ـ انتقال الدور الإسرائيلي في تنفيذ المشروع الأمريكي لهندسة الشرق الأوسط من السر إلى العلن بعد الاتفاقات الإبراهيمية؛ فهناك تسريبات جديدة عن تنسيق إسرائيلي مع أطراف عربية في التطورات الأخيرة في السودان واليمن، خاصة اليمن، للانتقام من الحوثيين الذين تضامنوا مع غزة، وأمطروا إسرائيل بالصواريخ، وقطعوا عليها ملاحة البحر الأحمر، وحولوا إيلات إلى ميناء مهجور. 

ـ تتهيأ بذلك لمشروع ترامب ومخططات إسرائيل لتفكيك المنطقة ميزة نوعية وهي انضمام أطراف عربية تعرف نقاط ضعف شقيقاتها إلى هذا المجهود الحربي أو الجيوسياسي الخطير. 

ـ ارتفاع حدة الانقسام العربي تجاه المشروع الأمريكي لترامب مقارنة بمشروعات الرؤساء الأمريكيين السابقين .. يكفي فقط أن نستعرض مواقف الدول العربية من مسألة نزع سلاح المقاومة في غزة التي تطلبها خطة ترامب لكي تجد أن الخلاف وصل إلى حد أن بعض الدول العربية تتطابق مع المطالب الإسرائيلية، وتضغط على واشنطن لعدم إبداء أي مرونة في نزع سلاح حماس أو نزع سلاح حزب الله.. و«لله الأمر من قبل ومن بعد» . 

حسين عبد الغني كاتب وصحفي مصري 

مقالات مشابهة

  • سيدات الجيش الملكي يهزم ووهان الصيني ويتأهل لنصف نهائي كأس العالم للأندية
  • هذا هو حال العالم العربي من أيزنهاور إلى ترامب!
  • حاتم عقل: «الجوهري» سبب نجاح الكرة الأردنية ووصول المنتخب لكأس العالم
  • عبر الخريطة التفاعلية.. ما أهمية المنطقة التي وقع فيها كمين تدمر؟
  • الأول يوتيوب | عمرو مصطفى تريند منصات الاستماع في الوطن العربي
  • اختيار الأمم المتحدة.. مصر أول دولة على مستوى العالم لتطبيق مبادرة CHAMPS لتعزيز أنظمة الوقاية الموجهة للأطفال
  • زيدان: اختيار الرئاسات الثلاثة بيد القوى السياسية العراقية
  • الخلافات الداخلية والرسائل الخارجية تعيد تشكيل مشهد اختيار رئيس الوزراء
  • الإمارات تعلن نجاح إطلاق القمر الاصطناعي العربي 813
  • ننشر أبرز بنود قانون الرياضة السعودي الجديد