الجديد برس:

جدّدت صنعاء، أمس، وعيدها للكيان الإسرائيلي بعمليات عسكرية نوعية ومفاجئة تفوق حساباته، مؤكدة أن صواريخها المطورة وطائراتها المُسيرّة البعيدة المدى التي طرقت أبواب تل أبيب وإيلات، لن تتوقف عن «دك حصون إسرائيل» خلال الفترة المقبلة، وأن الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت للكيان، وذلك بالتزامن مع تصعيد الاحتلال عدوانه على لبنان خلال الأيام الماضية، واستمراره في ارتكاب الجرائم ضد أهالي غزة.

وأكد وزير الدفاع والإنتاج الحربي في حكومة صنعاء، اللواء محمد ناصر العاطفي، في كلمة لمناسبة تخريج دفعة عسكرية جديدة من الكليات العسكرية، أمس، أن «القوات اليمنية ترصد كل تفاصيل المتغيّرات السياسية والعسكرية والجيوسياسية في المنطقة، ومستعدّة لكل تحديات المرحلة في ظل اتساع نطاق الصراع مع الكيان الإسرائيلي في لبنان».

وأضاف أن قوات صنعاء «لن تبخل على الأعداء بقوافل من الصواريخ الباليستية والمجنّحة والفرط صوتية والطائرات المُسيّرة»، مهدّداً بأن أي «اعتداء جديد على اليمن أو أشقائه في محور المقاومة من قبل إسرائيل سيواجه بردود عسكرية قوية وصادمة للعدو».

وأوضح أن «صنعاء غيّرت من تكتيكها العسكري بعد فشل الوعود الإقليمية والدولية بوقف الحرب على غزة، والتي ألقت بثقلها خلال الأسابيع الماضية في محاولة لمنع اندلاع حرب إقليمية».

كذلك، علمت «الأخبار»، من أكثر من مصدر في صنعاء، بأن الأخيرة أقرت استعجال الرد على إسرائيل، وأنها تعتزم توسيع عملياتها الهجومية بالتنسيق مع «المقاومة الإسلامية في العراق» لتوجيه ضربات مؤلمة ضد الوجود الأمريكي في عدد من القواعد العسكرية في المنطقة.

ويأتي هذا في ظل تراجع الهجمات الجوية الأمريكية – البريطانية على اليمن، وتراجع عمليات صنعاء، في المقابل، ضد السفن المرتبطة بالكيان الاسرائيلي، في ضوء التزام غالبية شركات الملاحة الدولية التي تمرّ السفن التابعة لها عبر الخط الملاحي الدولي في البحر الأحمر، بضوابط وشروط «أنصار الله»، ومبادرة عدد منها إلى التواصل مع الأخيرة وطلب الإذن بمرور سفن تابعة لها ليست لها ارتباطات بالكيان.

صنعاء تشيد برفض مصر عرضاً أمريكياً لتسلّم مهمة عسكرية في البحر الأحمر

في المقابل، أكدت مصادر في صنعاء، لـ«الأخبار»، استمرار الحراك الأمريكي المعادي لليمن بالتنسيق مع القوى اليمنية الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، وأشارت إلى أن لقاءات تجري في الولايات المتحدة بين رئيس «المجلس الرئاسي» التابع للتحالف، رشاد العليمي، وقيادات في الكونغرس بشأن خطة الولايات المتحدة التصعيدية على الجبهات الداخلية في اليمن.

وقالت المصادر إن العليمي أجرى اتصالات مع المبعوث الأمريكي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، ولقاء مع سفير واشنطن لدى اليمن، ستيفن فاجن، في الرياض، قبل مغادرته إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، موضحة أن هذه الاتصالات تركّزت حول دعم واشنطن للحرب بالوكالة، والتي تقودها الفصائل الموالية للسعودية والإمارات ضد حركة «أنصار الله».

وأكدت المصادر أن «صنعاء ترصد كل تحركات العدو»، وأن رسائلها التي وجهتها إلى دول التحالف تُعدّ بمثابة إنذار أخير سيكون له ما بعده.

وفي سياق متصل، رحّبت حكومة صنعاء بالموقف المصري الرافض لتدخل أي دولة غير مشاطئة للبحر الأحمر في الأزمة اليمنية.

وكانت الولايات المتحدة فشلت في استعداء مصر ضد اليمن، باستغلال الأضرار التي لحقت بالحركة الملاحية في قناة السويس، من خلال عرض تسليم القاهرة مهمة عسكرية باسم حماية الملاحة الدولية، وهو ما رفضته الأخيرة التي زارها ليندركينغ، قبل أيام.

واعتبرت وزارة الخارجية في صنعاء، في بيان، أن موقف القاهرة يعكس النظرة الاستراتيجية للقيادة السياسية في مصر، في التعاطي مع ملف الملاحة في البحر الأحمر وأمنها، مؤكدة حرص «أنصار الله» على حماية هذه الملاحة وأهمية التعاون بين الدول المشاطئة في هذا الملف المهم، بما يحقق الأمن للبحر الأحمر، وحقوق الدول المشاطئة في المجال الاقتصادي، بعيداً عن أي تدخلات أجنبية.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

إقرأ أيضاً:

صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة

 

مع إعلان صنعاء الانتقال إلى المرحلة الرابعة من عمليات الحصار البحري ضد كيان الاحتلال، تدخل المواجهة العسكرية فصلاً أكثر جرأة في سياق تصعيد متدرّج بدأ مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتنامى على مراحل اتّسمت بالتوسع المدروس في بنك الأهداف. حيث تعتبر هذه المرحلة تراكم عملياتي تصاعدي، انتقل من استهداف السفن المرتبطة مباشرة بموانئ الاحتلال، إلى فرض معادلة عقابية شاملة تشمل كل شركة تواصل التعامل مع تلك الموانئ، أيّاً كانت جنسيتها أو وجهة سفنها.

وتشمل المرحلة الجديدة رصد واستهداف السفن التابعة لكبرى شركات الشحن البحري في العالم، مثل ميرسك، CME، Hapag-Lloyd، Evergreen وغيرها. لا يقتصر التهديد على السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال، بل يشمل كل سفينة مملوكة لشركات تتعامل تجارياً مع تلك الموانئ، أينما وجدت. وقد بدأ الرصد الفعلي للسفن العاملة في خطوط الإمداد بين موانئ المتوسط الشرقي والموانئ المحتلة، إضافة إلى ناقلات النفط المرتبطة بعمليات التزويد اليومي لكيان الاحتلال.

كما تحرص صنعاء على توثيق عملياتها كمشاهد عملية إغراق السفن ومنها ما كان متجهاً إلى ميناء إيلات. وعلى الرغم من أن الميناء مغلق منذ أشهر، إلا أن التصعيد الأخير يستهدف توسيع نطاق الحظر ليشمل ميناءي حيفا وأسدود، وهو ما يُعد تطوراً استراتيجيا في عمق البحر الأبيض المتوسط.

المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تجد نفسها أمام خصم لا يتبع نمطاً تقليدياً في التموضع أو الاستهداف. كما أن البنية غير المركزية لعمليات صنعاء، واعتمادها على التضاريس الجغرافية والانتشار المرن، يقلل من فعالية الضربات الجوية، ويجعل الرد الإسرائيلي أقرب إلى المعاقبة الرمزية منها إلى الفعل الرادع. ويقول الكاتب الإسرائيلي يوني بن مناحيم، إلى أن عدم وجود قواعد عسكرية دائمة أو منشآت حساسة واضحة للاستهداف في اليمن، فضلاً عن فاعلية الأجهزة الأمنية لدى صنعاء، جعل كل محاولات الرد الإسرائيلية أقرب إلى محاولة “إرباك” داخلية دون مكاسب عملياتية.

الولايات المتحدة، التي حاولت في الأشهر الماضية تنفيذ ضربات استباقية ضد أهداف في اليمن، فشلت بدورها في ردع صنعاء أو إيقاف عملياتها البحرية. الموجة الأولى من الضربات الأميركية لم تحقق أي أثر استراتيجي يُذكر، بل تسببت أحياناً في تقوية سردية صنعاء داخلياً، باعتبارها طرفاً يتعرض للعدوان بسبب موقفه السياسي من غزة.

المفارقة أن صنعاء، رغم التفاوت الهائل في الإمكانيات العسكرية مقارنة بواشنطن أو تل أبيب، استطاعت الحفاظ على نسق عملياتي مستمر، بل ورفع سقف التصعيد على مراحل، ما يدل على أن الردع الأميركي لم يعد كافياً في التعامل مع الجهات الفاعلة غير التقليدية في المنطقة.

بالتوازي مع هذا المسار العسكري، يتكرّس تحوّل سياسي لا يمكن تجاهله. فالحكومة في صنعاء، التي وُصفت لسنوات بأنها غير شرعية أو متمردة، باتت تبني اليوم شرعية وظيفية وميدانية نابعة من قدرتها على التأثير الفعلي في موازين الصراع، ليس فقط داخل اليمن، بل في الإقليم. نجاحها في فرض معادلة ردع بحرية، والتزامها بخطاب سياسي منضبط لم يكن يوماً مجرد دعاية، منحها مساحة أكبر من الحضور السياسي والإعلامي في ملفات تتجاوز الحدود الوطنية.

هذه التحولات لا تعني بالضرورة الاعتراف الدولي الرسمي، لكنها تشير إلى واقع سياسي جديد يتشكل في المنطقة، طرفه الأساسي قوى تصاعدت بفعل مراكمة القوة الذاتية، وتماسك الخطاب، وفعالية الأداء العملياتي، لا بفعل التسويات أو الرعاية الدولية.

في مرحلة يشتد فيها الضغط على غزة، تبدو صنعاء كطرف يحافظ على تصعيد ميداني مباشر ضد كيان الاحتلال دون تراجع، ودون أن تنجح محاولات الاحتواء أو الردع في كبحه. التصعيد الأخير لا يعكس فقط تصميماً عسكرياً، بل يشير إلى قدرة استراتيجية على توسيع المساحات التي تستنزف الكيان، وفرض معادلات جديدة في عمق البحر، وسط غياب فعّال لأي رد مكافئ. وإذا استمرت هذه الدينامية، فإن موازين الصراع البحري في شرق المتوسط قد تكون على موعد مع مرحلة أكثر اضطراباً، لا يمكن احتواؤها بالخطاب وحده، ولا بالقصف من الجو.

 

مقالات مشابهة

  • “القسام” تفجر جرافة عسكرية صهيونية في مدينة جباليا
  • ألمانيا: عزلة “إسرائيل” تزداد بسبب الحرب على غزة
  • انقسام متزايد في الكونغرس الأمريكي بشأن تسليح “إسرائيل” وسط تفاقم المجاعة في غزة
  • نصرة الأقصى تدعو للخروج المليوني بمسيرات “ثباتا مع غزة ورفضاً لصفقات الخداع والخيانة”
  • صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة
  • اليمن.. طلاب وأكاديميون يتظاهرون رفضا لتجويع "إسرائيل" لغزة
  • صنعاء تتوعد: المرحلة الرابعة تحمل مفاجآت كبرى ستعيد تشكيل قواعد الردع في المنطقة
  • 10 ملايين دولار.. واشنطن ترفع مكافأة القبض على زعيم القاعدة في اليمن
  • وزير الداخلية يطلع على “العمليات الأمنية” لشرطة باريس
  • مجلة أمريكية: فيديو طاقم سفينة “إتيرنيتي C” يشعل ارتباكًا في واشنطن وتل أبيب