المملكة واليمن شراكة ومواقف ثابتة
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
علوي محمد بافقيه
تحتفي المملكة العربية السعودية الشقيقة بيومها الوطني الرابع والتسعين، وبهذه المناسبة العظيمة.. يسرنا نحن في القنصلية العامة اليمنية في جدة أن نعبّر عن اعتزازنا بالمملكة العربية السعودية ونرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.
وبهذه المناسبة السعيدة، نثمن عالياً وقوف المملكة؛ ملكاً وحكومة وشعباً، إلى جانب الشعب اليمني في كافةِ المنعطفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ولعل استمرار دعمِ المملكة يؤكد حميميةَ العلاقةِ التاريخيةِ بين الشعبين الشقيقين.
أربعةٌ وتسعون عاماً.. تتجلى فيها روعةُ النهوض والعمران.. والانطلاق نحو آفاقِ المستقبل في شتى مناحي الحياة.. فهي مناسبةٌ طيبة، إذ نشيد من خلالها بعطاءات المملكة المستمرة لشعبنا اليمني ودعمه سياسياً وعسكرياً من أجل استعادة الدولة اليمنية بكامل سيادتها والنهوض بالتنمية في مختلف مناطق اليمن.
كما نعبر عن سعادتنا البالغة في سعي المملكة والجهود التي تبذلها في استقرار اليمن، وكذا إحلال السلام الشامل في البلاد بما في ذلك تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
ونعيد إلى الأذهان دور المملكةِ في معالجة الأزمة اليمنية بدءاً من المبادرة الخليجية التي دعمتها ورعتها لجمع شمل اليمنيين من خلال جمع مختلف أطراف الأزمة السياسية اليمنية لانتقال السلطة سلمياً والتي تمخض عنها مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
فالموقف التاريخي الذي وقفته وتقفه المملكة العربية السعودية لدعم اليمنيين، يُسجل في سجلات التاريخ بحروف من ذهب، فكل تلكم المواقف مع اليمن يوضح المعدن الأصيل للسعودية في الوقوف إلى جانب أشقائها.
كما أن الدعم السعودي لليمن لم يكن هو الأول من نوعه، بل على العكس؛ تعد المملكة هي المانحة التاريخية لليمن، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، ومن ضمن المساعدات التي تقدمها المملكة لليمن وما يتضمنه من المعونات، وإغاثة اللاجئين، والمنح التنموية بغرض إعادة إعمار اليمن ودعم البنك المركزي اليمني.
ولا شك في أن ما تقوم به السعودية من دعمٍ لليمن إنما يؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة والتحالف بين القيادتين، من أجل تحقيق الأمن والسلام في اليمن، وبناء المؤسسات، ورفع المعاناة عن الشعب، وكبح جماح المليشيات الحوثية، كما أنه في الوقت الذي تتعقد فيه المشكلات في المنطقة، نجد المملكة حريصة على تحقيق السلام في كافة ربوع اليمن، والنهوض بمؤسسات الدولة والوقوف إلى جانب قيادة المجلس الرئاسي؛ ممثلةً بالدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي وكافة إخوانه أعضاء المجلس.. والذي بدوره وجّه التهنئة بهذه المناسبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان وكافة الشعب السعودي الشقيق..
كما نشيد بدور الدبلوماسية السعودية عبر تاريخها الطويل، حيث أضحى دوراً محورياً في حقن الدماء، والوصول إلى الحلول السلمية، واتضح ذلك جلياً في الأزمة اليمنية، عندما كانت ولا تزال السعودية طرفاً في دعم الحلول في اليمن والمنطقة العربية..
ولا ننسى هنا حيث نجدها فرصةً سانحةً لنثمن عالياً الدورَ الكبيرَ والدعمَ والمساندةَ من قبل دول التحالف العربي.. ونشيد بمواقف الدول العربية الشقيقة التي دعمت موقف الشرعية اليمنية وساندت الشعب اليمني في كافة طموحاته لاستقرار بلده..
كما أن الاهتمامَ وحرصَ المملكةِ بالملف اليمني، أمرٌ يبعثُ عن التفاؤلِ والاطمئنانِ بإمكانيةِ الوصول باليمن إلى بر الأمان.
نتمنى للمملكةِ قيادةً وشعباً المزيدَ من النجاحاتِ ومواصلةِ مسيرةِ التنمية والبناء.. وحفظ اللهُ الجمهوريةَ اليمنية والمملكةَ العربيةَ السعوديةَ.. مملكة الحزم والعزم.
السفير علوي محمد بافقيه القنصل العام للقنصلية العامة للجمهورية اليمنية بجدة
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليوم الوطني السعودي قمة المستقبل
إقرأ أيضاً:
البدريون قادمون من صنعاء ... ستكتشف السعودية كما اليمن أنها الخاسر الأكبر من مخرجات لا تفهم الجغرافيا
الحوثيون لايعملون بعشوائية التحالف، ولا برخاوة الشرعية وغبائها، بل يشتغلون منذ أكثر من 11 سنة على بناء جيل عقائدي خاص بهم، عملوا على إنشاء منظومة تعليمية موازية (غير المدارس الحكومية التي عبثوا بمناهجها)، أبرزها مايُعرف بـ"مدارس البدر" نسبة لبدر الدين الحوثي، وهي مدارس داخلية مغلقة لايُقبل فيها الطالب إلا وفق معايير مشددة، ويمكث فيها الدارس ثمان سنوات؛ يتلقى خلالها منهج خاص خارج إطار التعليم الرسمي، لايشمل أي علوم حديثة، لكنها تصنع فرد مبرمج على الولاء المطلق والفكر الواحد والعداء المستحكم للآخر، إضافة إلى التدريب العسكري على مختلف أنواع الأسلحة..
في صنعاء وحدها، هناك 28 مركز ديني وشرعي خاص، تتبع منهج الجماعة وملازمها، تعمل بوتيرة واحدة، بعضها داخل مساجد كبرى مثل جامع الصالح (الذي حُوّل إلى جامع الشعب) ويضم معسكر داخلي دائم، وهناك عشرات المراكز المماثلة في بقية المحافظات والمديريات والعُزل المختلفة، والمحصلة أكثر من 250 ألف شاب كلهم تحت سن العشرين تخرجوا حتى الآن من هذه المراكز، لايعرفون الفيزياء ولا التاريخ ولا اللغات، لكنهم مبرمجون عقائدياً ومدربون عسكريا، ومؤهلون للتعامل مع كل أشكال السلاح..
نحن لانتحدث عن جيل متدين فحسب، ولسنا أمام مخرجات تعليمية عادية، وهذه ليست مجرد أرقام، بل جيل مبرمج بطريقة لاتترك أي مجال للتسامح أو التعايش، عبارة عن ألغام وقنابل فكرية موقوتة، مخرجات يصعب التعايش معها مستقبلاً، لأنها نشأت على أفكار لاترى الآخر إلا كخصم يجب إخضاعه أو استئصاله، ويتعاملون مع الخلاف الفكري أو السياسي كما لو كان كفر يستحق الاجتثاث..
خريجوا تلك المراكز لم يتم اعدادهم لخدمة الجماعة سياسيا أو عسكريا فقط، بل تم تشكيلهم وتلقينهم والاعتناء بهم ليكونوا الوقود العقائدي لأي صراع طويل الأمد، يعبث بالتاريخ ويتجاوز حدود الجغرافيا..
هذا المشروع الذي يحتفل بتخرج دفعاته سنوياً منذ 11 سنة، يقابله فشل الشرعية الذريع؛ ليس في مواجهته فقط، بل انها قدّمت النقيض، تركت المدارس تنهار، والطلاب يتسربون، والمعلمين يتذمرون بلا مرتبات، يُذلون في طوابير المساعدات، دون خطة بديلة أو دعم جاد لمواجهة التجريف العلمي الذي يتم في صنعاء وبقية المحافظات التابعة للحوثيين، لم تكن هناك أي محاولة لبناء مشروع مضاد، لافي التعليم ولا في الإعلام ولا في الوعي العام، بل إنها لم تنجح في أي قطاع اتجهت إليه، ووقفت عاجزة أمام أخطر معركة تخوضها الأمم؛ معركة بناء الإنسان.
أما التحالف، وعلى رأسه السعودية، فقد تورطت في معركة بلا أفق محدد، وأصبح التراخي، وإطالة أمد الحرب، وغياب أي مشروع وطني أو تربوي مقابل، بمثابة شيك على بياض للحوثيين بتنفيذ برنامجهم التربوي والعقائدي بكل أريحية، والنتيجة أن المنطقة برمتها ستدفع ثمن هذه "المرحلة الرخوة من تاريخ اليمن" التي تحوّل فيها الحوثيون من مجرد جماعة ميليشيا مسلحة؛ إلى مدرسة قتالية وماكينة تربية مغلقة، تُنتج مقاتلين عقائديين مؤمنين بمشروع لايعترف بالحدود ولا بالشراكة ولا بالاختلاف، وستكتشف السعودية، كما اليمن، أنها الخاسر الأكبر من هذه المخرجات، التي ستكون في الغد القريب أدوات صراع، لا أدوات تعايش..
لقد أثبتت الحرب أن الخطر لايكمن في الجبهات فقط، بل في المدارس والمناهج والمراكز العقائدية، ومن يُهمل هذه الجبهة، ويفشل في خوض هذه المعركة، سيُهزم وسيفقد المعركة كلها، حتى لو انتصر عسكرياً، لأن من يُشكل العقول، يحصد المصير ويتحكم بالمستقبل..