د.حماد عبدالله يكتب: إختفاء مركز المأثورات الشعبية المصرية !!
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
تعود علاقتى بالمأثورات الشعبية، حينما عدت من إيطاليا عام 1976، حاملًا درجة علمية تعادل درجة الدكتوراه المصرية، وعُينت مدرسًا للتصميم بكلية الفنون التطبيقية.
و حيث كانت هذه الكلية ضمن منظومة محترمة من الكليات والمعاهد العليا، تابعة لوزارة التعليم العالى، حتى صدور قرار جمهورى بتحويل تلك الكليات والمعاهد العليا عام 1972 إلى جامعة حلوان.
و أمهل القرار الجمهورى – أعضاء هيئات التدريس ومعاونيهم فترة زمنية سبع سنوات، لتعديل أوضاعهم العلمية، وضرورة الحصول على درجة الدكتوراه لمن يرغب الإستمرار والإنخراط فى السلك الجامعى، وحيث كان يطلق على من حصل على درجات معادلة للدكتوراه من جامعات أجنبية بأنها درجات غير مؤهلة بالدرجة الكافية (و هذا غير الواقع !!) فقد تقدمت بتسجيل درجة دكتوراه فى الفلسفة فى الفنون التطبيقية عام 1979، وكانت عن دراسات مستوحاة من الواجهات المعمارية فى واحات مصر الغربية مقارنًا بين فن العمارة والنسيج فى تلك المناطق، وتهديدها بالإندثار فى المناطق النائية نتيجة وصول البث التليفزيونى، وتغيير نمط الحياة لدى سكان تلك الواحات.
و بدأت الدراسة وقتها فى السنوات التمهيدية للدكتوراه مع اساتذة أجلاء على رأسهم المرحومة الأستاذة الدكتوراه "نعمات أحمد فؤاد" والمرحوم الأستاذ الدكتور "محمد طه حسين" والمرحوم الأستاذ الدكتور "عبد المنعم صبرى" والمرحوم الأستاذ الدكتور "عبد الرحمن عبد العال عمار" والمرحوم الأستاذ الدكتور "عمر النجدى" وغيرهم من كبار الفنانين والأدباء والمعماريين المصريين
و كذلك الأجانب من عدة جامعات هامة فى ألمانيا وإيطاليا وإنجلترا من خلال القنوات العلمية المشتركة.
و كانت الدراسة التى إهتممت بها ضمن إعدادى لرسالة الدكتوراة، هى المأثورات الشعبية فى واحات مصر الغربية، فكان إهتمامى ينصب على العلاقات المرتبطة بين الصانع والحرفى فى صناعة الغزل والنسيج والكليم والسجاد وكذلك الصانع أو المشيد (لبيته) ومسجده وكنيسته ومدرسته فى تلك المناطق، ومدى الإرتباط بين كل الفنون سواء منها المفروش على الأرض أو القائم عليها من أبنية، وكان لجوئى إلى كلية الاّداب – جامعة القاهره- ومركز دراسات الفنون الشعبية التابع لوزارة الثقافة والذى كان له موقع فى وسط البلد فى حى التوفيقية، وكان المُعِينْ لى فى هذه المرحلة عوناُ كاملًا، المرحوم الأستاذ الدكتور "أحمد على مرسى" أستاذ الأدب الشعبى بقسم اللغة العربية بكلية الاّداب بجامعة القاهرة. وكانت مساهمته العلمية فى الرسالة التى أعددتها والتى أيضًا نالت شرف مناقشتها من لجنة المناقشة والحكم بمشاركته فيها (د.مرسى)، ومنذ عام 1984، سنة حصولى على هذه الدرجة العلمية (دكتوراه فى الفلسفة) وكنت أشغل وظيفة أستاذًا مساعداّ فى الفنون التطبيقية منذ تلك الفترة – كان إلإهتمام البالغ منى بتطور الدراسات الشعبية، والمأثورات والأدب الشعبى بصفة عامة، وحينما قرأت خبرًا فى جريدة "العالم اليوم" عن مشروع لتوثيق وتنمية المأثورات الشعبية فى مصر، والذى بادر بإنشائه المجلس الأعلى للأثار ،
و تخصيص مقر بمنزل (الخرزانى) بمنطقة (السحيمى) بالقاهرة التاريخية، ويقوم على تنفيذه جمعية المأثورات الشعبية بهدف الحفاظ على الأدب والفنون والمأثورات الشعبية من الإندثار وتصنيفها حسب طبيعة المناطق السكنية والجغرافية.
حمدت الله، على أن هناك من تذكر ان لمصر (فولكلورها)، وأسأل وزير الثقافة الأستاذ الدكتور/أحمد هنو أين هذا المركز وإلى أى نهاية قد إنتهت دورة حياته للأسف الشديد ؟!
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: المأثورات الشعبیة
إقرأ أيضاً:
محمد سبأ.. رحلة تشكيلية تنبض بالموروث
محمد عبدالسميع (الاتحاد)
الفنّ التشكيلي هو مزيج من الموهبة وثقافة الإنسانِ، وبيئته المحيطة والمحفّزةِ على التراث البصري، الذي يَقبِسُه الفنان منذ نعومةِ أظفاره، وكثير من الفنانين كانت الطبيعة بالنسبةِ لهم مصدراً للإبداع، حتى إذا ما شبّوا على مفرداتها وناسها وتراثها العريق، تكوَّن لهم هاجس الإبداعِ والإخلاصِ، وهما أمران يتمثّلان بامتياز في تجربة الفنان اليمنيِّ الدكتور محمد سبأ، الذي نشأ في مدينة «إبّ» اليمنية، وأخذه كلّ هذا الجمالِ وروعة الجبال ومعيشة الناس ويومياتهم وأزياءِ القرى والأرياف والمدن، فكان كلُّ ذلك يتمخّض عن فنان آمن بالفنِّ التشكيليِّ كانعكاسٍ لما اختمر وجدانُه وعقلُه من هذه الحركة البصرية المدهشة، فكانت الدراسة، وكان التخصّص، وكان الإبداع. وكانت القاهرة حاضنة لأول معرض خارجي عام 2016 للفنان محمد سبأ، تحت عنوانِ «اليمن.. تراثٌ ماضٍ وحاضرٌ»، حيث حقق حلمَه ودرس التربيةَ الفنيةَ بجامعة إبّ وعمل فيها، ليُكمِل دراستَه العليا في القاهرةِ في التخصّصِ ذاته بطبيعةِ الحالِ.
يعمل الفنان محمد سبأ على تحويلِ كلِّ هذه المشاهدات إلى لوحات تشكيلية، والمهمّ في ذلك أنه استعار مسمّى «بلقيس ملكة اليمن»، ليكون عنواناً للوحة فنية، لتتوالى معارضه الشخصية تحت عناوينَ تحمل موروثَ اليمنِ الجميلَ، كمعرض «اليمن.. مهدُ الحضارة» عام 2017، و«اليمن.. مقتطفاتٌ فنية» عام 2018، ليقيم عام 2019 معرضاً فنيّاً بدار الأوبرا المصرية، معبّراً بذلك عمّا بين اليمن ومصر من روابط، تحت عنوان «في حبِّ مصر واليمن».
كانت مدينة إبّ، بما فيها من حضورٍ كبير للّونِ الأخضرِ والأوديةِ والجبالِ والسهولِ والقرى المعلّقةِ والمنازلِ ذاتِ الطابعِ الزخرفيّ، حافزاً على هذه النشأةِ التي عزّزتْها تساؤلات الفنان محمد سبأ عن الكيفية والإبداع البشريِّ، الذي تخلّل هذا الحيّز الجماليَّ، وبالتأكيد، فقد انساب الفنان المُغرَم بالتفاصيل نحو التكوين البصريِّ المبكر وتحصيله من مشاهداتِه اليومية، تمهيداً لأن ترسم يدُه ما يراه من مناظر يمرُّ بها وتظلُّ حاضرةً في ذهنه، ولهذا فقد تهيّأ مبكراً لتكون دراسة الفنِّ هدفاً موضوعيّاً لما تأسس عليه من حبٍّ وشغف بالمشاهد والألوان والتكوينات البصرية.
الدراسة والموروثِ
درس الفنان محمد سبأ على أيدي معلّمين مصريين وعراقيين في كلية الفنون، وساقه هذا التخصّص أيضاً إلى دراسة ما حوله من موروثٍ ثقافيّ شعبيّ في اليمن، حيث تختلط الفنون بأوجه التعبير الشعبيّ في الأمثال والحكايات والأهازيج والقصص الشعبية، وتتنافذ على بعضِها بشكلٍ طبيعيّ وتلقائيّ، فوجد الفنان محمد سبأ في هذا الموروثِ غاية جمالية وأخرى ثقافية ومعرفية.
استطاع الفنان والباحث الدكتور محمد سبأ أن يُقدّم ما ينفع المهتمين في مجال الفنونِ التشكيليةِ اليمنية، من خلال كتابِ «فنونُ التشكيلِ الشعبيِّ في اليمنِ»، في مرحلة الماجستير، الذي اشتمل على فنون في العمارة الشعبية والمعادن والحُليِّ وخامات الطين والفخار والتطريز والأزياء.
المرأة كرمز
تضجّ أعمال الفنان محمد سبأ بالتراث والأزياء والمناظر الطبيعية، وفي ذكرياته يعود إلى قريتِه، حيث بيتُه المطلّ على الجبال الموحية بطبيعتها، معتقداً بأنّ المرأة رمزٌ للأرضِ، باعتبارها حاضنة ومربية وحاملة للتراث اليمنيِّ من خلال الأزياء والحُليِّ، مقارناً بين فترات قديمة في الستينيات والسبعينيات، كانت مظاهرُ التراثِ فيها واضحةً تماماً في لباس وزيِّ المرأةِ اليمنية. وعودة إلى لوحةِ «بلقيس ملكةِ سبأ» التي يعتبرها محمد سبأ نموذجاً على الحضور التاريخيّ لليمن، فقد أنجزها بالاستعانة بالمواقع الأثرية، وقراءة عهد النبيِّ سليمان عليه السلام، والمفردات التاريخية لكلّ تلك الحضارة العريقة.