أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

أوضح الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي، الدكتور "عادل بنحمزة" أن المغرب، شكّل  دائماً موضوعاً من بين مواضيع السجال السياسي والانتخابي بين الأحزاب الإسبانية في كل محطة انتخابية، مشيرا إلى أنّ الانتخابات التشريعية الأخيرة في إسبانيا، كانت أكثر المحطات التي حضر فيها المغرب بشكل قوي، إلى درجة غطّى، إعلامياً على الأقل، على القضايا الداخلية لإسبانيا وتلك التي تتعلّق بالحياة اليومية للإسبان.

 وفي هذا الصدد، قال "بنحمزة": "هذا الأمر جاء على خلفية التحوّل التاريخي في موقف إسبانيا من سيادة المغرب على الصحراء، والذي أخذ حيّزاً مهمّاً في المناظرة بين الغريمين، زعيم الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز وزعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونيز فيجوو".

كما شدد المحلل السياسي المغربي على أن نتائج الانتخابات كما تابع الجميع، كرّست الثنائية الحزبية العرجاء، حيث تابع موضحا: "استطاع الحزبان الكبيران تصدّر المشهد الانتخابي لكن من دون امتلاك أغلبية واضحة تغنيهما عن التحالف مع ما يوجد من متطرّفين على يمينهم ويسارهم". 

وتابع الباحث الأكاديمي قائلا: "يبدو أنّ بيدرو سانشيز هو الأقرب لتحقيق الأغلبية المطلوبة رغم التقدّم النسبي للحزب الشعبي على مستوى النتائج العامة، وهنا يبرز السؤال عن مستقبل العلاقات المغربية-الإسبانية في ضوء ما ستسفر عنه المشاورات بين الأحزاب بعد تسمية رئيس الحكومة من قِبل الملك".

وأضاف ذات المتحدث: "لا بدّ من التأكيد على أهمية العلاقات المغربية-الإسبانية، وهي علاقات تشمل مجالات تعاون مختلفة ومتعدّدة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية"، وتابع قائلا: "هذا الأمر يقع تحت ثقل التاريخ المشترك والجغرافيا التي جعلت كلاً من البلدين يمثّل قدراً بالنسبة للبلد الآخر، وبالتالي يمكن القول إنّ الفاعلين السياسيين أينما كانت مواقعهم، ليست أمامهم اختيارات كثيرة، فأهمّها هو التعاون على قاعدة الوضوح مع الأخذ في الاعتبار مصالح كل طرف".

وعلى ضوء ما جرى ذكره، يرى "بنحمزة" أن: "هذا الأمر كشفت أهميته السنوات الأخيرة، بخاصة عندما دخل البلدان شبه قطيعة على خلفية الموقف من الصحراء المغربية، بلغت درجة سحب السفيرة المغربية من مدريد وغلق المعابر التجارية، إضافة إلى وقف التعاون في القضايا المتصلة بالهجرة".

وأشار المتحدث ذاته إلى أن: "المغرب كان واضحاً، ليس فقط مع إسبانيا بل مع جميع أصدقائه وشركائه،"، وأضاف: "العاهل المغربي الملك محمد السادس، عبّر بوضوح عن أنّ المغرب ينظر بعين مغربية الصحراء لشراكاته وصداقاته مع باقي الدول، وبالتالي صار واضحاً في السياسة الخارجية للمملكة المغربية، أنّها لن تدخل في أي تعاون أو شراكة لا يقومان على وضوح الموقف من قضية الصحراء.

 في هذا الصدد ذكر "بنحمزة" بالأزمة التي شهدها المغرب في علاقته بألمانيا، بعد الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، وهو ما دفع العاصمة الألمانية برلين إلى مراجعة موقفها، وكذلك الأمر مع عدد من الدول، بخاصة الغربية التي تُعتبر حليفاً تقليدياً للمغرب، لكنها على مدى عقود حافظت على موقف رمادي من القضية المركزية للمغاربة، ويمكن إدراج العلاقات مع فرنسا ضمن هذا السياق، وفق تعبيره.

كما شدد المحلل السياسي ذاته على التحوّل التاريخي في موقف إسبانيا من سيادة المغرب على الصحراء، كان منطلقاً جديداً لشراكة واسعة بين البلدين، وكان له تأثير على المستوى الدولي، لأسباب، أولها أنّ إسبانيا تُعتبر المستعمر السابق للصحراء، وهي على دراية كاملة بشرعية السيادة المغربية، و تجمعها بالمغرب اتفاقية مدريد لسنة 1975 التي انسحبت بموجبها من الصحراء. وثانيها، أن إسبانيا توجد ضمن مجموعة أصدقاء الصحراء إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وهي مجموعة مؤثرة في صياغة قرارات مجلس الأمن. أما ثالثها، كون إسبانيا هي الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، وعبره تحقّق اختراقاً كبيراً في الأسواق الأفريقية، إضافة طبعاً إلى تعقيدات الروابط الثقافية بين البلدين، وفق تعبير المتحدث.

وارتباطا بالموضوع دائما، قال "بنحمزة": "المشكلة هي أنّ طيفاً واسعاً من النخب الإسبانية ما زالت تحمل عقدة من كل ما يتصل بالمغرب، بل لا تزال تعتبره العدو رقم واحد، وهي منزعجة من التحوّلات التي عرفها المغرب كبلد صاعد في المنطقة، وما أصبح يمثّله من منافسة لإسبانيا بل التفوّق عليها في مجالات مختلفة. لذلك، تابعنا كيف كان المغرب حاضراً في مختلف المحطات الانتخابية في الجارة الشمالية".

وتابع التحدث ذاته قائلا: "عرفت الانتخابات الإسبانية الأخيرة حدّة أكبر، لكن بصفة عامة يمكن القول إنّ النتائج ستكون في صالح المغرب إذا حافظ بيدرو سانشيز على إمكان تشكيل الحكومة، رغم التفوّق النسبي للحزب الشعبي بقيادة ألبرتو نونيز فيجوو"، قبل أن يؤكد قائلا: "أياً كان مسار تشكيل الحكومة الإسبانية المقبلة، سيكون من الصعب على أي رئيس حكومة جديد أن يُحدث تغييراً في الموقف الرئيسي المتعلّق بمغربية الصحراء، ذلك أنّه ليست هناك حكومة إسبانية تستطيع تحمّل القطيعة مع المغرب، لأنّ ذلك الموقف هو موقف دولة لا يمكن تغييره بين ليلة وضحاها".

وختم الباحث الأكاديمي المغربي حديثه بالقول: "قد ظهر الارتباك واضحاً على زعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونيز فيجوو كلما طُرح عليه سؤال عن الموقف من الصحراء المغربية"، مشيرا إلى أنه يكتفي في كل مرّة بجعل "وزر" الموقف على بيدرو سانشيز، حيث قال في هذا الصدد: "من الصعب توقّع ما سيحدث بداية الأسبوع المقبل بعد تنصيب البرلمان. والموقف المغربي من إسبانيا سيبقى مرهوناً بتثبيت سيادة المغرب على صحرائه، سواء في ظلّ حكومة يقودها اليسار أو حكومة أقلية يقودها الحزب الشعبي بتحالف مع اليمين المتطرّف، ذلك أنّ المغرب يملك أوراقاً كثيرة لمواجهة أي وضعية في المستقبل…".

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

من الصحراء إلى البحر.. مصر تفكك شبكة «تهريب الموت» عبر ليبيا نحو أوروبا

أعلنت السلطات المصرية عن تفكيك شبكة إجرامية منظمة تخصصت في تهريب الشباب إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية، في واحدة من أخطر المسارات غير الشرعية وأكثرها تهديدًا لحياة المهاجرين.

ووفقًا لتحقيقات الأجهزة الأمنية، فإن المدعو منصور.م، البالغ من العمر 53 عامًا ويعمل نقاشًا، يقف وراء تنظيم وإدارة هذه العصابة التي امتهنت تسهيل الهجرة غير الشرعية مقابل تحصيل مبالغ مالية كبيرة من الراغبين في السفر، رغم إدراكهم الكامل بالمخاطر المميتة التي تواجه المهاجرين خلال الرحلة.

وبحسب التحقيقات، العصابة كانت تعتمد على الدروب الصحراوية الممتدة بين مصر وليبيا كنقطة عبور أولى، ومنها إلى السواحل الليبية، قبل الشروع في رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر نحو أوروبا، في مسار لطالما صنّفته المنظمات الدولية على أنه من أكثر طرق الهجرة غير النظامية دموية.

وتأتي هذه العملية بعد أيام من إعلان السلطات الإيطالية تفكيك شبكة تهريب أخرى يتزعمها مصريون، ما يشير إلى تنامي ظاهرة الجماعات العابرة للحدود التي تستغل طموحات الشباب في حياة أفضل لتحقيق أرباح هائلة على حساب أرواحهم.

وأكدت السلطات المصرية استمرار ملاحقة هذه الشبكات، في إطار جهود أوسع لضبط الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية بالتنسيق مع دول الجوار والمنظمات الدولية المعنية.

يذكر أنه ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تحوّلت ليبيا إلى نقطة عبور مركزية في خارطة الهجرة غير النظامية، حيث يستغل المهربون حالة الفوضى الأمنية وانهيار مؤسسات الدولة لتنظيم شبكات عابرة للحدود تنقل المهاجرين من دول الجوار الإفريقي والعربي، وعلى رأسها مصر، باتجاه السواحل الليبية ثم إلى أوروبا.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، يُعدّ الطريق البري عبر الصحراء المصرية إلى الأراضي الليبية من أكثر المسارات دموية، إذ يتعرّض المهاجرون خلال رحلتهم لانتهاكات جسيمة تشمل الاستغلال، والاحتجاز القسري، والعمل القسري، والابتزاز، وأحيانًا القتل أو الفقدان في الصحراء أو البحر.

وتقوم هذه الشبكات بتهريب المهاجرين إلى مدن الساحل الليبي مثل زوارة وصبراتة، ومنها يُزج بالمئات داخل قوارب متهالكة عبر البحر المتوسط، غالبًا دون أي تجهيزات أمان، ما يؤدي إلى غرق الآلاف سنويًا.

ورغم الحملات الأمنية المكثفة وتزايد التنسيق الدولي والإقليمي للحد من هذه الظاهرة، لا تزال ليبيا تشكل نقطة انطلاق رئيسية نحو أوروبا، حيث تُسجّل منظمة الهجرة الدولية مئات الوفيات شهريًا في “الطريق الأوسط” للهجرة، وهو المصطلح الذي يُطلق على المسار البحري من ليبيا إلى إيطاليا ومالطا.

ووفقًا لتقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن أكثر من 70% من المهاجرين الذين يعبرون هذا الطريق يتعرضون لانتهاكات جسيمة خلال رحلتهم، في حين تُعد مصر واحدة من الدول التي تنطلق منها رحلات التهريب عبر الحدود البرية، خصوصًا عبر منطقة “السلوم” وصولًا إلى “الكفرة” الليبية، وهي من أخطر البؤر التي تنشط فيها عصابات تهريب البشر.

وبالتزامن مع تفكيك شبكات تهريب في مصر وإيطاليا خلال الأسابيع الأخيرة، يبرز حجم التشابك بين هذه الجماعات، ما يؤكد أن الظاهرة لا تقتصر على مبادرات فردية، بل تمثل أنشطة منظمة ومربحة لعصابات دولية تستغل هشاشة الحدود وغياب الرقابة في بعض المناطق.

مقالات مشابهة

  • وزيرة الطاقة : نقل الكهرباء من الصحراء المغربية إلى أوربا سيكون بأقل كلفة
  • دوري الأمم.. الصحف الإسبانية تتجاهل الخسارة والبرتغالية تتفاخر باللقب
  • الخارجية الإسبانية تستدعي القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد
  • مصور درون يكشف عن مشهد مهيب في قلب صحراء لوط بإيران
  • المغرب يتصدر طلب الأغنام الأوروبية للتربية.. والجزائر ترفع مشترياتها من إسبانيا
  • قفزة قياسية في صادرات الخضر والفواكه المغربية إلى إسبانيا
  • الملك يعزز العلاقات الدولية بزياراته الأخيرة(فيديو)
  • من الصحراء إلى البحر.. مصر تفكك شبكة «تهريب الموت» عبر ليبيا نحو أوروبا
  • التشجيع الحضاري للجماهير المغربية تخطف الأضواء في مباراة المغرب ضد تونس
  • المالية: دعم القطاع الخاص لمساعدته في قيادة النشاط الاقتصادي.. نواب: خطوة جادة للحفاظ على مؤشرات الاقتصاد.. وتطوير البيئة التشريعية ضروري