الآكلون بألسنتهم وأقلامهم على موائد الصهاينة!
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
الأحداث الكبرى التي تعيشها الأمة ـ رغم قسوتها، وشدتها، والآثار المادية التي تنتج عنها ـ إلا أنها كاشفة كذلك عمن يعيش وفي خاطره وقلبه قضايا أمته، ومن يعيش، وجسده عربي أو مسلم، لكن العقل والقلب مع العدو، سواء كان العدو غربيا، أم صهيونيا، ولو لم تأت الأحداث لانطلى على كثير من الناس، ما كان يطنطن به هؤلاء من حديثهم حول قضايا تتعلق بالعروبة والإسلام، أو بالإنسان وحقوقه.
كثيرا ما يتساءل الناس: لماذا تبدو هذه الظاهرة في لحظات ضعف العالم الإسلامي، وتبدو بشكل فج، في وقت تكون فيه الأمة أحوج ما تكون لكل صوت يدعم قضيتها، فإذ بهم يطعنون المقاومين للعدوان، والرافضين للظلم والظلمة، فنجدهم مع العدو والظلم، وضد الحق وأمتهم، وإن بدوا أمام الناس أنهم منا، يتحدثون بألسنتنا، وألوانهم كألواننا؟!
أليس ما نراه على بعض قنوات، وبرامج، وبعض مقدمي برامج، وبعض كتاب مقالات، وأصحاب أقلام عرب ومسلمون، هو ما تعبر عنه هذه الأحاديث، وتحذر منه، من قوم يأكلون بألسنتهم وأقلامهم على موائد الصهاينة، وعلى موائد المحتل، أو وكلائه في بلداننا، وهو ما نراه من قصف مستمر على كل مقاوم والحقيقة أن هذه الظاهرة حين نراها، فهي تزيدنا إيمانا بقرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد أخبرنا الوحي بهذه الظاهرة، وأنها ستوجد في الحياة، وهؤلاء الأشخاص الذين يأكلون بألسنتهم وأقلامهم على موائد العدو الداخلي والخارجي، هم مصداق لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والذي ذكرت بعض أحاديثه الشريفة أوصاف هؤلاء، ونعتهم، وتفاصيل دقيقة لأفعالهم ومنهاجهم، بل شبهتهم تشبيهات غاية في البلاغة والوصف.
ورد في تشبيه الذين يأكلون بألسنتهم وأقلامهم بالباطل على مائدة العدو والظالم، في حديثين مهمين، أما الأول: فقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم؛ كما تأكل البقر بألسنتها"؛ ويقول العلماء عن سر هذا التشبيه بالبقر في طريقة أكلها: كما أن البقر تأكل الحشيش من كل نوع ولا تميز بين النافع والضار، فكذلك هؤلاء لا يبالون بما يقولون من كلامهم.
وقيل: إن البقرة كما لا تهتدي إلى الكلأ، ولا تتمكن من الاحتشاش إلا بلسانها، فكذلك هؤلاء لا يهتدون إلى المآكل إلا بذلك، لا يميزون بين الحق والباطل، وبين الحلال والحرام، سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت، فوقع ضربُ المثل بالبقر عن هذين المعنيين.
وقد ورد الحديث برواية أخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال، الذي يتخلل بلسانه، كما تخلل الباقرة بلسانها"، وقال شراح الحديث في معناه أيضا: إن الله تعالى يبغض البليغ، أي: الفصيح، وهو المبالغ في الكلام. وقوله: "الذي يتخلَّل بلسانه"، أي: يأكل بلسانه؛ يعني يدير اللسان حول الأسنان في التكلم تفاصحا، أي يتشدق في الكلام، ويفخم لسانه، ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها، والمراد: يدير لسانه حول أسنانه مبالغة في إظهار بلاغته، ثم يستخدم هذه اللون من التفاصح لنصرة الباطل، أو لتزيينه، وإخفاء الحق عن الناس.
لم يعد غريبا أن تطلق الجماهير العربية الفطنة على إحدى القنوات وصف العبرية، وعلى كتاب وإعلاميين أوصافا تحول أسماءهم من اسم عربي لعبري، لأنهم وصفوه بما ينضح به قلبه، وينطق به لسانه، ولو حاول أن يلحن في القول، أو يدعي الحياد والمهنية، لأن المواقف باتت كاشفة وفاضحة. أما الحديث الآخر، فهو أشد حكما، وأبلغ وصفا، لما نعيشه الآن من أقلام وأصوات، ظاهرهم أنهم منا، قومية ووطنا ولغة، لكن حقيقة الأمر أنهم على غير ذلك، بل هم سهم في كنانة العدو ضد أمتهم وقضاياها، فقد كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يسأل عن الشر مخافة أن يقع فيه، وحتى يتجنبه إذا بدا له، فظل يسأل هل بعد هذه المرحلة النبوية بخيرها من حال آخر، فأخبر بنعم، ثم سأل عن الفتن المختلفة التي تأتي، فأخبره صلى الله عليه سولم عن شريحة من الناس ستأتي أيضا، تكون من دعاة الشر، سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها" فقال حذيفة: قلت: صفهم لي يا رسول الله؟ قال: "هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا".
فهم ليسوا دعاة لحق، ولا مناصرين له، بل يدعون إلى أبواب جهنم، أي: كل أبواب الشر والفتن، وكل أبواب الخيانة والعمالة الظاهرة والخفية، يزينونها للناس، تارة بالهجوم على أهل الخير، أو دعاته، وتارة بالدفاع عن العدو، ومما يزين ما يفعلون، أنهم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، فهم ليسوا غرباء عنا، لا غرباء البدن، ولا غرباء اللسان. فهم من أنفسننا وقومنا، فهم في الظاهر مثلنا ومعنا، وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم وشؤونهم.
فقد قال العلماء كذلك في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "من جلدتنا"، أي: من أنفسنا وعشيرتنا، وقيل: معناه من أهل ملتنا. ويتكلمون بما قال الله تعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي بالمواعظ والحكم. وما في قلوبهم شيء من الخير، يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. وأراد أنهم في الظاهر مثلنا؛ معنا، وهم في باطن الأمور هم مخالفون لنا، وجلدة الشيء ظاهره، وإنما أراد به القرب، فظن السمرة غالبة عليهم، واللون إنما يظهر في الجلد.
وقد كان الشيخ الغزالي رحمه الله يصف هؤلاء بوصف دقيق، ويطلق عليهم هذا العنوان المعبر: (الإنجليز السُّمْر)، فقد كان المحتل الإنجليزي مختلف البشرة عن أهل بلادنا، لكنه قبل أن يرحل عن بلادنا ترك وكلاء وعملاء له، تختلف بشرتهم عن بشرته، لكن المنهج والهدف والغاية متفقة ومتماهية تماما معه، فهم استعماريو الهوى، سمر البشرة، كي يكون كلامهم مقنعا للبسطاء من أبناء الأمة، فلا بد من قرب البشرة واللسان من الناس، حتى يمرر ما يقولون.
أليس ما نراه على بعض قنوات، وبرامج، وبعض مقدمي برامج، وبعض كتاب مقالات، وأصحاب أقلام عرب ومسلمون، هو ما تعبر عنه هذه الأحاديث، وتحذر منه، من قوم يأكلون بألسنتهم وأقلامهم على موائد الصهاينة، وعلى موائد المحتل، أو وكلائه في بلداننا، وهو ما نراه من قصف مستمر على كل مقاوم، ولذا لم يعد غريبا أن تطلق الجماهير العربية الفطنة على إحدى القنوات وصف العبرية، وعلى كتاب وإعلاميين أوصافا تحول أسماءهم من اسم عربي لعبري، لأنهم وصفوه بما ينضح به قلبه، وينطق به لسانه، ولو حاول أن يلحن في القول، أو يدعي الحياد والمهنية، لأن المواقف باتت كاشفة وفاضحة.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه عربي احتلال علاقات عرب رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صلى الله علیه وسلم ما نراه
إقرأ أيضاً:
هل يجوز الخروج من المنزل على جنابة؟.. الإفتاء تجيب
أكدت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أنه لا حرج شرعًا في خروج المسلم من بيته وهو على جنابة عند الحاجة، موضحة أن الأفضل والأكمل أن يكون المؤمن دائمًا على طهارة.
واستدلت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، بحديث نبوي شريف، روي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، قال فيه: "لقيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في أحد الطرق، فانصرفت عنه"، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم بلطف: "أين كنت يا أبا هر؟"، فأجابه: "كنت جنبًا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس".
وأوضحت أمينة الفتوى في دار الإفتاء، أن الحديث فيه دلالة واضحة على جواز خروج الجُنب من منزله وقضاء حوائجه والاختلاط بالناس، طالما لم يكن ذلك إلى موضع صلاة أو أداء عبادة تحتاج إلى الطهارة.
حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صيام النفل.. الإفتاء تجيب
هل يجوز صيام شهر المحرم بالكامل؟.. الإفتاء تجيب
أخاف من الموت فكيف آخذ حذري منه؟ الإفتاء تجيب
العمل والسعي لطلب الرزق.. الإفتاء توضح مفهوم العبادة في الإسلام
هل تجوز الإنابة في صلاة الاستخارة؟ وما كيفيتها؟ .. الإفتاء توضح
هل يجوز قضاء صلاة العشاء الفائتة في الصباح .. دار الإفتاء توضح
وأضافت أمينة الفتوى في دار الإفتاء، أن الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن "الجنب ليس نجسًا في ذاته، وإنما عليه أن يغتسل متى أراد أداء العبادات التي يشترط لها الطهارة، كالصلاة أو الطواف أو مس المصحف"، مشيرة إلى أن الصحابة والتابعين فهموا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمر فيه توسعة ورحمة.
وتابعت أمينة الفتوى في دار الإفتاء "الإنسان إذا اضطُر للخروج من بيته على جنابة بسبب ظرف طارئ أو أمر مهم، فلا إثم عليه، لكن الأكمل والأفضل أن يبادر إلى الاغتسال كلما تيسر له، لأن الطهارة من سمات المؤمن، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحب أن يكون على طهارة في جميع أحواله".
حكم الخروج من المنزل قبل الاغتسال من الجنابةوكان رد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول ما حكم الخروج من البيت على حال الجنابة؟ وهل هذا يجوز أو أنه لا بد من الاغتسال قبل الخروج؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الجنابة لغة: البُعد؛ ضد القُرب، وجنَّب الشيء، وتَجانبه، واجتنبه أي: بعد عنه، يُقال: أجنب الرجل؛ أي: أصابته الجنابة، وإنما قيل له: جُنُب؛ لأنه نُهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر، فتجنَّبها وأجنَب عنها، أي: تَنحَّى عنها، وشرعًا: أمر معنوي يقوم بالبدن يمنع صحة الصلاة حيث لا مُرَخِّص.
وتابعت: فإذا ما حصلت الجنابة فينبغي المسارعة إلى الطهارة منها ما استطاع الجنب إلى ذلك سبيلًا، ويجوز له الخروج لقضاء حوائجه والتصرف في بعض شئونه، وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على أن الجنب ليس بنجس.
فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَهوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟» فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».
وأشارت إلى أن غسل الجنابة يجب على التراخي لا على الفور، وإنما استحب بعض الفقهاء عدم تأخيره؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس بكثرة الوساوس ونحوها؛ قال العلامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" (166، ط. دار الحديث، القاهرة): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس، ويمكن الخوف من النفس، ويقلل البركة من الحركات، ويقال: إن الأكل على الجنابة يورث الفقر] اهـ.
وأوضحت أنه لا يجب غسل الجنابة على الفور، إلا لإدراك وقت الصلاة؛ قال العلامة الشبراملسي الأقهري في "حاشيته على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/ 209، 210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور؛ لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.
وتابعت: فلا يأثم الجنب بتأخيره الغسل في غير وقت الصلاة، وإنما يأثم بتأخيره للصلاة عن وقتها؛ قال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (1/ 152، ط. مكتبة القاهرة): [وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة، والطواف، وإباحة قراءة القرآن، واللبث في المسجد، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه، ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة، لم يأثم] اهـ.
وبناءً على ذلك: فلا حرج من خروج الجنب من بيته وهو على حالة الجنابة، ولا إثم عليه في ذلك، وإن كانت المسارعة إلى الطهارة أولى؛ لأن غسل الجنابة لا يجب على الفور، ولا يكون الجنب آثمًا بتأخيره لغسل الجنابة، ما لم يؤدِّ ذلك إلى تأخير الصلاة عن وقتها.