سودانايل:
2025-07-31@14:57:15 GMT

فاوضني بلا طمع

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

لامخرجَ من محنتنا الكارثية إلا عبر التصالحِ والتسامح. الشعبُ المكلوم المثقلُ بالحزن فوق الاحتمال يجأر بالإلحاح لتخرجوا من ذواتكم الضيقة المشبعةِ بالجشع والأنانية .التصالحُ فعلُ العقل والحكمة ،شيمةُ الرجولة والنخوة، ميسمُ الشجاعة والثقة.التسامح نداء الوطن لكل من يدّعي الفداءَ في سبيل وحدة التراب والتضحية لصالح الشعب.

التصالح والتسامح مهمةُ الساسة والعسكر بغية بناء سودان جديد حافلٍ بالسلام والاستقرار ، الخير والازدهار ، الحريةو العدالة . لنجعل نهاية هذه الحرب بداية خروج الشعب من كل نكساته . لنجعل التسامحَ والتصالح مفتتحَ التجرد من تاريخنا الملتبس بانتماءاتنا العصبية إلى جغرافية الوطن الشاسع. من الممكن دوما القفز على الماضي لكن لا مهربَ البتة من المستقبل .فالخيرُ لنا صناعتُة بأيدينا بدلاً عن الاستسلام لغدٍ من صناعة غيرنا أو القبولُ بعيش الأمر الواقع مرغمين.فمن (دون التسامح لن يكون هناك مستقبل ) وفقا لنصيحة ديزمونت توتوالأسقف الأفريقي الحائز على نوبل للسلام
*****

آن الأوان لنتعلم كيف نتبادل التنازلات بدلاً عن الحماقات من أجل وقف النزيف ، مدواة الجراحات ورتق الفتوق. التسامح أو التصالح لايعني حتماً إعادةَ إنتاج أي نظامٍ ألحق الأذى بأي فئة من بنات و أبناء الشعب. بل المستهدف بناءُ نظامٍ يؤمّن النجاةَ من كل خطايا و أخطاء المنظومات السابقة . علينا الانطلاقُ من قناعات صادرةٍ عن استيعاب عميق للماضي . فكل ثورةٍ توهمنا إنجازَها أضحت في مهدها ثورةً مضادة. وكل فعلٍ ثوري أمسى جرعةً لتسكين الأعراض من غير اجتثاث الأمراض . لعلنا أفقنا كذلك على أن مصدرَ البلايا فسادُ أفكار النافذين و أدواتهم. ثمة أكثرَ من خيار غير عمليات الثأر والانتقام لمعالجة المتأذين ولرد الإعتبار للمتضررين واسترداد الحقوق ومعاقبة ممارسي العقوق .فالتصالح يعني إخماد جمر السخط والغضب وتجفيف بؤر الحقد والضغائن. فكما تساءل المعلم المهاتما غاندي (إذا قابلت الإساءة بإساءة فمتى تنتهي الإساءة؟).
*****

القدرة على التسامح والتصالح لا يصدران عن فكر أو موقف ضعيفٍ أو مهزوم. بل هما عطاءُ عقليةٍ قوية ثرية تُعلي الوحدةَ على الفرقة والتصامنَ فوق الصراعات. التسامح هو ملاطُ تماسك المجتمعات متعددة الأعراق والثقافات. هو أحدى ركائز العدالة. لاشيء يسع الجميع مثل الحرية ، الحوار المنطقي والتسامح . فالحوار يعني تبني المحاججة بالمنطق محل المقارعة بالسلاح . هو مصدرٌ طاقةٍ يبث القدرة على الاحترام المتبادل . (فمن لا يتسلح بالتسامح يدمر جسرا يجب عليه هو نفسه عبوره )حسب رؤية القصاص الانجليزي هربرت جورج ويلز. أما( اذا أردت الإنتقام فاحفر قبرين أحدهما لنفسك) وفق وصية القس الأميركي دوغ هورتون.
*****

أي قارئ حصيف للتاريخ يدرك أن الحروب تفكك اشتباكاتها على طاولات التفاوض. لذلك تحرص الأطراف المتقاتلة على ولوج القاعات وفي رصيدها ما يعزز ثقلها على الطاولة. الموقف الراهن على جبهات القتال يكشف انهاك الطرفين على نحوٍ يُطيل أمدَ الكارثة دون اقتراب أحدهما من اليقين بنصر حاسم وشيك. جولات الكر والفر لا تحسم الحرب .لذلك من الأفضل لهولاء الحمقى ألايأتي أحدُهما عارٍ من أثقال القوة مكسور الجناح غير قادرٍ على المواجهة أو مقاومة الضغوط المصاحبة لعملية التفاوض عادةً. في الوقت نفسه لا ينبغي ذهابه إلى الطاولة متسلحاً بتصلُّب من يرى في تقديم التنازلات هزيمةً.فمن يبادر إلى تجسير المسافة على الطاولة كالعود عند ابي العتاهية في نظر الشعب (يزيده الإحراق طيبا).فالتنازلاتُ المستهدفُ بها شعباً مبعثراً في فضاء الأحزان غير المبرر ة ينظر إليها سبلَ انجازاتٍ وطنية.
*****

بهذا الفهم للتسامح وتبادل التنازلات يسترد الشعب بأسره فرص التعايش السلمي. فالتعايش في معناه المبسط هو وعي فسيفساء الشعب بالتساكن وممارسةالحياة المشتركة بما يترتب عليها من حقوق وواجبات مبرّأةٍ من العصبية ،العدوان أو الظلم. لنا في جنوب أفريقيا مثلٌ فاتنٌ على الانتقال السلس من التناحر ألى التجانس. الهند أنموذج ٌ باهرٌ على تعزيز التساكن بين الطوائف المتباينة.سنغافورة كما ماليزيا أنموذج جاذبٌ لكيفية ادارة التعدد المجتمعي.لسنا أقل قَدْرٍ أو قُدرات على نسج ابداع فريد للتعايش على منوال السلم الاجتماعي . فقط نحتاج لنبذ الأنانية الذاتية و كسر أطواق العصبيات الصدئة وإلقاء أدوات العنف. كما نحتاج إلى شجاعة أصحاب الحكمة والقلوب غير الواجفة.
*****

لعل الورقة الرابحة على طاولة التازلات تتمثل في خروج المقاتلين من البيوت. من هنا نبدأ المشوار .هذا تنازل غير مُكْلفٍ لقيادات الدعم السريع مثلما هو مصدرُ ارتياح للشعب قبل العسكر. هذا الخروج مشروط بتنازل مسبّق في المقابل هو تأمينَ طرق خالية من كافة أشكال الموانع بما في ذلك التهديد إلى مقار تجمعات منتقاة .هذه الخطوة الأولى من شأنها إعادة بناء جسور الثقة المدمَّرة بين كافة قطاعات المجتمع.هي كذلك خطوة تبث الأمل في صدور كل القيادات بالقدرة على العبور من الدمار إلى العمار. من شأن هذه الخطوة كذلك فتح الأفق بغية تحقيق اختراقات على جبهات أخرى لجهة تشكيل سلطة تجسد نواة الدولة. هذه خطوة حاسمة تشكل العتبة الثانية على درج بناء مجتمع يسوده الوئام والتعاون وفق شرط العقل والعدل.على قدر عدم ربط تبادل التنازلات بفرضية البقاء في السلطة أو مقاسمتها يكون النجاح لصالح الشعب ،الدولة والسلام.
*****

من هنا فقط نبدأ مهام استرداد السلِم الوطني . مَن قال إن الحروب تُحسم فقط على جبهات الإقتتال .؟ فطاولات التفاوض هي دوماً مسارح العمليات الحربية الأخيرة . و معارك صناعة السلام لا تقل عن الحرب بأساً وشراسة .بالطبع هذه طريق شاقة ، وعرة وطويلة. والأجندة في شأنها عديدة وشائكة لكنها الخيار الوحيد الناجع من أجل إعادة بناء سودان واحد موحد يستند إلى الاستقرار ويستهدف التساكن ، التعايش وصولا إلى التخالط و الإنصهار والازدهار.تلك مرحلة قبول التنوع في أشكاله المتعددة بغية تكريس السلام .ربما يستوجب الفهم العميق لمفهوم التعايش السلمي إنشاء وزارة تُرسّخ هذا المفهوم السياسي على الصعيد الاجتماعي .
*****

تبادل التنازلات خطوة تستأهل التهليل للمتحاورين لكنها لا تؤمّن قبول الشعب بقاء المتنازلين في السلطة ضربة لازب. فثمة قناعة غالبة بأن هذه حربٌ بين شر و شر آخر. لعل تبادل القناعة بالمغادرة يمثّل أفضل التنازلات.فلتُقْبِل الأطراف على طاولة السلام مستلهمةً الأغنية الشعبية(فاوضني بلا زعل) وتزيد علي كلماتها ( فاوضني بلا طمع)!

*****

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عون: لبنان حريص على بناء علاقات ممتازة مع سوريا

بيروت-سانا

أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون حرص بلاده على بناء علاقات ممتازة مع سوريا، بما يضمن مصلحة كلا البلدين.

وقال الرئيس عون في كلمة بمناسبة عيد الجيش اللبناني: “لبنان حريص على بناء علاقات ممتازة مع الجارة سوريا، لمصلحة كلا البلدين. فازدهار واحدنا من ازدهار الآخر، تماماً كما كلّ ألمٍ مشترك بيننا” مضيفاً: “لبنان لا يمكنه إلا أن يتعامل مع سوريا بوصفها الشريك الطبيعي والجغرافي، والحاضنة لكل حل حقيقي في المنطقة”.

وأضاف عون: “إن المرحلة تقتضي مراجعة حقيقية للعلاقات بين بلدينا، ترتكز على احترام السيادة وحسن الجوار، وعلى إعادة فتح الملفات العالقة بحكمة ومسؤولية، كما أن المرحلة المقبلة تتطلب خطوات عملية لتفعيل التنسيق الأمني والاقتصادي بين بيروت ودمشق، بما في ذلك التعاون في ملف إعادة الإعمار ومكافحة المخدرات وتسهيل التبادل التجاري والزراعي”.

من جهة أخرى، جدد الرئيس عون تأكيده على أهمية حصرية السلاح بيدِ الجيش اللبناني والقوى الأمنية دون سواها، على جميع الأراضي اللبنانية؛ لأن سيادة لبنان لا تُحمى إلا من خلال مؤسسات الدولة الشرعية وفي مقدمتها الجيش الذي هو الجهة الوحيدة التي يجب أن تتولى الدفاع عن الحدود من أي عدوان، سواء من العدو الإسرائيلي أو من التنظيمات الإرهابية.

وشدد الرئيس عون على أن بناء الدولة الحديثة في لبنان يبدأ بإعادة الاعتبار لمؤسساتها، وبتمكين الجيش من القيام بدوره الوطني في إطار سيادة الدولة، وإعادة لبنان الى محيطه العربي والمجتمع الدولي، وقال: “نريد أن نستقوي بوحدتنا الداخلية وبعلاقاتنا الأخوية مع سوريا، لا بسلاح خارج الدولة ولا بولاءات عابرة للحدود”.

وأشار الرئيس اللبناني إلى أن إسرائيل انتهكت السيادة اللبنانية آلاف المرات، وقتلت مئات المواطنين، منذ إعلان وقفِ إطلاق النار في تشرين الثاني 2024 وحتى هذه الساعة. ومنعت الأهالي من العودةِ الى أراضيهم، ومن إعادةِ إعمارِ منازلِهم وقراهم، ورفضت إطلاقَ الأسرى والانسحابَ من الأراضي التي احتلّتها.

وبين الرئيس عون أن المفاوضاتِ التي باشرها لبنان مع الجانبِ الأميركي تهدف إلى احترام تنفيذ إعلان وقف النار، موضحاً أن أهم النقاط التي طالب بها الجانب اللبناني هي الوقف الفوري للأعمال العدائية الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خلف الحدود المعترف بها دولياً وإطلاق سراح الأسرى، إضافة إلى بسط سلطة الدولة اللبنانية على كل أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة ومن ضمنها حزب الله، وتسليمه إلى الجيش اللبناني وتأمين مبلغ مليار دولار أميركي سنوياً ولفترة عشر سنوات، من الدول الصديقة، لدعم الجيشِ اللبناني والقوى الأمنية، وتعزيز قدراتهما.

ولفت الرئيس اللبناني إلى أنه من الأمور التي تم التركيز عليها أيضا تحديد وترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية مع سوريا، بمساعدة كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والفرق المختصة في الأمم المتحدة، وحل مسألة اللاجئين وأمور أخرى.

الرئيس اللبناني جوزاف عون سوريا لبنان 2025-07-31alineسابق فريق عمرها ينفذ مبادرة تطوعية للتخفيف عن طلاب الشهادية الثانوية انظر ايضاً رئيس الوزراء العراقي يؤكد حرص بلاده على وحدة سوريا

بغداد-سانا أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني حرص بلاده على وحدة سوريا

آخر الأخبار 2025-07-31عون: لبنان حريص على بناء علاقات ممتازة مع سوريا 2025-07-31استقرار أسعار الذهب في السوق السورية 2025-07-31تجارة عمّان: 92.4 مليون دينار حجم التبادل التجاري مع سوريا خلال 4 أشهر 2025-07-31غوتيريش: الاتجار بالبشر جريمة نكراء يجب أن تتوقف فوراً 2025-07-31انطلاق الامتحان الوطني الطبي في جامعة حماة بمشاركة 112 طالباً 2025-07-31وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة يصل إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية، ويلتقي نظيره الروسي أندريه بيلوسوف لبحث العديد من القضايا المشتركة 2025-07-31ندوة تكريميّة في حمص للأب باولو دالوليو بعد 12 عاماً على اختفائه 2025-07-31افتتاح مديرية الشركات بدمشق بعد إعادة تأهيلها وتطوير خدماتها 2025-07-31المؤسسة العامة للكهرباء في سوريا: وصول الغاز من أذربيجان يزيد مدة التغذية اليومية إلى 10 ساعات 2025-07-31وزير السياحة يبحث تطوير مواقع درعا الأثرية ويزور أبرز المعالم

صور من سورية منوعات إطلاق قمر صناعي أميركي – هندي لمراقبة الأرض 2025-07-30 دب يتسبب بإغلاق مطار باليابان وإلغاء رحلات جوية 2025-07-30
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • كوفنتري سيتي يدرس بناء ملعب جديد
  • وزيرة التنمية المحلية ومحافظ مطروح يتفقدان توسعة مدخل الحمام
  • عون: لبنان حريص على بناء علاقات ممتازة مع سوريا
  • الطيور تمتلك ثقافة وتراثا تتناقله الأجيال
  • سفير فلسطين لدى المملكة: الاتفاقيات الموقعة بين السعودية وبلادنا رسالة واضحة للعالم
  • الأهلي فاوضني ورفضت.. طبيب الزمالك السابق يكشف مفاجأة
  • نهيان بن مبارك: رئيس الدولة حريص على تمكين أبناء وبنات الوطن
  • معرض فني يعزز التضامن والتسامح ضمن مؤتمر الأخوة الإنسانية بجاكرتا
  • مصرع عامل بناء وإصابة آخر بانهيار سياج شرقي بعقوبة
  • السلام والتعايش في سوريا سبيل الاستقرار