سودانايل:
2025-12-13@04:29:24 GMT

فاوضني بلا طمع

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

لامخرجَ من محنتنا الكارثية إلا عبر التصالحِ والتسامح. الشعبُ المكلوم المثقلُ بالحزن فوق الاحتمال يجأر بالإلحاح لتخرجوا من ذواتكم الضيقة المشبعةِ بالجشع والأنانية .التصالحُ فعلُ العقل والحكمة ،شيمةُ الرجولة والنخوة، ميسمُ الشجاعة والثقة.التسامح نداء الوطن لكل من يدّعي الفداءَ في سبيل وحدة التراب والتضحية لصالح الشعب.

التصالح والتسامح مهمةُ الساسة والعسكر بغية بناء سودان جديد حافلٍ بالسلام والاستقرار ، الخير والازدهار ، الحريةو العدالة . لنجعل نهاية هذه الحرب بداية خروج الشعب من كل نكساته . لنجعل التسامحَ والتصالح مفتتحَ التجرد من تاريخنا الملتبس بانتماءاتنا العصبية إلى جغرافية الوطن الشاسع. من الممكن دوما القفز على الماضي لكن لا مهربَ البتة من المستقبل .فالخيرُ لنا صناعتُة بأيدينا بدلاً عن الاستسلام لغدٍ من صناعة غيرنا أو القبولُ بعيش الأمر الواقع مرغمين.فمن (دون التسامح لن يكون هناك مستقبل ) وفقا لنصيحة ديزمونت توتوالأسقف الأفريقي الحائز على نوبل للسلام
*****

آن الأوان لنتعلم كيف نتبادل التنازلات بدلاً عن الحماقات من أجل وقف النزيف ، مدواة الجراحات ورتق الفتوق. التسامح أو التصالح لايعني حتماً إعادةَ إنتاج أي نظامٍ ألحق الأذى بأي فئة من بنات و أبناء الشعب. بل المستهدف بناءُ نظامٍ يؤمّن النجاةَ من كل خطايا و أخطاء المنظومات السابقة . علينا الانطلاقُ من قناعات صادرةٍ عن استيعاب عميق للماضي . فكل ثورةٍ توهمنا إنجازَها أضحت في مهدها ثورةً مضادة. وكل فعلٍ ثوري أمسى جرعةً لتسكين الأعراض من غير اجتثاث الأمراض . لعلنا أفقنا كذلك على أن مصدرَ البلايا فسادُ أفكار النافذين و أدواتهم. ثمة أكثرَ من خيار غير عمليات الثأر والانتقام لمعالجة المتأذين ولرد الإعتبار للمتضررين واسترداد الحقوق ومعاقبة ممارسي العقوق .فالتصالح يعني إخماد جمر السخط والغضب وتجفيف بؤر الحقد والضغائن. فكما تساءل المعلم المهاتما غاندي (إذا قابلت الإساءة بإساءة فمتى تنتهي الإساءة؟).
*****

القدرة على التسامح والتصالح لا يصدران عن فكر أو موقف ضعيفٍ أو مهزوم. بل هما عطاءُ عقليةٍ قوية ثرية تُعلي الوحدةَ على الفرقة والتصامنَ فوق الصراعات. التسامح هو ملاطُ تماسك المجتمعات متعددة الأعراق والثقافات. هو أحدى ركائز العدالة. لاشيء يسع الجميع مثل الحرية ، الحوار المنطقي والتسامح . فالحوار يعني تبني المحاججة بالمنطق محل المقارعة بالسلاح . هو مصدرٌ طاقةٍ يبث القدرة على الاحترام المتبادل . (فمن لا يتسلح بالتسامح يدمر جسرا يجب عليه هو نفسه عبوره )حسب رؤية القصاص الانجليزي هربرت جورج ويلز. أما( اذا أردت الإنتقام فاحفر قبرين أحدهما لنفسك) وفق وصية القس الأميركي دوغ هورتون.
*****

أي قارئ حصيف للتاريخ يدرك أن الحروب تفكك اشتباكاتها على طاولات التفاوض. لذلك تحرص الأطراف المتقاتلة على ولوج القاعات وفي رصيدها ما يعزز ثقلها على الطاولة. الموقف الراهن على جبهات القتال يكشف انهاك الطرفين على نحوٍ يُطيل أمدَ الكارثة دون اقتراب أحدهما من اليقين بنصر حاسم وشيك. جولات الكر والفر لا تحسم الحرب .لذلك من الأفضل لهولاء الحمقى ألايأتي أحدُهما عارٍ من أثقال القوة مكسور الجناح غير قادرٍ على المواجهة أو مقاومة الضغوط المصاحبة لعملية التفاوض عادةً. في الوقت نفسه لا ينبغي ذهابه إلى الطاولة متسلحاً بتصلُّب من يرى في تقديم التنازلات هزيمةً.فمن يبادر إلى تجسير المسافة على الطاولة كالعود عند ابي العتاهية في نظر الشعب (يزيده الإحراق طيبا).فالتنازلاتُ المستهدفُ بها شعباً مبعثراً في فضاء الأحزان غير المبرر ة ينظر إليها سبلَ انجازاتٍ وطنية.
*****

بهذا الفهم للتسامح وتبادل التنازلات يسترد الشعب بأسره فرص التعايش السلمي. فالتعايش في معناه المبسط هو وعي فسيفساء الشعب بالتساكن وممارسةالحياة المشتركة بما يترتب عليها من حقوق وواجبات مبرّأةٍ من العصبية ،العدوان أو الظلم. لنا في جنوب أفريقيا مثلٌ فاتنٌ على الانتقال السلس من التناحر ألى التجانس. الهند أنموذج ٌ باهرٌ على تعزيز التساكن بين الطوائف المتباينة.سنغافورة كما ماليزيا أنموذج جاذبٌ لكيفية ادارة التعدد المجتمعي.لسنا أقل قَدْرٍ أو قُدرات على نسج ابداع فريد للتعايش على منوال السلم الاجتماعي . فقط نحتاج لنبذ الأنانية الذاتية و كسر أطواق العصبيات الصدئة وإلقاء أدوات العنف. كما نحتاج إلى شجاعة أصحاب الحكمة والقلوب غير الواجفة.
*****

لعل الورقة الرابحة على طاولة التازلات تتمثل في خروج المقاتلين من البيوت. من هنا نبدأ المشوار .هذا تنازل غير مُكْلفٍ لقيادات الدعم السريع مثلما هو مصدرُ ارتياح للشعب قبل العسكر. هذا الخروج مشروط بتنازل مسبّق في المقابل هو تأمينَ طرق خالية من كافة أشكال الموانع بما في ذلك التهديد إلى مقار تجمعات منتقاة .هذه الخطوة الأولى من شأنها إعادة بناء جسور الثقة المدمَّرة بين كافة قطاعات المجتمع.هي كذلك خطوة تبث الأمل في صدور كل القيادات بالقدرة على العبور من الدمار إلى العمار. من شأن هذه الخطوة كذلك فتح الأفق بغية تحقيق اختراقات على جبهات أخرى لجهة تشكيل سلطة تجسد نواة الدولة. هذه خطوة حاسمة تشكل العتبة الثانية على درج بناء مجتمع يسوده الوئام والتعاون وفق شرط العقل والعدل.على قدر عدم ربط تبادل التنازلات بفرضية البقاء في السلطة أو مقاسمتها يكون النجاح لصالح الشعب ،الدولة والسلام.
*****

من هنا فقط نبدأ مهام استرداد السلِم الوطني . مَن قال إن الحروب تُحسم فقط على جبهات الإقتتال .؟ فطاولات التفاوض هي دوماً مسارح العمليات الحربية الأخيرة . و معارك صناعة السلام لا تقل عن الحرب بأساً وشراسة .بالطبع هذه طريق شاقة ، وعرة وطويلة. والأجندة في شأنها عديدة وشائكة لكنها الخيار الوحيد الناجع من أجل إعادة بناء سودان واحد موحد يستند إلى الاستقرار ويستهدف التساكن ، التعايش وصولا إلى التخالط و الإنصهار والازدهار.تلك مرحلة قبول التنوع في أشكاله المتعددة بغية تكريس السلام .ربما يستوجب الفهم العميق لمفهوم التعايش السلمي إنشاء وزارة تُرسّخ هذا المفهوم السياسي على الصعيد الاجتماعي .
*****

تبادل التنازلات خطوة تستأهل التهليل للمتحاورين لكنها لا تؤمّن قبول الشعب بقاء المتنازلين في السلطة ضربة لازب. فثمة قناعة غالبة بأن هذه حربٌ بين شر و شر آخر. لعل تبادل القناعة بالمغادرة يمثّل أفضل التنازلات.فلتُقْبِل الأطراف على طاولة السلام مستلهمةً الأغنية الشعبية(فاوضني بلا زعل) وتزيد علي كلماتها ( فاوضني بلا طمع)!

*****

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الخارجية: حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتجاهل

أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الأربعاء، ضرورة تنفيذ ما جاء في القرارات الأممية بشأن انهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأرض الفلسطينية لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف على رأسها حقه في تقرير المصير.

وذكرت في الذكرى الـ77 لتبني الإعلان العالمي لحقوق الانسان المجتمع الدولي في نكبة الشعب الفلسطيني التي بدورها حولت أكثر من نصف الشعب الفلسطيني الى لاجئين يطالبون بحقهم في العودة وتقرير المصير، وهو ذات العام الذي تبنى به المجتمع الدولي الإعلان العالمي، وما تلاها من 58 عاماً من الاحتلال الاسرائيلي طويل الأمد، الذي ينتهك حقوق الشعب الفلسطيني بشكل ممنهج وواسع النطاق. وأوضحت أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتمدت منذ بداية احتلالها سياسات إجرامية قائمة على القتل خارج نطاق القانون، والتهجير القسري، والاعتقال التعسفي، وهدم المنازل، والاستيطان غير القانوني، والحصار، والتجويع، وتدمير البنية المدنية ومصادرة الأراضي، في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني ولقواعد حقوق الإنسان العالمية التي يفترض أن تكون غير قابلة للتصرف أو الانتقاص.

وأكدت الوزارة أن إنهاء الاحتلال غير القانوني وضمان حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها تقرير المصير هما شرطان أساسيان لتحقيق العدالة والسلام، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات فورية للضغط على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لإنهاء احتلالها بشكل فوري عملاً بما جاء في الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي طالب السلطة القائمة بالاحتلال بإنهاء وجودها غير القانوني في الارض الفلسطينية.

وجددت وزارة الخارجية التزامها الثابت بالدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها، معتبرة أن حماية حقوق الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من جهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. كما طالبت الدول بالقيام بواجباتها القانونية تجاه توفير الحماية الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني ما فيها جرائم القتل المستمرة في كافة انحاء دولة فلسطين بما فيها قطاع غزة رغم اعلان وقف اطلاق النار والتي تتطلب تضافر الجهود الدولية لثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات بالشكل المطلوب، والبدء العاجل بخطة إعادة الإعمار، والانتقال الى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب، بالإضافة الى ضرورة تطبيق القانون الدولي واحكامه، وأهمية المساءلة لمجرمي الحرب.

كما أكدت أن حقوق الانسان هي حقوق أصيلة لكل الافراد دون تمييز وغير قابلة للتصرف او للتجزئة ولا يمكن لأحد أن ينتزعها او يتجاهلها، وان حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال، والعودة وتقرير المصير، اختبار لمنظومة حقوق الانسان وعلى العالم ألا يفشل في حماية هذه الحقوق.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين فرنسا تدعو للتحقيق في احتمال استفادة "حماس" من تمويلات أوروبية وزير الأشغال يبحث مع الأمم المتحدة إعادة الإعمار في غزة الرئاسة تعقب على قرار الاحتلال بناء 764 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الأكثر قراءة الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 4 جنود في رفح ونتنياهو يتوعّد بالرد مباحثات فلسطينية أممية بشأن إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة فلسطين ترحب بالقرار الأممي المتعلّق بتسوية القضية بالوسائل السلمية تحقيق أميركي يكشف عن تعامل إسرائيلي صادم مع جثامين فلسطينيين بغزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • 10 مخالفات مرورية يمكن التصالح عليها بـ 25 جنيها فقط.. ما هي؟
  • الضفة الغربية المحتلة على وشك الانهيار – صفارة إنذار
  • زيلينسكي يؤكد حق الأوكرانيين في الاستفتاء على التنازلات المتعلقة بالأراضي
  • 10 مخالفات مرورية يمكن التصالح عليها بـ25 جنيهًا فقط.. تعرف عليها
  • المسعودي يقف على صورة "الدهر في شعر أبي مسلم البهلاني"
  • الخارجية: حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتجاهل
  • لقاء مسلح لقبائل بني عبد في مأرب تأكيدًا على الجهوزية
  • حماس تدين مصادقة الاحتلال على بناء 764 وحدة استيطانية وهكذا وصفتها
  • كلية التمريض جامعة بنى سويف تحتفل باليوم العالمى للتسامح
  • محافظ القليوبية يطالب بسرعة إنجاز ملفات التصالح للمواطنين