صحيفة التغيير السودانية:
2025-06-10@22:21:14 GMT

الفرق بين المقاومة والمغامرة..

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

الفرق بين المقاومة والمغامرة..

الفرق بين المقاومة والمغامرة..

محمد الرميحي

عند قراءة خطب الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله نجد في معظمها الحديث عن أن سلاح المقاومة هو من أجل تأمين «أهلنا في الجنوب»، من بين الكثير من الحجج التي قُدمت في تلك الخطب، وعلى أرض الواقع نرى «أهلنا في الجنوب» اليوم وهم يتدفقون نازحين إلى حيث لا يدرون، فضلاً عن تصفيات قيادات الحزب، وبعضها مستغرب؛ إذ كانوا في حصن حصين!

لقد ثبت من المعركة الدائرة اليوم في كل من غزة ولبنان، أن النظام الإيراني يخسر آخر طلقاته، وكان واضحاً أن استنبات «الميليشيات» في كل من لبنان واليمن والعراق، وعزل بقية القوى الفلسطينية واحتضان «حماس»، ما هي إلا أدوات، وقد سمعنا تكراراً أن إنشاء الميليشيات في ديار العرب هو من أجل ألا تحارب إيران على أرضها! وقد اختارت بشيء من الفطنة أن تعلق كلمة «فلسطين وتحريرها» كعنوان، وانتهينا باستنزاف دماء هائل في غزة، ونزوح في لبنان، ومغامرة بأرواح الناس.

هل نعود إلى بعض التاريخ لنعرف كم نخسر لأننا لا نقرأ ولا نتعلم من تجاربنا؟

في عام 1990 نشر أستاذ الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت المرحوم الدكتور فؤاد إسحق الخوري كتيباً صغيراً بعنوان: «العسكر والحكم في البلاد العربية»، كتاب فيه من الملاحظات الذكية ما يتوجب العودة إليه ونحن في خضم هذا المشهد الصراعي المميت، في كل من غزة ولبنان. مع شيء من الخيال يمكن بكل أريحية تعميم ما وصل إليه من نتائج من دراسته حول العسكرية العربية، وهو يتابع نتائج الحروب بين إسرائيل وبعض الدول العربية ذات الحكم العسكري، وتنزيل تلك الأفكار على الميليشيات المقاتلة اليوم، فسوف نجد نتائج شبه متطابقة.

الكتيب يستعرض تاريخ نشأة الجيوش العربية، وخلفية منتسبيها الاجتماعية، وهو دراسة سوسيولوجية لافتة تستحق التأمل.

ما يعني القارئ اليوم في ذلك الكتيب هو الأفكار الحاكمة التي تطرق إليها الكاتب، وهي في تقديري فكرتان مركزيتان؛ الأولى السلاح المستخدم للجيوش المحاربة، والثانية مفهوم الانتصار وكيف يُقدَّم للعامة.

الفكرة المركزية الأولى يرى الخوري أن «الجيش العربي أول قطاع في الدولة العربية الحديثة يستخدم التقنية الحديثة، لكن تلك التقنية جلها مستورد، وليست هناك علاقة بين استيراد السلاح الحديث من الخارج، وبين مستوى التقنية بشكل عام في المجتمع؛ أي تأهيل البشر لاستخدامه بفاعلية»، ويضيف أن «استيراد السلاح مهما كان حديثاً وفعالاً، لا يعني امتلاك التقنية الحربية في البلد المستورد. التقنية فعل إنتاج، وفعل ثقافة حديثة قائمة على العلم، أما الاستيراد فهو فعل ارتهان. إنتاج السلاح سيادة، واستيراد السلاح ارتهان للغير». هذه الفكرة المركزية ثبتت صحتها على الأرض يومَي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، عندما تفجرت في شوارع ومنازل وأسواق بيروت أجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكي في أجسام البشر، آخذة معها بعض الأرواح والأطراف والعيون! الفرق الزمني بين الفكرة التي جاء بها الخوري وتفجيرات الأسبوع الماضي في بيروت، هو فقط أربعة وثلاثون عاماً من الزمن الذي بُدّد، والغفلة المستمرة، وإبدال الميليشيات بالجيوش، وإشباع الناس بالشعوذة السياسية.

الفكرة المركزية الثانية يرى الخوري كيف يُسوَّق «مفهوم النصر والهزيمة»، فيرى مما درس من نتائج الحروب مع إسرائيل السابقة لعام 1990، أن «الجيوش العربية التي خاضت الحروب قد كُتب لها النصر، من وجهة نظر قادتها، حتى لو خسرت الأرض بعد المعركة»! ويضيف: «ما دام الجيش باقياً، والنظام قائماً، فعلى الشعب أن يطمئن»! وإن استبدلنا بالجيش هنا الميليشيات، لكان الحكم صحيحاً أيضاً، فما دامت قيادة الميليشيات قائمة، فإن الأرض والبشر الذين قُتلوا ليسوا مكمن إزعاج لأحد!

إذا قرأنا النص السابق في ضوء ما يحدث في كل من غزة ولبنان، نرى تقريباً النتيجة ذاتها، المهم أن يبقى زعماء الميليشيات، وهم الذين يمثلون «الصمود» حتى لو سُوِّيت الأرض ومَن عليها، وخسر عشرات الآلاف أرواحهم، كما ذهبت الأرض إلى احتلال جديد، وشُتِّت الناس من ديارهم! فكرة الصمود هنا منحرفة عن مقاصدها، ليس لدى قادة الميليشيات، ولكن مع الأسف لدى قاعدة عريضة من البشر، والذين «يؤمنون» أن بقاء «قيادة الميليشيا» بحد ذاته «انتصار على العدو»، حتى لو فُقدت الأرض.

لا أحد يبيعك السلاح التقني الحديث، ما تشتريه هو الجيل الثالث أو ربما الثاني من التقنية العسكرية؛ الأولى يحافظ عليها؛ فهي من «أسرار الدولة». حتى في الصراع بين الغرب والشرق الدائر اليوم في أوكرانيا، ما يتوفر للأوكرانيين، رغم كل ما يغمرنا الإعلام من نيات مساعدتهم، هو تقنية عسكرية من الدرجة الثانية، فكيف إن كنت تشتري التقنية من السوق المفتوحة!

آخر الكلام: الناقص في فضائنا اليوم هو العلم بقدراتنا الذاتية، والعلم بقدرات الخصم، وهما مصدر كل ما نشاهد من مآسٍ.

* نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومإسرائيل الجامعة الأمريكية الشرق الأوسط النظام الإيراني بيروت حزب الله حسن نصر الله غزة فؤاد إسحق الخوري لبنان محمد الرميحي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إسرائيل الجامعة الأمريكية الشرق الأوسط النظام الإيراني بيروت حزب الله حسن نصر الله غزة لبنان محمد الرميحي فی کل من

إقرأ أيضاً:

البرغثي يُنبّه: تجاهل تعقيدات حلّ الميليشيات قد يُفجِّر الأوضاع

???? البرغثي: التهوين في ملف الميليشيات خطر.. والحل دون خطة يعني إجهاض الجيش

ليبيا – وجّه وزير الدفاع الأسبق، محمد البرغثي، انتقادات لاذعة لما وصفه بـ”التهوين في التعاطي مع ملف حلّ الميليشيات”، محذرًا من تجاهل الجوانب المعقدة لهذا الملف، وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات أمنية واجتماعية خطيرة.

???? الطرابلسي تجاهل أسئلة جوهرية
وفي تصريحات خاصة لصحيفة “الشرق الأوسط”, قال البرغثي إن الطرح الذي قدمه وزير الداخلية عماد الطرابلسي بشأن حلّ التشكيلات المسلحة تغافل الإجابة عن تساؤلات أساسية، أبرزها:

ما مصير ترسانة السلاح الضخمة التي تمتلكها كل ميليشيا؟

إلى أي مدى تغلغلت هذه التشكيلات في النسيج الاجتماعهمي؟

ما موقعها من الحواضن الشعبية التي تكونت حولها في بعض مدن غرب البلاد؟

???? الميليشيات أصبحت ذراعًا اقتصادية واجتماعية ????
وأشار البرغثي إلى أن سيطرة هذه المجموعات على مؤسسات مدنية ومعابر استراتيجية لسنوات طويلة، جعل منها ذراعًا اقتصادية تستفيد منها شرائح من السكان، فضلًا عن اعتبارها ذراعًا عسكرية لبعض القبائل، ما يُنذر باعتراضات محلية على أي قرار بحلها.

???? الدمج غير المنظم يُضعف المؤسسة العسكرية ⚠️
وحذّر البرغثي من أن طرح دمج عناصر الميليشيات في المؤسستين الأمنية أو العسكرية، من دون الالتزام بخطط التسريح وإعادة الإدماج المعتمدة دوليًا، ومن دون مراعاة شروط القبول والانضباط والتأهيل، سيؤدي إلى إضعاف الجيش بدلًا من تقويته.

مقالات مشابهة

  • عيسى الخوري عرض مع سفيرة سويسرا تأثير التغيرات في المنطقة على لبنان
  • أسعار صرف العملات العربية في البنك الأهلي المصري اليوم
  • أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025
  • أسعار العملات العربية والأجنبية في مصر اليوم.. الثلاثاء 10-6-2025
  • مواجهات مع أبطال العالم آخر 4 سنوات.. ما حظوظ الفرق العربية في مونديال الأندية؟
  • البرغثي يُنبّه: تجاهل تعقيدات حلّ الميليشيات قد يُفجِّر الأوضاع
  • أسعار العملات العربية و الأجنبية في مصر اليوم.. الإثنين 9-6-2025
  • الدينار الكويتي بـ 162.14 جنيه .. أسعار العملات العربية في البنك الأهلي اليوم
  • الدويري: المقاومة بغزة تقود حرب استنزاف تختلف عن تلك التي قادتها الجيوش العربية
  • أسعار العملات العربية و الأجنبية في مصر اليوم.. الأحد 8-6-2025