لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
من المُسلَّم به أنَّ هذه الحياة الدنيا قامت على العداوة والبغضاء والكره والحقد والحسد والظلم والضلالة والابتلاءات والنقص، ووجد فيها الخير والشر وحب النفس وتمجيد الذات، وكل ما هو جيِّد وحسن وسيئ، وربما الكيل بمكيالين هنا وهناك، لتكون أنت متضررا من ذلك بشكل أو بآخر، والله تعالى قال: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" (البقرة: 155).
إذن ليس بمستغرب أن نكون في ضيق صدر ومس ضر وشتات من أمورنا لأننا في دار ابتلاءات ولسنا في الجنة التي وعد المتقون، أو في دار مثالية وعدم حدوث العسر بها وتقلب الأيام وتغير أحداثها.
فقد تغشانا غفلة فتزل بنا القدم، ونقع في تقصير وخطأ ونؤوب إلى ربنا، ولهذا علينا ألا نشذ عنّ القاعدة السوية في أحكامنا وقرارتنا وتعاطينا مع الواقع الذي نعيشه، إذا ما اصطدمنا بغدر أو خيانة من المحيطين بنا، وخاصة إن كانوا من الأصدقاء أو من الذين نرى بهم النزاهة والصلاح وحب الخير، أو من ذوي قرابة من الدرجة الأولى.
فسيدنا يوسف عليه السلام، كاد له إخوته من أبيه وأرادوا إنهاء حياته، إلا أنهم أرادوا شيئاً والله العلي القدير أراد شيئا آخر، لذلك اطمئن لمراد الله واختياره ومشيئته.
فقد لا يتفق معك كثيرون، وقد يكرهك مثلهم وآخرون، وقد يكرهك رهط من الناس، ويحبك ويرتاح لك شخص أو شخصان منهم، فلا تحزن ولا تبتئس.
قد تكون على حق وتتفاجأ بحسب لعبة المصالح وحب السلطة والبقاء عليها بأنك محارب وتصنف عكس ذلك، فلا يعترف لك بذاك الحق مسؤول ما أو أخ أو صديق، وإذا اصطدمت بهكذا تعامل فلا تحزن، بل فوض أمرك إلى الله تعالى، ألم يقل الحق تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (التغابن: 14).
فالله تعالى حذَّر أن من أولادنا وأزواجنا من هو عدو لنا، فكيف إذن بالمسؤول علينا وذي الجاه والمنصب المتسلط والكاره لنجاح الغير، أو الصديق وزميل العمل والجار وغيرهم، ألا نتوقع منهم خيانة وغدرا وبيعا لذواتنا وآدميتنا وإنسانيتنا وأنفسنا والتضحية بنا.
ففي لعبة المصالح وحب الشهرة والمال والكرسي والمنصب كل شيء متوقع وجائز، فطبيعي أن تذهب الذمم وتموت الضمائر وتتحلل الأخلاق، وتذهب القيم وتختفي الفضائل.
فالحاصل أن هذه الحياة لن تكون كما تريد أنت، فقد تجبرك الظروف لترى عدوك أخاك أو ابنك أو ابنتك أو زوجك أو جارك أو المسؤول أو زميلا أو صديقا، وقد تحدك الأيام أن يراك البعض تقيا أو عاصيا، ولكل الفريقين أهل وجماعة وناس ومناصرون ومائلون ومحبون.
فما يجب أن نعلمه أن الإنسان على نفسه بصيره، فلا يغرك القادح والمحبط والفاشل، فقط كن مع الله كما يحب ويجب أن يراك، فافعل الطاعة إخلاصا لا تخلصا، وحافظ على النوافل تقربا لا تكرما منك، لأن الله هو الغني.
لا تجعل كره وإحباط بعض الناس لك فشلك أو كسرك أو ضعفك، ولا تكن ممن يحب إرضاء جميع الناس دون الله تعالى، كأن تلتهي بهم عن العمل الصالح، فتستجيب لهم بدافع المحبة لهم؛ إذ إنهم من الممكن أن يجروك أو يحملوك على الابتعاد عن طاعة الله، فكما إن ذنوب الخلوات مهلكات، كذلك حسنات الخلوات مُنجيات.
فما ستكون فيه من عسر وضيق وخير وشدة، هو اختبار ليقينك وصبرك وحسن ظنك بالله، فكن إنساناً نقيا تقيا سخيا نظيفا من الداخل طيب القلب تحب كل النَّاس.
فلا تكسر ولا تجرح قلبًا ولا تؤلم نفسًا، فهناك من يحيا بكلمة ويموت بأخرى، وقد يبنيه موقف، ويثنيه ويهدمه آخر، فاجعل جبر الخواطر سنة في حياتك، فكم من قلوب متصدعة رممتها كلمة طيبة، وكم من نفوس محطمة جبرتها نظرة أو مواساة أو عمل إنساني نبيل منك يحمل بين طياته الخير والرفق والرحمة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خطبة الجمعة اليوم .. ياسر الغاياتي يؤكد: هذا سبب تنوع العبادات من الله للمسلمين .. والعشر من ذي الحجة أحد مواسم الطاعات فاغتنموها.. فيديو
خطبة الجمعة اليوم
الشيخ ياسر الغاياتي يؤكد:
العشر من ذي الحجة أحد مواسم الطاعات فاغتنموها
هذا سبب تنوع العبادات من الله للمسلمين
عشر ذي الحجة إشارة للشباب اليائس أن يبدأوا من جديد
قال الشيخ ياسر الغاياتي، من علماء وزارة الأوقاف، إن فضل الله على عباده واسع، وبركات الله على عباده دائمة لا تنقطع أبدا.
وأضاف ياسر الغاياتي، في خطبة الجمعة من مسجد الشهيد علي إبراهيم، بمحافظة القليوبية، أن الله تعالى من واسع كرمه وجوده، جعل لعباده مواسم للطاعات، هذه المواسم تتشكل فيها ألوان الطاعات وألوان القربات.
وأشار إلى أن من مواسم الطاعات، هذه الأيام التي نحياها جميعا، ألا وهي العشر الأوائل من ذي الحجة، التي أقسم الله بها في القرآن، فقال (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ).
وتابع: وصح عن النبي أنه قال في تفسير هذه الآيات، هي العشر الأوائل من ذي الحجة، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر، يوم عيد الأضحى المبارك.
وأكد خطيب الأوقاف، أن الله تعالى إذا أقسم بشئ فإن هذا يدلنا على عظمة ومكانة المقسوم به، فإن الله تعالى هو العظيم ولا يقسم إلا بعظيم، فقسم الله بهذه الأيام وتلكم الليالي إنما ينبهنا على عظم مكانتها وجلالة قدرها، وينبهنا أيضا على ضرورة استثمار جميع أوقاتها في الطاعات والقربات.
واستشهد بحديث النبي الذي يقول فيه (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من عشر ذي الحجة، فقالو يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال ولا الجهاد، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ).
وقال الشيخ ياسر الغاياتي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الله تعالى جعل هناك تنوعا في العبادات وهو يعلم سبحانه وجود الملل من العبد وأنه لا يصبر على كثرة العبادة في نوع معين كالصلاة فقط أو الصيام فقط.
وأضاف الغاياتي، في خطبة الجمعة من مسجد الشهيد علي إبراهيم، بمحافظة القليوبية، أن الله تعالى نوع في الطاعات والعبادات، ليدخل كل إلى رحمة الله من المدخل الذي يتناسب مع ما أعطاه الله تعالى، ولذلك نجد الأعمال الصالحة في هذه الأيام متنوعة، ففيها الصلاة الواجبة وفيها الصيام المستحب وفيها الصدقة المندوب إليها، وفيها يوم عرفة وفيها يوم النحر، فكثر خير ربنا وفاض علينا في هذه الأيام.
وأشار إلى أن من الأعمال الصالحة في هذه الأيام ويستحب فعلها هو كثرة الذكر لله تعالى، فقال تعالى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) وقال تعالى (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) وقال العلماء إن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة.
وأوضح أن من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة، صيام هذه الأيام أو صيام بعضها وإن لم تستطع فصيام يوم عرفة فإنه يكفر سنة ماضية وسنة قادمة.
وتابع: وأقول لمن لم يستطع حج بيت الله الحرام "إن فضل الله واسع، فكرم الله يسع الجميع، وسيدنا النبي يريد أن يوسع لنا فضل الله، فيقول النبي (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم).
وقال الشيخ ياسر الغاياتي، من علماء وزارة الأوقاف، إنه إذا كانت العشر الأوائل من ذي الحجة هي نقطة بداية للمسلم ليتقرب إلى المولى بالطاعات والقربات، فإن فيها إشارة لكل يائس أو محبط بأن يبدأوا من جديد وينسوا ما مضى.
وأضاف الغاياتي، في خطبة الجمعة من مسجد الشهيد علي إبراهيم، بمحافظة القليوبية، أن عشر ذي الحجة كشهر رمضان هي إشارة لكل من يريد أن يحقق أملا أو يحقق هدفا، تستطيع أن تبدأ من جديد عفا الله عما سلف.
وأشار إلى أننا نبين لشبابنا أن روحك أمانة فلا تفرط في روحك ونفسك ولا تيأس فإنما عند الله هو خير وأبقى والجزاء على قدر العمل.
وتابع: على الشباب ألا ييأسوا من رحمة الله، فباب رحمة الله واسع وكرمه واسع، مستشهدا بحديث النبي (من قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم).