قالت لجنة حماية الصحفيين إن حرية الصحافة في إسرائيل توشك على الانهيار، مشيرة إلى حديث صحفيين هناك عن تكثيف الرقابة وتزايد القمع والمضايقات ضد الصحافة التي لا تتماشى مع رواية حكومة بنيامين نتنياهو المطلوب للجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.

ووصف صحفيون إسرائيليون للّجنة الدولية الإجراءات الحكومية بأنها "جزء من جهود الحرب"، بعد مرور عامين على الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.

اقرأ أيضا list of 1 itemlist 1 of 1أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرىend of list

وأشارت اللجنة إلى انخفاض التقارير الصحفية المستقلة بشكل حاد، مما ترك للجمهور الإسرائيلي صورة مشوهة عن الحرب، واستحضرت تقريرا صدر عن مركز الأبحاث الإسرائيلي "مولاد" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي خلص إلى أن 3% فقط من تغطية القناة 12 في الأشهر الستة الأولى من الحرب تحدثت عن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وأن 2 فقط من 206 صورة متعلقة بالحرب أظهرت ضحايا مدنيين فلسطينيين.

وحدث هذا التراجع -بحسب لجنة حماية الصحفيين- وسط ضغوط حكومية متصاعدة، وقيود أمنية ورقابة عسكرية، وهجمات جسدية مباشرة وعبر الإنترنت، قيّدت وصول الجمهور إلى المعلومات الحقيقية بشأن الإبادة الجماعية التي أقرت بها منظمات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة.

اتّبع روايات حكومة نتنياهو وإلا..

وتعكس تغطية الحرب التي تقدمها وسائل الإعلام الإسرائيلية الوسطية واليمينية، مثل القناة 12 والقناة 14، الترويج لروايات الجيش الإسرائيلي والحكومة، والتي ظلت تسعى إلى تبرير الإبادة في سياق الرد على عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقناة 14 الإسرائيلية هي فضائية إخبارية مؤيدة لنتنياهو وتحتل المرتبة الثانية من حيث عدد المشاهدين في البلاد، ولها سجل خاص في استخدام الخطاب التحريضي والدعوة إلى مزيد من التدمير في غزة.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن وسائل إعلامهم تقدم تغطية متوازنة للحرب حتى في الوقت الذي غالبا ما تُحرّف فيه الأحداث والتطورات الرئيسية في غزة للتقليل من أهمية الخسائر المدنية، أو عند تغطيتها لملف الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس.

إعلان

وتواجه وسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية تحديات متزايدة في مساعيها لتغطية الخسائر المدنية الناجمة عن الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة.

وتقول أيالا بانيفسكي الباحثة الإعلامية في مركز "مولاد" إن الصحفيين غالبا ما يعدلون لغتهم في التقارير، مثل الامتناع عن استخدام كلمة "احتلال"، لتجنب وصفهم بـ"الخونة اليساريين".

جهود 10 أعوام في تطويع الصحافة

وبينت لجنة حماية الصحفيين أن أحد أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين في إسرائيل هو الرقابة الذاتية، موضحة أن جزءا كبيرا منها يعود إلى حملة استمرت 10 سنوات شنها نتنياهو في سبيل تقويض حرية الصحافة.

ويقول الصحفي هاجاي ماتار من مجلة +972 "لدى نتنياهو تاريخ طويل في استهداف وسائل الإعلام، محاولا التسلل إليها أو تقويضها عبر الاستحواذ عليها وإغلاقها، وفتح وسائل إعلام جديدة، والتدخل في ملكيتها أو محاولة زرع محللين ومحررين موالين له في فرق مختلفة".

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ازدادت هذه الضغوط حدة، حيث سعى الوزراء الإسرائيليون إلى فرض حظر دائم على وسائل الإعلام التي رأت أنها تنتقد العمليات العسكرية الإسرائيلية، كما قامت بخصخصة وإضعاف البث العام، وتوجيه الإعلانات الحكومية نحو المنصات المتوافقة معها سياسيا.

الرقابة العسكرية.. إرث الاستعمار البريطاني

وفي الوقت ذاته يتعين على الصحفيين كذلك التعامل مع الرقابة العسكرية التي يفرضها جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية.

وتتمتع الرقابة العسكرية -وهي إرث من الاستعمار البريطاني- بسلطة قضائية واسعة، وتلزم الصحفيين قانونا بتقديم أي مقالات تتعلق بالأمن لمراجعتها قبل النشر.

ووجدت مجلة +972 الإسرائيلية المستقلة أن الرقابة العسكرية على وسائل الإعلام بلغت أعلى معدل لها منذ أكثر من عقد في عام 2024، حيث سحبت الرقابة أو عدّلت 21 تقريرا إخباريا يوميا في المتوسط.

وهذا الانتهاك غير مرئي للناس، إذ يُحظر على وسائل الإعلام الإشارة إلى حالات الرقابة على التقارير الإخبارية، في حين تشير تسريبات نادرة إلى أن هذه التقارير تضمنت تفاصيل عمليات عسكرية ومعاملات مالية لعائلة نتنياهو.

كيف ترهب إسرائيل الصحفيين؟

وتتعرض وسائل الإعلام والصحفيون الذين يشاركون في أي تغطية ناقدة للحكومة الإسرائيلية إلى مضايقات واعتداءات واعتقالات من قبل قوات الأمن وإسرائيليين مدنيين بهدف ردعهم وإسكاتهم.

ولطالما واجه الصحفيون الفلسطينيون مثل هذه التهديدات في ظل حالة الطوارئ المفروضة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بما في ذلك الاعتقالات وتقييد الوصول.

وتقول الصحفية المستقلة إيمان جبور إن المدنيين بدؤوا "يأخذون القانون بأيديهم" لإسكات الصحفيين الفلسطينيين، حيث يهددونهم لفظيا أثناء البث المباشر، ويحاولون مصادرة أو إتلاف معداتهم.

أما الصحفي المستقل سمير عبد الهادي، فيقول "كل صحفي عربي مذنب، لا يهم إذا كنت تعمل في الإذاعة الإسرائيلية أو تعمل في قناة آي24 التلفزيونية الإسرائيلية، طالما أنك تتحدث العربية فأنت مذنب".

وتعرض كذلك صحفيون إسرائيليون يهود للاستهداف في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، حيث واجه الصحفي غاي بيليغ من القناة 12 هجمات منظمة من قبل سياسيين ونشطاء يمينيين بسبب نشره مقطعا مصورا يوثق تعذيب جنود إسرائيليين أسيرا فلسطينيا من قطاع غزة في معسكر سدي تيمان السيئ السمعة العام الماضي.

إعلان

وأظهر المقطع -الذي أدى تسريبه إلى الإطاحة بالمدعية العسكرية الإسرائيلية يفعات تومر يروشالمي، ووصفه نتنياهو بأنه "أكبر هجوم على العلاقات العامة" تتعرض له إسرائيل منذ تأسيسها- اعتداء 5 جنود بوحشية، جنسيا وجسديا، على أسير فلسطيني مكبل اليدين.

وتلقى يوفال أفرهام، الصحفي في مجلة +972 والمدير المشارك للفيلم الفلسطيني الحائز على جائزة الأوسكار "لا أرض أخرى"، تهديدات بالقتل ضده وعائلته بعد خطاب ألقاه في فبراير/شباط 2024 شجب فيه الفصل العنصري، ودعا إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

كما يتعرض الصحفيون الإسرائيليون ووسائل الإعلام التي تتحدث عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية للتشويه والتشهير من قبل مسؤولي الحكومة وزملائهم الصحفيين.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، على سبيل المثال، عندما صوّت مجلس الوزراء الإسرائيلي بالإجماع على فرض عقوبات على صحيفة هآرتس وإنهاء جميع الإعلانات الحكومية وإلغاء اشتراكات الحكومة في الصحيفة، عزا وزير الاتصالات شلومو كارهي هذه الخطوة إلى دعوات هآرتس إلى "فرض عقوبات على إسرائيل ودعم أعداء الدولة في خضم الحرب".

يعمل لدى حماس.. تحريض على المغردين خارج السرب

ويُتهم الصحفيون الإسرائيليون على الفور بالتغطية لصالح حركة حماس إذ استخدموا تقارير فلسطينية عن غزة، أو عبروا عن تأييدهم لزملائهم الفلسطينيين.

ويقول الصحفي حغاي مطر من مجلة +972 إن حظر قناة الجزيرة، ومنع الصحفيين الأجانب من دخول غزة، خطوات ليست مرتبطة رسميا بوسائل الإعلام الإسرائيلية، لكنها رسالة غير مباشرة لها، مضيفا أن الرسالة تفيد بأن "هؤلاء الصحفيين الذين قد تميلون إلى اعتبارهم زملاء، أو تعتمدون على تقاريرهم، غير شرعيين، إنهم مجرمون".

وسعت إسرائيل على مدى عامين إلى السيطرة على الرواية المتعلقة بغزة عبر مجموعة من الإجراءات غير المسبوقة مثل اغتيالات الصحفيين الفلسطينيين والهجمات على مرافق وسائل الإعلام وحظرها.

وحتى اليوم، سجل المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة استشهاد 257 صحفيا قتلتهم إسرائيل عبر اغتيالات وغارات مباشرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات أکتوبر تشرین الأول الرقابة العسکریة وسائل الإعلام فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

رسالة غير مسبوقة من نتنياهو إلى إسرائيل

لم تتحدث إسرائيل عن "الحرب" في غزة منذ أسابيع عديدة. فهناك وقف لإطلاق النار قائم، أليس كذلك؟

حقيقة أن أكثر من 350 فلسطينيا، بينهم أكثر من 130 طفلا، قد قتلوا خلال ما يسمى "وقف إطلاق النار" ليست ذات أهمية، تماما كما أن حقيقة أن إسرائيل هي التي قتلتهم لا تعني شيئا. الفلسطينيون يموتون لأن هذا ما وُجد الفلسطينيون ليفعلوه. لا يوجد ما يستحق النقاش.

لكن طلب العفو الذي قدمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مسألة مختلفة تماما. فهو كل ما يبدو أن الناس في إسرائيل يتحدثون عنه، على كل جانب من جوانب الانقسام السياسي. 

أولئك الذين يستشيطون غضبا من نتنياهو يشيرون إلى أن ما قدمه ليس حتى "طلب عفو". فالرئيس الإسرائيلي- حاليا إسحاق هرتسوغ، وهو رئيس سابق للمعارضة ضد نتنياهو- لديه السلطة القانونية للعفو عن "الجناة". لكن الجناة هم أشخاص أدينوا في المحكمة بخرق القانون. أما نتنياهو فما يزال يحاكَم.

لم يمنَح في تاريخ إسرائيل سوى عفو واحد قبل الإدانة (بل قبل المحاكمة فعليا). وقد منح لعناصر من جهاز الشاباك الذين اقتحموا في عام 1984 حافلة اختطفها فلسطينيون، وقاموا بضرب اثنين من المختطِفين حتى الموت.

التحقيق الداخلي فيما عرف لاحقا بقضية "الباص 300″ كان تحقيقا ملفقا رتبته قيادة الشاباك. وبعد عامين، جرى التوصل إلى صفقة غير مسبوقة، لم تقتصر على العفو عن عناصر الشاباك المتهمين، لكن غير المدانين بعمليات قتل خارج القانون، بل سمحت أيضا لقادة الشاباك الذين تلاعبوا بالتحقيق في الحادثة بالاستقالة دون توجيه أي لائحة اتهام ضدهم. وقد استشهد حينها بـ"ظروف أمنية خاصة". ما يفعله نتنياهو اليوم هو أنه يطلب، في الأساس، تطبيق تلك الظروف نفسها.

ومع ذلك، فهو لا يطلب مجرد عفو. إنه يطلب من الرئيس (الذي يشغل منصبا بروتوكوليا إلى حد كبير) إيقاف المحاكمة بدعوى "الوحدة الوطنية" و"التطورات المذهلة" المتوقعة (وفق رؤية نتنياهو) في الشرق الأوسط. وبالنسبة لمؤيديه المخلصين، ما كان ينبغي للمحاكمة أن تبدأ أصلا. لقد دافعوا عن منحه حصانة من الملاحقة القضائية وعن إعلان بطلان المحاكمة؛ بسبب "ضعف" لوائح الاتهام الموجهة إليه.

إعلان

الآن، في خضم حرب لا تنتهي (بإشعال وإدارة من نتنياهو)، يزعم مؤيدوه أن وجوده ضروري بدوام كامل على رأس القيادة. وهم يصفون محاكمته بأنها انتقام شخصي من الجهاز القضائي الإسرائيلي، ونتيجة لـ"الإصلاح القانوني والقضائي الحاسم" الذي بدأ نتنياهو بتنفيذه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بوقت طويل.

هؤلاء المؤيدون، سواء في البرلمان أو الإعلام، يعتبرون الضجة المثارة ردا على طلب نتنياهو تجسيدا كاملا لكراهية "الدولة العميقة" الإسرائيلية لنتنياهو ولإسرائيل عموما. وقد جاءت ردودهم على طلب نتنياهو بحماسة تراوحت بين:

موقف وزيرة حماية البيئة، عيديت سيلمان، التي حذرت من أنه إذا لم يوقف هرتسوغ المحاكمة، فسيضطر دونالد ترامب للتدخل "ضد المؤسسة القضائية الإسرائيلية"، وموقف محامي نتنياهو الشخصي، عميت حداد، الذي أصر على أن المحاكمة يجب أن تتوقف كي يتمكن نتنياهو من "مواصلة مهمة شفاء الأمة" وقيادة إسرائيل عبر أزمتها الحالية.

بين المعسكرين، يقف "التوفيقيون" الأبديون، أولئك الذين يقولون في كل منعطف إن الحقيقة لا يمكن إيجادها إلا في المنتصف. هؤلاء، المعروفون في إسرائيل باسم التيار الوسطي سيئ السمعة، يدعون إلى صفقة ادعاء أو أي تسوية كبرى أخرى. معظمهم يريد صفقة سياسية تقضي بخروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل تجنبه الإدانة.

آخرون لا يهتمون كثيرا بطبيعة الحل بقدر ما يهتمون بإطار السردية العامة، فيدعون إلى مقاربة "معتدلة" تمتنع عن اتهام نتنياهو بالفساد، وتركز بدلا من ذلك على مسؤوليته عن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا سيما السلوك المختل للجيش الإسرائيلي والسلطات الحكومية الأخرى.

في كل الأحوال، السردية المطلوبة هي سردية الوحدة، والوحدة لا تتحقق -في نظرهم- إلا إذا وافق "الجانبان" على أن ينتهيا بأقل من 100% مما أراداه في البداية.

القاسم المشترك بين هذه المقاربات التي تبدو متناقضة هو أنها جميعا مركزة بالكامل على نتنياهو. خذ الوسطية الإسرائيلية مثالا: فقد أصدر نتنياهو رسالة غير مسبوقة، تدعو عمليا إلى تعليق الأعراف المؤسسية والقانون لصالحه. وكانت المبررات في أحسن الأحوال غامضة.

قد يفترض المرء أن دعاة "الاعتدال" سيقابلون طلب نتنياهو بالرفض القاطع. ومع ذلك، ما إن نشر نتنياهو الرسالة، حتى سارع هؤلاء الوسطيون إلى قبولها بوصفها شرعية، وبدؤوا بمحاولة تحديد صيغتهم التوفيقية بالاستناد إليها.

الأمر نفسه ينطبق على الليبراليين. فقد ألقى الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر خطابين في أكبر مظاهرة نظمت قبل بدء سريان وقف إطلاق النار، أمام حشد من مئة ألف شخص. كان هؤلاء المحتجون يرون أنفسهم خصوما شرسين لنتنياهو، وقد اختزلوا خلافهم معه في قضية واحدة: فشله (وانعدام رغبته) في إعادة الرهائن. وعندما ذكر كوشنر اسم نتنياهو، أطلق الحشد صيحات استهجان.

ولثلاثة أيام كاملة، وهي مدة أطول بكثير من قدرة الإسرائيليين التقليدية على متابعة حدث مثل إعدام موثق لفلسطينيين، انشغل الإعلام الإسرائيلي بالكامل بسؤال واحد: هل كان إطلاق صيحات الاستهجان مناسبا؟ أم كان غير لائق لأنه رئيس الوزراء؟ هل أثبتت الصيحات أن الاحتجاجات ضده تقوم فقط على كراهية شخصه (وكراهية مؤيديه بالتبعية)؟ هل نتنياهو هو تجسيد الشر الذي ينبغي استقباله بالاستهجان مهما كان البروتوكول؟

إعلان

خلال تلك الأيام، كان الفلسطينيون يقتلون بالعشرات ثم بالمئات. وكانت البنية التحتية الإسرائيلية تتداعى، وكذلك الاقتصاد الإسرائيلي. ومع ذلك، كان كل ما أراده الليبراليون الإسرائيليون مناقشته هو نتنياهو، ورد الفعل على نتنياهو، وكيفية التموضع بالنسبة إلى نتنياهو.

بالنسبة لمؤيدي نتنياهو، لا أحد سواه. فهو "رجلهم"، الذي يمثلهم في مواجهة النخب التي تعتقد أن البلاد ملك لها بحكم المكانة. هو وحده، بجرأته ودهائه، من نقل المعركة إلى أعداء إسرائيل وأخضعهم. وهو من كسر النموذج الذي وضع إسرائيل تحت رحمة العالم. إسرائيل اليوم تفعل ما تشاء، وتلك الرغبات -كما يرون- لا يحق لأحد تحديدها سوى إسرائيل نفسها.

إنه شخص فريد، ولا ينبغي لأي قاعدة أو قانون أن ينطبق عليه؛ لأنه يحمل مهمة تاريخية وينقذ الشعب اليهودي. وحتى لو لم يفعل كل ذلك، يقول مؤيدوه العلنيون (مرددين في الواقع ما يفكر به مؤيدوه السريون)، فلماذا ينبغي التصويت لأي شخص آخر؟

لكن في الجوهر، لا يختلف هؤلاء عنه كثيرا. فلم يطرح أي زعيم "معارضة" يهودي رؤية تختلف عن تلك التي حققها نتنياهو بالفعل. فجميعهم يؤيدون حق إسرائيل في تدمير حماس، وفي مهاجمة أي "عدو" آخر متى شاءت إسرائيل. وجميعهم يستبعدون النواب الفلسطينيين في الكنيست من اجتماعات التنسيق، ويتحدثون عن "حكومة صهيونية" ستحل محل نتنياهو.

قد يلومون نتنياهو على تراجع مكانة إسرائيل الدولية، لكنْ لا أحد منهم يعترف بمسؤولية إسرائيل عن تدمير غزة، ناهيك عن الإبادة الجماعية.

أما "زعيما المعارضة" اللذان شغلا منصب رئيس الوزراء، فقد توليا المنصب مجتمعين لما لا يتجاوز 18 شهرا. في حين شغل نتنياهو المنصب لما يقرب من عقدين كاملين. صحيح أنه قد يكون وَقِحا بعض الشيء أو مختلا قليلا، لكنه ما زال -في نظر مؤيديه- الأدرى بإدارة الأمور من أي وريث محتمل يقدم نفسه على الساحة.

الخلاصة بسيطة: نتنياهو ليس فقط أكثر الساسة فاعلية في إسرائيل، بل هو السياسي الوحيد فيها. وإذا دُعي إلى انتخابات خلال الأشهر المقبلة ولم يكن قد أدين بعد، فيمكن توقع أن يخرج زعيما لأكبر حزب، وأن يعود رئيسا للوزراء. في الأصل، كانت عبارة "لا مثلَه" تقال عن الله. أما لدى الإسرائيليين، بكل أطيافهم السياسية، فلا أحد لديهم سوى نتنياهو.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • مشوارك.. طلاب الدراسات العليا بالقاهرة يطلقون حملة للتعريف بوسائل النقل الحديثة بمصر
  • الحكومة ونقابة الصحفيين يطبقان على وسائل الاعلام بفكي كماشة!
  • رائد سعد.. واضع خطة سور أريحا التي هزمت فرقة غزة الإسرائيلية
  • مناقشة رسالة دكتوراة بكلية إعلام القاهرة عن مستقبل الصحافة في الثورة الصناعية الرابعة
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • ما الذي تخطط له العدل الإسرائيلية بشأن العفو الرئاسي عن نتنياهو؟
  • بالأرقام: منذ عودته إلى البيت الأبيض.. 2.4 مليون كلمة لترامب أمام الصحافة
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • رسالة غير مسبوقة من نتنياهو إلى إسرائيل