أكدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، أن التمويلات التنموية الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص من شركاء التنمية منذ بداية 2023 بلغت نحو 2.1 مليار دولار، بالإضافة إلى تمويلات بقيمة 7.3 مليار دولار خلال آخر 3 سنوات 2020-2022 ، سواء في شكل استثمارات ومساهمات أو خطوط ائتمان أو تمويلات تنموية، وذلك للشركات بمختلف أنواعها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والشركات الناشئة.

جاء ذلك خلال لقاء وزيرة التعاون الدولي، مع وفد لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي في إطار زيارتهم لمصر، وذلك بحضور القائم بأعمال السفير الأمريكي بالقاهرة جون ديروش، ومارجريت سانشو، نائب مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر، وضم الوفد آرون جوردان، نائب كبير المستشارين في لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، وكريس وايت، من لجنة الشئون الخارجية، وجيمس والش، كبير الفنيين بلجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي.

وخلال اللقاء حرصت وزيرة التعاون الدولي، على التأكيد على أهمية العلاقات الوثيقة على مستوى التعاون الإنمائي بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والشراكة التي تمتد لعقود من العمل المشترك لدعم جهود التنمية المستدامة وتحفيز التقارب بين البلدين استنادًا إلى المصالح المشتركة، والفرص الكبيرة المتاحة لتعزيز العلاقات المشتركة لاسيما على المستوى الاقتصادي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في ضوء الجهود التي تقوم بها الدولة لتعزيز جهود التنمية والحفاظ على مكتسباتها في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.

وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى البرامج المختلفة التي يتم تنفيذها مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال المنح السنوية التي تتم إتاحتها لتحقيق العديد من الأهداف من بينها دعم الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية لمجتمع الأعمال، وتحفيز التجارة والاستثمار، وتطوير القوى العاملة وتنمية مهارات الشباب، إلى جانب برامج تطوير قطاع التعليم والتدريب المهني والزراعة والصحة والسياحة. وكانت 

كانت وزارة التعاون الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد وقعتا اتفاقيات 7 منح بقيمة 160 مليون دولار خلال مارس الماضي، ويجري التباحث حاليًا بشأن برنامج المنح التنموية للفترة المقبلة لتنفيذ العديد من المشروعات ذات الأولوية بين الجانبين.

وشددت وزيرة التعاون الدولي، حرص الدولة المصرية على دفع جهود التنمية من خلال إتاحة المزيد من الفرص للقطاع الخاص، مشيرة في ذات السياق إلى لقاءاتها المتعددة مع مؤسسة DFC الأمريكية لبحث زيادة استثماراتها في مصر في المجالات ذات الأولوية، وأنه مع قيام مصر بتحديث مساهماتها الوطنية NDC اتساقًا مع ما تم إعلانه في مؤتمر المناخ COP27 فإن ذلك يتيح فرصًا أكبر للاستثمار المناخي.

ولفتت إلى العديد من المؤسسات الدولية المهتمة بتمويل القطاع الخاص من بينها مؤسسة التمويل الدولية، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إلى جانب الشركاء الثنائيين، مضيفة أن الإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الدولة من 2014 في العديد من القطاعات لاسيما الطاقة المتجددة انعكست على زيادة اهتمام مؤسسات التمويل الدولية بتمويل القطاع الخاص ونتج عنها العديد من النماذج التمويلية الناجحة من أبرزها محطة بنبان للطاقة الشمسية التي ساهم في تمويلها مؤسسات التمويل الدولية وجذبت العديد من المستثمرين المحليين.

وأكدت وزيرة التعاون الدولي، على أهمية الشراكات التي يتم تدشينها بين القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية لتحفيز جهود التنمية في مصر اتساقًا مع رؤية الدولة، حيث تم في هذا الإطار توفير تمويلات من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للقطاع الخاص الذي يعمل على تنفيذ أول ميناء جاف بمدينة السادس من أكتوبر، فضلًا عن تمويل مؤسسات التمويل الدولية لشركة سكاتك النرويجية التي تنفذ مشروع للهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وقد حصلت على ضمانة من وكالة ميجا وتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومنحة من مؤسسة صناديق الاستثمار في المناخ CIF.

وفي ذات السياق أشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى أهمية العمل المناخي والجهود التي تقوم بها الدولة على مدار الفترة الماضية ورئاستها لمؤتمر المناخ COP27، موضحة أن العمل المناخي لم يكن الاهتمام به شائعًا منذ سنوات لكن مع التغيرات المناخية المفاجئة وانعكاسها على التنمية في البلدان المختلفة أضحى الاهتمام به على رأس الأولويات، لافتة إلى أن محفظة التمويل التنموي الجارية تضم عشرات المشروعات في مجالي التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية.

ونوهت إلى الخطوات المتتالية التي اتخذتها الدولة في هذا الصدد حيث أطلقت الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 والمساهمات المحددة وطنيًا NDC كما تم تحديثها مؤخرًا والإعلان عنها خلال الشهر الماضي، وفي ضوء ذلك فقد تم إطلاق المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج «نُوَفِّي» الذي يضم مشروعات متنوعة في مجال التخفيف والتكيف بقطاعات المياه والغذاء والطاقة ويعد نموذجًا للمنصات القطرية لتحفيز التمويل المناخي وتعزيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر في ضوء الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، مضيفة أن البرنامج يسعى بتأييد دولي من مؤسسات التمويل الدولية وشركاء التنمية الثنائيين وأنه خلال مؤتمر المناخ COP27 صدر الإعلان السياسي المشترك بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الاتحادية بشأن دعم محور الطاقة ضمن البرنامج.

وذكرت «المشاط»، أنه تمت صياغة برنامج "نُوَفِّي" وفقًا للرؤى والاستراتيجيات الوطنية، لتوفير التمويلات الإنمائية الميسرة والتمويلات المختلطة المحفزة للقطاع الخاص والدعم الفني والخبرات لتنفيذ المشروعات الخضراء في مجالي التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، مشيرة إلى العديد من الجهود الجارية مع شركاء التنمية منذ إطلاق المنصة وخلال مؤتمر المناخ COP28 سيتم الإعلان عن تفاصيل ونتائج هذه الجهود.

وحرصت وزيرة التعاون الدولي، على الإشارة إلى جهود حوكمة التعاون الإنمائي من خلال مطابقة التمويلات الإنمائية الميسرة مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة تطبيقًا لمعايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمعايير الدولية، للتعرف الدقيق على تأثير هذه التمويلات على الدفع بأهداف التنمية المستدامة وتعزيز عملية اتخاذ القرار المستقبلي وفقًا لتصنيف واضح للتمويل الجارية وتأثيرها، مضيفة أن المحاور الخمسة للاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية يلبي كل محور منها عدد من أهداف التنمية المستدامة.

واستعرضت «المشاط»، تفاصيل تحديث الاستراتيجيات القطرية مع شركاء التنمية على مدار الفترة الماضية وإعداد الإطار الاستراتيجي للشراكة من أجل التنمية المستدامة مع الأمم المتحدة، وكذلك إعداد إطار الشراكة مع البنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والبنك الأفريقي للتنمية وغيرهم من الشركاء وفقًا للأولويات الوطنية وبما يحفز جهود الدولة لتنفيذ رؤيتها وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، مشيرة إلى أن 15% من محفظة التعاون الإنمائي الجارية عبارة عن منح تنموية توجه لتعزيز الدعم الفني وإجراء دراسات الجدوى ودعم عملية بناء القدرات وتعزيز مهارات الكوادر البشرية.

وقالت إن التمويلات التنموية الميسرة تتضمن أيضًا تمويلات لدعم الموازنة لكنها موجهة لمشروعات في صميم الاهتمام بالمواطن المصري على رأسها التأمين الصحي الشامل وبرنامج الحماية الاجتماعية تكافل وكرامة وتعزيز جهود الأمن الغذائي، وغيرها من المجالات.

كما أشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى الجهود الأخرى التي تم تنفيذها خلال مؤتمر المناخ من بينها إطلاق مسابقة دولية للشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا العمل المناخي Climatech Run والتي شهدت مشاركة واسعة من الشركات الناشئة من مختلف دول العالم.

وقدمت وزيرة التعاون الدولي، لممثلي لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي، نسخة من التقرير السنوي للوزارة لعام 2022 الذي يتضمن سردًا لكافة جهود التعاون الإنمائي التي تمت على مدار العام الماضي، وكذا دليل شرم الشيخ للتمويل العادل الذي أطلقته الوزارة بالتعاون مع أكثر من 100 جهة دولية وشريك تنمية لتحفيز التمويل المناخي العادل وتعزيز قدرة الدول النامية والاقتصاديات الناشئة على جذب التمويلات المناخية.

تتضمن جهود التعاون الإنمائي الجارية مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، 11 مشروعًا جاريًا للدعم الفني في مختلف القطاعات، كما يجري تنفيذ 41 مشروعًا وبرنامجًا في مجالات عدة على رأسها التعليم والتنمية الاقتصادية والصحة والحوكمة، بالتعاون مع 14 وزارة جهة، ويجري تنفيذ المشروعات التالية في ضوء أهداف استراتيجية هي التنمية الاقتصادية الشاملة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ودعم الإصلاح الاقتصادي، وتحسين الحوكمة، بما يدعم جهود تحقيق التنمية المستدامة في مصر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتورة رانيا المشاط التعاون الدولى وزيرة التعاون الدولي الوکالة الأمریکیة للتنمیة الدولیة وزیرة التعاون الدولی التنمیة المستدامة التعاون الإنمائی جهود التنمیة للقطاع الخاص مؤتمر المناخ القطاع الخاص العدید من من خلال فی ضوء فی مصر

إقرأ أيضاً:

وزير الاقتصاد: 400 مليار دولار كلفة بناء "سوريا الجديدة"

تدخل سوريا مرحلة جديدة في تاريخها، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، في مشهد يُعيد رسم ملامح الدولة ومؤسساتها واقتصادها.. وهذه العودة ليست مجرد استعادة لما كان، بل هي انطلاقة نحو بناء دولة حديثة تتجاوز إرث الحرب والدمار، وتعيد الاعتبار لمقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وفي ظل التحولات الجذرية التي يشهدها المشهد السوري، تتطلع البلاد إلى استثمار هذه اللحظة المفصلية لإعادة صياغة منظومتها التشريعية والاقتصادية، بما يعكس تطلعات السوريين إلى مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، حسبما أكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور نضال الشعار.

يقدَّرَ الشعار، كلفة إعادة بناء سوريا الجديدة بما يصل إلى 400 مليار دولار، واصفاً المرحلة الراهنة التي تشهدها بلاده بأنها مرحلة تحول تاريخية، لا سيما بعد قرارات رفع العقوبات. كما كشف تبعاً لذلك عن تدفقات استثمارية محتملة.

ويشار إلى أنه مع رفع العقوبات الدولية، بدأت سوريا تشهد اهتماماً متزايداً من المستثمرين، خاصة في ظل حديث الحكومة عن إصلاحات قانونية وبنية تحتية جديدة، بالإضافة إلى مشاريع مدروسة وشراكات استراتيجية مع الدول الصديقة، وجميعها معطيات تضع سوريا أمام فرصة نادرة لتحويل اقتصادها من حالة الانهيار إلى منصة للنمو والاستدامة.

خلال جلسة حوارية  في اليوم الثالث لقمة الإعلام العربي 2025، الأربعاء، وصف وزير الاقتصاد السوري عملية إعادة الإعمار التي ستعمل عليها بلاده بأنها ليست إعادة إعمار سوريا القديمة، إنما بناء سوريا جديدة ومختلفة، قائلاً: "نحن على أعتباب ولادة سوريا جديدة".

ويضيف: "في تاريخنا في سوريا لدينا نسيج صناعي ونسيج تجاري لا مثيل له في المنطقة منذ مئات السنين.. لكن ما حدث خلال الـ 60 عاماً الماضية  أن هذا النسيج تمزق، ونحن اليوم بصدد إعادة بنائه وتكوينه، ولن نقوم بذلك عن طريقة الترقيع".

تدفقات استثمارية

وكشف الوزير السوري، خلال الجلسة التي أدارتها الإعلامية لبنى بوظة، وهي مديرة قسم الاقتصاد في سكاي نيوز عربية، عن استثمارات تترقبها سوريا بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار خلال الفترة الحالية، في مرحلة وصفها بـ "التاريخية" بينما تشهد بلاده تحولات كبيرة بعد القرارات الأخيرة المرتبطة برفع العقوبات التي كانت تقيد سوريا.

وأضاف الشعار: "مع زوال العقوبات أصبحت عملية جذب التدفقات الاستثمارية أيسر، لا سيما مع إزالة العوائق البيروقراطية ومع العمل على تهيئة بيئة قانونية حديثة"، مشيراً إلى توقيع بعض الاتفاقات ومذكرات التفاهم خلال الأشهر القليلة الماضية، وبما يعكس جاهزية الدولة السورية للاستثمار واستقبال رؤوس الأموال.

وفيما يخص تهيئة البيئة التشريعية، كشف عن توجه يستهدف تعديل بعض القوانين الجديدة، من أجل تحويلها إلى أدوات محفزة للتنمية، وذلك في معرض جهود الحكومة السورية الجديدة لجذب الاستثمارات وتيسير البيئة الاستثمارية في مرحلة مهمة من تاريخ البلاد.

وأكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، حرص بلاده على جذب المستثمرين وتجنيبهم الفوضى الاستثمارية التي شهدتها البلاد في المراحل السابقة، فضلاً كذلك عن تمكينهم من إدارة استثماراتهم بأقصى درجات المرونة والثقة. كما كشف عن مبادرات جديدة هادفة لإطلاق مشاريع إنتاجية بدعم من تسهيلات حكومية. وقال إن تلك التسهيلات الحالية تشجع على الاستثمار، سواء من خلال البنية التحتية أو الإجراءات الإدارية.

دور الإمارات

وفي سياق متصل، ثمّن الوزير السوري الدور الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال إنها تتصدر الدول الصديقة لبلاده في حجم الاستثمارات سواء الحالية أو المستقبلية. 

كما أكد الدور الريادي لدولة الإمارات في  في دعم جهود إعادة البناء، وتعزيز التنمية المستدامة في مختلف القطاعات السورية.

وأفاد بأن قيمة أحد استثمارات الإمارات في سوريا بلغت نحو 800 مليون دولار، وهو الأمر الذي يفتح المجال أمام مزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها الصناعات والخدمات.

ووقعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية (دي بي ورلد) بقيمة 800 مليون دولار لتطوير محطة في ميناء طرطوس، وذلك بعد أن أتاح رفع العقوبات الأميركية الفرصة لإبرام الاتفاق.

وتشمل المذكرة تطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، مما يسهم في رفع كفاءة الميناء وزيادة طاقته التشغيلية وتعزيز دوره كمركز محوري لحركة التجارة الإقليمية والدولية.

ووصف وزير الاقتصاد السوري "الموانئ السورية" بأنها كانت البوابة الرئيسية لجذب الاستثمارات. لكنه في الوقت نفسه شدد على أن الاستثمارات لم تقتصر على قطاع النقل البحري فقط، لكنها امتدت كذلك إلى قطاعات مختلفة (الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتطوير العقاري والخدمات المرافقة).

الأموال المجمدة

كما تطرق الشعار في سياق متصل عن الأموال السورية المجمدة في الخارج، مشيراً إلى سلسلة من الجهود المبذولة من أجل استعادة تلك الأموال، لكنه في الوقت نفسه كشف عن أنها "لا تمثل مبالغ ضخمة".

وأفاد بأن النظام كان قادرًا، في بداية ما جرى في سوريا، على استعادة الجزء الأكبر من الأموال الموجودة في الخارج، والتي كانت بمبالغ ضخمة. وأضاف: "ما تبقى من هذه الأموال في الخارج لا يُعد رقمًا كبيرًا مقارنة بما يمكن أن نحصل عليه من استثمارات قادمة من الخارج"، مشيرًا إلى أن هذا الرقم المتبقي – رغم صغر حجمه النسبي – يبقى مهمًا جدًا في ظل الأوضاع الحالية. وأوضح أن "كل رقم له أهميته، ولا يمكن اعتباره مبلغًا بسيطًا أو يمكن تجاوزه".

وأكد الوزير أن الحكومة تعمل حاليًا على إعادة تلك الأموال المجمدة بالخارج، سواء عبر التفاوض المباشر، أو عبر طرف ثالث، أو باستخدامها لشراء احتياجات الدولة. وأضاف: "هناك عدة طرق مطروحة ونعمل على استغلالها بأقصى قدر ممكن".

الليرة

وإلى ذلك، وفيما يخص "الليرة السورية"، تحدث وزير الاقتصاد والصناعة عن دراسة هادفة لإعادة هيكلة النظام المالي في البلاد، وقال إنه مع دخول سوريا مرحلة جديدة "اختفت الإتاوات"، كاشفاً عن دراسة إصدار عملة جديدة أو اللجوء إلى العملات الرقمية، وذلك في إطار تطوير المعاملات المالية وتحديث البنية المصرفية.

وحول موقف الحكومة من مسألة الخصخصة، اعتبر وزير الاقتصاد والصناعة السوري أن "الخصخصة" مصطلح فضفاض، مشددًا على أن الحكومة لا تبيع ممتلكات السوريين، بل تديرها لتحقيق مصالحهم. وأوضح أن الأصول تُعد ملكية عامة، وما يجري هو عملية إدارة ممنهجة ومدروسة تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة لجميع الفئات.

وأضاف الوزير أن هذه الإدارة تتخذ أشكالًا متعددة، وأحيانًا قد نضطر للتخلي عن ملكية ما إذا كانت تشكل عبئًا، فإذا كانت عبئًا على الحكومة فهي عبء أيضًا على الشعب السوري بالتبعية. وأكد أن هناك عدة نماذج مطروحة: مثل نظام B.O.T، ونظام P.P.P، وغيرها من النماذج التي سيتم العمل على استكشافها وتطبيقها بما يخدم المصلحة العامة.

وخلال الجلسة الحوارية، قال الشعار: "لدينا حرية اتخاذ القرار في قطاعات حيوية، خصوصاً في مجالات الصناعة والإنتاج، ونحرص على الشراكة في صنع القرار لضمان استدامة التطوير".

وكشف أنه يتم العمل على تحضير خريطة استثمارية تخص القطاعات السياحية والصناعية، على أن يتم عرضها على المستثمرين بكل شفافية.

التعامل مع الرئيس

واعتبر الوزير إن التعامل مع الرئيس السوري أحمد الشرع، ليس صعبًا على الإطلاق، موضحًا أن "الرئيس السوري يفتح أبوابه للجميع، ونحن كوزراء لدينا خط اتصال مفتوح معه، وهو ما يُسهّل عملنا بشكل كبير". وأكد أن الرئيس الشرع "مستمع بإخلاص"، مشيرًا إلى أنه لا يكتفي بالاستماع، بل يشارك بآرائه بهدوء واحترام، ويأخذ بعين الاعتبار رأيه الشخصي ورأي الطرف الآخر، وهو ما يُثري النقاشات.

وحول الأداء الاقتصادي في ظل توجيهات الرئيس، قال الوزير: "الأداء جيد جدًا في هذه المرحلة.. لقد أنجزنا العديد من الخطوات المهمة، وأزلنا معوقات كثيرة كانت تعيق حركة الاقتصاد والصناعة، خصوصًا في ما يتعلق بتشغيل المصانع المتوقفة".

وأشار الشعار إلى أن أكثر من 300 مصنع مملوك للدولة قد عاد للعمل، وإن لم يكن بكامل طاقته الإنتاجية، إلا أنه عاد للإنتاج بشكل جزئي على الأقل. أما في القطاع الخاص، فقد أوضح على سبيل المثال أن أكثر من 400 منشأة في حلب قد استأنفت نشاطها، كما دخل أكثر من 70 مصنعًا من الشمال إلى حلب بخطوط إنتاج جديدة، ما يعكس تحسنًا تدريجيًا في النشاط الصناعي.

إطلاق الحريات

وخلال الحوار، قال الشرع: من الواضح تمامًا أن توجه القيادة اليوم هو نحو إطلاق الحريات، واستثمار الكفاءات الوطنية بشكل كامل. نشعر الآن بحرية شبه مطلقة في إصدار وتنفيذ القرارات، وهذا التوجه بدأ يعطي ثماره بشكل واضح على أرض الواقع".

وأضاف: "صحيح أن هناك مشاكل نواجهها، وأبرزها تراكمات الإرث القديم، خاصة الإرث القانوني المتهالك في سوريا، حيث توجد قوانين جيدة نعمل بها حاليًا، كما أن هناك أيضًا قوانين أخرى صدرت سابقًا، وكانت مصممة لخدمة أشخاص أو جهات معينة، وهذه القوانين تعرقل العمل إلى حد كبير"..  وأكد الوزير أن الحكومة تحاول إدارة هذه التحديات بأفضل ما يمكن، لتحقيق الفائدة القصوى للشعب السوري.

قانون الاستثمار

وتابع الشعار: نحن اليوم نؤمن بأن الدولة يجب ألا تتدخل في الإنتاج بشكل مباشر. فلا يجوز أن تقوم الدولة بإنتاج الألبان، ولا أن تصنع الأحذية على سبيل المثال، فدور الدولة هو تسيير الأعمال وتيسيرها، وليس القيام بها بشكل مباشر.

واستطرد: في سوريا، لدينا أكثر من 1200 مصنع، جزء كبير منها مخصص للسلع الاستهلاكية، والحل الأمثل هو أن يتسلم القطاع الخاص هذه المصانع للقيام بدوره في الإنتاج، مع التأكيد على أن حصة الشعب السوري محفوظة، ولن نفرط بها بأي حال من الأحوال. لذلك، فإن استخدام مصطلح "الخصخصة" قد يكون مضللًا في بعض الأحيان، ومن الأفضل أن نسميه "حسن إدارة أموال الشعب"، كاشفاً عن عرض عدد من المصانع حاليًا، وإجراء مناقشات مع المستثمرين، وستتم العملية وفق آلية المزايدة.

وقال: كما أننا فتحنا أبواب سوريا أمام الاستثمار، ونعمل حاليًا على إعداد قانون استثمار جديد يهيئ بيئة أكثر جذبًا للاستثمار في سوريا

قطاع السياحة

أما عن قطاع السياحة بشكل خاص، فقد كشف عن خطة استثمارية وطنية شاملة مرتبطة بالقطاع، مؤكداً في الوقت نفسه على أن السياحة من الأعمدة الأساسية بالنسبة للاقتصاد السوري. كما نوّه بأنه يتم العمل مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين من أجل إعادة صياغة خطة شاملة تتماشى والطابع الحضاري لسوريا.

وأشار الشعار إلى حجم الدمار الذي لحق المعالم السياحية في بلاده خلال السنوات الماضية، مؤكداً الحاجة إلى مطورين متخصصين في القطاع. كما أشار في الوقت نفسه إلى دبي كنموذج مهم فيما يخص القطاع السياحي.

وقال: "نحن نسعى لأن نكون جزءًا فاعلًا في المجتمع الدولي، ونهدف إلى جذب السياح من مختلف أنحاء العالم. ومن هذا المنطلق، لا بد أن نستعين بخبرات سياحية من خارج سوريا، للاستفادة من تجاربهم وتطوير قطاعنا السياحي.. اليوم، الباب مفتوح للجميع". وقال إنه تم تلقي عروض من شركات مختلفة.

حياة السوريين

وعلّقَ وزير الاقتصاد والصناعة السوري عن تصريحات الرئيس السوري الأخيرة خلال زيارته إلى حلب، حين قال: "انتهت حربنا على الطغاة وبدأت حربنا على الفقر"، وما إذا كان السوريون سيشعرون بتحسن فعلي في أوضاعهم المعيشية قريباً، وقال: "الحقيقة أن هناك اختلافًا بدأ يظهر خلال الأشهر الستة الماضية، والاختلاف واضح في توفر المواد الأساسية والسلع، وهذا أمر كان شبه مستحيل في السابق".

وأضاف: "اليوم لم تعد هناك مشكلة في المحروقات أو السكر أو حتى البصل، الذي كان يُوزع سابقًا عبر البطاقة الذكية. الآن، السلع متوفرة والأسعار انخفضت بفعل زيادة العرض، وهذا بدوره ساعد على استقرار سعر الصرف نسبيًا".

وأضاف: "الأهم من ذلك أن الورشات بدأت تعود للعمل، وهذا هو جوهر ما قاله السيد الرئيس إن محاربة الفقر تعني وضع المال في جيوب الناس، وهذا يتحقق عبر تمكين العملية الإنتاجية، بدءًا من أصغر وحدة إنتاجية في سوريا، ومن أبسط الحرفيين والعمال."

وختم الوزير بالقول: "لا يمكننا الجزم بالمستقبل، لكننا نتمنى أن تسير الأمور كما نحلم جميعًا، وكما يحلم كل فرد في الشعب السوري، بكل مكوناته".

وأشار الشعار بفخر إلى دور الشباب السوري العائد إلى وطنه من الخارج، ووصف الشباب السوري عموماً بأنهم وقود المرحلة القادمة والعنصر الأهم في بناء سوريا المستقبل.

وقال إن الفرد السوري يمتلك مؤهلات ومدخرات كان يخشى عليها في السابق، لكنه اليوم بات أكثر اطمئنانًا وقدرة على استثمارها، موضحاً أن هناك موارد محلية متوفرة يجب إطلاقها في سوريا "ونحن نعمل على ذلك من خلال تقديم كل التسهيلات الممكنة.. كما نمنح التاجر والصناعي والحرفي الحرية الكاملة لمزاولة أعمالهم دون أي ضغوط، فلا نصدر أوامر قسرية، وأي قرار تتخذه الوزارة يتم بشكل علني وبمشاركة الجميع، مما جعل مستوى الانتقاد يقترب من الصفر لأنه قرار تشاركي". وفي الوقت الراهن، هناك طاقات سورية كامنة يمكن استثمارها لتحقيق التنمية.

مقالات مشابهة

  • 351.7 مليار ريال تمويلات للمنشآت الصغيرة
  • المشاط تُشارك في مؤتمر بنك التنمية الجديد حول ترسيخ ثقافة المساءلة والتقييم لدفع مسار التنمية
  • وزير الاقتصاد: 400 مليار دولار كلفة بناء "سوريا الجديدة"
  • بعد ثبوت رؤية الهلال رسميًا.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 وعدد أيامها للقطاع الخاص
  • الدكتورة رانيا المشاط تجتمع مع اللجنة التنفيذية لمجموعة شركاء التنمية (DPG) في مصر برئاسة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي
  • المشاط: تطوير آليات العمل مع شركاء التنمية للتوسع في البرامج الموجّهة للقطاع الخاص
  • المشاط تجتمع مع اللجنة التنفيذية لمجموعة شركاء التنمية (DPG) في مصر برئاسة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي
  • برلماني: الدولة أتاحت الفرصة للقطاع الخاص للعمل في قطاع المياه والصرف الصحي
  • التنمية المحلية: «تنمية الصعيد» أبرز نماذج التعاون التنموي بين الحكومة والبنك الدولي
  • وزيرة التنمية المحلية: الدولة ضخت 360 مليار جنيه لتطوير 1477قرية