الجامعات تخدم أكثر من 86 ألف مواطن ضمن مبادرة "بداية"
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
أعلن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مشاركة الوزارة ومختلف الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان".
يأتي ذلك في إطار مواصلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مشاركتها الفعّالة في كافة المبادرات الرئاسية.
وأكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن الجامعات المصرية بدأت في تنفيذ حزمة من الأنشطة والفعاليات التي تتفق مع أهداف المبادرة الرئاسية، والتي تتضمن مجموعة من المحاور، أبرزها تعزيز الأمن القومي، الاستثمار في العنصر البشري، تطوير اقتصاد تنافسي،، تحسين النظام الصحي، توفير تعليم أفضل، تأمين فرص العمل اللائق، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
وأوضح وزير التعليم العالي أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع كافة أجهزة ومؤسسات الدولة والمحافظات ومختلف أقاليم الجمهورية لتحقيق مستهدفات المبادرة بما يحقق نتائج إيجابية يشعر بها المواطن في خلال فترة وجيزة، مؤكدًا أن هناك تكاملا وتنسيقًا مستمرًا مع كافة الوزارات والجهات المعنية، مثل:الصحة، التربية والتعليم ،الأوقاف ،الثقافة ،التضامن الاجتماعي ،الشباب والرياضة إلى جانب العديد من مؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف الوزير أن هناك تماسًا وتوافقًا بين أهداف مبادرة " بداية جديدة لبناء الإنسان " ومبادئ الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي وبخاصة مبادئ المشاركة الفعّالة، والاستدامة، والتواصل، والابتكار، وريادة الأعمال، مشيرا إلى أن مشاركة وزارة التعليم العالي في المبادرة الرئاسية "بداية جديدة " يستهدف خدمة الأقاليم الجغرافية السبعة، وذلك تنفيذًا للمبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" وتشمل (إقليم القاهرة الكبرى، إقليم الإسكندرية، إقليم الدلتا، إقليم قناة السويس، إقليم شمال الصعيد، إقليم وسط الصعيد، إقليم جنوب الصعيد).إطلاق 64 قافلة تنموية شاملة من الجامعات
وأوضح الدكتور عادل عبد الغفّار المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن الجامعات الحكومية نجحت في إطلاق 64 قافلة تنموية شاملة، قدمت خدماتها لـ 86.141 مواطنًا من مختلف الفئات العمرية والشرائح المجتمعية.
حيث نظمت جامعات إقليم الدلتا، والتي تشمل (جامعة طنطا، المنصورة، المنوفية، دمياط، كفر الشيخ ، جامعة مدينة السادات) 15 قافلة تنموية قدمت خدماتها لـ ( 30.297) مواطن .
كما أطلقت جامعات إقليم القاهرة الكبرى وتشمل ( القاهرة، عين شمس، حلوان، بنها)، 11 قافلة تنموية شاملة قدمت خدماتها لـ(18.242) مواطنًا.
وأطلقت جامعات إقليم القناة وسيناء ويشمل( جامعة قناة السويس، جامعة بورسعيد، جامعة الزقازيق، جامعة السويس)، 6 قوافل استفاد من خدماتها (9968) مواطنًا.
ونجحت جامعات إقليم وسط الصعيد وتشمل ( أسيوط، الوادي الجديد) في خدمة ( 9348) مواطن من خلال إطلاق 5 قوافل تنموية شاملة.
أما عن جامعات إقليم جنوب الصعيد والتي تضم جامعات ( جنوب الوادي، سوهاج، الأقصر، أسوان) فقد أطلقت 18 قافلة تنموية شاملة قدمت خدماتها المتنوعة لـ( 7975) مواطنًا
ونفذت جامعات إقليم الإسكندرية، وتشمل ( جامعة الإسكندرية ، مطروح ، دمنهور) 6 قوافل تنموية شاملة ، استفاد من خدماتها ( 3773) مواطنًا.
وأطلقت جامعات إقليم جنوب الصعيد وتشمل (جامعة جنوب الوادي، سوهاج، الأقصر، أسوان)، 18 قافلة تنموية شاملة استفاد من خدماتها (7975) مواطنًا.
وجاءت أبرز أنشطة الجامعات في إطار تنفيذ المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الانسان" في تقديم الخدمات الطبية من خلال العيادات الثابتة والمتنقلة للكشف المجاني على المواطنين في مختلف التخصصات الطبية منها ( جراحة المخ والأعصاب، طب الأطفال، جراحة العظام، الأمراض الجلدية، أمراض الباطنة، جراحة المسالك البولية ، الأنف والأذن والحنجرة، الجراحة العامة، الأمراض الصدرية، النفسية والعصبية، طب وجراحة العيون، عيادة القلب والأوعية، الصحة الإنجابية، والأسنان).
كما تم صرف العلاج مجانًا لجميع المستفيدين من الخدمات الطبية، بالإضافة إلى الخدمات التمريضية من قياس الضغط والسكر، وإجراء التحاليل الطبية بالمجان، فضلًا عن تحويل الحالات الحرجة لتلقي واستكمال العلاج والفحص بالمستشفيات الجامعية دون تحمل أية أعباء مالية.
كما شملت القوافل التنموية الشاملة التي أطلقتها الجامعات تقديم خدمات الإرشاد الزراعي لمناقشة أهم مشاكل المزارعين، وتعريفهم بأفضل طرق زراعة المحاصيل المختلفة، وأنسب مواعيد للزراعة وكيفية الاستغلال الأمثل للمساحة، وكيفية إعداد وتجهيز الأرض لزراعتها، وأهمية استخدام الأسمدة الحيوية وتلافي مخاطر الأسمدة الكيماوية، وتطوير الري الحقلي وترشيد استخدام المياه، إلى جانب إطلاق العديد من القوافل البيطرية لخدمة القرى والنجوع.
وتحت شعار " أسرة مصرية بلا أمية "، نجحت القوافل التنموية الشاملة للجامعات في فتح فصول محو الأمية وعقد امتحانات تحديد مستوى للأهالي، وتسليم شهادات محو الأمية للمتحررين منها، بالتنسيق مع الهيئة العامة لتعليم الكبار ومديرياتها بمختلف المحافظات.
كما تضمنت القوافل التنموية الشاملة للجامعات توزيع مساعدات عينية ،بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، من أغذية متنوعة وأجهزة تعويضية لذوي الاحتياجات الخاصة والملابس الجاهزة والأقمشة بالتعاون مع بنك الكساء المصري، بالإضافة إلى توزيع شنط إسعافات أولية، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر المصري، وتوزيع المستلزمات المدرسية من شنط وأدوات مدرسية بالتنسيق والتعاون مع مؤسسة حياة كريمة ومؤسسة مصر الخير.
وفيما يتعلق بمحور حملات التوعية، تم تقديم ندوات ومحاضرات توعوية للمواطنين حول العديد من الموضوعات من أبرزها( التوعية بالأمراض المستوطنة وطرق علاجها، الصحة الإنجابية ووسائل منع الحمل وصحة المرأة، الكشف المبكر عن سرطان الثدي والفحص الذاتي للثدي، أهمية الكشف الطبي للمقبلين على الزواج، مخاطر التدخين والإدمان وتعاطي المخدرات بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، مخاطر التلوث وكيفية معالجته وتدوير المخلفات، التغذية الصحية السليمة، الإسعافات الأولية، الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر من الناحية القانونية والاجتماعية، آليات مكافحة الفساد، مواجهة العنف ضد المرأة بالتنسيق مع وحدات مناهضة العنف ضد المرأة وندوات تنمية الوعي البيئي والتوعية بالجرائم الإلكترونية والهجمات السيبرانية).
هذا إلى جانب برامج التوجيه والإرشاد النفسي للفتيات والمراهقين، وكيفية مواجهة ضغوط الحياة لمختلف الشرائح العمرية، وكذلك ندوات حول التربية الإيجابية، وتعزيز الصحة البدنية في مرحلة الطفولة المبكرة، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى الأطفال، بالإضافة إلى ندوات تعريفية حول نشر ثقافة مبادرة بداية لبناء الإنسان.
كما تضمنت مشاركة الجامعات المصرية في المبادرة الرئاسية " بداية جديدة لبناء الإنسان"، تنفيذ حزمة من الدورات التدريبية في العديد من المجالات، من بينها( تنمية مهارات معلمات المدارس، دورات تنمية مهارات التواصل الفعّال والقيادة الفعّالة، بالتعاون مع مجلس الشباب المصري، دورات تدريبية حول مبادئ الحاسب الآلي، بالإضافة إلى دورات TOT لمنسوبي الجامعات من أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجهاز الإداري، كما تم تنظيم عدد من الدورات التدريبية للأئمة والواعظات بالتنسيق مع وزارة الأوقاف والأزهر إلى جانب حفظ القرآن الكريم والتجويد.
وامتدت أنشطة الجامعات المصرية في إطار المبادرة الرئاسية " بداية جديدة لبناء الإنسان" إلى إقامة وتنظيم عدد من المعسكرات الكشفية لإعداد قادة الكشافة لإكساب الطلاب المشاركين مجموعة من المهارات والخبرات الكشفية والحياتية، وتنمية وتعظيم روح الولاء والانتماء للوطن من خلال التدريب على الأعمال التطوعية والمشاركة المجتمعية، بالإضافة إلى إقامة عدد من المهرجانات للأنشطة الرياضية ضمن مبادرة " 100 يوم رياضة".
كما حرصت الجامعات على تنظيم مجموعة من ورش العمل لتنمية مهارات الشباب بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، من بينها ورش حول ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والحرف التراثية والمشغولات اليدوية إلى جانب ورش التأهيل لسوق العمل من خلال كيفية كتابة السيرة الذاتية، وأهمية اكتساب المهارات التكنولوجية، وورش إنتاج قطع ملابس، وأشغال فنية وطباعة على التيشيرتات، وورش صناعة المنسوجات، وتصنيع العرائس، وفي إطار مبادرة " صنايعية مصر" تم تدريب الشباب على كيفية إصلاح أعطال السيارات، وأعمال التبريد والتكييف، وأعمال اللحام، ودهان الأعمال الخشبية والمعدنية، والخراطة الميكانيكية، وأساسيات كهرباء السيارات، بجانب إقامة مجوعة من الأنشطة الفنية، والثقافية، والترفيهية، وفقرات الفنون الشعبية، بالتنسيق مع الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وحرصت الجامعات المصرية على تنظيم مجموعة من الفعاليات الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة من مختلف الشرائح العمرية، حيث تم إطلاق قافلة طبية توعوية لدعم بطولة الأولمبياد الخاص للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وقافلة أخرى لخدمة أبطال متلازمة داون.
وتواصل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جهودها لدعم المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية " بداية جديدة لبناء الإنسان" من خلال تحفيز إقامة كافة الأنشطة والفعاليات التي من شأنها تحسين جودة حياة المصريين في كل المجالات وعلى كافة المستويات بما يتماشى مع أهداف الجمهورية الجديدة وفق رؤية مصر 2030.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجامعات التعليم العالى مؤسسات التعليم العالي وزير التعليم العالي أيمن عاشور الدكتور أيمن عاشور بداية التعلیم العالی والبحث العلمی بدایة جدیدة لبناء الإنسان وزارة التعلیم العالی قافلة تنمویة شاملة المبادرة الرئاسیة الجامعات المصریة بالإضافة إلى جامعات إقلیم قدمت خدماتها بالتنسیق مع بالتعاون مع العدید من مجموعة من إلى جانب فی إطار من خلال مواطن ا
إقرأ أيضاً:
قافلة الصمود.. هل تكون هذه المبادرة بداية لتشكّل الاتجاه الثالث في المقاومة؟
انطلقت "قافلة الصمود"، الطبية الإنسانية من تونس نحو غزة عبر معبر رفح المغلق، في 9 يونيو 2025. وصاحبتها شعارات مختلفة، مثل "التضامن مع الغزاوين" و"إيصال مواد طبية ضرورية ومساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين العالقين". وكان مسارها أشبة بكرة الثلج التي تتضخم كلّما تدحرجت إلى الأمام. فانضمت إليها أكثر من 300 مركبة وشارك فيها أكثر من ألف متضامن بعضهم جاء من الجزائر وموريتانيا والمغرب وآخرون انضموا إليها في الغرب الليبي، أو وفد من البلدان الغربية. وهذا ما رفع منسوب الحماسة فأعلن بعض المشاركين عزمهم على تخطي كل الحواجز الديوانية وإن بالإرغام والإكراه لرفع الحصار عن غزّة.
وطبيعي أن تتحوّل مثل هذه المبادرة إلى مثار لجدل كبير . فارتفعت أصوات مهللة مبتهجة بالعثور أخيرا عن بقايا نخوة، من شأنها أن ترفع الحرج عن الضمير العربي وتحفظ شيئا من ماء الوجه على الأقل، إن هي عجزت عن رفع الضيم عن فلسطيني غزّة. وبرزت بالمقابل أصوات محترزة ترى في القافلة عملا مغامرا متهوّرا يضع أمن مصر خاصة على المحكّ دون جدوى أو فاعلية. ضمن هذا الأفق تحاول ورقتنا أن تجعل المبادرة موضوع تأمل بصرف النّظر عن مسارها ونتائجها المباشرة، وهي المعطلة الآن والمعطشة العالقة في الشرق الليبي.
ـ 2 ـ
لم تسلم القافلة عند انطلاقها من تونس من الخلافات الإيديولوجية ومن التوظيف السياسي، بين اليسار التونسي واليمين الإسلامي خاصّة. فقد نُسب إلى بعض أنصار النهضة القول بأنّ المبادرة بتنظيم هذه القافلة سطو على أفكار الحركة ومشاريعها. وتعالت أصوات من اليسار تتبجح بهذا المنجز فتنسبه لنفسها أو تحذّر من تحوّل القافلة إلى ملاذ لقيادات النهضة المطلوبين للعدالة بحثا عن مفرّ في ظل الحصار الذي يضربه عليهم النظام الحالي.
وفي مصر تعالت أصوات تجد في القافلة "شو إعلامي" ومزايدة مجانية على الجمهورية المصرية وعلى موقفها الداعم للقضية الفلسطينية ومؤامرةً تضع تحديات كثيرة أمامها. فالوضع الأمني الهش في المنطقة بأسرها لا يحتمل وفود آلاف الأشخاص الذين لا نعرف شيئا كثيرا عن انتماءاتهم وعن فرضية اندساس بقايا الإخوان بينهم.
يمكن أن نختزل حاصل مسار السلام برعاية غربية في سلسلة من التنازلات الفلسطينية مقابل وعود كاذبة مؤجلة التنفيذ آخرها، إخلاء العديد من الرهائن من غزة مقابل الوعد بالنظر في كف العدوان. ومن هذا المنطلق نعتقد أن خيار السلام كان أكثر إيذاءً للفلسطينيين من خيار الحرب.تحول الجدل في مستوى ثالث إلى مجال "للفتوى الدينية" على منصّات التواصل الاجتماعي. فأدان بعض الناشطين الاختلاط بين الجنسين وسفر بعض النساء في الخلاء مع غرباء. ولم يحدّ من تشدّدهم غير بيانات بعض الهيئات الإسلامية. فأصدرت هيئة علماء فلسطين بياناً يعدّ "كسر الحصار عن المسلمين المحاصرين في غزة هو واجب شرعي لا يجوز التخلي عنه" ويدعو إلى "تشجيع قوافل كسر الحصار والانضمام إليها". وأشار بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عبر أمينه العام علي الصلابي إلى أنّ القافلة "تحمل رسالة شعبية حضارية تعبر عن وعي جماهيري بعدالة القضية الفلسطينية، ورفض الإبادة والظلم"، ووجد فيها "رسالة إنسانية بحتة، لا تستهدف أي نظام عربي، بل تدعو إلى إنقاذ ما تبقى من القيم الإنسانية والشرعية".
ـ 3 ـ
بالمقابل تحاول الهيئة التسييرية للقافلة النأي بنفسها عن هذا الجدل، وتصحيح بعض التصورات حول مبادرتها سواء عبر بيانها أو عبر مداخلات صاحب المبادرة الدكتور محمد أمين بن نور، مشرف اللجنة الطبية في قافلة والطبيب العائد مؤخرا من غزة. فتشير إلى أنّ القافلة امتداد لمبادرات مدنية سابقة تهدف إلى كسر الحصار وفضح التواطؤ الدولي مع آلة الحرب الإسرائيلية. وتنزل عملها ضمن فلسفة المقاومة اللاعنفية، وتأكّد أنها لا تحمل أي لون سياسي أو إيديولوجي. فهي باختصار قافلة شعبية مغاربية تضمّ مواطنين وفاعلين مدنيين ومن الطبيعي أن يكونوا متنوعي الانتماءات. وتشدّد خاصّة على أنها "لا تحمل أي موقف معاد للنّظام المصري" وأنها "تقدر حساسية المصريين تجاه سيادتهم وأمنهم" وأنّ "علاقتها بالسلطات المصرية تقتصر على التواصل حول الجوانب القانونية والإدارية والأمنية المتعلقة بمسار القافلة على أراضيها." والأمارة على ذلك لقاء أعضاء منها بالسفير المصري في تونس لشرح طبيعة القافلة وأهدافها السلمية والإنسانية.
وللحد من حماسة بعض المشاركين فيها وتصريحاتهم المتهورة أشار البيان إلى أن القافلة لن تدخل مصر دون موافقة السلطات والتفاهم معها حول مختلف إجراءات الدخول وأنّ خطابهم سيوجه حصراً ضد العدو الصهيوني.
ـ 4 ـ
من البديهي أن يطرح السؤال حول طموح هذه القافلة التي ترفع سقف الانتظار عاليا جدا، بداية من تحدي قطع الطريق الصحراوي الطويل وتجاوز الحواجز الكثيرة في ليبيا ومصر إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع. ولكن بعيدا عن مدى توفقها في تحقيق أهدافها من المهم الوعي بأن هذه المبادرة عمل رمزي تضامني بالأساس ينتصر إلى الكرامة الإنسانية ويهدف إلى رفع مستوى الوعي بالأزمة المستمرة في القطاع، عربيا وعالميا.
يجدر، في تقديرنا، أن نصنّف هذه المبادرة ضمن الطريق الثالث الذي يمكن أن تسلكه القضية الفلسطينية بعد أن وقعت في متاهة الحرب والسلام معا. صحيح أنّ المقاومة المسلحة التي يكفلها القانون الدولي تظل ضرورية للحفاظ على الحق الفلسطيني. ولكن من المهم أيضا الوعي بأنها غير قادرة بمفردها على حسم المعركة وإيلام إسرائيل كثيرا. فتوازن القوى يعاني من اختلال كبير لصالحها وهي التي تمتلك جيشا متطورا وأجهزة مخابرات شديدة الفاعلية وتجد الدّعم الخارجي من قبل عالم غربي متواطئ يضع الأمن الإسرائيلي على رأس أولوياته. أما الفلسطينيون فيواجهون حصارا دوليا رهيبا رغم أسلحتهم البدائية. والدمار الشديد الذي لحق بغزّة والتهجير والتجويع أمام أنظار العالم العاجز على إنفاذ القانون ضد إسرائيل إثر عملية طوفان الأقصى خير دليل على ذلك.
ـ 5 ـ
ومن المهم أن ندرك أن أنظار الفلسطينيين كانت موجهة إلى خيار التفاوض وهي تضع اليد على الزناد. والعودة إلى تاريخ منظمة التحرير الفلسطينية والتوقف عند ظهور الزعيم ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام 1974 قائلا "جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون في يدي، وببندقية الثائر في يدي، فلا تسقط الغصن الأخضر من يدي" أو "الحرب تندلع من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين"، تؤكّد زعمنا وتجعلنا نفهم سبب إسقاطهم للبندقية بعد أن تسرعوا في إعلان الدولة من قبل المجلس في 15 نوفمبر 1988 وسلموا بحل الدولتين واعترفوا ضمنيا بالقرار 242 لمجلس الأمن الدولي الذي ينص على إنهاء حالة الحرب والاعتراف بإسرائيل دون أن يربط ذلك بحل قضيتهم ويعد أن شاركوا بتهوّر في مؤتمر مدريد للسلام ووقعوا على اتفاق أوسلو . ولكنّ يتّضح الآن أنّ خيار السلام الذي رافق رحلة النضال الفلسطيني منذ بدايته، لم يقلّ خطورة عن خيار الحرب والمواجهة المسلحة.
يمكن أن نختزل حاصل مسار السلام برعاية غربية في سلسلة من التنازلات الفلسطينية مقابل وعود كاذبة مؤجلة التنفيذ آخرها، إخلاء العديد من الرهائن من غزة مقابل الوعد بالنظر في كف العدوان. ومن هذا المنطلق نعتقد أن خيار السلام كان أكثر إيذاءً للفلسطينيين من خيار الحرب. فقد ذهب بنضالاتهم وجعل من السلطة تدرك جيدا أن لا أمل لها في تحقيق الاستقلال طالما أن الخصم هو من يضبط قواعد اللعبة ويعلن نفسه حكما عليها. فكتفي بأن تقايض سلامها الذاتي بالأرض التي تقضم يوميا أمام أعينها. وتعلن نفسها شرطيا يحرس أمن إسرائيل مقال إطلاق يد رجالها في أموال الضرائب والإعانات بحيث يتحوّل السلام إلى استسلام معلن.
يعني هذا التشخيص السريع ضرورة وجود اتجاه ثالث يبدع سبلا مبتكرة للمقاومة تتطلب رباطة الجأش وطول النفس وتكون وسطا بين "غصن الزيتون" و"بندقية الثائر" حماية للحق الفلسطيني وضمانا لبقاء الذات الفلسطينية ولاستمرار صمودها. وقوافل المساعدات وسفن كسر الحصار يمكن أن تكون بعض عناصرها الفاعلة.
ـ 6 ـ
لمثل هذه القوافل، حين تُكثّف وتُنسق جيدا أن تكون فعلا تحرّريا مبدعا وغير عنفي. ولها أن تحلّ على رأس خيارات الاتجاه الثالث في المقاومة الفلسطينية والعالمية. والتاريخ الإنساني القريب يجود علينا بتجربتين عميقتين للمقاومة غير العنفية.
تمثّل المواقف من القافلة إعادة صياغة للتعامل مع معاناة الفلسطينيين عربيا ودوليا. فبقدر ما أبدت الأنظمة الرسمية توجسها منها ونسّقت فيما بينها لمنعها رغم بعض المواقف الدبلوماسية المرائية تميزت المواقف الشعبية بالاندفاع والحماسة.أول هاتين التجربتين ، نضال غاندي زعيم الهند في مواجهة الاستعمار الإنجليزي. فقد انطلق من فلسفته الرافضة للعنف، والمركزة على السلام والعدالة. وواجه استبداده وتحدى قوانينه الاستعمارية من خلال العصيان المدني الشامل. فقاد مسيرات شعبية تتجه إلى البحر لتستخرج الملح الذي تحتكره السلطات البريطانية لنفسها. ونظّم احتجاجات الفلاحين والمزارعين والعمال في فترات مختلفة من النصف الأول من القرن العشرين. ونضاله غير العنفي لا يعني أبدا أنّ فلسفته سلبية. فقد كان يعي بما يحيق به من الخطر الوعي الكامل والعميق. ولكن إصراره وقدرته على حشد الجماهير عبر المقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن أو الموت دفاعا عن القيم والمبادئ جعلته يتحدى الخوف ويتغلب على انعدام تكافؤ القوى. وعبر هذا الفعل المقاوم أمكن للهند الحصول على استقلالها رغم مصالح بريطانيا الكبيرة في شبه القارة، الأمر الذي ألهم الكثير ين للمضي بعيدا في دفاعهم عن الحقوق المدنية والحريات.
وتمثل المسيرة الخضراء في مواجهة الأسبان مثالا ثانيا ملهما. فقد أطلق الملك المغربي في نوفمبر 1975 مسيرة سلمية تنطلق من مختلف الأقاليم المغربية لتحرير الصحراوية الجنوبية المغربية الواقعة تحت السيطرة الإسبانية. وشارك فيها حوالي 350 ألف مغربي بدون سلاح، مكتفين برفع القرآن والعلم الوطني المغربي. وأمكن لهم الدخول إلى الأراضي الصحراوية بالفعل، وأُرغم الإسبان على توقيع اتفاقية مدريد يوم 14 نوفمبر 1975والتخلي على الإقليم 26 فبراير 1976.
ـ 7 ـ
تمثّل المواقف من القافلة إعادة صياغة للتعامل مع معاناة الفلسطينيين عربيا ودوليا. فبقدر ما أبدت الأنظمة الرسمية توجسها منها ونسّقت فيما بينها لمنعها رغم بعض المواقف الدبلوماسية المرائية تميزت المواقف الشعبية بالاندفاع والحماسة. ولكنها ظلت مشتتة غير قادرة على التلاحم أو التعاضد لتشكل قوة موازية متناغمة. ولكن مهما تكن نتائج قافلة الصمود، لا بد من تثمين ما للموجات البشرية التي تشد الرحال إلى ميناء رفح من أبعاد رمزية عميقة. فهي إلى حدّ كبير ردّ عملي على مفهوم الهجرة اليهودية باعتبارها حدثا مُقدَّسا يحقّق الوعد الإلهي للشعب اليهودي بالرجوع إلى أرض الميعاد، ذلك المعتقد الذي استغلته الصهيونية في القرن التاسع عشر لإنشاء دولة يهودية في فلسطين. وفي الآن نفسه تمثّل ردّا عمليا على تهجير الفلسطينيين الذي بدأ قبل النكبة ويريد ترامب إحياءه بتهجير الغزاويين من القطاع.
وحتّى تكون مثل هذه القوافل عملا نضاليا يجمع بين السلم والنجاعة في الآن نفسه لا بدّ من تكثيفها فتنطلق مزامنة متفاعلة مع مبادرات كسر الحصار التي يقوم بها ناشطون عبر السفن ولا بد من جعلها تتزامن مع المظاهرات الشعبية التي تعم الشوارع وحملات المقاطعة الاقتصادية. فمن المهم بث الوعي العميق بأن الدفاع عن الفلسطينيين اليوم يتجاوز بكثير الدفاع عن القضية الفلسطينية إلى مواجهة نظام عالمي جديد يسلب حق البسطاء في الحياة لصالح لولبات المال والسلاح ويتّخذ من المشاعر الدينية وقودا له.