من رئيس الوزراء المؤقت في باكستان أنوار الحق كاكار؟
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
إسلام آباد – بعد أيام من المشاورات بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته شهباز شريف، ورئيس المعارضة في البرلمان رجاء رياض أحمد، أُعلن اختيار أنوار الحق كاكار رئيسا مؤقتا للوزراء في باكستان، وذلك بعد حل البرلمان الوطني والحكومة الفدرالية تمهيدا للانتخابات العامة. ومن المُتوقع أن يؤدي اليمين الدستورية غدا الاثنين.
ووفقا للقانون والدستور الباكستاني، فإن الحكومة المؤقتة يتم اختيار رئيسها بالتشاور من أجل تسيير أمور البلاد خلال المدة القانونية بين حل البرلمان وانتخاب حكومة جديدة، ويكون من أهم مسؤولياتها مراقبة الانتخابات وضمان أن تكون حرة ونزيهة.
ولا تتجاوز مدة هذه الحكومة 60 إلى 90 يوما، لكن وزير الدفاع المقال خواجا آصف ووزير الداخلية رانا صنع الله لم يستبعدا أن تواجه الانتخابات تأخيرا بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. وقال مراقبون إن الحكومة المؤقتة يمكن أن تستمر على الأقل 6 أشهر.
هو سياسي باكستاني من مواليد عام 1971 في مدينة "مسلم باغ" التابعة لمنطقة "كيلا سيف الله" في إقليم بلوشستان جنوبي غربي البلاد، وينتمي لقبيلة كاكار من عرقية البشتون، التي تنتشر بشكل كبير في المناطق الغربية لباكستان والمحاذية لأفغانستان المجاورة.
تلقّى تعليمه الأساسي في مدرسة سانت فرانسيس بمدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان، ثم التحق بكلية "كاديت" في مدينة كوهات في إقليم خيبر بختونخوا شمالي غربي باكستان.
وحصل كاكار على درجة الماجستير في العلوم السياسية وعلم الاجتماع من جامعة بلوشستان الوطنية، وبدأ حياته المهنية بالتدريس في مسقط رأسه.
يعتبر كاكار من الخبراء في الجغرافيا السياسية بجنوب آسيا، وخاصة في العلاقات الباكستانية الأفغانية. كما أنه عضو زائر في هيئة التدريس بكلية القيادة والأركان في كويتا وجامعة الدفاع الوطني بإسلام آباد، حيث يُلقي محاضرات حول العلاقات الدولية والقضايا المتعلقة ببلوشستان.
مشواره السياسي
نشط كاكار في السياسة منذ عام 2008 عندما ترشح للبرلمان الوطني عن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح قائد أعظم)، لكنه خسر أمام مرشح حزب الشعب الباكستاني ناصر علي شاه.
بعد ذلك، انضم إلى حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف)، وشغل منصب المتحدث باسم نائب الرئيس سناء الله زهري لنحو 3 سنوات. كما أصبح متحدثا باسم حكومة إقليم بلوشستان بين عام 2015 و2017.
وينتمي أنوار الحق كاكار حاليا إلى حزب "بلوشستان عوامي"، الذي تم تأسيسه عام 2018، وهو من الأعضاء المؤسسين في الحزب، كما تم اختياره متحدثا باسمه في 2018. وشغل عضوية مجلس الشيوخ الباكستاني منذ انتخابات 2018 مرشحا مستقلا عن المقعد العام من بلوشستان.
ترأس كاكار "لجنة تنمية الموارد البشرية" و"لجنة الباكستانيين في الخارج" بمجلس الشيوخ، بالإضافة إلى عضويته في لجان أخرى في المجلس بما في ذلك اللجنة الاستشارية للأعمال، والمالية والإيرادات، والشؤون الخارجية، والعلوم والتكنولوجيا.
قبل اختيار كاكار لرئاسة الوزراء في الحكومة المؤقتة، دار الحديث عن اختيار شخصية ذات خبرة في الاقتصاد والسياسة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتراجع الذي تشهده البلاد منذ أعوام.
ووفقا لصحيفة "نيوز أنترناشونال" الباكستانية، فإن أحزاب الحركة الديمقراطية شددت على ضرورة استمرار السياسات الاقتصادية خلال انتقال السلطة، ومنها المشاريع التي بدأها رئيس الوزراء المنتهية ولايته شهباز شريف. في حين قال حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف) وحزب الشعب الباكستاني إنه يمكن أيضا اختيار سياسي لهذا المنصب.
وكانت لكاكار وحزبه علاقات جيدة مع حزب "إنصاف" الباكستاني خلال فترة حكومته منذ 2018 حتى حجب الثقة عن زعيمه عمران خان في أبريل/نيسان 2022، وكان من بين الأشخاص الذين استشارهم خان في شؤون بلوشستان.
وكانت استشارة خان لكاكار وعلاقة حزب "بلوشستان عوامي" مع حزب "إنصاف" سببا لتوجيه حزب الرابطة (جناح نواز شريف) انتقادات في الغالب لحزب "بلوشستان عوامي"، لكن مع تغيير موقف الحزب واجه انتقادات مشابهة من حزب "إنصاف"، الذي أصبح خارج الحكومة.
ووفقا للصحيفة، قال كبير المذيعين الباكستانيين حامد مير لقناة "جيو نيوز" إنه "على الرغم من مشاركته في السياسة، فإن كاكار يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مثقف عظيم في البلاد". وقال مير إن انتماءه لقبيلة كاكار ولعرقية البشتون جعله يمثل كلا من البشتون والبلوش.
وتابع مير أن كاكار يتمتع بعلاقات جيدة مع الأحزاب السياسية الرئيسية بما في ذلك حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وحزب الشعب الباكستاني.
اختيار غير متوقع
تقول صحيفة "دون" الباكستانية إن اختيار أنوار الحق كاكار ثامن رئيس وزراء مؤقت لباكستان جاء مفاجئا، بالنظر إلى ترشيحه المنخفض نسبيا وغير المتوقع لهذا المنصب.
وقال المحلل السياسي البارز حسن عسكري رضوي، لوكالة فرانس برس، إن كاكار عضو مجلس الشيوخ عن حزب بلوشستان عوامي "لديه مهمة سياسية محدودة وليس له وزن كبير في السياسة الباكستانية".
وأضاف رضوي أن "العيب يتمثل في كونه سياسيا خفيف الوزن وقد يجد صعوبة في التعامل مع المشكلات التي سيواجهها دون دعم نشط من المؤسسة العسكرية".
من ناحية أخرى، نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن رضوي قوله إن الاختبار الحقيقي لكاكار سيكون ما إذا كان سيتبع نهج صندوق النقد الدولي ويجري انتخابات تشمل جميع الأحزاب السياسية.
بالمقابل، تقول الكاتبة والمحللة السياسية عاصمة ودود، للجزيرة نت، إن كاكار يُعد قريبا جدا من المؤسسة العسكرية، وفي الوقت نفسه يحظى باحترام من جميع الأحزاب بسبب رؤيته السياسية.
وتضيف ودود أنه من الصعب جدا توقع تأثير اختيار كاكار رئيسا مؤقتا للوزراء على الأجواء السياسية الحالية، حيث لا تزال حرية التعبير في البلاد معرضة للخطر، "لذلك من السابق لأوانه رفع الآمال في إنهاء حالة اليأس التي يعيشها الشعب".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رئيس إفريقيا الوسطى يعلن ترشحه لولاية ثالثة وسط جدل دستوري وسياسي محتدم
أعلن رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا، رسمياً عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في ديسمبر 2025، ساعياً لولاية ثالثة أثارت جدلاً واسعاً على المستويين السياسي والشعبي. يأتي هذا الإعلان بعد تعديل دستوري مثير للجدل سمح له بالبقاء في الحكم لفترة جديدة، ما أثار انتقادات حادة من المعارضة وبعض الفاعلين السياسيين داخل البلاد وخارجها.
خلال اجتماع عقده مساء السبت مع أعضاء حزبه "القلوب المتحدة" في العاصمة بانغي، أكد تواديرا قبوله التحدي السياسي الجديد، قائلاً: "أقول نعم بوضوح لرغبة الحركة في ترشيحي للانتخابات الرئاسية". يعكس هذا الإعلان ثقة الرئيس الحالي في استمرارية مشروعه السياسي رغم الأصوات المعارضة التي اتهمته بالسعي للبقاء في السلطة عبر إجراءات دستورية مثيرة للجدل.
الوضع الاقتصادي
تعاني جمهورية إفريقيا الوسطى من تحديات اقتصادية كبيرة، إذ يُعد الاقتصاد معتمداً بشكل رئيسي على الزراعة (بما في ذلك البن والقطن) وتصدير الموارد الطبيعية كالخشب والذهب والماس. ورغم ثراء البلاد بالموارد الطبيعية، إلا أن الاستثمارات الأجنبية محدودة بسبب الأوضاع الأمنية المتقلبة والبنية التحتية الضعيفة. كما يواجه الاقتصاد مشكلات في التنمية البشرية، حيث يشكل الفقر نسبة مرتفعة من السكان.
في السنوات الأخيرة، سعت الحكومة إلى جذب الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال عبر بعض الإصلاحات التشريعية، بالإضافة إلى التعاون مع شركاء دوليين ومنظمات مالية بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو المستدام. ورغم ذلك، تظل البلاد تعاني من عجز في الميزانية وأزمات في التمويل، مما يفاقم الضغوط على إدارة الاقتصاد الوطني.
العلاقات الخارجية
تتمتع إفريقيا الوسطى بعلاقات دبلوماسية مع دول إفريقية عدة، إضافة إلى علاقات متينة مع بعض القوى الكبرى مثل فرنسا، الصين، وروسيا، التي تقدم دعماً عسكرياً واقتصادياً للحكومة. وتعتبر فرنسا الشريك التاريخي الأبرز، رغم بعض التوترات التي شهدتها العلاقات في السنوات الأخيرة بسبب تدخلات عسكرية سابقة واتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية.
تسعى بانغي أيضاً إلى تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، خصوصاً في مجال حفظ السلام ومكافحة الجماعات المسلحة التي تزعزع الأمن في البلاد. كما تحاول الحكومة توسيع شبكة شركائها الاقتصاديين في المنطقة وفي القارة بشكل عام، عبر اتفاقيات للتجارة والاستثمار.
أبرز القوى السياسية المعارضة
يواجه تواديرا معارضة داخلية قوية تمثلت في عدة أحزاب وحركات سياسية، أبرزها:
ـ ائتلاف المعارضة الديمقراطية: مجموعة من الأحزاب المعارضة التي تطالب بإجراء انتخابات نزيهة ومحاربة الفساد وضمان احترام الحقوق المدنية.
ـ الحركة الوطنية للإصلاح: تدعو إلى إنهاء تمديد فترة الرئاسة وتدعم مبادرات لإعادة هيكلة الدولة وتحقيق مصالحة وطنية شاملة.
ـ الجماعات المسلحة المعارضة: لا يمكن إغفال دور الجماعات المسلحة التي تسيطر على أجزاء من البلاد، والتي تشكل تهديداً مباشراً للاستقرار، رغم أنها ليست جهات سياسية تقليدية، لكنها تؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي.
تتهم المعارضة الرئيس تواديرا بالسعي لاحتكار السلطة وتهميش الأصوات المعارضة، مما يزيد من حدة الانقسامات السياسية ويهدد وحدة البلاد.
بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية، من المقرر أن تشهد البلاد تنظيم انتخابات تشريعية وبلدية متزامنة، والتي كانت قد أجلت في العام الماضي بسبب نقص التمويل وتأخر تحديث السجل الانتخابي. هذه الانتخابات تمثل اختباراً حاسماً لمستقبل المشهد السياسي في جمهورية إفريقيا الوسطى، وتعد خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار السياسي والأمني في بلد يعاني منذ سنوات من أزمات متلاحقة.
تحتل إفريقيا الوسطى موقعاً حساساً في قلب القارة، وتواجه تحديات أمنية وسياسية معقدة تتمثل في نشاط جماعات مسلحة، ضعف البنية التحتية، وأزمات تنموية، مما يجعل الانتخابات القادمة محطة مفصلية في تحديد مسار البلاد ومستقبل حكمها. وفي ظل هذه المعطيات، يترقب الداخل الإفريقي والمجتمع الدولي بقلق نتائج الانتخابات وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي.
يظل إعلان تواديرا ترشحه لولاية ثالثة خطوة تحمل في طياتها فرصاً وتحديات كبرى للبلاد، ويدعو إلى مراقبة دقيقة لما ستؤول إليه المرحلة القادمة، خاصة في ظل دعوات المعارضة لإجراء انتخابات نزيهة تعكس إرادة الشعب وتضمن استمرارية الديمقراطية والتنمية في إفريقيا الوسطى.