عربي21:
2025-05-30@09:41:23 GMT

الغرق في الوحل

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

لم يعد خافيا اليوم، بعد مرور سنة وأكثر عن “طوفان الأقصى”، الذي حرك المياه الآسنة، والتي كانت ستؤول حتما إلى صفقة بيع للقضية الفلسطينية، تنهي الصراع من أجل التحرر، حتى ولو كان إلى حين، كون جذوة المقاومة لا يمكن إطفاؤها بالصفقات والمناورات السياسية والدسائس والتطبيع مع غير المعني، لم يعد خفيا أن العدو الصهيوني بات يعرف أكثر من غيره أن وهو القزم المتغول بمال وسلاح وحماية الغير من الأغيار المقربين قدميه باتتا متوحلتين في رمال متحركة في غزة وفي الضفة من جهة ولبنان من جهة ثانية.



تمطر عليه الطيور الأبابيل حجارة من سجيل من اليمن والعراق، ومن إيران وغزة ولبنان، من بين أيديهم وأرجلهم.

لقد انكشف للقيادة الصهيونية المعمية بحمى الانتقام الإجرامي الحيواني المتوحش الذي لا حدود له، المأزومة داخليا، المهددة بالسقوط، المنقسمة على نفسها، المتكالبة فيما بينها، أن التمادي في الحروب، كسياسة للهروب إلى الأمام لتجميع أشتات المستوطنين الباحثين عن العز والرخاء والجنة الموعودة لهم في التوراة، حسب زعمهم، ما هو إلا وهم وسراب وخديعة للنفس.

هذه الجنة الموعودة لم تعد كذلك، بل عادت جحيما لا يطاق، ولا يمكن من الآن أن يفكر أحدٌ في شد الرحال إلى “أرض الميعاد”، بل العكس هو كذلك: أربعون ألفا فقط هذه السنة شدّوا الرحال خارج الأرض المحتلة، والعدد مرشح ليتضاعف مرارا بفعل تنامي المقاومة التي وصلت مدياتها إلى قلب عاصمة الكيان وموانئ حيفا وإيلات، ووصلت مئات الصواريخ والمسيَّرات والمقذوفات إلى كل منطقة “غوش دان”، مركز وجوهرة الكيان الاقتصادية والمالية.

هذا الوضع، لم يكن الكيان يتخيله قبل سنة: فقد كان يرى، ومن معه في فلك الجريمة بلا عقاب، من الغرب الأوربي والغرب الأمريكي، أن فلسطين قد بيعت جزئيا تحت الطاولة بتفاهمات تطبيعية، وأن البقية سيأتي عليها الزمن بعد حين.
فوجئ الكيان ومن معه والعالم كله والعرب المطبعون والصامتون، بقوة الزلزال الذي سيغير وجه المنطقة والمعادلة برمتها
خلال هذا الحين، فوجئ الكيان ومن معه والعالم كله والعرب المطبعون والصامتون، بقوة الزلزال الذي سيغير وجه المنطقة والمعادلة برمتها. وها هي سنة تمر على حملة التخريب والإبادة في غزة وشعبها الباسل صامدٌ خلف مقاومته الباسلة: صمود مبهر أمام آلة القتل والتشريد والتدمير الوحشي. كل هذا، في غياب أي رد فعل من الغرب “الناعم” و ”الخلوق” و ”الإنساني”، والداعم، وأمريكا المناصرة، المبشِّرة بتغيير المنطقة من قبل ضمن مشروع قديم متجدد: “الفوضى الخلاقة”.

بلا شك، أن توحّل أقدام الوحش الورقي في رمال غزة، والصداع المزمن الذي سبّبته له المقاومة في الشمال، جعله ينسى قدميه ويبحث عن “دواء كان هو الداء”، فحوّل قضية غزة بعد عام على البحث عن تحقيق “نصر كامل” إلى ساحة “منسية” لا تزال تدمي قدميه تحت الرمال الحارقة: فإذا بالصداع يتحول إلى ألم لا يطاق، بعد أن كان يعتقد أنه، وبضربة فاصلة غاشمة ماحقة، عبر جريمة تفجير “البايجر والطالكي والكي” الخمسة آلاف، والتي لم يُستعمل منها إلا أقل من النصف، ثم اغتيالات جبانة للقيادات بأطنان من المتفجرات الأمريكية الصنع في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت المأهولة بالسكان، ثم باغتيالات قيادات من المقاومة، كان يمكن في اعتقاده أن يفصل الرأس عن الجسد، ثم يدخل سائحا برًّا في لبنان.

غير أن المفاجأة كانت أقوى، وها هو اليوم ينتظر أن يردّ على الرد الإيراني، وها هي إيران تنتظر الرد على الرد لترد، وها هو الشمال، والوسط، وطبريا وصفد وحيفا ونهاريا تُدكّ بالمسيّرات والصواريخ.. وكما تدين تدان ولو في “غوش دان”.

الشروق الجزائرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة لبنان لبنان غزة حزب الله الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هذا ما تعلّمه العالم من طوفان الأقصى

قبل أسبوعين من السابع من أكتوبر 2023، وبالضبط في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2023، كان رئيس الوزراء الصهيوني في الأمم المتحدة يشرح لدول العالم، أن دولته الاستعمارية قد تجاوزت كل المصاعب والمخاطر التي مرت بها في حياتها منذ نشأتها سنة 1948، ولم يبق لها إلا خطوة واحدة لتحقيق ما تصبو إليه من استقرار تام، لدولة قائمة معترف بها من قبل الجميع، ويؤمن بها وبوجودها العالم كله، وهذه الخطوة تتمثل في التطبيع السعودي الصهيوني.

عرض نتنياهو على متابعيه في الأمم المتحدة لشرح مراده هذا خريطتين:
خريطة لفلسطين التاريخية في 1948، التي أقيمت عليها دولة الصهاينة، قال عنها إنها كانت مهددة في وجودها من جميع الجهات.
وخريطة أخرى هي لخريطة فلسطين المحتلة في وضعها الحالي، التي استولى عليها الصهاينة بكل ما أوتوا من قوة، وبدعم دولي وتطبيع عربي لم تنته فصوله بعد.

وعندما عرض رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو واقع دولته الاستعمارية، أراد أن يقول للعالم إن شرعيته تامة ومدعومة وقابلة للسيادة على نفسها باعتراف الكبار، مدللا على ذلك بشرعية أحيطت بالحماية والأمن الكاملين، وهي في طريقها إلى نشاط اقتصادي دولي مشترك مع دول من العالم، من الداعمين الأساسيين والمطبعين، وسيكون لهذه المبادرات والمساعي التي تقوم بها دولته، وَقْعٌ عالمي كبير في ظل التحولات التي يشهدها العالم، بل كان الرجل يتكلم عن دولة ستغير خريطة الشرق الوسط، وملامح العالم السياسية والاقتصادية، ولم يبق له تخوّفٌ  إلا من جهة واحدة هي إيران، التي لها طموحاتها في الصراع من أجل اكتساب مواقع نفوذ لها بالمنطقة. أما باقي العالم فمأمون العواقب ومضمون الجانب.

وبعد أقلّ من أسبوعين فقط من هذا اللقاء، حدثت واقعة السابع من أكتوبر في فجره من سنة 2023، والتي أطلق عليها مصطلح “طوفان الأقصى”، إذ هجمت حركة المقاومة الفلسطينية على مناطق حساسة للقوات الصهيونية بداخل الأراضي المحتلة من غلاف غزة، بضربة “أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو تمثلت في إطلاق  أكثر من 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال أول 20 دقيقة من العملية، وأسرت وغنمت معدّات، وكما هائلا من الأرشيف والأجهزة المخابراتية الهامة، وانسحبت القوات المهاجمة من ساحة العدو بنجاح، فكانت العملية الأولى من نوعها في تاريخ حركة المقاومة الفلسطينية منذ 1948.

أعلن العدو حالة الحرب ودخل غزة بكل ما أوتي من قوة، ولكنه لم يفلح في سحق المقاومة؛ بل ما تلقّاه من ردود أفعال رجالها لم يكن ينتظره، في حرب غير متكافئة، بل هي حرب عصابات وحرب شوارع؛ لأن المقاومة لا يمكنها مواجهة جيش بدعم دولي مفتوح على مصراعيه، وإنما استطاعت إدارة المعركة لصالحها انطلاقا من الأنفاق، برجال حفاة وصفهم جنود صهاينة بـ”الأشباح”، واستمرّت الحرب أكثر من عشرين شهرا ولا تزال مستمرة بصور مختلفة، ولم ينجح العدو إلا في قتل الأطفال والنساء وهدم البيوت على رؤوس أهلها.

ويهمني هنا عرض ما اكتشفه العالم وتعلّمه من هذه المعركة، من خلال متابعته لها، من ناحية أنها كشفت عن أمور لم تعد مطروحة في الساحة الدولية، فلم يعد متداولا أن فلسطين احتلها الغزاة الصهاينة في سنة 1948، وإنما يعرف العالم أن هناك دولة يهودية معترفا بها من قبل العالم، وقد اعترف بها بعض الفلسطينيين أنفسهم، وهي في تفاوض مستمر لتذليل الصعوبات التي في طريق كل بلد تجاه هذه الدولة!

ولذا رأيت من المهم الكشف عن بعض ما نُسِي في تزاحم الأحداث التي يمكن إيجازها فيما يلي:
أولا: أن الشعب الفلسطيني ليس كله مع التطبيع والمطبعين وطروحاتهم الاستسلامية، وإنما هناك قاعدة عريضة ترى أن بلادها محتلة ولا بد من تحريرها، وقد اجتمعت هذه القاعدة في المقاومة التي أعيد تشكلها وصياغة أنشطتها من جديد ابتداء من الانتفاضات المختلفة والمتنوعة خلال سنوات الثمانينيات، وهي تتطور شيئا فشيها، وقد كشف طوفان الأقصى عن مستوى تطورها هذا، وهي مرشحة للنمو أكثر واستقطاب قوى جديدة من باقي التيارات الوطنية المقاوِمة، من القوى التي يئست من مفاوضات السلطة والوعود الدولية الكاذبة.
المعركة عادت إلى المربع الأول وهو أن فلسطين محتلة من طرف اليهود الذين جاءوا من كل العالم
ثانيا: ما كان يحكي عنه رئيس الوزراء الصهيوني في الأمم المتحدة في الأسبوع الأخير من سبتمبر 2023، كان وهما توهّمه، من أن بلاده أصبحت في مأمن من الحرب، فقد اكتشف العالم أن المعركة عادت إلى المربع الأول وهو أن فلسطين محتلة من طرف اليهود الذين جاءوا من كل العالم إلى “أرض الميعاد”. بل إن بعض اليهود أنفسهم تسلّل إليهم الشك في إمكانية البقاء، فمنهم من عاد لتصديق حاخامات اليهود الذين لا يؤمنون بمشروعية قيام دولة لليهود، إيمانا منهم من أن ذلك ممنوعٌ في ديانتهم، ومنهم من لم يعد يؤمن بوجود أمن في فلسطين بسبب يقظة المقاومة التي سوف لن تتوقف عن مهاجمة الصهاينة.

ثالثا: اكتشاف العالم همجية الصهاينة، فقد شهد العالم وتابعت الشعوب، أن ما قام به الصهاينة خلال العشرين شهرا الأخيرة، لم يعرفه العالم منذ الحرب العالمية الثانية، من تعمّد القتل والتدمير والاعتداء الصارخ على الأطفال والنساء والصحافيين وعمال القطاع الصحي وعمال الإغاثة والدفاع المدني… كل هذه الفئات لها حصانة دولية لا يجوز المساس بها، ومع ذلك قُتل عشرات الآلاف منهم بدم بارد، ولا أحد استنكر ذلك؛ بل وجدت هذه الاعتداءات من الدعم الدولي ما لا يقبله منطق ولا عقل، وبسبب ذلك تحركت شعوب العالم بالمسيرات المليونية مستنكرة هذا التوجّه غير الإنساني الذي انتهجته قيادات الأنظمة الغربية، ومنها على وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا تحديدا.

أما على المستوى الرسمي، فالتحرك كان محتشما، ولكن ظهر فيه بعض الجديد، إذ كان لإسبانيا حضورٌ في رفض الجرائم الصهيونية، كما رفعت بعض الدول سقف احتجاجاتها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية، وقد صدرت بالفعل أحكامٌ ضد الصهاينة بوصف نشاطهم العسكري بأنّه يدخل في حروب الإبادة والجرائم ضد الانسانية.

رابعا: سقوط فكرة التطبيع، إذ أن ما تحقق من مشاريع التطبيع مع مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان والسلطة الفلسطينية، لم يستطع تحقيق الأمن للدولة الصهيونية، ولم يقدر على إقناع المقاومة بثنيها عن خيارها القتالي، والصهاينة لا يمكن أن يستمروا في طريق لا يحقق لهم ما يريدون، وقد أدركوا أن هذه الأنظمة التي وقّعت معها معاهدات الاستسلام لم تستطع تطويع شعوبها وإقناعها بإمكانية السلام معها، بمن في ذلك الدول المجاورة لها مثل: الأردن ومصر.

خامسا: استحالة نجاح مشروع الدولتين وهو الطرح الأقرب للقبول الدولي لفض النزاع المسلح بين المقاومة والصهاينة، لأسباب كثيرة، ومنها أن تصور هاتين الدولتين مختلف فيه بين العرب والصهاينة؛ فالعرب يريدون دولة فلسطينية بصورة، والصهاينة وداعميهم يتصورونها بصورة أخرى.

ومن ناحية أخرى، أكد طوفان الأقصى للصهاينة بعدم جدوى الدولة الفلسطينية، وقد أثبتوا أنهم مصدر قلق وسيبقون كذلك… فإذا كان الفلسطينيون بوضعهم الحالي وقد طوّروا قواتهم القتالية إلى هذا المستوى، فماذا يكون الأمر لو كان لهم دولة؟

سادسا: انهيار القيم السياسية والتنظيمات الدولية التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية، وفجائية الكثير من الأحداث بفضل تقارب نهاية الدورة الحضارية للمجتمعات الحالية، التي تحكم العالم اليوم، والتسارع الاجتماعي الثقافي السياسي بفضل تقارب العالم وتيسير التواصل وتلقائية تبادل التجارب بين الشعوب، إذ أضحى حضور الشعوب في المسرح السياسي في العالم أكثر من حضور الأنظمة.

سابعا: سقوط نظام الأسد ونشأة النظام الجديد في سوريا، وإمكانية تطور علاقاته الإيجابية مع حزب الله بالجنوب في ظل الدولة اللبنانية، وعودة الحزب إلى أصوله التي انشئ عليها أيام صبحي الطفيلي وغيره من المعارضين للعلاقة مع إيران خارج المقتضيات الوطنية اللبنانية، ورغم أن من الناس من يشكك في توجه النظام السوري الجديد ويشكك في مواقفه من القضية بسبب أن بلاده تُقصف ولا يردّ واتهام الرئيس الشرع بتوطيد العلاقات مع الصهاينة والأمريكان، ولكن الحقيقة التي يعرفها التاريخ عن الشعب السوري ونخبه المختلفة، لا يمكن أن يخون القضية، فضلا عن أن النظام القائم اليوم من عمق التركيبة الشعبية الصحيحة بأبعادها القومية الدينية الثقافية… وكما قلت رغم موجة التيئيس التي تحيط بالتجربة السورية، فأنا متفائل جدا بتغيير الواقع في سوريا وبإيجابيته تجاه القضية الفلسطينية تحديدا.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • صاروخ يمني فرط صوتي يضرب مطار “بن غوريون” ويشل الحركة الجوية في قلب الكيان
  • انفجارات في الكيان الغاصب بعد رصد إطلاق صاروخ من اليمن
  • هذا ما تعلّمه العالم من طوفان الأقصى
  • موقع عبري: ضربة مطار “بن غوريون” تُغلق سماء “الكيان”.. وشركات الطيران تغادر بلا رجعة
  • عطوان يعلق على غارات مطار صنعاء .. دليل الم فضيع وانهيار في الكيان
  • الغاء 200 ألف تذكرة طيران لشركة واحدة .. الكيان يفشل في فتح الاجواء!
  • إنقاذ شخصَين من الغرق مقابل مرفأ صيدا التجاري القديم
  • الكيان الصهيوني وتاريخ النازية
  • عقب قطعها العلاقات مع الكيان الإسرائيلي المحتل.. كولومبيا تُعيّن أول سفير لها في فلسطين
  • حكومة السوداني :الكيان الصهيوني تجاوز كلّ الاعتبارات الإنسانية والقانونية في حربه على غزة