منذ أسابيع قليلة، وأثناء ترؤسه للمجلس الأعلى للأمن السيبرانى، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن الأمن السيبرانى أصبح جزءاً أساسياً من منظومة الأمن القومى لأى دولة، ولم تكن تلك التصريحات سوى استكمال لتوجهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى التى أكدها أكثر من مرة، والتى شملت تقوية البنية التحتية ورفع المعرفة بتطبيقات ومعايير الأمن السيبرانى.

توجهات السيد الرئيس ورئيس الوزراء ظهرت أهميتها بوضوح خلال الأسابيع الأخيرة، وتحديداً مع اشتعال الحرب فى منطقة الشرق الأوسط، سواء بين دولة الاحتلال ولبنان وغزة، أو حتى عالمياً مثلما هي الحال فى أوكرانيا وروسيا، وقد شهدت المعارك اختراقات سيبرانية لدرجة دفعت بعض الخبراء العسكريين إلى القول إن الهجوم السيبرانى صار أول رصاصة تُطلق فى الحروب.

كل ذلك، أدى فى النهاية إلى الاهتمام بالأمن السيبرانى، ومع وجود الذكاء الاصطناعى، حدثت طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبح دور الذكاء الاصطناعى هو الأهم فى حماية الأنظمة والشبكات، ولكن فى الوقت نفسه يجب تذكر أن الذكاء الاصطناعى فى النهاية أداة تحتاج إلى مراقبة دائمة وتطوير مستمر.

كيف يساعد الذكاء الاصطناعى فى الأمن السيبرانى؟

نبدأ بالكشف التلقائى عن التهديدات «Automatic Threat Detection»، إذ تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعى بمسح الشبكات والبيانات فى الوقت الفعلى «Real-time» ما يمكنها من اكتشاف الأنشطة المشبوهة والتعرف على الأنماط الغريبة التى قد تشير إلى اختراق أمنى، وتستخدم تقنيات مثل التعلم الآلى «Machine Learning» فى هذه العملية، حيث يتعلم النظام من البيانات السابقة توقع التهديدات الجديدة ويتم تنبيه فرق الأمن فوراً.

أيضاً يقوم الذكاء الاصطناعى بالاستجابة السريعة للحوادث «Incident Response»، ففى حالة أى هجمات سيبرانية، يقدم الدعم اللازم والسريع بدلاً من انتظار التدخل البشرى، فبواسطة تحليل البيانات يتم الرد عليه تلقائياً، سواء بإيقاف الوصول غير المصرح به أو عزل الأجهزة المصابة لمنع انتشار الهجوم.

وتشمل أدوار الذكاء الاصطناعى تحليل البيانات الضخمة «Big Data Analysis» وهى أحد أكبر التحديات التى تواجه فرق الأمن السيبرانى، فالكم الهائل من البيانات يحتاج إلى معالجة بدقة وسرعة وهو ما يقوم به الذكاء الاصطناعى، ما يساهم فى اكتشاف الهجمات المحتملة والتعرف على الثغرات الأمنية، وتستخدم هذه التحليلات فى بناء استراتيجيات دفاعية أفضل، إضافة إلى التعليم التكيفى «Adaptive Learning» والمقصود به، أنه مع كل محاولة هجوم جديدة، تتعلم أنظمة الذكاء الاصطناعى كيفية تحسين طرق اكتشاف التهديدات المستقبلية بما يعزز كفاءتها، وأخيراً منع الاحتيال «Fraud Prevention» وذلك يختص أكثر فى المجالات التى تعتمد على المعاملات المالية مثل البنوك، وتعتمد على خوارزميات بواسطتها يتم تحديد الأنشطة الاحتيالية فى الوقت الحقيقى ومنعها من التسرب.

ولتكوين صورة أوضح، علينا ذِكر القطاعات التى تستفيد من الذكاء الاصطناعى، والتى يأتى فى مقدمتها البنوك والمؤسسات المالية، إذ تستخدمه فى تحليل المعاملات المالية وتحديد الأنماط الغريبة لمنع الاحتيالات، فمثلاً، إذ اكتشف النظام أن هناك معاملات غير طبيعية تحدث من حساب معين، يتم تعليق المعاملات تلقائياً لحين التحقيق فيها، وكذلك تستفيد منه الحكومات لحماية بنيتها التحتية الحيوية مثل الشبكات الكهربائية والمطارات، والمستشفيات من الهجمات السيبرانية، كما يمكن للحكومات رصد التهديدات وتحييدها قبل أن تؤدى إلى كوارث كبيرة، وبالطبع تأتى فى المرتبة الثالثة، الشركات التقنية الكبرى، مثل Google وicrosoft، إذ يتم حماية بيانات المستخدمين من الهجمات الإلكترونية.

يتبقى القول، إن الذكاء الاصطناعى كأى أداة أو وسيلة ظهرت عبر التاريخ، لها مميزات، ولها عيوب إن خرجت عن السيطرة، لذلك بات ما يُعرف الآن بـ«تحديات ومخاطر» استخدام الذكاء الاصطناعى فى الأمن السيبرانى، وأول تلك التحديات هو أن المهاجمين يحاولون تطوير التقنيات بشكل مستمر للتغلب على الأنظمة أو حتى استغلالها لصالحهم، وإذا تمكّنوا من ذلك، فقد يستغلون نقاط الضعف لتنفيذ هجمات أكثر تعقيداً من العادية، كما أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعى دون التدخل البشرى الكافى، يخلق فى النهاية تقليل اليقظة لدى فرق الأمن أو عدم تطوير مهاراتهم فى التعامل، أما التحدى الثالث فهو الخصوصية والمراقبة، فمع كل تلك الأجهزة والتقنيات يصبح السؤال: ما الحد الفاصل بين حماية الأمن والاعتداء على خصوصية الأفراد؟

ولأن الذكاء الاصطناعى سيستمر فى لعب دور رئيسى فى تحسين الدفاعات الإلكترونية على مستوى العالم، فالحل من وجهة نظرى تعزيز التعاون بين البشر والذكاء الاصطناعى فى إدارة الأمن السيبرانى، بحيث يقوم الذكاء الاصطناعى بالمهام الروتينية، بينما يركز البشر على اتخاذ القرارات الأكثر تعقيداً، كما يمكن من خلال تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعى التوضيحية «Explainable AI» شرح كيفية اتخاذ القرارات، لتفهم فرق الأمن طرق التعامل بشكل أفضل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الأمن السيبراني الذکاء الاصطناعى فى الأمن السیبرانى فرق الأمن

إقرأ أيضاً:

إنشاء كرسي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في جامعة نزوى

"عمان": أعلنت جامعة نزوى عن إنشاء كرسي جامعة نزوى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في خطوة نوعية تهدف إلى دعم البحث العلمي والابتكار في التقنيات الحديثة، وتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في تطوير منظومة التعليم العالي وخدمة خطط التنمية المستدامة في سلطنة عُمان. ويأتي هذا التوجه في إطار جهود الجامعة المستمرة لمواكبة المتغيرات المتسارعة في مجالات التكنولوجيا والعلوم الرقمية، وبما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للارتقاء بجودة الأداء في التعليم والبحث وخدمة المجتمع.

وقد تم تصميم الأهداف البحثية والعلمية للكرسي وفق خطة استراتيجية متدرجة تمتد على مراحل زمنية محددة، تضمن بناء قاعدة علمية متينة، وتعزيز القدرات البحثية والمعرفية للجامعة بشكل مستدام، إضافة إلى المساهمة في تأهيل الكفاءات العُمانية الشابة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتنوعة.

وأكد الأستاذ الدكتور ربيع رمضان، أستاذ كرسي جامعة نزوى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أن هذه المبادرة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت نتيجة تقاطع عدة عوامل استراتيجية تجعل من هذه اللحظة الوقت الأنسب لإطلاق المشروع.

وأوضح قائلًا: "نعيش اليوم في عصر تتوافر فيه كميات ضخمة من البيانات التي تحتاج إلى تحليلات ذكية لاتخاذ قرارات دقيقة مبنية على الأدلة، بالتوازي مع الطفرة الكبيرة في قدرات الحوسبة والحوسبة السحابية، مما يمكّن من تطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي أكثر تقدما وكفاءة مما كان متاحًا في السابق".

وأشار إلى أن التوجه الوطني في "رؤية عُمان 2040" يجعل من الابتكار التقني والتحول الرقمي ركيزة أساسية للتنويع الاقتصادي، مما يستدعي استثمارا جادًا في البحث والتطوير، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي.

وأضاف: هناك حاجة ملحة لتطوير حلول محلية أصيلة تعالج التحديات العُمانية بطرق مبتكرة، بدلًا من الاعتماد على حلول مستوردة قد لا تلبي خصوصية احتياجاتنا الوطنية، ووجود الكرسي البحثي في الجامعة سيسهم في تمكين الباحثين من تطوير حلول تتناسب مع واقعنا المحلي.

وبيّن الأستاذ الدكتور رمضان أن الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم عاملا محوريًا في تشكيل مستقبل الجامعات والتعليم العالي، ليس كأداة تقنية مساعدة فقط، بل كقوة محركة لإحداث تحولات جذرية في طرائق التعليم والبحث والابتكار. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تطوير مناهج أكاديمية متقدمة في مجالات مثل التعلم الآلي وذكاء الأعمال والنمذجة الاقتصادية، مما يتيح للطلبة فرصًا حقيقية للتأهيل لسوق العمل المستقبلي المدفوع بالتقنيات الذكية .. مشيرا إلى أن دمج الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي يفتح آفاقا جديدة للاكتشاف والابتكار، لا سيما في المجالات الحيوية مثل الطب الحيوي، والنمذجة البيئية، والإدارة المستدامة للموارد. وسيمكّن ذلك من تقديم حلول علمية متقدمة للتحديات البيئية والصحية في المنطقة، إلى جانب بناء شراكات نوعية مع القطاعات الصناعية والصحية والتعليمية، مما يعزز التطبيق العملي للبحوث ويخلق فرصًا جديدة للتطوير والابتكار.

وأضاف قائلا: إن إنشاء هذا الكرسي يتماشى مع التوجهات العالمية في جعل الجامعات مراكز رائدة لإنتاج المعرفة وتطبيقها في خدمة المجتمعات، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز قدرات المؤسسات على مواكبة التحولات الرقمية الكبرى التي يشهدها العالم.

وأكد الأستاذ الدكتور ربيع رمضان أن الكرسي يمثل منصة استراتيجية للابتكار الوطني في مجال الذكاء الاصطناعي، تسعى الجامعة من خلالها إلى تمكين الباحثين العُمانيين من الإسهام الفاعل في بناء اقتصاد معرفي يقوم على الابتكار والتقنيات الحديثة، مع الالتزام الكامل بوضع الأطر الأخلاقية الحاكمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع قيم المجتمع العُماني وثقافته، مشيرا إلى أن جامعة نزوى ستواصل دورها الريادي في تعزيز التعاون مع مختلف المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة لدفع عجلة الابتكار التقني في سلطنة عُمان.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يجعل من النظارات الذكية ذات شمولية أوسع
  • بـ الذكاء الاصطناعي.. تشكيل الأهلي ضد إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية
  • الذكاء الاصطناعي يقدّر بفاعلية جرعة العلاج الكيميائي لسرطان القولون
  • غوغل تواجه اتهامات برقابة الإنترنت باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • تأهيل 10 آلاف شخص في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030
  • شاهد: أحدث وسيلة للغش بواسطة قلم الذكاء الاصطناعي
  • تحذير.. الذكاء الاصطناعي يهدد السلم المجتمعي في العراق
  • محاكم دبي تبحث توظيف الذكاء الاصطناعي في القضاء
  • إنشاء كرسي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في جامعة نزوى
  • السبكي يبحث مع روش إنشاء مركز لاستخدام قواعد البيانات الصحية والذكاء الاصطناعي