الحرب على لبنان وفلسطين: عن دور المقاومة بين الحقائق والأوهام
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
يستمر العدو الصهيوني بشن عدوانه الهمجي على لبنان وفلسطين، ويرتكب المجازر ضد المدنيين في ظل الفشل في تحقيق أهدافه الاستراتيجية بالقضاء على المقاومة أو فرض شروطه السياسية.
وفي موازاة هذا العدوان الصهيوني المجرم تُطرح العديد من التساؤلات حول دور المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان وعلاقتها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويراهن الكثيرون على نهاية دور المقاومة، فيما يشكّك الكثيرون بالدور الإيراني الداعم للمقاومة.
ومن أجل توضيح بعض النقاط ولتصويب النقاش، نستعيد بعض المحطات التاريخية على صعيد المقاومة في لبنان ودور إيران وصولا لما يجري اليوم من معركة مصيرية في فلسطين ولبنان.
ففي حزيران/ يونيو من العام 1982 وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان والذي وصل إلى مدينة بيروت، اجتمع عدد من كوادر الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين واللجان الإسلامية وأعضاء من تجمع العلماء المسلمين في بيروت والبقاع والجنوب وقادة حزب الدعوة الإسلامية (فرع لبنان)، وانضم إليهم لاحقا مؤسسو حركة أمل الإسلامية برئاسة حسين الموسوي وعناصر من جركة فتح والكتيبة الطلابية وناشطون يساريون، وقرروا تأسيس إطار للعمل المقاوم في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وتم التواصل مع القيادة الإيرانية وعلى رأسها الإمام الخميني من أجل الحصول على الدعم والغطاء الشرعي، وقررت القيادة الإيرانية إيفاد العشرات من حرس الثورة الإسلامية الإيرانية إلى سوريا ولبنان لتدريب هؤلاء الكوادر والشباب الذين بدأوا العمل المقاوم دون اعتماد اسم معين، ولاحقا تم تبني اسم حزب الله وتم الإعلان الرسمي عن ذلك في 16 شباط/ فبراير 1985، في الذكرى الاولى لاغتيال الشيخ راغب حرب.
وبموازاة ذلك انطلقت قوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية في لبنان، وكان هناك تنسيق وتعاون كبير بين قوات الفجر والمقاومة الإسلامية، كما انطلقت جبهة المقاومة الوطنية، وكان هناك دور كبير أيضا لأفواج المقاومة اللبنانية التابعة لحركة أمل.
وخلال 42 عاما من العمل المقاوم والسياسي والاجتماعي والاعلامي تحوّل هؤلاء الشباب المقاوم والكوادر والعلماء إلى إحدى أهم القوى الإقليمية واللبنانية، والتي امتلكت قدرات كبيرة من السلاح والمؤسسات الاجتماعية والتربوية والصحية والأمنية، وخاضت حروبا عديدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وعلى صعيد المنطقة، وأصبحت إحدى أهم عناصر محور المقاومة، وقدمت المساعدة عبر التدريب والاستشارة لقوى المقاومة في فلسطين وبعض دول المنطقة، وشهدنا تنسيقا وتعاونا بين المقاومة في لبنان وفلسطين طيلة الأعوام الأربعين الماضية أثمرت نتائج مهمة على صعيد الصراع مع العدو الصهيوني.
وكان الدعم الإيراني هو العنصر الأهم في نشوء المقاومة وتطورها. وعلى الصعيد السياسي استفادت تجربة حزب الله من التجربة اللبنانية السياسية والظروف الخاصة للبنان، ومن التجربة الفلسطينية العسكرية والسياسية والامنية، وشكّلت نموذجا مهما من العمل المقاوم.
واليوم تواجه المقاومة في لبنان وحزب الله أشرس معركة تخوضها منذ تأسيسها إلى اليوم، وبسبب دعمه للقضية الفلسطينية ومعركة طوفان الأقصى، يتعرض الحزب لحرب إبادة من الجيش الإسرائيلي، حيث تم استهداف أمينه العام السيد حسن نصر الله وعدد من قادته السياسيين والأمنيين والعسكريين، كما يتم تدمير مؤسساته الاجتماعية والتربوية والمالية والإعلامية والصحية، وتُستهدف البيئة المؤيدة له في كل المناطق من خلال تدمير القرى والأماكن السكنية والمؤسسات التجارية. والهدف الكبير من وراء كل ذلك القضاء على هذه القوة غير التقليدية، وإخضاعها للمشروع الإسرائيلي- الأمريكي الهادف لتصفية القضية الفلسطينية وقوى المقاومة وإقامة نظام شرق أوسط جديد.
وخلال هذه الحرب القاسية تنتشر الإشاعات والحرب النفسية التي تدعي أن إيران تخلت عن الحزب وباعته في في إطار الصفقات الإقليمية والدولية، ورفعت الغطاء عنه وعن قوى المقاومة في المنطقة.
أمام محطة تاريخية جديدة في مسيرة حزب الله والمقاومة في لبنان وفلسطين، وستكون لنتائج هذه المعركة انعكاسات مهمة في لبنان والمنطقة، لكن من أكبر الأخطاء الرهان على نهاية هذه المسيرة النضالية مهما بلغت التضحيات
فهل صحيح ما ينشر؟ وإلى أين تتجه هذه الحرب القاسية ضد حزب الله والمقاومة ولبنان وفلسطين؟
من يعرف العلاقة الاستراتيجية والعضوية والتاريخية بين الحزب وقوى المقاومة وإيران يدرك الدور الإيراني الهام في نشوء الحزب وتطوره، ولكن لولا البعد اللبناني في هذه التجربة لما حققت هذا النجاح الاستراتيجي، وخصوصا خلال مرحلة قيادة الأمين العام الراحل السيد حسن نصر الله وبقية القادة المؤسسين والذين واكبوا هذه التجربة الرائدة.
ورغم قسوة هذه الحرب والخسائر الكبرى التي أصيب بها الحزب خلال معركة طوفان الأقصى وصولا إلى ما جرى في الأسابيع الماضية من اغتيالات وقصف وتدمير لكل البنى التحتية، لكن الحزب لا يزال يواصل المقاومة في جنوب لبنان، ولا تزال منظومة الصواريخ تعمل بنظام. وقد حققت المقاومة إنجازات مهمة في الأيام الأخيرة، ولا تزال القيادة السياسية والتنفيذية تعمل في إدارة كل الملفات، ولذا فإن الرهان على القضاء على حزب الله هو رهان خاطئ، والادعاء بأن إيران تخلت عنه وباعته هو كلام في غير محله، والمعركة لا تزال في بدايتها، ولا يمكن تحديد طبيعة ودور الحزب في المرحلة المقبلة قبل نهاية هذه المعركة الكبرى.
نحن اليوم أمام محطة تاريخية جديدة في مسيرة حزب الله والمقاومة في لبنان وفلسطين، وستكون لنتائج هذه المعركة انعكاسات مهمة في لبنان والمنطقة، لكن من أكبر الأخطاء الرهان على نهاية هذه المسيرة النضالية مهما بلغت التضحيات التي ستقدم في هذه المعركة الفاصلة على صعيد لبنان والمنطقة والعالم.
x.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان المقاومة فلسطين الإيرانية حزب الله إيران لبنان فلسطين حزب الله المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة فی لبنان لبنان وفلسطین هذه المعرکة على صعید حزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تكشف عن تنفيذ 500 هجوم في لبنان منذ التهدئة وتعلن مقتل الآلاف!
أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته الجوية نفذت نحو 500 غارة على الأراضي اللبنانية منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، مشيراً إلى أن ثلث الإنجازات العملياتية ضد حزب الله تحققت خلال فترة التهدئة، في ما اعتُبر تراجعًا غير مسبوق لقوة الحزب منذ تأسيسه.
ووفقاً لبيان الجيش، أدت تلك الهجمات إلى مقتل أكثر من 230 مقاتلاً من حزب الله خلال 243 يوماً، فيما جرى تدمير آلاف الصواريخ، و90 منصة إطلاق، و20 مقراً عسكرياً، وخمسة مواقع لإنتاج الأسلحة، ومعسكرات تدريب، وبنية تحتية أساسية تابعة للحزب.
وفي الأسابيع الأخيرة فقط، أعلن الجيش عن تدمير حوالي 3000 صاروخ ومنشآت تحت الأرض جنوب الليطاني. كما أكد مقتل أكثر من 4000 عنصر من حزب الله منذ بدء الحملة، بينهم معظم القادة الميدانيين، مما خلق “فراغاً قيادياً” داخل الحزب بحسب التقديرات العسكرية.
وأكدت الاستخبارات الإسرائيلية أن نصف القوة النظامية لحزب الله البالغ عددها 25 ألف مقاتل فقط جاهزة للقتال حالياً، مشيرة إلى أن الحزب لم يعد قادراً على خوض مواجهة طويلة أو تنفيذ غزو للأراضي الإسرائيلية.
وأفاد التقرير أن “قوة الرضوان” النخبوية المكلفة بالاقتحام تحولت إلى مهام داخلية أمنية لحماية أصول الحزب، ما يشير إلى تحول استراتيجي في دورها.
ورغم امتلاك الحزب آلاف الصواريخ القصيرة المدى، قال الجيش إن مئات منها فقط يمكنها الوصول إلى وسط إسرائيل، ويواجه الحزب صعوبة في إطلاقها بسبب نقص منصات الإطلاق.
كما نفت الاستخبارات وجود شبكة أنفاق مشابهة لتلك في غزة، وأشارت إلى أن ما تم العثور عليه في لبنان لا يتعدى أنفاقًا محلية محدودة.
وأوضح التقرير أن السلاح الأكثر فاعلية المتبقي لدى حزب الله هو الطائرات المسيّرة، التي تملك قدرة على تعطيل الحياة في الشمال، كاشفاً عن محاولات لاستئناف إنتاجها قرب بيروت، حيث تم استهداف مباني صناعية من قبل الطيران الإسرائيلي.
وبشأن العلاقة مع طهران، أكد الجيش أن إيران موّلت الحزب بمليار دولار لإعادة الإعمار وتعزيز قدراته العسكرية، مقابل ربع مليار دولار فقط خصصها المجتمع الدولي لإعادة بناء لبنان والجيش اللبناني.
وأشار الجيش إلى أن حزب الله تردد في الانخراط الكامل بالحرب دعماً لإيران خوفاً من تفككه، رغم توقعات طهران بأنه سيكون فاعلاً أساسياً في أي صراع إقليمي واسع النطاق.
وفي سوريا، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن القيادة الجديدة هناك شكّلت قوتين أمنيتين جديدتين هما “جهاز الأمن العام” و”الجيش السوري الجديد”، المرتكز على ميليشيات سابقة. وأشار إلى أن الرئيس السوري الجديد فاروق الشرع يعمل على إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وإقصاء رموز النظام السابق.
وأوضح الجيش أن الهجوم الإسرائيلي على دمشق بعد أحداث السويداء أوصل رسالة حازمة، دفعت الشرع إلى إعادة رسم الخطوط داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية.
الموفد الأميركي يضغط.. وبيروت تتحرك لتعديل خطة نزع السلاح تدريجياً
أعرب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري عن استغرابه من تصاعد ما وصفه بـ”التهويل المتكرّر بحرب واسعة على لبنان” من أطراف داخلية، معتبرًا أن ذلك يجري “بمعزل عن طبيعة النوايا الإسرائيلية”، في وقت تشهد فيه الساحة اللبنانية تجاذبات مكثفة حول ملف السلاح والعلاقات مع إسرائيل.
وفي تصريحات لصحيفة “الجمهورية”، أشاد بري بنهج رئيس الجمهورية جوزاف عون في التعامل مع ملف التفاوض وسلاح “حزب الله”، واصفًا طريقته بـ”الجيدة”، ومؤكدًا دعمه للبحث عن “حلول وطنية متفق عليها تحفظ السيادة وتمنع الانزلاق إلى صدام داخلي”.
ورأى بري أن تصريحات المبعوث الأمريكي توم باراك، بشأن “وجوب اتخاذ خطوات عملية لنزع سلاح حزب الله”، موجّهة إلى الحكومة اللبنانية، مشددًا على أن معالجة هذا الملف يجب أن تبقى ضمن الأطر الوطنية.
وقبيل الجلسة التشريعية المقررة اليوم الأربعاء، دعا بري إلى إقرار قانوني استقلالية القضاء وهيكلة القطاع المصرفي، مؤكدًا أن “الإصلاحات تمثل حاجة وطنية قبل أن تكون مطلبًا خارجيًا”، في ظل التدهور الاقتصادي الذي يعيشه لبنان.
مصادر لبنانية مطّلعة كشفت عن جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل لبحث مسألة حصر السلاح بيد الدولة، في خطوة تأتي تمهيدًا لموقف مرتقب للرئيس عون في الأول من أغسطس المقبل، يتناول فيه تفاصيل الملف الأمني والسلاح والتفاهمات الدولية الجارية.
وكان “حزب الله” قد أعلن مؤخرًا استعداده لمناقشة مبدأ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مشترطًا انسحاب إسرائيل من خمس نقاط لبنانية محتلة، ووقف الانتهاكات المستمرة، مؤكدًا أن السلاح “شأن داخلي” يُناقش ضمن استراتيجية دفاعية وطنية.
وفي مواقف موازية، أكدت مصادر سياسية أن الرئيس بري، الذي ينقل موقف “حزب الله”، يعمل على توحيد الموقف اللبناني إزاء الورقة الدولية المقترحة، وسط مساعٍ لإدخال تعديلات على الجدول الزمني لتسليم السلاح بما يراعي المتغيرات الميدانية ويضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل.
الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، شدد من جهته على رفض أي تدخل إسرائيلي في النقاش اللبناني الداخلي، مؤكدًا أن “التهديد والقوة لن تُجدي نفعًا”، وأن الحزب يعالج ملف سلاحه ضمن الاتفاقات المبرمة مع الدولة اللبنانية، وليس وفقًا للإملاءات الخارجية.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات على الحدود الجنوبية، وسط ضغوط دولية مكثفة لدعم الاستقرار في لبنان وتطبيق القرار الدولي 1701، مع تزايد الدعوات الداخلية والدولية لتسوية شاملة تضمن سيادة لبنان ووحدته ومنع انزلاقه نحو مواجهة داخلية أو إقليمية جديدة.
قائد الجيش اللبناني: “العدو الإسرائيلي يمعن في انتهاك قرارات دولية ويهدد نسيجنا الاجتماعي”
أكد قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، اليوم الأربعاء، أن “العدو الإسرائيلي يواصل انتهاكاته للقرارات الدولية ويعمل على اختراق النسيج الاجتماعي اللبناني”، في تصريح بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الجيش اللبناني.
وشدد هيكل في بيانه على أن لبنان يواجه تحديات جسيمة، على رأسها التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية على البلاد وشعوب المنطقة، مؤكدًا أن الجيش لن يتهاون في إحباط أي محاولة تستهدف الأمن والسلم الأهلي، أو تحاول جر الوطن إلى الفتنة.
وأوضح أن الجيش مستمر في تنفيذ مهامه المتمثلة في بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، والحفاظ على الأمن ومكافحة الجريمة، إضافة إلى ضبط الحدود وتطبيق القرار الدولي 1701 بالتعاون مع قوات اليونيفيل.
يُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، عقب أكثر من عام على إعلان “حزب الله” لجبهة إسناد لقطاع غزة. رغم ذلك، لم تلتزم إسرائيل بانسحابها الكامل من المناطق المحتلة في جنوب لبنان، الذي كان مقررًا بحلول 26 يناير 2025، حيث أبقت على وجودها العسكري في خمس نقاط استراتيجية بحجة حماية مستوطنات الشمال، مع استمرارها في شن هجمات متفرقة على لبنان.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن مؤخرًا القضاء على قائد قطاع بنت جبيل التابع لـ”حزب الله” في جنوب لبنان، في خطوة تعكس تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة.