في 17 يوليو الماضي أخطرت روسيا الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا بأنها لن تجدد "مبادرة" أو اتفاق الحبوب الذي سمح لأوكرانيا بالتصدير عبر البحر الأسود، وتسبب الانسحاب الروسي من "المبادرة" في رفع أسعار القمح والذرة، في أكبر زيادة لها منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية بنسب تراوحت بين 15 19%، لعدد من المحاصيل الاستراتيجية.
الإمارات تؤمن بقضية الأمن الغذائي محلياً وهو ما تعكسه استراتيجيتها للأمن الغذائي
ما بين 691–783 مليون شخص كانوا معرضين للجوع في العالم خلال 2022
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برر قرار الانسحاب قائلاً: "إن الاتفاق، الذي جاء بوساطة الأمم المتحدة وتركيا، كان يهدف لمساعدة الدول الصديقة، في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، لكن أوروبا كانت أكبر مستورد للحبوب الأوكرانية التي صارت مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية في كييف"، وأكد بوتين أنه "مستعد للعودة إلى الاتفاق إذا أوفى الغرب بالتزاماته".
ولأن الغرب لن يلتزم بأي شيء تجاه فقراء العالم، ولا تجاه روسيا في حربها مع أوكرانيا، فإن التوقعات تشير إلى استمرار تقلب أسعار الغذاء، ما يسهم في تفاقم أزمة كلفة المعيشة، ويهدد الملايين بالمجاعة، لاسيما في البلدان المعتمدة على استيراد الحبوب.
وهذا ما عبر عنه المنسق الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث عندما حذر من حدوث مجاعة، وأكد أن 362 مليون شخص في 69 دولة يحتاجون حالياً إلى مساعدات إنسانية، وقال إن فاتورة السلع والحبوب والمواد الغذائية سترتفع في الجزائر والمغرب، كما أن أزمة الخبز ستتفاقم في مصر وتونس، بخلاف السودان الذي يعاني الاقتتال الدائر منذ 4 أشهر والذي أكل الأخضر واليابس، فضلاً عن اليمن الذي يعيش أزمة غذاء طاحنة وأزمة انقسام لايعلم إلا الله وحده متى ستنتهي، ولولا الجهود الإنسانية لبعض الدول لتفاقمت الكارثة أكثر وأكثر.
الإمارات تؤمن بقضية الأمن الغذائي محلياً، وهو ما تعكسه استراتيجيتها الوطنية للأمن الغذائي بأن تكون الدولة الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، كما تهدف إلى تطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، كما تؤمن وتلتزم بدورها الإنساني في دعم قضية الأمن الغذائي محلياً وعالمياً، ولذا لا تقف مكتوفة الأيدي في الأزمات الإنسانية والغذائية التي تطال العالم من حولها، وتسخر مؤسساتها الإنسانية لمساعدة البشر أينما كانوا، بصرف النظر عن الدين والانتماء السياسي، وتعد من أكبر مانحي المساعدات الإنسانية والغذائية على مستوى العالم.
الإمارات التي تستضيف بعد حوالي شهرين من الآن أضخم مؤتمر دولي لبحث مستقبل البشرية وما يهدد حياتها، وهو "كوب 28" تضع قضية الأمن الغذائي على رأس أولويات المؤتمر، وتدعو العالم إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل تكاتف الجهود الدولية لإيجاد حلول جذرية لأزمة الغذاء العالمية، وهي قضية جوهرية وخطيرة تعادل في أهميتها قضية التغير المناخي، خاصة بعد أن أعلنت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" أن ما بين 691–783 مليون شخص كانوا معرضين للجوع في العالم خلال 2022، وهذا الرقم بكل تأكيد سيتضاعف خلال 2023.
إذا لم تصمت "مدافع الغذاء"، وإذا لم تتوقف سياسات الدول الغنية عن التلاعب بأقوات وحياة وأمن البسطاء.. فالمجاعة قادمة وقاتلة.. انتبهوا قبل فوات الأوان.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة
إقرأ أيضاً:
مبادرات وبرامج إماراتية لدعم الأمن الغذائي في السودان
أحمد مراد (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتسبب النزاع الدائر في السودان، منذ أبريل 2023، في انعدام الأمن الغذائي بمستويات غير مسبوقة، ما جعل المجاعة تفتك بملايين السودانيين، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار، الذين يصارعون الجوع، والتشتت، والحرمان الشديد.
وتعمل دولة الإمارات بالتعاون مع منظمات المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والعالمية على وقف الحرب، والتوصل إلى تسوية تحقق إرادة السودانيين، وتوقف المعاناة، مؤكدة دعمها الثابت والراسخ للشعب السوداني.
ولا تكل الإمارات ولا تمل من دعواتها ومطالباتها بفتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات إلى المحتاجين، داعية إلى تضافر جهود منظمات المجتمع الدولي لإنقاذ الشعب السوداني، والتصدي لمحاولات عرقلة وصول الإمدادات إلى النازحين واللاجئين السودانيين.
وبحسب التقديرات الأممية والدولية، فإن النزاع الدائر في السودان أدخل نحو 25 مليون شخص في دائرة الجوع، لا سيما مع عرقلة قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تقدمها المنظمات والدول الفاعلة في مجالات العمل الإنساني، وعلى رأسها دولة الإمارات.
وكان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي للعام 2025 قد حدد 17 منطقة سودانية معرضة لخطر المجاعة نتيجة الصراع المستمر، موضحاً أن أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين في إقليم دارفور.
رسالة تضامن
وأوضح الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، أنه في ظل الانهيار المتسارع للأوضاع الإنسانية داخل السودان، يبرز الدور الإماراتي كأحد أهم الجهود التي تسعى ليس فقط للتخفيف من حدة الكارثة، بل لبناء جسر عبور نحو استعادة الدولة السودانية لوظيفتها الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد زهدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات اتخذت مساراً مختلفاً عن كثير من الفاعلين الإقليميين والدوليين، إذ لم تكتف بإصدار البيانات أو دعوات التهدئة، بل انتقلت مباشرة إلى الفعل الميداني، عبر جسر متصل من المساعدات الإنسانية والإغاثية التي طالت شرائح واسعة من السكان المنكوبين، لا سيما في المناطق التي تعاني انعدام الأمن الغذائي بمستويات غير مسبوقة، ما يمثل الأزمة الأخطر والأكثر تعقيداً في السودان.
وأشار إلى أن دعم الإمارات لملف الغذاء والدواء لا يأتي فقط من باب الاستجابة الطارئة، بل يُعبر عن فهم عميق لطبيعة الأزمة السودانية كأزمة مركبة، أمنية وإنسانية وسياسية، لا يمكن معالجتها إلا بمداخل متزامنة، موضحاً أنه حين تُرسل الدولة شاحنات القمح والأدوية، وتُنشئ مستشفيات ميدانية ومراكز إيواء، فهي بذلك تؤسس لمعادلة استقرار قائمة على إنقاذ الإنسان السوداني أولاً، تمهيداً لاستعادة السياسة والمجتمع والدولة لاحقاً.
وقال الخبير في الشؤون الأفريقية، إن السودان لا يحتاج فقط لمن يرفع صوته بالنيابة عنه في المحافل، بل لمن يضع قدماً على الأرض في معسكرات النزوح والمستشفيات، ويُقدم نموذجاً فاعلاً للتضامن الإنساني العملي، مضيفاً أن الإمارات تقدم نموذجاً يستحق التقدير والتثمين، لأنه يتعامل مع السودان كقضية إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون سياسية أو أمنية.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يزداد فيه الجوع ويغيب الدواء، تكتسب كل قافلة إماراتية تصل إلى الداخل السوداني معنى أكبر من مجرد شحنة دعم، مؤكداً أنها تمثل رسالة تضامن، ومحاولة جدية لردم الهوة بين الخراب وإمكانية التعافي.
دعم إماراتي
بدوره، شدد مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، الدكتور محمد صادق إسماعيل، على أهمية المبادرات والبرامج التي تتبناها دولة الإمارات لدعم الأمن الغذائي في السودان، في ظل التداعيات الخطيرة المترتبة على النزاع الدائر منذ أبريل 2023، ما جعل البلاد تواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي، بحسب التقديرات الأممية والدولية.
وأوضح إسماعيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن النزاع تسبب في تداعيات خطيرة، سواءً على مستوى النزوح أو الخسائر الاقتصادية أو تفشي أزمة غذائية معقدة يُعانيها ملايين السودانيين، مؤكداً أن الإمارات تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تخفيف معاناة الشعب السوداني، عبر قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تشكل دعماً بارزاً للأمن الغذائي السوداني.
وفي إطار تضامنها الراسخ والثابت مع الشعب السوداني، تحرص دولة الإمارات على دعم الأمن الغذائي في السودان، في ظل تأثره بتداعيات النزاع الدائر منذ أبريل 2023.
سياسات متوازنة
وقال مدير المركز العربي للدراسات، إن دولة الإمارات تتبنى سياسات خارجية متوازنة تهدف إلى إحلال السلم والأمن في مختلف مناطق العالم، وتسوية النزاعات والصراعات بالطرق السلمية، إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والغذائية للمتضررين من النزاعات والصراعات، ما يعزز الحضور الإماراتي الفاعل على المستويين الإقليمي والعالمي.