إمام يخطئ في القراءة أثناء الصلاة ويرفض أن يرده الناس فما الحكم؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما الحكم الشرعي في إمام المسجد يقرأ في الصلاة الجهرية بآياتٍ مِن القرآن، ويخطىء فيها وإذا قام أحد المصلين بِرَدِّهِ فإنه يقوم بإمساك الميكروفون ويقول على مسمع الناس لا يجوز رَدُّ الإمام في الصلاة؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الفتح على الإمام في الصلاة ليس على إطلاقه، بل هو من المسائل المختلف فيها؛ لأنه قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى البلبلة والاضطراب، ولذلك جرى عمل المسلمين على أنه لا يُفتَح إلا على من يَستفتِح، إلا إن أَدخلَ أهلَ الجنةِ النارَ وأهلَ النارِ الجنةَ أو غير تغييرًا يقتضي كفرًا، أو كان الخطأ والنسيان في الفاتحة؛ لأنها من أركان الصلاة التي لا تتم الصلاة إلا بها.
نص جماعة من أهل العلم سلفًا وخلفًا على أن الإمام لا يُفتَح عليه إلا إذا استفتح (أي طلب الفتح)، وأنه لا يُلَقَّن ما دام مترددًا حتى يقف طلبًا للفتح، حتى لو خرج من سورة إلى سورة، ما دام لم يخلط آية رحمة بآية عذاب أو يغير تغييرًا يقتضي كفرًا.
وذكرت أنه ومع قول الشافعية بأن الإنصات سنَّة وليس واجبًا في المعتمد عندهم فإنهم نصوا مع المالكية أن الإمام والخطيب لا يُفتَح عليه إلا إذا استفتح (أي طلب الفتح)، وأنه لا يُلقَّن ما دام مترددًا حتى يقف طلبًا للفتح، حتى لو خرج من سورة إلى سورة، ما دام لم يخلط آية رحمة بآية عذاب أو يغير تغييرًا يقتضي كفرًا.
وتابعت: فإذا كان في الرد على الخطيب مصلحةُ تصحيحِ خطأ وقع فيه فإنه قد يستتبع مفسدة تلجلجه واضطرابه وتشتت أفكاره بسبب الرد عليه، وقد تؤدي حساسية الموقف إلى أن يفهم الخطيبُ الأمرَ على غير وجهه فتأخذه العزة بالإثم، فيضطرب الناس بين الرادِّ والمردود عليه؛ كما هو مُشاهَد في بعض الأحيان، ومن المقرر شرعًا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، هذا مع أن في الإمكان الجمع بين جلب المصلحة ودرء المفسدة بتنبيه الإمام بعد الصلاة على الخطأ في أدب وهدوء نابعَيْنِ من إرادة الخير وصدق النصيحة والإخلاص في القصد.
وأكدت دار الإفتاء أنه على ما تقدم وفي واقعة السؤال: فإنه إذا نسي الإمام آية أو كلمة أثناء قراءته فإذا فتح عليه المأموم فلا بأس بذلك من غير ضوضاء في المسجد هذا إذا كان النسيان في غير الفاتحة، أما إذا أرتج عليه في الفاتحة فإنه يَلزم مَن وراءه من المأمومين الفتحُ عليه؛ لأنها ركن الصلاة فيكون كمن نسي ركوعًا أو سجودًا، فيُنَبَّهُ بالتسبيح، وكذلك إذا أخطأ الإمام في القراءة الخطأ الواضح الذي يحيل المعنى بأن أدخل أهل الجنة النار أو العكس فعلى المأموم حينئذٍ الفتحُ عليه، وعلى المأمومين أن يلتزموا الآداب الإسلامية وأن لا يدعوا للشيطان بابًا يفسد به عليهم حياتهم وصلاتهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصلاة دار الإفتاء المصرية الصلاة الجهرية القراءة المصلين الإمام الفاتحة ما دام
إقرأ أيضاً:
افتتاحية.. الصيف والقراءة
رغم ضجيج العالم الذي يتصاعد كل يوم إلا أن علينا ألا نزيح القراءة نحو الهامش، إنها فعل وجودي تتفتح معه الذات، وتسمو عاليا في لحظة يبدو كل شيء فيها يجرنا نحو القاع.
ومع كل صيف يطل، وتخفتُ فيه وطأة الالتزامات اليومية، يتسع الزمن لاختيار آخر، أكثر جوهرية: أن نرتدّ إلى الداخل، وننفتح على الكتب بما تمثله من أنساق من الأفكار، وأدلة مغايرة للوجود.
تبدو المكتبة في هذه اللحظة، سواء كانت عمومية أو شخصية، فضاء رمزيا لحوار متجدد مع ما نظنه قد قيل وانتهى.. فهي تكشف، حين نمنحها الوقت والإنصات، عن دهشة كامنة في كل جملة، وكل نظرية، وكل استعارة. القراءة لا تُثبّت معارفنا، بل تربكها أولا، قبل أن تعيد تركيبها على نحو أكثر نضجا وشفافية. وربما لهذا السبب كانت القراءة لحظة مواجهة، لا لحظة ترف؛ مواجهة مع الأسئلة المؤجلة، مع الذات في هشاشتها وادعاءاتها، ومع العالم في عنفه ومراوغته.
وفي هذه اللحظة التي يبدو فيها العالم عند حافة الفناء النووي تغدو العودة إلى فعل مقاومة، مقاومة للفناء، ومقاومة للسطحي والسريع، وللصوت العالي والمشهد الزائف. ولذلك لا يمكن أن تكون القراءة مجرد تمرين يومي لأذهاننا المزدحمة ولكنها في عمقها ممارسة أخلاقية لتكثيف الإدراك.
تتيح لنا القراءة أن نعيش حيوات لم نعشها، ونرى بعيون لم نرَ بها، ونفكر من عتبات لم نقترب منها من قبل.. وبهذا المعنى، لا يصبح القارئ مجرد مستهلك للنصوص، بل مشارك في صوغ العالم، في مراجعته وإعادة تأويله.
وهذا الصيف الذي يداهمنا الآن بلهيبه الحارق، ليس فيه انقطاع عن العالم أو فرار من جحيمه بل نحاول أن نجد فيه استراحة للتأمل وفرصة لقراءة ذواتنا وقراءة مآلاته الحتمية. وبذل أن يكون زمنا للهروب، يمكن أن يكون فرصة للولوج إلى العوالم التي تفتحها المكتبات والكتب. ففي حضرة المتنبي ونجيب محفوظ ودوستويفسكي وميلان كونديرا نستطيع أن نعيد فهم العالم الذي يتدافع نحو الهاوية وفهم معنى الروح وتأريخها.
قد لا تغيرنا الكتب، ولا تستطيع أن تنتشل العالم من على تخوم هاويته ولكنها على أقل تقدير تستطيع أن تهز ذواتنا فنكتشف أنفسنا فيه وتلك هي معجزة القراءة التي تتجلى في بناء وعي أعمق بأن الأسئلة التي تتكاثر من حولنا لن تنتهي أبدا.