صحفيون مُنجِمون في كل وادٍ يهيمون!
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
معطيات :
كان بلاط فرعون يعج دوماً بالسحرة والمنجمين،للاستعانة بهم كمخالب ناعمة تعزز جبروته،أو كصولجانٍ بطش ٍ بأعداءه ومنافسيه وأحياناً كبوقٍ لنفث الرعب في قلوب شعبه حتى يظل مذعناً مستكيناً داجناً في حظيرة سلطانه ليس للثورة إلى قلوبهم سبيلاً، وفي مقابل ذلك ، كان فرعون يجود على سحرته ومنجميه بالعطايا والإطعام كلما كانوا من الغالبين بسحرهم ،إلى أن جاءهم موسى بآيات ربه في يوم الزينه،اليوم الذي حشر فيه فرعون ونادى كبار سحرته ومنجميه من كل المدائن مستنفَرين.
لقد مثل السحرة آنذاك شكلاً من أشكال السلطة ذات شعبية جماهيرية،كما انها كانت أحد الجسور الرابطة بين السلطة والشعب، فضلا عن كونها إحدى أدوات السيطرة وممارسة السلطة والتأثير على الرأي العام ،فكان الشعب يميل معهم أينما مالوا،لذا كانت السلطة الفرعونية حريصة على إلجام المنجمين بلجام العطاء السخي ،فلعبوا دوراً أساسياً على مر الدهور في مخاطبة عقول وأفئدة الناس أو إرعابهم حسب رغبة الحاكم ويحصلون نظير زيفهم على ما لايستحقونه من مزايا سهلة وغير مستحقة.
يتعاظم دور المنجمين والسحرة خلال الأزمات الداخلية وتقلبات السياسة بين المتنافسين على الحكم، وعلى الرغم من مرور آلاف السنين ،مازالت الحاجة إلى خدماتهم في إزدهار وتطور مضطرد،وتطورت وأتخذت أشكالات متعددة وحديثة،وصارت علماً يدرس في أكاديميات عالمية تمنح الشهادات العليا في علم السحر والتنجيم،وظل بعض السياسيين يلجأون إلى المنجمين للاستفادة من قدراتهم الضالة لاستشراف المستقبل،أو المساعدة في تبوأ المناصب وإرتقاء سلالم المجد السياسيي الفاني،أما تجار الأزمات يتقربون إليهم زلفى طمعاً في الظفر بالعطاءات والإمتيازات ..إمتلكت السلطة الأدوات الخشنة للقمع المادي،أما القمع المعنوي تسخدم فيه الأدوات الناعمة كالصحافة مثلاً التي
تعتبر أكثر الوسائل الناعمة تاثيراً في إتجاهات الرأي العام،ومعول ناجع في بلورته وتكيفيه حسب الطقس السياسي للسلطة،فوجدت الصحافة إهتماماً بيناً من السلطات الحاكمة في أروبا حيث ظهرت أول صحيفة في ألمانيا في 1605 التي إقتصرت في بدايتها على جمع الاحداث المهمة من السجلات العامة ونشرها واستمرت في التطور مواكبة المتغيرات التاريخية ومنتجات الثورة الصناعية والتكنلوجية والرقمنة ،حتى صارت حالياً إحدى ركائز السلطة المدنية الديمقراطية تهابها الحكومات وتسعى إلى ودها،وكثيراً ما تخشاها وتجتهد في تدجينها بمختلف الاساليب الخشنة والناعمة حسب المتطلبات .. أو كلما إزدادت حاجة السلطة إلى حقن الأكاذيب في جسد المجتمع وتوجيهه طبقاً لمصلحة الطبقة الحاكمة تحقيقاً لأغراضها وأهدافها البعيدة والقريبة،عكفت بعض الحكومات تلجأ بإستمرار إلى إستغلال الصحافة(المستقلة) والإعلام كمخدر لاجراء عمليات متنوعة ،وتسعين في ذلك ببعض كبار الصحافيين المنجمين لإجراء عمليات تجميل الأكاذيب الذين برعوا في إستخدام أقلامهم كمباضع لعمليات شد وجه الحكومات المعمرة في الفشل ،أو تغيير (مفاصل) الحقيقة وتركيب أجزاء زائفة ،وأحيانا يبرع بعض هؤلاء الصحفيون المنجمون في تكبير إنجازات هلامية تسحر الناظرين...وإحترف بعضهم تكميم أفواه المعارضين معنوياً ،وأظهرت حرب الخرطوم أن بعض الصحافيين المنجمين بارعون في نسج الفتن وإثارة النعرات الجهوية والقبلية وتلوين الحقائق كيفما تريد ذلك بعض الدوائر المغلقة ... تفنن جزء منهم في وضع ظلال الشك وكحل التقارير في عيون المخابرات،بينما أجاد رهط منهم تصنيع مستحضرات الفبركة والفتوشوب وبات أغلبهم لا يؤدى عمله مالم يكن هناك (ظرف)، ومنهم من يتنافس في خدمة ملفات لمؤسسات إعتادت على (تجيير) الصحافيين الزبالين - كما يطلق عليهم في الوسط الصحفي - (هذا نوع من الصحافيين يكتب مايطلبه الدافعون)..!
فالصحافة الطبيعة دورها معروف ومعلوم،فهى سلطة حقيقية تخدم مجتمعها،تدافع عن مبادئه وحقوقه ضد تغول السلطة،فهى تستمد طاقتها من المجتمع ،لانها سلطة مستقلة موازية للسلطات الثلاث،التشريعية،التنفيذية والقضائية،فهى تستمد قوتها من قيمة رسالتها السامقة والإرث الأخلاقي الصلد،
فكل هذه المعطيات،تؤشر بجلاء إلى ضرورة إستتابة بعض الصحافيين المنجمين الذين صبأوا عن قيم ورسالة الصحافة الحقيقية ،يُستتابوا علهم يرجعون إلى الصحافة الحقة، صحافة القيم والمبادئ، على هؤلاء الكف عن تسول موائد السياسيين، وإنتهاز الفرص من أجل الاسترزاق المادي، عليهم الإقلاع عن تأجير أقلامهم من الباطن لبعض المتهورين سياسياً، فبعض الأقلام فاحت نتانتها بإفتتضاح على الملأ، يتوجب على بعضهم الامتناع عن إستخدامها كمباضع لتجريح المجتمع وتقطيعه جغرافياً ووجدانياً،وسيظل التاريخ يذكر ذاك القلم السام الذي ذبح ثوراً فرحاً بإنفصال الجنوب !
[email protected]
///////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
خوجة في مكة يستعرض تاريخ الصحافة السعودية ومستقبلها الرقمي ويكشف قصة إطلاق قناتي القرآن والسنة
مكة المكرمة – الجزيرة – سليمان وهيب
استعرض معالي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، وزير الثقافة والإعلام الأسبق، رحلته الطويلة في وزارة الثقافة والإعلام والسلك الدبلوماسي، وسلّط الضوء على تاريخ الصحافة السعودية منذ عهد المؤسس لهذه البلاد الطاهرة، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، ومراحل التطور التي شهدتها الحركة الصحفية في المملكة على مدار قرن من الزمان، بدءاً من تأسيس صحيفة أم القرى وصولاً إلى الوقت الراهن.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظّمه فرع هيئة الصحفيين السعوديين بمنطقة مكة المكرمة في مقر غرفة مكة المكرمة، والذي جمع معاليه بأعضاء الهيئة تحت عنوان: “الصحافة في المملكة: رؤى وتطلعات، فرص وتحديات”.
وأكد الدكتور خوجة أن الصحافة السعودية تمتلك فرصاً كبيرة إذا أحسنت قراءة الواقع واستغلت أدوات العصر، مشيراً إلى أن التحول نحو الإعلام الرقمي بات ضرورة أمام المؤسسات، وموضحاً انتهاء عصر الصحافة الورقية وضرورة انتقال المؤسسات الإعلامية إلى نماذج أكثر استدامة تتوافق مع المرحلة الحالية والثورة التقنية التي يعيشها العالم.
وأضاف أن المرحلة الراهنة تتطلب من الصحف الورقية العمل على بناء مشاريع استثمارية جديدة تتواءم مع التحولات المتسارعة وتضمن موارد مالية تدعم استمراريتها.
وكشف خوجة خلال حديثه للصحفيين عن قصة انطلاق قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية إبان عمله في الوزارة، فقال: “إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، أبدى سروره حينما نقلت له فكرة إنشاء قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية وبثهما على مدار اليوم، وطلب مني، رحمه الله، اطلاعه على التصور فوافق عليه فوراً”.
ودعا الله أن يجزي قادة هذه البلاد المباركة خير الجزاء، منوهاً بجهودهم القيادية والريادية من عهد المؤسس، طيب الله ثراه، إلى العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رعاه الله، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، واهتمامهم بكل ما يتعلق بخدمة الحرمين الشريفين ونشر هدي وسماحة الإسلام إلى العالم بأسره.
كما قدّم معاليه شكره لرئيس هيئة الصحفيين السعوديين، الأستاذ عضوان بن محمد الأحمري، وللجهود التطويرية المبذولة في هيئة الصحفيين، ولفرع الهيئة بمنطقة مكة المكرمة على تنظيم هذا اللقاء.
وكان اللقاء قد بدأ بكلمة ترحيبية من مدير فرع الهيئة بمنطقة مكة المكرمة، الأستاذ فهد بن عبدالعزيز الإحيوي، الذي أشاد بالجهود الكبيرة التي قدمها معاليه لخدمة القطاع الثقافي والإعلامي خلال فترة عمله بالوزارة. وأشار إلى أهمية هذا اللقاء وما تشهده المملكة العربية السعودية من تطور في كافة القطاعات، وفي قلب هذا التطور تبرز صحافة المملكة وريادتها العربية والشرق أوسطية، موضحا بأن هذا اللقاء يمثل إضافة نوعية وإثراءً معرفياً كبيراً لما يتمتع به معاليه من خبرة عريقة ورؤية ثاقبة في مجال الثقافة والإعلام.
اقرأ أيضاًالمجتمعتدخين عدد أقل من السجائر غير كاف للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين
وحظي اللقاء، الذي حضره عدد من المسؤولين وجمع من الإعلاميين والإعلاميات، بتفاعل ونقاشات ثرية، عكست اهتمام الوسط الإعلامي في مكة المكرمة بمستقبل الصحافة السعودية في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها الساحة الإعلامية.
وفي ختام اللقاء، قدّم مدير فرع الهيئة بمنطقة مكة المكرمة الإحيوي درعاً تذكارياً للدكتور الخوجة، كما تم تكريم عدد من شركاء النجاح: غرفة مكة المكرمة، لدورهم الرائد في تنظيم ونجاح هذا اللقاء