دعا الصحفي شيموس مالك أفضلي في مقال نشره في موقع "ذي انترسبت" إلى عدم تصديق ما وصفه بـ"خيالات" الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي بشأن الحرب على لبنان، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام الغربية تخفي التكلفة الفعلية للغزو الإسرائيلي للأراضي اللبنانية.

وقال في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إنه "بالنسبة لقراء وسائل الإعلام الغربية منذ بدء غزو لبنان، تبدو المناورات الإسرائيلية أنها حققت نجاحا مذهلا.

فقد قام المتحدث العسكري الإسرائيلي دانييل هغاري بتصوير بيان صحفي من جنوب لبنان المحتل، وقامت القوات الإسرائيلية بجولة في حي محتل في بليدا لمجموعة من المراسلين، سواء الدوليين أو المحليين. وقال رجل لبناني معتقل، زعم الإسرائيليون أنه عضو في حزب الله، للمحققين إن رفاقه فروا خوفا وتركوه خلفهم، مثل الجبناء".

وأضاف أن "ما أخفته هذه الحملة الإعلامية هو التكلفة الفعلية للغزو حتى الآن".
وأشار إلى أنه "في حين استمر الجيش الإسرائيلي في التوغل داخل الأراضي اللبنانية، فإن المسافة الفعلية نادرا ما تجاوزت البلدات الواقعة على الحدود. وعلى النقيض من الادعاءات التي أطلقها مختطفون لبنانيون تحت الإكراه أمام الكاميرات، لم يتخل مقاتلو حزب الله عن الحدود، ولا تزال المناوشات مع القوات الإسرائيلية مميتة، حيث قُتل خمسة جنود إسرائيليين في القتال الأسبوع الماضي".


كما وسع حزب الله نطاق عملياته، حيث ضربت المسيّرات جنودا في عمق الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك هجوم على قاعدة عسكرية بالقرب من حيفا في 13 تشرين الأول/ أكتوبر أسفر عن مقتل أربعة جنود وإصابة 58 شخصا على الأقل. كما يتم إطلاق صواريخ تزن ما يصل إلى ثلاثة أطنان على تل أبيب. وفي حين تم اغتيال الكثير من قادة حزب الله، فإن الشائعات حول زوال المنظمة مبالغ فيها إلى حد كبير في الوقت الحالي، وفقا للمقال.

وعلى الرغم من الواقع المعقد على الأرض، بحسب الصحفي، فإن "المسؤولين الإسرائيليين وداعميهم الأميركيين يفكرون بالفعل في المستقبل البعيد. وعلى الرغم من فشل الدمار الكامل في غزة ومقتل يحيى السنوار وإسماعيل هنية حتى الآن في إزاحة حماس، فإن إسرائيل والولايات المتحدة تتحدثان بالفعل عن لبنان ما بعد حزب الله".

وأشار الكاتب إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والحكومة الإسرائيلية، دعا "لعدة أشهر ــ وخاصة مع استمرار الغزو ــ إلى نوع من الانتفاضة المدنية ضد حزب الله. ويُتصور أن تكون هذه الانتفاضة كحدث سينمائي تقريبا حيث تتخلص جميع طوائف الجمهورية اللبنانية من نير المنظمة، فتتحرر لبنان من عبوديتها المزعومة".

ولفت إلى أنها "دعوة غامضة عمدا، وهي دعوة يمكن لأي معارض لحزب الله، لبناني أو غير لبناني، أن يرسم عليها رغباته الخاصة. وفي حين يظل نتنياهو والدولة خفيفين نسبيا في التفاصيل، فإن الساسة الإسرائيليين الآخرين كانوا محددين للغاية في ما يتوقعونه".

كان يائير لابيد، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة الحالي، مؤيدا بشدة لغزو لبنان ــ على الرغم من خلافاته الشديدة مع حكومة نتنياهو. وفي مقال باللغة الإنجليزية في مجلة "الإيكونوميست"، وضع لابيد خطة تبدو غير قابلة للتمييز عن خطة نتنياهو. ويدعو لابيد إلى إعادة تأسيس جيش جنوب لبنان، وهو الجيش الإسرائيلي بالوكالة الذي كان قائما منذ ثمانينيات القرن العشرين وحتى عام 2000، وفقا لكاتب المقال.

وأشار الكاتب إلى أن "هذا الجيش يتألف من جنود لبنانيين يتم رشوتهم للقتال برواتب أعلى، والذين لن يتم تدريبهم من قبل الإسرائيليين بل من قبل ضباط عسكريين فرنسيين وإماراتيين وأمريكيين".

والأمر الأكثر أهمية، وفقا للمقال، فهو أن لابيد يدعو إلى حل الحكومة اللبنانية ووضع البلاد بأكملها التي يقطنها ملايين السكان تحت تفويض دولي، وعند هذه النقطة يتم إجراء انتخابات جديدة و"تتمكن حكومة جديدة من تولي السيطرة" - وهي حكومة من المؤكد أنها لن تضم حزب الله.

وعلق الكاتب بالقول إن "عبثية هذا الاقتراح، ناهيك عن استشراقيته الجوهرية، لابد وأن تكون واضحة لأي شخص مطلع على المنطقة. فحزب الله يتمتع بقوة عسكرية هائلة ـ أكثر من الجيش اللبناني بالتأكيد. ولكنه لا يمارس هذه القوة بالقوة وحدها. ففي حين لا يتمتع حلفاؤه في تحالف الثامن من آذار بالأغلبية في البرلمان اللبناني، فقد حصل حزب الله على أكبر عدد من الأصوات من أي حزب منفرد في لبنان في الانتخابات الأخيرة، ويتمتع بدعم شعبي كبير في جنوب بيروت وفي معظم أنحاء جنوب لبنان".

وفي حين أن هناك الكثيرين في لبنان ممن يضعون أنفسهم في معارضة لحزب الله وأيديولوجيته، فإن أنصار المنظمة يرون في الجماعة العمود الفقري الحاسم للمقاومة ضد القوة العسكرية الإسرائيلية، حيث لعبت دورا فعالا في طرد القوات الإسرائيلية من الجنوب في عام 2000 وإعادة بناء جنوب بيروت بعد قصفها أثناء حرب عام 2006. وفي حين أن أغلبية السكان اللبنانيين لم يؤيدوا ولا يؤيدون الحرب مع إسرائيل، فإن حزب الله يشكل عنصرا لا ينفصل عن المجتمع اللبناني ويشكل جزءا أصيلا منه، حسب المقال.

وقال الكاتب إنه "حتى لو كان هذا واقعا واضحا للمراقبين، فإن الولايات المتحدة لا تعترض على الخطط الإسرائيلية المعلنة. فقد توقفت عن الدعوة إلى وقف إطلاق النار في لبنان، بل رأت بدلا من ذلك فرصة لتقليص قوة حزب الله وهزيمته. وبدأت في المناورة للدفع باتجاه انتخاب رئيس لبناني جديد في حين يزعم البعض أن اهتمام حزب الله قد ضعف وتحول إلى مكان آخر، حيث زل لسان المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين عندما تحدث إلى محطة تلفزيونية لبنانية، قائلا: حتى نختار ـ بمجرد أن يختار لبنان رئيسا. وعندما سأل رئيس مجلس النواب اللبناني منسق الأمم المتحدة كيف يمكن في هذا السيناريو أن يتم حماية نواب حزب الله، بالنظر إلى أن إسرائيل شنت غارات اغتيال ضد مسؤولين سياسيين من حزب الله داخل بيروت، أجاب المنسق ببساطة: لا أحد يستطيع أن يضمن أن هذا لن يحدث".


وأضاف أن "الولايات المتحدة تعمل على نسج صورة من خيالها الخاص عن لبنان، فتتواصل مع رئيس الوزراء اللبناني وغيره من المسؤولين وتنخرط معهم في الدبلوماسية، في حين تتحدث وزارة الخارجية في الوقت نفسه عن لبنان المستقبلي حيث يستطيع الشعب اللبناني أن "يختار ممثليه" ـ وهو ما يعكس لغة جورج بوش الابن حول العراق في عهد صدام حسين. إن الشعب اللبناني قادر على اختيار ممثليه، ولكن لا يوجد دليل على أن الممثلين الذين يريدهم أغلب اللبنانيين هم من يحظون بموافقة إسرائيل والولايات المتحدة".

و"في حين تدبر الولايات المتحدة لتحقيق ما تنسجه في خيالها الخاص هذا، فإن الدولة الإسرائيلية وجيشها يتصرفان وفقا لفهم مفاده أن اللبنانيين لا يمكن الوثوق بهم في الديمقراطية، وبالتالي لابد من طردهم من جنوب لبنان بالكامل"، على حد قول الكاتب.

واختتم الكاتب مقاله بالقول إن "ما قد تدعو إليه الولايات المتحدة وإسرائيل قريبا، عندما لا يمكن تجاهل الواقع بعد الآن، هو نوع الدولة اللبنانية التي تنبأ بها وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه ديان ذات يوم: دولة يكون فيها الجنوب تحت السيطرة الإسرائيلية، وفي مقر السلطة في بيروت زعيم مُنصَّب لن يرغب في شيء أكثر من إعطاء إسرائيل كل ما تريده".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الولايات المتحدة الاحتلال لبنان حزب الله لبنان الولايات المتحدة حزب الله الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة جنوب لبنان حزب الله وفی حین فی حین إلى أن

إقرأ أيضاً:

متى تتراجع الولايات المتحدة؟

لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.

من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.

في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر

منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.

صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.

الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.

ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.

هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.

وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض

1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.

2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.

3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.

أفغانستان والعراق

في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.

وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.

ما الذي نتوقعه؟

من المقاومة:

- الثبات والتطوير.

- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.

- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.

- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.

- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.

من الشعوب:

- كسر الوهم الأمريكي.

- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.

- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".

- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.

ومن الحكومات:

- عدم الثقة بالقاتل.

- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.

- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.

- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.

الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.

مقالات مشابهة

  • جنوب لبنان تحت النار الإسرائيلية مجدداً: قتيل وجريح في غارات مستمرّة
  • قتيل بغارة على لبنان والجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر بحزب الله
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟
  • الصين تحذر الولايات المتحدة من اللعب بالنار بشأن تايوان
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد بوحدة صواريخ حزب الله
  • الجيش الإسرائيلي: استهدفنا في دير الزهراني في جنوب لبنان قائد الوحدة الصاروخية بقطاع الشقيف في حزب الله
  • ملصقات ضدَّ حزب الله في الجنوب.. والفاعل جيش العدو!
  • عن غارات البقاع... تعليق للجيش الإسرائيليّ
  • سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم بنى تحتية لـ حزب الله في جنوب لبنان
  • مصدر : إسرائيل اخترقت هيكلة حزب الله السابقة استخباراتيا