قال موقع ميديا بارت إن إسرائيل لا تنوي الاستمرار في نجاحاتها العسكرية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله فحسب، بل إنها -بعيدا عن الرد على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول– تسعى في حربها إلى وضع حد لفلسطين ومؤيديها، ولذلك يجب فعل كل شيء لوقف هذه الحرب التي لا نهاية لها.

وانطلق الموقع -في مقال للكاتب المخضرم وصاحب الموقع السابق إدوي بلينيل- من المثل القائل: "منطق الأقوى دائما هو الأقوى" الذي افتتح به الشاعر الفرنسي لافونتين حكاية "الذئب والحمل"، ليظهر عجز العقل وحججه المنطقية عن مواجهة عنف القوة المدفوع بالانتقام، كما قال الذئب للحمل قبل أن يلتهمه "قيل لي يجب أن أنتقم".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إنترسبت: الاتحاد الأوروبي "يلتف" على قواعده لدعم الاستيطان الإسرائيليlist 2 of 2أكبر عملاء الكرملين.. من هو جون مارك دوغان؟end of list

وقد استعرض الفيلسوف جاك دريدا أبيات لافونتين هذه في بداية كتابه "البلطجي" الذي سعى فيه إلى تفكيك العاطفة العمياء التي سيطرت على الولايات المتحدة الأميركية بعد صدمة هجمات 11 سبتمبر/أيلول، حيث فتح هذا العمى دورة مدمرة في العلاقات الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حيث تعود السلطة إلى من يعطي نفسه الحق في تعليق القانون.

ورأى الفيلسوف أن مصطلح "الدول المارقة" صنعته الولايات المتحدة لاستبعاد الدول التي جعلتها هدفها كالعراق، وذلك في اندفاع متهور تغلبت فيه اللاعقلانية الأيديولوجية على المنطق السياسي.

إلا أن "الدول المارقة الأولى والأكثر عنفا -حسب دريدا- هي تلك التي تجاهلت القانون الدولي وتواصل انتهاكه، وتدعي في الوقت نفسه أنها من أبطاله وتتحدث باسمه، وتذهب باسمه إلى الحرب في كل مرة تقتضيها مصلحتها".

حرب على فكرة فلسطين

وإسرائيل اليوم -حسب بلينيل- هي الأكثر رمزية بين هذه الدول المارقة، إذ لا يسعى قادتها حتى إلى إنقاذ مظهر الإنسانية المشتركة التي باسمها تُفرض الحقوق الأساسية على الأمم أيا كانت، فهي تقاتل "حيوانات بشرية"، كما قال وزير دفاعها يوآف غالانت، معلنا في اليوم التالي لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول حربا بلا رحمة ولا قواعد، لا على حماس فحسب، بل على قطاع غزة بمدنييه وبيوته وأماكن حياته.

وفي تحدٍ للحقيقة الواقعية والدقة التاريخية، فإن "تشبيه قضية فلسطين بإرهاب حماس" -حسب تعبير الكاتب- بمنزلة غاية تبرر كل الوسائل، لأن العالم أجمع، رغم الحصار الإعلامي الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي على حربه، شاهد على ما يحدث في الواقع من حرب تشنها إسرائيل على فلسطين، لا على وجود دولة بهذا الاسم، ولكن على بقاء فكرتها نفسها، حرب تدمير الشعب الذي يجسدها واحتلال الأرض التي تحملها.

حرب إسرائيل على غزة هي حرب على فلسطين، لا على وجود دولة بهذا الاسم، ولكن على بقاء فكرتها نفسها، حرب تدمير الشعب الذي يجسدها واحتلال الأرض التي تحملها.

وإذا كان هناك أي شك في الماضي، فإن تكثيف العمليات العسكرية في شمال غزة وجنوب لبنان يؤكد ذلك، بعد أن كان بوسع إسرائيل أن تقرر تعليق هجماتها متفاخرة بأنها تمتلك أسلحة نووية، وبأنها قطعت رأس حماس وحليفها الإقليمي حزب الله.

غير أن قادة إسرائيل سلكوا الخيار المعاكس المتمثل في حرب لا نهاية لها على أمل مجنون في القضاء على كل شيء يتعارض مع الهوية التي يدعونها، والتي لخصها من دون رتوش رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو في أن "إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها.. إنها الدولة القومية لليهود وحدهم".

على الغرب معاقبة قادة إسرائيل

وذهب الكاتب إلى أن هذا الخيال الاستعماري، الذي يجعل إسرائيل -حسب إيهود باراك– "فيلًا في الغابة"، يتعين عليها -حسب نتنياهو- "الدفاع عن نفسها ضد الوحوش البرية" إلى الأبد، هو هلاك في حد ذاته، لأن منطق الأقوى الذي يضمن النصر العسكري يكشف عن نفسه على أنه جنون سياسي، يعد بهزيمة وجودية أي "انتحار جماعي"، كما لخص ذلك روني برومان في افتتاحية كتاب غزة الأسود.

الإفلات من العقاب الذي تستفيد منه إسرائيل، رغم انتهاكها حقوق الإنسان لشعب بأكمله ودوسها دون قيد أو شرط على القانون الدولي، دعوة إلى الوحشية العامة.

وأشار الكاتب إلى أن اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي تضمن مشاركته في الحكومة بقاء نتنياهو السياسي، مليء بالهواجس القاتلة التي تشكل معجم الفاشية، ومن الشؤم أن تصبح الدولة التي تستمد شرعيتها الدولية من وعيها بالجريمة ضد الإنسانية، هي المختبر المعاصر لعودة الأيديولوجيات التي ولدتها.

وبالتالي، فإن الكارثة الناجمة عن ذلك تتجاوز مصير الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي -حسب الكاتب- ويتجلى ذلك على نطاق عالمي، إذ يصبح الإفلات من العقاب الذي تستفيد منه إسرائيل، رغم انتهاكها حقوق الإنسان لشعب بأكمله ودوسها دون قيد أو شرط على القانون الدولي، دعوة إلى الوحشية العامة.

وخلص الكاتب إلى أنه لا يزال هناك وقت للقيام بكل شيء لمنع هذا الانهيار، وبالتالي لا بد، بعد أن تحولت إسرائيل إلى دولة مارقة، من معاقبة قادتها الحاليين من قِبَل الغرب الذي يزعمون أنهم ينتمون إليه، وبعبارة أخرى من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك بحظرهم دبلوماسيا، ومقاطعتهم اقتصاديا وعسكريا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات

إقرأ أيضاً:

رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان أحد أبرز مؤرخي الشتات في سوريا

توفي صباح أمس الأحد الكاتب والمفكر الفلسطيني علي سعيد بدوان في العاصمة السورية دمشق عن عمر ناهز 66 عاما بعد حياة حافلة بالعمل السياسي والإنتاج الفكري الذي ارتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الفلسطينية، خاصة ملف اللاجئين في سوريا والعراق.

وينتمي علي بدوان إلى الجيل الفلسطيني الذي نشأ في مخيم اليرموك قرب دمشق، وهو من أبناء مدينة حيفا الذين هجّرتهم نكبة عام 1948.

ترعرع بدوان في مدارس وكالة الأونروا، وشق طريقه الأكاديمي بجامعة دمشق حيث درس العلوم الأساسية (فيزياء وكيمياء)، ثم حصل على دبلوم في التربية وشهادة بالعلوم العسكرية من كلية المشاة أثناء خدمته في جيش التحرير الفلسطيني.

واعتبر بدوان شاهدا حيا ومؤرخا للتجربة الفلسطينية في الشتات، شارك مبكرا في العمل السياسي ضمن صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين منذ عام 1974، وكان من الذين واجهوا الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، حيث أصيب إصابة خطيرة استدعت لاحقا عملية زراعة كبد خارج البلاد.

بعد انسحابه من العمل الفصائلي عام 2003 تفرغ بدوان للكتابة والبحث، فكان قلمه صوتا للعشرات من القصص المسكوت عنها في حياة الفلسطينيين بسوريا.

شغل منصب مدير مكتب الإعلام لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، وكان من أبرز المساهمين في النقاشات العامة بشأن التحولات الاجتماعية والسياسية في مخيمات اللجوء.

إعلان

ألّف بدوان نحو 20 كتابا تنوعت بين التوثيق السياسي والتحليل التاريخي، من بينها "القدس واللاجئون والمفاوضات غير المتوازنة" (1997)، و"اليسار الفلسطيني" (1998)، و"اللاجئون الفلسطينيون في سوريا والعراق.. من الاقتلاع إلى العودة" (2000).

كما نشر مئات المقالات في صحف عربية بارزة عالجت مختلف جوانب القضية الفلسطينية وتقاطعاتها مع أوضاع المنطقة، وقدّم كتابات ساهمت برسم صورة اللاجئ كفاعل تاريخي وفي الدفاع عن سرديات الفلسطينيين ببلاد اللجوء.

تميزت كتاباته بمزج التحليل السياسي بالسرد التوثيقي، وسعى من خلالها إلى حفظ الذاكرة الجمعية الفلسطينية، خصوصا في مراحل التهجير والنضال والبحث عن هوية وسط مخيمات يأكلها النسيان والتهميش.

مقالات مشابهة

  • رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان أحد أبرز مؤرخي الشتات في سوريا
  • هجوم بالنار على متضامنين مع إسرائيل.. من هو المصري الذي أرعب الصهاينة؟
  • هجوم بالنار على متضامنين مع إسرائيل.. من هو المصري الذي أرعب كولورادو؟
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • "حقك تعرف".. الكاتب الصحفي عادل حمودة يطلق قناته الرسمية على يوتيوب
  • استخدام إسرائيل سلاح التجويع بحربها على غزة من منظور القانون الدولي الإنساني
  • بيان عربي يندد بإجهاض إسرائيل زيارة وفد وزاري رفيع للأراضي الفلسطينية
  • موقع أمريكي: إسرائيل تشعر بتداعيات وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب مع الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • قرار تاريخي بقطع العلاقات مع الاحتلال| برشلونة تنتفض ضد انتهاكات إسرائيل.. وخبير: يعزز الضغط الدولي