منتدى شباب عُمان الأول.. خطوة نحو المستقبل
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
حمد الناصري
برعاية صاحب السُّمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد، أقيم مُنتدى شباب عُمان في نسخته الأولى، تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل العالم الجديد" في الفترة الصباحية، بينما تضمنت الفترة المسائية احتفالية بعنوان "عُمان ملهمة"، مكونة مفرداتها من شقين "عُمان"؛ اسم بلدنا العزيز بعراقته وأصالته وحاضره البهي والكبير بإنجازاته وتطلعاته، والشق الآخر "ملهمة" أي أنها دولة بكل ما تمثله من ألق وتميز يلهم الآخرين، ويُحفز الدول على التطلع إلى التجربة العُمانية، إنه عنوان يهز الوجدان، ويُشعِر كل عُماني بالفخر والسُّمو والمجد الخالد.
وقد استهل حاتم الطائي الأمين العام لمنتدى شباب عُمان ورئيس اللجنة العليا المُنظِّمة للحفل أعمال المنتدى، بكلمة ترحيبية أثنى فيها على الأطراف التي أسهمت في رعاية ودعم الحفل من المؤسسات والأفراد مرحبًا بجميع المشاركين في حفل الافتتاح. وقد أشار الطائي في بداية الكلمة الترحيبية إلى متغيرات قادمة وصفها بالهائلة، قائلا "إنَّ هذا المنتدى ينعقد تحت ذلك العنوان المهم والاستشرافي، بينما يشهد العالم من حولنا متغيرات هائلة على صعيد التطورات التكنولوجية، والابتكارات التي تعمل على تغيير مجرى حياة البشر، وإيجاد مسارات جديدة في العديد من المجالات، لا سيما فيما يتعلق بالإنتاج والتنمية والاقتصاد، فضلًا عن الطفرة المعرفية التي ساعدت الإنسان على التوصل إلى نتائج لم تكن معروفة من قبل، وأسهمت في إحداث تحولات جذرية في فهمنا للواقع الذي نعيشه". وذكر الطائي في كلمته أن النسخة الأولى من أعمال منتدى شباب عُمان تستهدف الاحتفاء بأصحاب الإنجاز وفتح المجال واسعًا أمام خلق قدوات جديدة، تزامنًا مع احتفالات البلاد بيوم الشباب العُماني. وحول تزايد الاهتمام بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة نوه الطائي إلى "ما أحدثته من طفرات نوعية في العديد من المجالات، والعالم يترقب بشغف كل تطورٍ في مجال الذكاء الاصطناعي، ليس فقط لما يسهم به من سرعة إنجاز المهام وغيرها، لكن الأهم أنه يساعد على بلوغ نتائج علمية ومعرفية غير مسبوقة في وقت قياسي". وبين رئيس تحرير جريدة الرؤية العُمانية في كلمة الافتتاح "أن الحديث عن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تطبيقات رقمية تساعد البعض على إتمام بحث علمي هنا أو تصميم صورة أو مقطع فيديو هناك؛ بل بات الأمر ذا صلةٍ قويةٍ بالتقدم الاقتصادي والمعرفي والعلمي، وسط سعي حثيث من أجل توظيف مثل هذه التقنيات الثورية في خدمة المجتمعات ومساعدتها على النمو وتخطي العوائق".
ومن منطلق تعزيز التوجه الاستراتيجي لبناء اقتصاد رقمي مزدهر ورصين، فقد ذكر أن الأهداف من البرنامج الوطني للذكاء الصناعي والتقنيات المتقدمة تثبيت المرتكزات التي استندت عليها الرؤية الوطنية "عُمان 2040"، وفي مقدمتها: تحسين ترتيب سلطنة عُمان في التقرير السنوي لمؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي الذي يصدر عن مؤسسة إنسايت أوكسفورد، وزيادة عدد الشركات الناشئة المتخصصة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، والشركات العاملة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب جذب وتنمية الاستثمارات في هذا القطاع".
وكما هو معروف فأن الذكاء الاصطناعي، له جوانب مبتكرة وإيجابية كثيرة ومتنوعة ينبغي علينا أن نستخدمها في خير البشرية وتطور رفاه الحياة، وبنفس الوقت ننأى بأنفسنا عن الاستخدامات السلبية والضارة، وقد أوضح الطائي حول ذلك الموضوع قائلًا إن "الذكاء الاصطناعي سلاحٌ ذو حدين، ينبغي علينا جميعًا أن نستخدمه في خير البشرية وصلاحها وتطورها، وأن نتكاتف من أجل مقاومة الاستخدامات السلبية له، فالتقنيات الحديثة نعمٌ عظيمة من الخالق، وما تعلمه الإنسان وابتكره في هذا الجانب يأتي مصداقًا لقوله تعالى في سورة العلق: "علم الإنسان ما لم يعلم"، لذلك ينبغي أن يكون هذا العلم مفيدًا ونافعًا للبشرية بعيدًا عن كل شر أو ضرر".
وفي نهاية كلمته الافتتاحية دعا الطائي الشباب العُماني والشابات لتعلُّم التقنيات الحديثة، وأن يبتعدوا عن طريق الوظائف التقليدية، التي باتت تعاني من حالة تخمة كبيرة، وفي المقابل، يتوجهوا إلى التخصصات النوعية القائمة على التقنيات الحديثة ومخرجات الثورة الصناعية الرابعة، وفي المقدمة منها، الذكاء الاصطناعي، لأن المستقبل الذي بدأ بالفعل سيقوده شبابنا المتسلح بالعلم المتقدم وبالمعرفة العميقة والتخصصية بهذه المجالات، التي ستعمل على تغيير حياتنا نحو الأفضل.
كما قدم البروفيسور تشينغ تشيه تسال عميد كلية الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة تشونغ هيسينغ الوطنية في تايوان، ورقة العمل الرئيسية الأولى، حول صناعة أشباه الموصلات وتوظيف الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، علمًا بأن تايوان هي الدولة الرائدة والمُصدِّر الرئيس لأشباه الموصلات؛ لأنها موطِن لشركة صناعة الرقائق الإلكترونية تايوان لصناعة أشباه الموصلات وفيها شركة (TSMC)؛ وهي أكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم؛ إذ تستحوذ على أكثر من 50 بالمئة من الإنتاج العالمي للرقائق العادية ومتوسطة القوة، كما تستحوذ الشركة على أكثر من 90 بالمئة من الإنتاج العالمي للرقائق فائقة التطور.
وأعقب جلسة الافتتاح انطلاق أعمال الورش التدريبية المتخصصة المصاحبة؛ والتي استهلها البروفيسور يانغ مينغ دير عميد كلية الهندسة والأستاذ في قسم الهندسة المدنية جامعة تشونغ شينغ الوطنية بتايوان، بورشة حول "الاستخدامات التنموية للذكاء الاصطناعي"، كما قدم البروفيسور بو تشونغ تشوانغ الورشة التدريبية الثانية: "المحتوى الإخباري الجديد وتقنيات الذكاء الاصطناعي"، ثم الورشة التدريبية الثالثة بعنوان "الإنتاج الافتراضي وخوارزميات الذكاء الاصطناعي" والتي قدمها البروفيسور هسيانغ واي لاي أستاذ قسم (RTV) بجامعة تايوان الوطنية. وقدمت البروفيسورة شوهوي صوفي تشينغ الأستاذ المشارك بقسم فنون الاتصال جامعة تشاويانغ للتكنولوجيا بتايوان، في ختام فعاليات المنتدى الصباحية الورشة التدريبية "الذكاء الإصطناعي وصناعة التأثير في الرأي العام".
وانطلقت أعمال الجلسة المسائية كاحتفالية شبابية تحفيزية، برعاية اللواء الركن متقاعد المكرم سالم بن مسلم قطن نائب رئيس مجلس الدولة.
وجاءت "عُمان ملهمة" كمنصة أتاحت للمؤثرين العُمانيين مجتمعيًا من جيل الشباب استعراض عصارة تجاربهم، فاتحين نوافذ الإبداع والأمل أمام قطاع الشباب نحو التفكير الإيجابي وصناعة التغيير. وكان من بين الحضور شخصيات كثيرة من المهتمين والمتابعين ومن بينهم المهندس الرائع إسحاق الشرياني، صاحب فكرة صناعة البشر. واختتم الحفل، بتكريم مُتميز من لدن اللجنة الرئيسية لأعمال المُنتدى للشباب المؤثرين المشاركين في منصة "عُمان ملهمة"، إلى جانب تتويج الفائزين بهاكاثون التسويق الرقمي 2024.
خلاصة القول.. إنَّ الاحتفاء بصناع المستقبل هو خطوة في رحلة الألف ميل لمسيرة التطور والتقدم العُمانية والدخول في عصر الذكاء الصناعي بقوة وفاعلية من خلال تمكين الطاقات العُمانية لتحمل مسؤولياتهم اتجاه الوطن والمساهمة في بناء المستقبل وتفعيل الممكنات الإبداعية الملهمة والأفكار في رفد مسيرة نهضة عُمان المتجددة التي يقودها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله تعالى بقوة وإرادة صلبة وعزم لا ينثني.
إنَّ شبابنا هم ذخرنا وبناة مستقبل وطننا وإلهامهم وتحفيزهم واجب على كل عُماني لصناعة مستقبل متألق وزاهي، لتكون عُماننا ملهمة للأمم والشعوب ولتبقى ما بقي الزمان حاضرة المجد والتاريخ.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كشف دليل داعش السري: كيف يستخدم التنظيم الذكاء الاصطناعي؟
تمكنت الجماعات الإرهابية في العالم من استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مستمر ومتصل لتعزيز عملياتها، بدءا من استخدام العملات الرقمية لنقل الأموال وحتى استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة الأسلحة، ولكن وفق التقرير الذي نشره موقع "غارديان" فإن الإرهابيين بدأوا في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويشير التقرير إلى أن الإرهابيين بدأوا في الوقت الحالي باستغلال الذكاء الاصطناعي للتخطيط لهجماتهم وعملياتهم المختلفة، وفق تصريحات هيئات مكافحة الإرهاب بحكومة الولايات المتحدة، ولكن ما مدى هذا الاستخدام؟
الدعاية بالذكاء الاصطناعيتعتمد الجهات الإرهابية بشكل كبير على جذب المتطوعين من مختلف بقاع الأرض والترويج لأعمالهم باستعراضها، وبينما كان الأمر يحتاج إلى مجهود كبير لالتقاط الصور والمقاطع وتجهيز الدعاية المباشرة لهذه العمليات، إلا أن الأمر اختلف بعد انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد تقرير "غارديان" أن الإرهابيين يعتمدون على "شات جي بي تي" لتعزيز نشاطهم الدعائي وجذب المزيد من المتطوعين إلى صفوفهم، إذ يعتمدون على النموذج لتوليد الصور والنصوص التي تستخدم في الدعاية بلغات ولهجات مختلفة.
كما يستطيع النموذج تعديل الرسالة الموجودة في وسائل الدعاية المختلفة لتمتلك أثرا مختلفا على كل شخص أو تحقق هدفا مختلفا، وذلك في ثوان معدودة ودون الحاجة إلى وجود صناع إعلانات محترفين.
ولا يقتصر الأمر على "شات جي بي تي" فقط، إذ امتد استخدامهم إلى بعض الأدوات التي تحول النصوص إلى مقاطع صوتية ومقاطع فيديو، وذلك من أجل تحويل رسائل الدعاية النصية التي يقدمونها إلى مقاطع صوتية وفيديو سهلة الانتشار.
ويشير تقرير "غارديان" إلى أن "داعش" تمتلك دليلا خاصا لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ومخاطره وتوزعه مباشرة على أعضائها والمهتمين بالانضمام إليها.
إعلان التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعيويذكر التقرير أيضا غرف دردشة تعود ملكيتها لجهات إرهابية، يتحدث فيها المستخدمون عن أدوات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن استغلالها لتعزيز أنشطتهم واختصار الأوقات والجهود المبذولة في الجوانب المختلفة.
وبينما صممت تقنيات الذكاء الاصطناعي لمساعدة المستخدمين وتسهيل حياتهم، فإن هذا الأمر لم يغب عن أفراد الجهات الإرهابية الذين بدأوا في استخدام روبوتات الدردشة عبر الذكاء الاصطناعي كمساعد شخصي أو مساعد باحث.
ويظهر هذا الاستخدام بوضوح في دليل داعش لاستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يذكر الدليل بوضوح، أن هذه التقنية يمكنها تحديد النتيجة المستقبلية للحرب وكيف تحولت إلى سلاح محوري في الحروب المستقبلية.
ويذكر التقرير أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث السريعة والمباشرة من أجل وضع المخططات والبحث بدلا من الحاجة إلى جمع المعلومات يدويًا في الميدان، إذ تستطيع التقنية الآن تسريع هذه العملية وإيصالها إلى نتائج غير مسبوقة.
التغلب على القيودتضع شركات الذكاء الاصطناعي على غرار "أوبن إيه آي" مجموعة من القيود على نماذجها، حتى لا تساعد هذه النماذج في بناء الأسلحة المتفجرة أو الأسلحة البيولوجية وغيرها من الأشياء التي يمكن استخدامها استخداما سيئا.
ولكن وفق تقرير "غارديان"، فقد وجدت الجهات الإرهابية آلية للتغلب على هذا الأمر، وبدلا من سؤال نماذج الذكاء الاصطناعي عن آلية صناعة القنابل والأسلحة مباشرة، يمكن تقديم المخططات للنموذج وطلب التحقق من دقتها وسلامتها.
وفضلا عن ذلك، يمكن خداع الذكاء الاصطناعي بعدة طرق لإيهامه، أن هذه المخططات والمعلومات التي يقدمها لن تستخدم استخداما سيئا، وهي الحالات التي حدثت من عدة نماذج مختلفة في السنوات الماضية.
ومع تسابق الشركات على تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي أكثر قوة وقدرة على أداء وظائفها بشكل ملائم، تهمل في بعض الأحيان إرشادات السلامة المعمول بها عالميا.
وربما كان ما حدث مع روبوت "غروك" مثالا حيا لذلك، إذ تحول النموذج في ليلة وضحاها إلى أداة لنشر الخطاب المعادي للسامية وخطاب الكراهية عبر تغريدات عامة في منصة "إكس".