اغتيال السمعة.. سلاح المتطرفين الخفي
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
عندما تُشن حملة تشهير على رجلٍ عُرف بثبات مواقفه، لا يكون الهدف محصورًا في النقد، بل يتجاوزه إلى ما هو أعمق وأخطر. ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدًا منصة "إكس"، خلال الساعات الماضية، بتلك الهجمة التي طالت مغردًا خليجيًا مشهود له بموقفه المناهض لتيارات الإسلام السياسي، وخصوصًا تنظيم الإخوان المسلمين.
ويبدو أن ذنب الرجل الوحيد أنه تحدّث في مقطع فيديو عن حديث متداول في مجالس بعض المحسوبين على الإخوان، أُثير فيه حديث غير لائق عن نساء غزة، ما جعله يعبر عن استيائه من هذه الأمور، ليجد نفسه بعد ذلك محاصرًا بتهمة "القذف" بعدما تلقفت تلك الأطراف حديثه وأعادت صياغته؛ فكل شيء يُوظف لقتل صوته، ولم يكن الهدف أبدًا الدفاع عن العفة، بل هو كيد قديم يتجدّد كلما خرج صوت معارض.
ليس الأمر جديدًا، بل هي سياسة متجذرة، الاغتيال المعنوي؛ أداة قديمة جديدة تتقنها بعض الجماعات المتطرفة والأيديولوجيات التي ترى في الرأي المختلف تهديدًا. هذا السلاح ليس حكرًا على أتباع تلك الجماعات، فهو يمتد ليشمل أحيانًا شخصيات مرموقة، يتم جرّها دون وعي إلى هذه الحملات، فتدفعهم شعارات براقة للانضمام إلى التيار، ويجدون أنفسهم دون إدراك يدعمون جهود التشهير وهم يعتقدون أنهم يدافعون عن "الصواب".
هنا يكمن شيء من السخرية؛ فمن غير المتوقع أن تكون بعض هذه الشخصيات، برغم مكانتها الاجتماعية أو شهاداتها الأكاديمية، عُرضة للانجرار وراء تيار لا يعرف سوى التشويه والافتراء. فالمعرفة لا تعني دائمًا الفطنة، وهؤلاء الذين يظنون أنفسهم في "خدمة عامة" وهم ينتقدون الرجل، لا يخدمون إلا تنظيماتٍ متطرفة تجد في هذا الانقياد الطوعي وسيلة لإضفاء الشرعية على حملاتها وتشويه خصومها بغطاء من "المصداقية". الدرجة الجامعية والمنصب الرفيع لا يضمنان لصاحبهما الوعي، ولا يحصّنانه من الوقوع في شرَك التبسيط والانقياد الأعمى. فالوعي ليس حِلية تزين بها الشهادات، ولا وهجًا تمنحه المناصب، بل هو ثمرة قراءة عميقة، واستقصاء نقدي، وتجرد فكري بعيداً عن سطوة العاطفة وأسر الانحياز، هو القدرة على رؤية الأمور كما هي، بلا تزييف، وبلا مغالاة، يخرج من حيز القوالب الجاهزة ليبني رؤية أصيلة، متفردة، وصادقة.
وما أبلغ هذه الصورة حين نعود إلى أمثلة التاريخ. فرج فودة، ذلك المفكر الحر الذي كان هدفًا للتشويه المتواصل، حتى من قِبل أشخاص قد لا ينتمون للتنظيمات المتطرفة، لكنهم شاركوا في رسم صورة مشوهة عنه، مما هيّأ لاعتداء لاحق عليه أودى بحياته، لم يكن عشوائيًا بقدر ما كان نتيجة مناخٍ معادٍ تم صنعه وإعداده.
إن الانخراط في حملات التشهير، فقط لأن التيار جارٍ، يعكس نقصًا في الفهم وغيابًا للرؤية. ما نحتاجه اليوم ليس مجرد الدفاع الأعمى أو الانسياق الأعمى، بل الوعي النقدي، القادر على التمييز بين النقد البنّاء والتشويه الهدّام. يجب أن نعيد النظر في أفعالنا وندرك أن الاتهام والتشهير لا يخدمان إلا من أجادوا فن الإقصاء وتشويه الآخرين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
مصادر تكشف لـعربي21 تفاصيل اغتيال الناشط صالح الجعفراوي على يد عملاء بغزة
قالت مصادر خاصة لـ"عربي21" عن تفاصيل اختطاف وإعدام الصحفي والناشط الفلسطيني صالح الجعفراوي، الذي استشهد مساء اليوم برصاص عملاء للاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة، خلال تغطيته للدمار الكبير جنوب المدينة.
وأوضحت أن الجعفراوي انقطع الاتصال به منذ ساعات الصباح، خلال قيامه بتغطية صحفية، في شارع 8 بمنطقة تل الهوا بمدينة غزة.
ولفتت إلى أن مجموعة من عملاء الاحتلال تنتمي إلى إحدى العائلات، قامت باختطاف الجعفراوي بعد التعرف عليه مع عدد من الصحفيين والسكان واقتيادهم إلى محيط المستشفى الميداني الأردني، القريب من المنطقة، وهناك تم إعدامهم رميا بالرصاص.
وأشار مصدر أمني لـ"عربي21" أن أجهزة الأمن تقوم بملاحقة المتورطين والاشتباك معهم، مؤكدا محاصرة المنطقة، في محاولة لاعتقال المتورطين، وتحييد خطرهم.
وشدد على أن قوات الأمن بغزة، تعمل على ضبط الأوضاع في الشارع، وإنهاء أي مظاهر للفلتان الأمنية التي ظهرت بدعم ورعاية من قوات الاحتلال قبل وقف إطلاق النار.
من جانبها قالت مصادر محلية، إن جثمان الشهيد الجعفراوي، نقلت إلى المستشفى المعمداني بغزة، مشيرة إلى أنه تعرض للعديد من الطلقات النارية، فضلا عن الاعتداء عليه.
وكان الجعفراوي، من النشطاء الفلسطينيين، الذين هددهم الاحتلال منذ بداية العدوان بالاغتيال بشكل صريح، كما حدث مع الصحفي الشهيد أنس الشريف، وغيره من الصحفيين والنشطاء بغزة.
وقام الناطق باسم جيش الاحتلال، مرارا، بتسجيل مقاطع مصورة للتحريض عليه وعلى محتواه، وتهديده بالقتل.
وكان الجعفراوي، شارك في تنظيم حملة تبرعات خلال الهدنة الماضية قبل أشهر، من أجل إعادة إعمار مستشفى النصر للأطفال في وسط قطاع غزة، وخلال أيام قليلة، نجح مع مؤثرين في جمع 10 ملايين دولار من أجل إعادة بناء المستشفى.