محللون إسرائيليون: نتنياهو يهرب للأمام بمفاوضات التبادل ووقف الحرب
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
القدس المحتلة- شككت قراءات لمحللين إسرائيليين في نية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيال المفاوضات بشأن قطاع غزة، والتوجه الإسرائيلي نحو إنهاء الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان. وقلّلت التقديرات من احتمال التوصل قريبا إلى تسوية تفضي إلى تهدئة على جبهتي القتال مع حركة حماس وحزب الله.
وأجمعت تقديرات المحللين أن نتنياهو يسعى من خلال موافقته على استئناف المباحثات بشأن غزة، وكذلك من خلال الترويج للأخبار التي رشحت إمكانية قبول إسرائيل وقف الحرب على الجبهة الشمالية، إلى كسب الوقت والهروب إلى الأمام، لحين التيقن من نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري بالخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وإلى حين حسم الصندوق في انتخابات الرئاسة الأميركية، التي تشهد منافسة محمومة بين مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، ومنافسها مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، يعتمد نتنياهو نهج المراوغة حتى في السياق الداخلي الإسرائيلي، بكل ما يتعلق في مفاوضات صفقة التبادل وإعادة المحتجزين بالأسر لدى حركة حماس.
وضمن نهج المراوغة الداخلية، يدرس نتنياهو إمكانية إحداث تغييرات في تركيبة وفد التفاوض، واستبدال اللواء نيتسان ألون، بسبب الضغوط السياسية التي تعرض لها، وسبق ذلك، استقالة نائب مفوض شؤون المفقودين والرهائن في الجيش الإسرائيلي أورين سيتر، من فريق التفاوض الإسرائيلي.
ويعتبر سيتر أحد كبار أعضاء فريق التفاوض وقد شارك في صياغة مخطط إطلاق سراح المحتجزين في الأشهر الأولى للحرب، وبحسب إجماع المحللين، فقد عكست استقالته المفاجئة التشاؤم لدى الفريق الإسرائيلي من إمكانية أن تفضي المفاوضات الجديدة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين.
يقول المراسل السياسي للموقع الإلكتروني "واي نت" إيتمار آيخنر، إنه يمكن التقدير أن الاستقالة التي قدمها سيتر "لم تكن لتحدث لو كانت هناك إمكانية لإحراز تقدم حقيقي في المفاوضات"، معتبرا أن الحكومة الإسرائيلية غير جادة بالتوصل إلى صفقة.
ولفت المراسل السياسي أن هذه الانطباعات عبر عنها سيتر فور استقالته، حيث أوضح أن جولات المفاوضات لم تحقق أي نتائج، وأنه لا توجد أية نية حقيقية لدى الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق، كما أنه أبدى إحباطه من تعامل نتنياهو مع ملف إعادة المحتجزين من غزة.
ويعتقد آيخنر أن استقالة سيتر تعكس القناعات لديه بأن استئناف المباحثات بصيغتها الحالية لن يؤدي حتى إلى "صفقة صغيرة" كما يروج نتنياهو، مشيرا إلى أن اتفاق إطلاق سراح المحتجزين من غير المتوقع أن يتحقق قريبا، علما أن سيتر دفع في مايو/أيار الماضي، نحو صفقة شاملة تضمن إعادة جميع المحتجزين، في حين أصرت حماس على أن يشمل الاتفاق إنهاء الحرب.
هروب للأمامالتوجه ذاته، تحدثت عنه مراسلة صحيفة "هآرتس" للشؤون البرلمانية نوعا شبيغل، التي أوضحت أن نتنياهو استغل افتتاح الدورة الشتوية للكنيست من أجل الاستمرار في نهجه للتهرب من الاستحقاق لعائلات المحتجزين الإسرائيليين، وتحميل حماس مسؤولية فشل التوصل إلى صفقة تبادل، حتى قبل بدء أي مفاوضات جدية بهذا الخصوص.
ومع الإعلان عن انتهاء المباحثات بشأن غزة في قطر، وفي محاولة منه للاستمرار في نهج الهروب إلى الأمام، تقول شبيغل إن نتنياهو "سارع لإلقاء الكرة في الملعب الفلسطيني، حين قال إن حماس تضع شروطا لصفقة التبادل لا يمكن لإسرائيل قبولها، وإن من يخلف يحيى السنوار، الذي كان زعيما لحركة حماس، سيتخذ موقفا أكثر صرامة من سلفه".
وأوضحت مراسلة الشؤون البرلمانية أن "تصريحات نتنياهو تعكس موقفه المراوغ في مفاوضات صفقة التبادل والرافض لإنهاء الحرب على غزة، حتى بعد مقتل رئيس حركة حماس يحيى السنوار، على الرغم من ادعائه أن مقتله سيساعد في تعزيز صفقة إطلاق سراح المحتجزين".
وبسبب نهج نتنياهو، التي تعتقد شبيغل أنه يرحّل حسم كل ما يتعلق بصفقة التبادل أو وقف إطلاق النار في غزة إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، فإن الفجوة بين حماس وإسرائيل لا تزال كبيرة، وإنه من السابق لأوانه تقييم ما إذا كان الطرفان سيوافقان على التحلي بالمرونة بطريقة تجعل من الممكن دفع المباحثات قدما، لتجديد المفاوضات غير المباشرة بينهما.
وفيما بدا المشهد أكثر تعقيدا على جبهة غزة، وسط تشابك الخارطة السياسية الإسرائيلية بكل ما يتعلق بإمكانية إبرام صفقة تبادل وإعادة المحتجزين، بدت حكومة نتنياهو أكثر "مرونة" في التعامل مع سيناريو وقف الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان، وذلك مع تكبيد حزب الله الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالجنود والضباط، إلى جانب الأضرار والخسائر المدنية بالجبهة الداخلية.
وقدر المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" نداف إيال، أنه تجري مفاوضات بين إسرائيل ومسؤولين في لبنان نحو اتفاق ينهي الحرب في الشمال، وأوضح أن الاتفاق بلغ مراحل متقدمة من الصياغة، وقد يصل مبعوث البيت الأبيض آموس هوكشتاين إلى إسرائيل ولبنان حتى قبل الانتخابات الأميركية، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات نهائية.
ويعتقد إيال أنه إذا لم تنفجر المفاوضات، فسيبدأ الجيش الإسرائيلي بإعادة الانتشار، والانسحاب من بعض النقاط التي انتهت فيها مهمته، بحيث تغادر معظم القوات الإسرائيلية الأراضي اللبنانية، ومن المحتمل أن تبقى إسرائيل في نقاط مهمة تكتيكيا على الجانب اللبناني وعلى طول الحدود، حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي خلال فترة التأقلم الممتدة على 60 يوما.
ورجّح المحلل السياسي أن الحديث عن وقف الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان تَعزز بعد الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي بالقوات والعتاد في الاشتباكات الحدودية وفي جنوب لبنان. وقال إن "حزب الله شعر بالأسبوعين الأخيرين، بالقوة واستعادة قدراته بسبب ارتفاع أعداد الضحايا في صفوف القوات الإسرائيلية، وبالتالي فإن الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق مرتفعة للغاية، وإلا فقد تضيع الفرصة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات الحرب على الجبهة الشمالیة الجیش الإسرائیلی صفقة التبادل التوصل إلى إلى اتفاق وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
ما وراء خطة نتنياهو بشأن احتلال غزة التي لا ترضي أحدًا؟
أكد تحليل لشبكة "سي إن إن " أنه بعد مرور ما يقارب العامين على اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، صوّت المجلس الوزاري الأمني المصغر على خطة توسع عسكري جديدة تستهدف السيطرة على مدينة غزة.
وأضاف التحليل أن "المبادرة، التي جاءت بدفع مباشر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تكشف على نحو واضح عن أبعاد سياسية داخلية أكثر مما تعكس استراتيجية عسكرية محكمة الإعداد".
وقال إنه "رغم التحذيرات الشديدة من القيادة العسكرية الإسرائيلية والمخاوف المعلنة من تفاقم الأزمة الإنسانية وتعريض حياة نحو خمسين رهينة إسرائيلياً ما زالوا في غزة للخطر، أصر نتنياهو على المضي بالخطة قدماً. يأتي هذا التوجه في وقت يشهد فيه الدعم الدولي لإسرائيل تراجعاً ملحوظاً، إلى جانب انخفاض التأييد الشعبي الداخلي لاستمرار الحرب"، على حد وصفه.
ونقل عن مراقبين قولهم إن "لهذه الخطوة فائدة خفية لنتنياهو، إذ تمنحه مساحة زمنية إضافية لتعزيز فرص بقائه السياسي، خاصة مع اعتماده على دعم شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، وهو ما يعني عملياً إطالة أمد الحرب. فقد لعب وزراء مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش دوراً أساسياً في تعطيل أي تقدم بمفاوضات وقف إطلاق النار، مهددين بإسقاط الحكومة إذا توقفت العمليات العسكرية".
ومع ذلك، لم تصل خطة نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة إلى مستوى طموحات شركائه، إذ يطالب بن غفير وسموتريتش باحتلال كامل للقطاع كخطوة أولى لإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية فيه، وصولاً إلى ضمه نهائياً. حتى أن الخطة لم تواكب ما روج له نتنياهو نفسه قبل الاجتماع، حيث صرح في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" بأن إسرائيل تعتزم السيطرة على كامل قطاع غزة، ما أعطى انطباعاً بحسمه قرار الاحتلال الكامل.
وأوضح التقرير أن "نتنياهو تبنى نهجاً تدريجياً، يبدأ بمدينة غزة فقط، متجنباً السيطرة على مخيمات أخرى قريبة يُعتقد أن بعض الرهائن الإسرائيليين محتجزون فيها. وحدد موعداً فضفاضاً لبدء العملية بعد شهرين، تاركاً الباب مفتوحاً أمام جهود دبلوماسية محتملة لإحياء صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وربما إلغاء العملية".
وذكر أن "هذا الموقف أثار غضب شركائه اليمينيين الذين اعتبروا الخطة غير كافية. وقال مصدر مقرب من سموتريت:ش إن الاقتراح الذي قاده نتنياهو ووافق عليه مجلس الوزراء يبدو جيداً على الورق، لكنه في الواقع مجرد تكرار لما جرى من قبل، قرار بلا معنى، ولا أخلاقي، ولا يخدم المشروع الصهيوني".
وقال إن "التحفظات لم تأتِ من الجناح السياسي فقط، بل من المؤسسة العسكرية أيضاً. ففي اجتماع ماراثوني استمر عشر ساعات، عرض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، معارضة الجيش الحاسمة لإعادة احتلال غزة، محذراً من أن أي عملية جديدة ستعرض حياة الرهائن والجنود للخطر، وستحوّل غزة إلى "فخ" يفاقم استنزاف الجيش المنهك بفعل القتال المستمر، كما سيزيد من عمق المأساة الإنسانية للفلسطينيين".
وبيّن أن "هذه المخاوف العسكرية تتسق مع توجهات الرأي العام، إذ تظهر استطلاعات متكررة أن غالبية الإسرائيليين تؤيد إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار يعيد الرهائن وينهي الحرب. لكن قرارات نتنياهو تبدو منفصلة عن توصيات الجيش وإرادة الجمهور، بل مدفوعة، وفق محللين ومعارضين سياسيين، باعتبارات البقاء السياسي الضيقة".
وأضاف "دولياً، تضع خطة السيطرة على غزة إسرائيل في عزلة متزايدة. فحتى مع الدعم الواسع الذي حصلت عليه من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال الحرب، فإن تفاقم أزمة الجوع والمجاعة في القطاع أضعف شرعية العمليات الإسرائيلية. وقد كانت التداعيات سريعة، إذ أعلنت ألمانيا، الحليف الاستراتيجي الأهم بعد الولايات المتحدة، تعليق بعض صادراتها العسكرية إلى إسرائيل، فاتحة الباب أمام دول أوروبية أخرى لخفض مستوى العلاقات".
وأشار إلى أنه "في نهاية المطاف، يمضي نتنياهو بخطة لا تحظى برضا أحد: لا شركاء إسرائيل الدوليون، ولا قيادتها العسكرية، ولا الجمهور الذي يطالب بإنهاء الحرب، ولا حتى حلفاؤه المتشددون الذين يرون أنها غير كافية".
وأوضح أن "الجمهور الوحيد الذي تخدمه هذه الخطة – كما يصفه منتقدوه – هو نتنياهو نفسه، إذ تمنحه مزيداً من الوقت لتجنب الخيار الحاسم بين وقف إطلاق نار قد ينقذ الرهائن، أو تصعيد عسكري واسع يُرضي ائتلافه. وبذلك، فإن الخطوة تمثل أكثر من مجرد مناورة عسكرية؛ إنها استمرار لأسلوب نتنياهو الكلاسيكي في إطالة أمد الحرب، على حساب سكان غزة والرهائن الإسرائيليين، من أجل هدف واحد: بقاؤه السياسي".