نصوص الشرع فى الحث على الوفاء بالعهود وحفظ الأمانات
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الشريعة حثت على ضرورة الوفاء بالعقود، والمحافظة على العهود؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].
أضافت الإفتاء، أن الإمام القرطبي قال في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن": [أمر الله سبحانه بالوفاء بالعقود، قال الحَسَن: يعني بذلك عقود الدَّيْن، وهي ما عَقَدَه المرء على نفسه؛ من بيع، وشراء، وإجارة، وكِراء، ومناكحة، وطلاق، ومزارعة، ومصالحة، وتمليك، وتخيير، وعتق، وتدبير، وغير ذلك من الأمور، ما كان ذلك غير خارج عن الشريعة، وكذلك ما عقده على نفسه لله من الطاعات؛ كالحج، والصيام، والاعتكاف، والقيام، والنذر، وما أشبه ذلك من طاعات ملة الإسلام].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ مَا وَافَقَ الْحَقَّ مِنْهَا» رواه أبو داود في "السنن"، وابن حبَّان في "الصحيح"، والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى والصغرى" و"شعب الإيمان".
الحث على الوفاء بالعهود وحفظ الأماناتوقد جعل الشرع الشريف حفظ الأمانةِ ومراقبة الله تعالى في القول والعمل أمرًا واجبًا شرعًا؛ صيانة للحقوق وتبرئةً للذِّمَّة؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وقال جلَّ شأنه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8].
وهذه النصوص عامة في جميع الأمانات الواجبة؛ سواء كانت من حقوق الله تعالى وحقوق نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من الأوامر والنواهي، أو كانت من الحقوق المتعلقة بالعباد كالودائع والرهائن ونحوهما، أو من الحقوق المتعلقة بواجب الإنسان تجاه وطنه ومجتمعه؛ كالخدمة العسكرية، والحفاظ على المال العام، واحترام النظام والقانون، ونحو ذلك.
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن": [قال أبو عبيد: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما فرض الله على عباده وائتمَنَهُم عليه؛ فإنه قد سمى ذلك كله أمانة؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، فمن ضيَّع شيئًا ممَّا أمر الله أو ارتكب شيئًا مما نهاه الله عنه فليس بعدل؛ لأنه قد لزمه اسم الخيانة].
وقال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن": [والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور].
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الاستغفار والصلاة على النبي ولا اله الا الله طريق المسلم للثبات
قال الدكتور علي جمعة ، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، إن سفيانُ بنُ عبدِ اللهِ جاء إلى النبيِّ ﷺ فقال له: يا رسولَ الله، تشعَّب بنا الإسلامُ، فقل لي في الإسلامِ قولًا لا أسألُ عنه أحدًا بعدك. فقال ﷺ: «قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ».وجاءه شخصٌ آخر فقال: يا رسولَ الله ﷺ، أريد شيئًا لا أسأل أحدًا بعدك عنه، يَجتمع لي به أمرُ الإسلام، فقال ﷺ: «لا يزال لسانُكَ رَطْبًا مِن ذِكْرِ اللهِ».
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إذًا الذي يُساعِد على الالتزام بالدين وأوامرِ الله تعالى هو الذِّكر. يقول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}؛ أي: ولذِكرُ الله أكبرُ من كلِّ شيء، ومن ذلك الصلاةُ نفسُها.
عندما يبدأ الإنسانُ بذِكرِ الله كثيرًا، يبدأ بما يُسمِّيه أهلُ الله «الأساس»، وهو أن يقول: «أستغفرُ الله» أو «أستغفرُ الله العظيم» مائةَ مرة، ثم يُصلِّي على النبي ﷺ بأي صيغةٍ مائةَ مرة، ثم يقول «لا إله إلا الله» مائةَ مرة؛ بهذا الترتيب: الاستغفار، ثم الصلاة على النبي ﷺ، وهو الواسطة بين الحقِّ والخلق، صاحبُ الوحيَيْنِ: الكتابِ والسُّنَّة، النبيُّ المرسَل صلى الله عليه وآله وسلم الذي ارتضاه الله لنا، فنُكثِر من الصلاة والسلام عليه؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
ثم بعد ذلك نذكر كلمةَ التوحيد؛ قال النبي ﷺ: «خيرُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله».
هذه هي حقيقةُ الكون، وهذه هي مُلخَّصات الإسلام، وهذه هي حقيقةُ الدين، وهذه هي حقيقةُ الإنسان: أنَّه لا إله – خلقه ورزقه وأحياه وأماته – إلا اللهُ سبحانه ربُّ السماواتِ والأرضِ وربُّ العرشِ العظيم.
نقول – صباحًا ومساءً – هذه المئات الثلاثة:
مائةَ مرة «أستغفرُ الله»، ومائةَ مرة «الصلاةُ على النبي ﷺ»، ومائةَ مرة «لا إله إلا الله».
والليلُ يبدأ من الغروب إلى الفجر، والصبحُ أو النهارُ أو «اليومُ» يبدأ من أذانِ الفجر إلى أذانِ المغرب؛ قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فالليلُ يدخل بأذانِ المغرب، وقال تعالى: {حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ}، فهذا هو ابتداءُ النهار.
علينا إذن أن نذكر الله كثيرًا، وأقلُّ ما يُسمَّى «ذكرًا كثيرًا» هو هذه المئاتُ الثلاثة التي تُشِير إليها الآيةُ الكريمةُ في الاستغفار: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ¤ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ¤ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.
إذًا الإنسانُ في مسيرتِه إلى الله يبدأ خطوةً خطوة؛ فقد قيل: «إنَّ المنبِتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى»؛ أي إنَّ مَن أحبَّ أن يُسرِعَ جدًّا بمشقَّةٍ على نفسِه، يُتعِب راحلتَه – الجمل – وفي الوقتِ نفسِه لا يقطع مسافةً تُذكَر؛ فعَلينا بالهُوَيْنَى.
ومَن يشعر بالتقصير، فهذا شعورٌ طيِّب، لكن ينبغي ألا نجعله يُعطِّلنا عن الاستمرار، ولا أن يُحدِث في نفوسِنا شيئًا من الإحباط، بل يكون باعثًا على مزيدٍ من الإقبال على الله بذكرِه وطاعتِه.