لم يعد «النزوح» مجرد كلمة تصف تحركاً جغرافياً من مكان إلى آخر، بل تحولت إلى تجربة مريرة، تُعاد صياغتها مراراً وتكراراً مع كل عدوان إسرائيلى على قطاع غزة أو على الضفة الغربية، حسب وصف «سمية أبوعويلى»، التى بدأت مأساتها مع رحلة النزوح من شمال القطاع، فراراً من القصف العنيف، تاركة وراءها منزلها وأحلامها، إلا أن تلك الرحلة لم تكن هى النهاية لمعاناتها، فقد اضطرت للتنقل من محافظة إلى أخرى، من رفح إلى خان يونس، ثم إلى المحافظة الوسطى، كل ذلك ضمن سلسلة لا تنتهى من الهروب من ويلات الحرب.

تحدثت «سمية أبوعويلى» لـ«الوطن» عن مأساة النزوح التى يعيشها مئات الآلاف من الفلسطينيين، بقولها إن المعاناة تكمن فى تكرار دورة العنف، فبينما تبدأ حياتهم بالاستقرار فى مكان جديد، سرعان ما يتم إجبارهم على مغادرة منازلهم مرة أخرى، تُجبرهم الحرب على ترك حياتهم، وتصبح رحلتهم مع النزوح متواصلة، بين التنقّل ومحاولة البعد عن القصف العنيف، ولكن قصف الاحتلال لا يمنحهم فرصة لذلك.

وأضافت أن الأوضاع الإنسانية أصبحت كارثية، وكثير من النازحين يعيشون تحت تهديد مستمر بالقتل، مع غياب الملاجئ الآمنة، وانهيار المبانى والمنشآت المدنية، التى تسحق أنقاضها الأحياء تحتها،  فكل مكان فى غزة أصبح خطراً، حتى لو لم يكن هناك قصف من جانب الاحتلال الإسرائيلى، وقالت: «حياتنا معلقة بين الخوف والموت، وتتلاشى الآمال فى مستقبل آمن».

وبينما يبحث أهالى غزة عن ملجأ آمن وسط الدمار والأنقاض، فإن الجميع يصمد ويبحث عن الأساسيات للبقاء على قيد الحياة، ومع غياب المساعدات الكافية، يصبح البحث عن طعام أو ماء أو غاز أو حتى حطب لطهى الطعام، مهمة شاقة، فتلك الموارد، التى كانت تتوافر بسهولة فى بيوتهم، أصبحت آنية نادرة وتتطلب جهداً كبيراً لتوفيرها، حسبما أكدت «سمية»، التى تابعت بقولها: لقد أصبحت غزة مدينة محاصرة، تُغرقها الحرب، تواصل استقبال موجات جديدة من النازحين الفارين من مناطق القصف، مع كل غارة جوية، تصبح أحلام الأمان لاهثة، وتُصبح غزة أكثر اكتظاظاً بأرواح تبحث عن ملجأ يوفر لها ولو قسطاً بسيطاً من الطمأنينة، تُصبح المدارس والمراكز الصحية ملاجئ مؤقتة مكتظة بأشخاص حملوا همومهم وآلامهم على أكتافهم، مجبرين على ترك بيوتهم، ومغادرة أحيائهم المحطمة، بحثاً عن مكان يوفّر لهم الاستقرار ولو لحظة واحدة، بينما تسود أصوات الطائرات المقاتلة وقذائف المدافع أجواء المنطقة، التى حولت الشعور بالأمان إلى كابوس لا ينتهى.

اختتمت «سمية أبوعويلى» حديثها بالتحذير من أن استمرار الحرب يُنذر بكارثة إنسانية كبيرة، مُشيرة إلى افتقار النازحين إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية، فى ظل الظروف الحالية الاستثنائية، وأعربت عن أملها فى إنهاء الحرب عاجلاً، لتمكينهم من إعادة بناء حياتهم، وإحياء أمل لحياة كريمة ومستقبل مستقر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة الإبادة الاحتلال مجازر الاحتلال

إقرأ أيضاً:

جيروزاليم بوست: فجر جديد بالشرق الأوسط لا مكان فيه لإسرائيل فهل تستيقظ؟

نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" مقالا لخبير إسرائيلي تضمن قراءة في المشهد السياسي الآخذ بالتشكل في منطقة الشرق الأوسط، إثر زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا لعدد من دول الخليج العربية.

وفي مقاله، كتب باراك سيلا -وهو زميل مبادرة الشرق الأوسط في كلية كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد- أن تلك الزيارة تشي ببزوغ فجر نموذج جديد للشرق الأوسط استُبعدت إسرائيل من مناقشته والمشاركة في صنع قراراته.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2انتقادات واسعة في فرنسا لمقترح أتال بشأن الحجابlist 2 of 2واشنطن بوست: أكثر من مليون طالب أجنبي يدرسون بالولايات المتحدة فما أهميتهم؟end of list

وقال إن إسرائيل ظلت أكثر من 18 شهرا تتحمل عبء صراع في المنطقة، وحققت أهدافا عسكرية كبيرة كان لها الفضل في توفير "الأكسجين السياسي" لقمة ترامب الخليجية الكبرى.

وزعم أن ما سماه "القضاء على حزب الله" في لبنان، وعزل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وإضعاف إيران، وانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، ما كان أي منها ليحدث لولا حملة "الضغط الإستراتيجي" الذي مارسته إسرائيل.

ومع ذلك، عندما اجتمع ترامب مع القادة في الرياض والدوحة وأبو ظبي لمناقشة ميثاق إقليمي جديد، لم تكن إسرائيل حاضرة، كما يقول سيلا.

أما عن سبب عدم دعوة إسرائيل لذلك الاجتماع، فإن الكاتب يعزوه إلى أن القيادة الإسرائيلية الحالية عالقة فيما يسميها حروب الماضي، مضيفا أنها إذا أرادت العودة فعليها أن تعيد النظر فيما تقدمه، "ليس فقط كقلعة حصينة، بل كجسر".

إعلان

وفي اعتقاده أن القوة العسكرية وحدها لم تعد خيارا كافيا في نظام إقليمي ناشئ يستند إلى "فن إبرام الصفقات"، الذي تشكله الشراكات السيادية والنزعة الاقتصادية العملية والمصلحة الذاتية المتبادلة، ذلك بأن رؤية ترامب للشرق الأوسط تُقدِّم النتائج على المشاعر.

وقال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحلفاءه من اليمين الإسرائيلي المتطرف أخطؤوا قراءة الموقف والمزاج العام، الذي ساد في الأسابيع الأولى من تولي ترامب ولايته الرئاسية الثانية، لا سيما عندما توعد بأن "جحيما سيندلع" في المنطقة إذا لم تطلق حركة حماس سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها، ورفع الحظر عن تزويد إسرائيل بقنابل تزن ألفي رطل، ودعا نتنياهو إلى البيت الأبيض لعرض "خطة غزة" المثيرة للجدل.

المسؤولون الإسرائيليون أخطؤوا عندما اعتبروا أن ترامب منحهم بذلك شيكا على بياض، لكن سرعان ما انخرط مبعوث الرئيس الأميركي في محادثات سرية مع حركة حماس من وراء ظهر إسرائيل

وأضاف أن المسؤولين الإسرائيليين أخطؤوا كذلك عندما اعتبروا أن ترامب منحهم بذلك شيكا على بياض، لكن سرعان ما انخرط مبعوث الرئيس الأميركي في محادثات سرية مع حركة حماس من وراء ظهر إسرائيل.

كما أن زيارة نتنياهو السريعة إلى واشنطن لم تسفر عن توجيه ضربة إلى إيران، بل العكس صحيح، إذ ما لبث أن أعلن ترامب عن محادثات دبلوماسية مباشرة مع طهران، حتى أعقب ذلك باتفاق مع الحوثيين يقضي بوقف الغارات الأميركية على اليمن دون ضمانات لأمن إسرائيل.

ويمضي سيلا في مقاله إلى أن اليمين الإسرائيلي يواجه اليوم إستراتيجية أميركية أعمق تتمثل في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط لصالح المستعدين للتعاون معه، وكل ذلك من أجل بناء جبهة موحدة ضد التهديد الحقيقي الذي تتعرض له بلاده من الصين وحرب الذكاء الاصطناعي الناشئة.

ووفقا للكاتب، فقد تفهم إسرائيل هذا التحول من الناحية الفكرية، لكن قيادتها الحالية لا تزال غير قادرة هيكليا للتكيف معه، فاللحظة الراهنة التي يمر بها الشرق الأوسط تُظهر مدى أهمية أن تتكيف إسرائيل وتعيد النظر في تموضعها الإقليمي.

إعلان

ويرى سيلا أن التحالف السياسي في إسرائيل المتجذر في خطاب الصقور ونزعة البقاء المحلية يكافح من أجل استخدام الأدوات الدبلوماسية بفعالية.

لكن إسرائيل ليست وحدها التي تكافح من أجل التكيف مع المستجدات، فطبقا لمقال جيروزاليم بوست، فإن الجالية اليهودية الأميركية "التي لطالما كانت جسرا موثوقا بين تل أبيب وواشنطن، تمر هي الأخرى بلحظة تستوجب محاسبة النفس".

إن ترامب لم يأت إلى المنطقة لإنقاذ إسرائيل، بل جاء لإنقاذ أميركا، فإذا أرادت تل أبيب اللحاق بالركب فسيكون مرحبا بها، أما إذا لم تكن ترغب في ذلك، فإنها ستتوارى عن المشهد، حسب الكاتب.

ويشير المقال إلى أن ترامب لا يزال يأمل في توسيع نطاق التطبيع، الذي يهدف إليه ما يُعرف بـ"اتفاقية أبراهام"، التي يمكن أن تشمل سوريا ولبنان وغيرهما.

ويخلص الكاتب إلى أن التطبيع مع إسرائيل، في نظر الرئيس الأميركي، يخدم عدة غايات تتمثل في تحقيق الازدهار في الشرق الأوسط، والتعاون الأمني بين دوله، واحتواء إيران، وحصول ترامب على جائزة نوبل للسلام التي يطمح إليها.

ويشدد سيلا على ضرورة أن تبدي إسرائيل استعدادها لإنهاء الحرب بشروط توازن بين العدالة والواقعية وتفضي إلى إطلاق سراح جميع الأسرى، وإعادة إعمار غزة بوجود فعلي لمجلس التعاون الخليجي وسلطة فلسطينية تكنوقراطية، ونزع سلاح حماس بالكامل.

مقالات مشابهة

  • نحو 8 ملايين نازح في أفريقيا بسبب تغير المناخ عام 2024
  • رغيف الخبز مقابل النزوح.. إسرائيل تُهندِس المجاعة لتهجير الفلسطينيين
  • فرنسا وإندونيسيا.. مطالب بوقف الحرب وإعلان اعتراف كامل بالدولة الفلسطينية
  • الرئاسة الفلسطينية: على الولايات المتحدة التدخل الفوري لوقف الحرب الإسرائيلية في غزة والضفة
  • فوضى وازدحام في توزيع مساعدات تشرف عليها شركة أمريكية برفح الفلسطينية
  • خلال 10 أيام.. العدوان الإسرائيلي يجبر 180 ألف فلسطيني علي النزوح قسرا
  • خريطة توضح كيف أصبحت مساحات واسعة من غزة مناطق محظورة
  • يعمل على معالجة ملف النزوح السوري.. لبنان يتحرك لضبط السلاح في المخيمات
  • سرديات المقاومة.. رحلة طاهر النور من تشاد إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة
  • جيروزاليم بوست: فجر جديد بالشرق الأوسط لا مكان فيه لإسرائيل فهل تستيقظ؟