أثار قلق واشنطن.. ما وراء التعاون العسكري بين روسيا والصين بالقطب الشمالي
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
موسكو- بات التعاون الروسي الصيني في منطقة القطب الشمالي بمرمى اتهامات أميركية جديدة رافقتها تحذيرات من أن توسع هذا التعاون بدأ يشمل المجال العسكري كما تشير إلى ذلك تصريحات السفير الأميركي لشؤون القطب الشمالي مايكل سفراجا الذي قال إن بلاده "تراقب عن كثب تكرار وتعقيد التعاون العسكري بين روسيا والصين في المنطقة"، معتبرا أنها تنقل "إشارات مثيرة للقلق".
وتتوالى في الآونة الأخيرة تصرحيات لمسؤولين أميركيين تتحدث عن قلق لدى الإدارة الأميركية بخصوص هذا التعاون في هذه المنطقة الحيوية، بما في ذلك على الصعيد التجاري.
كما تأتي في وقت يعمل فيه البلدان على تعميق العلاقات الشاملة بينهما لتشمل تزويد بكين موسكو بسلع تصنف ذات استخدام مزدوج، الأمر الذي ترى فيه واشنطن التفافا على العقوبات الغربية المفروضة على الكرملين.
خطوات استباقيةوارتفع منسوب الهواجس الأميركية بشكل خاص في سبتمبر/أيلول الماضي بعد إجراء موسكو أكبر مناورة عسكرية لها منذ 30 عاما في مياه المحيطين الهادي والمتجمد الشمالي والبحر المتوسط وبحري قزوين والبلطيق بمشاركة سفن حربية صينية قال مراقبون روس إنها لإظهار التعاون العسكري في القطب الشمالي واستعداد الصين للمشاركة في مواجهة الهيمنة الأميركية.
لكن الباحث في الشؤون الدفاعية قسطنطين إيغناتوف يعتبر أن محاولات الولايات المتحدة تقديم التعاون العسكري الروسي الصيني على أنه تهديد وجبهة جديدة في الصراع بين القوى العظمى هي خطوات استباقية تمهيدا لـ"عسكرة" منطقة خطوط العرض الشمالية من قبل واشنطن وبلدان حلف شمال الأطلسي (ناتو).
ويوضح إيغناتوف للجزيرة نت أن هذا التعاون يهدف إلى تأمين قدرات دفاعية مشتركة بين البلدين وتوفير استجابة سريعة للتهديدات التي يمكن أن تنشأ هناك لمصالح موسكو وبكين التجارية والاقتصادية، وعليه فإن الطابع الرئيسي لهذا التعاون هو دفاعي صرف.
ويشير إلى ما أن وصفها بالمزاعم الأميركية بشأن وجود تهديد في التعاون الروسي الصيني تأتي للتغطية كذلك على تمدد الناتو في مناطق الشمال بعد انضمام فنلندا إلى الحلف ونشرها طائرات "إف-35" قرب الحدود الروسية.
وبرأيه، يتطلب ذلك تعزيز القدرات الدفاعية الروسية على الحدود الشمالية والقطب الشمالي لمواجهة التمدد الأطلسي المتزايد، وهو ما يشكل كذلك تهديدا مباشرا للمصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة.
مصالح متزامنةفي المقابل، يقول الخبير الاقتصادي فياتشيسلاف بريكودين إن المنطقة لا تشكل أولوية بالمعايير الصينية على الرغم من وفرة البيانات الروسية الصينية المشتركة التي تؤكد أهمية القطب الشمالي لتنمية الموارد والخدمات اللوجستية.
ووفقا لبريكودين، تمتد مصالح بكين إلى "الكوكب بأكمله تقريبا"، أي إلى الأماكن الجغرافية التي توجد فيها مناطق أكثر ربحية اقتصاديا للاستثمار، الشيء الذي لا يتوفر بشكل مثالي في القطب الشمالي ذي الظروف المناخية القاسية، وعلى الرغم من الاحترار العالمي المعلن فإنها منطقة لا يمكن التنبؤ بها تجاريا في المستقبل القريب.
وحسب الخبير بريكودين، لا توجد مصالح وطنية جوهرية لبكين في هذه المنطقة، ولا ترتبط أي تهديدات أو تحديات لأمنها العسكري بالقطب الشمالي، كما أن تطورها المستقبلي لا يعتمد على حجم وجودها فيها.
ويشير إلى أن الموارد الطبيعية في القطب الشمالي لا تقدم أي مزايا خاصة أو خصائص فريدة مقارنة بالموارد المتوفرة في مناطق أخرى من العالم.
وبخصوص الطريق البحري الشمالي فيُنظر إليه كممر إضافي وليس رئيسيا، ولا بد من النظر إلى مشاركة بكين في مشاريع النفط والغاز وغيرها في القطب الشمالي وتطوير طريق بحر الشمال، وذلك في سياق تنويع مصادر واردات الموارد وأساليب نقل البضائع الدولية، كما يقول بريكودين.
ويضيف أن البلدان المهتمة بتطوير وتعزيز مصالحها في القطب الشمالي "محكوم عليها بالتعاون"، لأنه من غير الممكن العمل بمفردها في مثل هذه المنطقة المعقدة، وعلى هذا الأساس تعتبر الصين الشريك المثالي لروسيا هناك.
تهديد رئيسيويؤكد الخبير بريكودين أنه من المبالغة القول إن الإستراتيجيات الروسية والصينية في القطب الشمالي متوافقة تماما، فالموقف الصيني الذي يصر على الدور العالمي الذي تلعبه المنطقة باعتبارها تراثا للإنسانية جمعاء يتناقض مع الروسي بشأن حصرية حقوق الدول الشمالية في أراضي هذا القطب.
وبشأن هذه الحالة، يقول إن كل دولة تتصرف على أساس مصالحها الخاصة وليست المتطابقة تماما، وإن إنشاء تحالف عسكري روسي صيني غير مناسب وغير مطروح في الوقت الحالي، ويبقى التفاعل بينهما ذا طبيعة اقتصادية بحتة، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأنه سوف يتخذ في المستقبل المنظور اتجاها عسكريا.
وكانت "إستراتيجية القطب الشمالي" المحدثة التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إشارات إلى وجود مجالات خلاف كبيرة بين الصين وروسيا، لكنها اعتبرت أن التنسيق المتزايد بينهما في المنطقة يعد مدعاة للقلق.
وبدأ اهتمام بكين بمناطق الشمال تدريجيا بعد أول رحلة استكشافية علمية في عام 1984، تبعه مرور كاسحة الجليد "شيويهلونغ" على طول مسار البحر الشمالي في عام 2012، والحصول على وضع مراقب في مجلس القطب الشمالي سنة 2013 وإعلان نفسها "دولة قريبة من هذا القطب" في عام 2018.
لكن الوثائق والبيانات الإستراتيجية الصادرة عن كبار المسؤولين في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (بما فيها إستراتيجية الأمن القومي والقطب الشمالي) تحدد روسيا والصين باعتبارهما التهديدين الرئيسيين في هذه المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی القطب الشمالی التعاون العسکری هذا التعاون هذه المنطقة
إقرأ أيضاً:
«أدنوك» توقع عدداً من الاتفاقيات لتعزيز التعاون مع شركات الطاقة الأميركية
أبوظبي (وام)
أخبار ذات صلةأعلنت شركة «أدنوك»، أمس، مجموعة من الاتفاقيات مع عددٍ من أبرز شركات الطاقة الأميركية، جاء ذلك خلال «حوار الأعمال الإماراتي الأميركي» الذي انعقد بمشاركة فخامة دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأميركية.
ومن المتوقع أن تسهم هذه الاتفاقيات في تنفيذ استثمارات أميركية في مشاريع للطاقة في دولة الإمارات بقيمة تصل إلى 60 مليار دولار خلال كامل مدة المشاريع.
وتتضمن الاتفاقيات خطةً لتطوير الحقول مع شركَتي «إكسون موبيل» و«إنبكس/جودكو» لزيادة الطاقة الإنتاجية لحقل زاكوم العلوي البحري في أبوظبي عبر مراحل تدريجية.
كما وقّعت «أدنوك» اتفاقية تعاون استراتيجي مع شركة «أوكسيدنتال» لاستكشاف سبل رفع الطاقة الإنتاجية لحقل شاه للغاز إلى 1.85 مليار قدم مكعب قياسي يومياً من الغاز الطبيعي، مقارنةً بالطاقة الحالية البالغة 1.45 مليار قدم مكعب قياسي يومياً، وتسريع تطبيق التكنولوجيا المتقدمة في الحقل.
وتعزز هذه الاتفاقيات التزام دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية المشترك بضمان أمن الطاقة العالمي واستقرار أسواقها.
ومن المتوقع أن تصل قيمة استثمارات الإمارات في قطاع الطاقة بالولايات المتحدة إلى 440 مليار دولار بحلول عام 2035، وذلك كجزء من خطة دولة الإمارات لتنفيذ استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة.
وبهذه المناسبة، قال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، العضو المنتدب، الرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ومجموعة شركاتها: «تماشياً مع رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة ببناء شراكات نوعية لتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي، تؤكد العلاقات الثنائية الراسخة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية على التزام البلدين المشترك بضمان أمن الطاقة واستقرار إمداداتها، وتسهم الاتفاقيات المهمة التي أعلنّا عنها مع عدد من أبرز الشركات الأميركية في القطاع في تعزيز هذا الالتزام».
وأضاف معاليه «نحن نركز على اغتنام الفرص الواعدة المتاحة لبناء المزيد من الشراكات بين البلدين في مجالات الترابط بين الطاقة والذكاء الاصطناعي، كما نتطلع إلى العمل مع شركائنا في الولايات المتحدة لخلق قيمة مستدامة طويلة الأمد».
وتعد الولايات المتحدة من الأسواق ذات الأولوية لـ «XRG»، شركة الاستثمار العالمية في مجال الطاقة التابعة لـ«أدنوك»، التي تعمل على تعزيز استثماراتها على امتداد سلسلة القيمة لقطاع الطاقة الأميركي مع التركيز على الغاز، والغاز الطبيعي المسال، والكيماويات المتخصصة، والبنية التحتية للقطاع.
اتفاقية إطارية
واستناداً إلى خططها الاستثمارية الطموحة في الولايات المتحدة، وقعت «XRG» اتفاقية إطارية مع شركة «1PointFive» التابعة لشركة «أوكسيدنتال»، بهدف دراسة تنفيذ استثمار كبير في مشروع منشأة تستخدم تقنية «الالتقاط المباشر للهواء» في مقاطعة كليبيرغ بولاية تكساس.
ويستهدف المشروع التقاط وتخزين 500 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، باستخدام تكنولوجيا متقدمة ومطبَّقة على نطاق تجاري، كما تدرس «XRG» الالتزام برأس مال يصل إلى ثلث إجمالي تكلفة تطوير المشروع.
الموارد النفطية
وبالتزامن مع هذه الاتفاقيات، منح المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية في أبوظبي امتيازاً جديداً لاستكشاف الموارد النفطية غير التقليدية لشركة «إي.أو.جي ريسورسز» الرائدة في مجال استكشاف وإنتاج النفط والغاز والتي يقع مقرها في الولايات المتحدة الأميركية.
وتُعد هذه أول مرة يتم فيها ترسية حقوق امتياز استكشاف موارد غير تقليدية في المنطقة البرية رقم (3) على شركة أميركية وتبلغ مساحة هذه المنطقة 3609 كيلومترات مربعة وتقع في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي.
وتؤكد هذه الخطوة على أهمية قطاع الطاقة في أبوظبي وترسِّخ مكانتها كوجهة استثمارية موثوقة وستتولى «أدنوك» الإشراف على أنشطة الاستكشاف في هذا الامتياز وتقديم الدعم اللازم، كما سيتاح لها خيار الانضمام إلى امتياز الإنتاج في المستقبل.
وسيتم تنفيذ خطة التطوير التدريجي لحقل زاكوم العلوي بالاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المتقدمة على مستوى القطاع، والخبرة العميقة والشراكة القوية بين كلٍ من «أدنوك» و«إكسون موبيل» و«إنبكس/جودكو»، وذلك لزيادة الطاقة الإنتاجية بشكل مستدام والمساهمة في تلبية الطلب العالمي المتزايد من خلال إنتاج أقل خامات النفط في انبعاثات الكربون على مستوى القطاع، ويعد زاكوم العلوي جزءاً من حقل زاكوم، ثاني أكبر حقل بحري في العالم.
حقل زاكوم العلوي
تستهدف الخطة كذلك تطوير البنية التحتية في حقل زاكوم العلوي لتمكين عمليات التشغيل عن بُعد باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتسهيل ربط العمليات بإمدادات الكهرباء المولدة بالاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة في دولة الإمارات للحدّ من الانبعاثات، يضاف إلى ذلك استخدام الجُزر الاصطناعية في عمليات الحفر لتعزيز حماية البيئة.
حقل شاه للغاز
يذكر أن حقل زاكوم العلوي يقع على بُعد 84 كيلومتراً شمال غرب أبوظبي، فيما يُعدّ حقل شاه للغاز الواقع على بُعد 180 كيلومتراً جنوب غرب أبوظبي أحد أكبر الحقول من نوعه في العالم.