عدسات في مرمى نيران الاحتلال بغزة
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
منذ اللحظات الأولى لحرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، يعمل الصحفيون الفلسطينيون بين أصوات القذائف ودويّ الانفجارات وظروف بالغة القسوة، مواجهين تهديدات مباشرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تحاول إسكاتهم ومنعهم من إيصال صوت المعاناة وصور الدمار إلى العالم.
منذ 17 عاما، يعمل المصور الصحفي سامي شحادة في تغطية الأحداث في قطاع غزة، حيث شهد وشارك في نقل صور الحروب الإسرائيلية وجولات التصعيد المتكررة منذ عام 2008.
في أبريل/نيسان الماضي، أُصيب شحادة إصابة خطيرة أدت إلى بتر ساقه، وذلك أثناء تغطيته الاجتياح البري في مخيم النصيرات والنزوح الجماعي منه، موثقا المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين في المخيم.
يروي تفاصيل تلك اللحظات الصعبة للجزيرة نت، قائلا: "أول وصولنا، استكشفنا المنطقة لمعرفة مدى خطورتها. ومع بدء العمل، فوجئنا بإطلاق قوات الاحتلال قذيفة مدفعية بشكل مباشر نحونا ودون سابق إنذار. أُصبت في ساقي على الفور. رأيت ساقي مبتورة. لم أفقد الوعي رغم الشظايا الكثيرة التي اخترقت جسدي".
كان شحادة يرتدي جميع العلامات والشعارات الدالة على أنه صحفي، ولذلك فإنه يؤمن أن استهدافه كان متعمدا لمنعه -هو وباقي الصحفيين- من نقل الحقيقة إلى العالم بشأن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين في القطاع.
يستذكر المصور الصحفي مشهدين مؤثرين في مسيرته: الأول هو مشهد نزوح المواطنين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه عبر حاجز نتساريم، حيث وجد نفسه يعيش لحظات تعيد إلى الأذهان النكبة كما سمعها من أجداده. أما المشهد الثاني، فهو لحظة إصابته ورؤيته ساقه المبتورة التي أمسك بها وزحف مبتعدا عن الخطر، مؤكدا أنه لن ينسى هذه المشاهد أبدا.
أما سامي برهوم، وهو مراسل قناة تركية كان برفقة المصور الصحفي سامي شحادة أثناء إصابته، فقد أكد أن ما حدث كان استهدافا متعمدا، مشيرا إلى أن المنطقة كانت تشهد توغلا وقصفا من قوات الاحتلال، وسط وجود كثيف للسكان المدنيين.
قال برهوم: "توجهنا إلى الموقع ونحن نرتدي كل العلامات التي تشير بوضوح إلى أننا صحفيون، وكنا في منطقة مكشوفة، لكن رغم ذلك سقطت علينا قذيفة مدفعية إسرائيلية بشكل مفاجئ ومباشر، مما أدى إلى بتر القدم اليمنى للزميل سامي شحادة، في موقف بالغ الصعوبة".
في السياق ذاته، يصف المصور الصحفي محمد الزعانين لحظة إصابته حين كان جالسا مع مجموعة من الصحفيين في مكتبه يستعد لمهمة عمل.
فجأة، سمع صوت انفجار قوي بالقرب من باب المكتب. يقول: "أحسست بشيء في عيني، انطفأت مرة واحدة. حاولت أن أفتح عيني عدة مرات لكن لم أقدر. وضعت يدي على عيني، ولما رفعتها وجدتها مليئة بالدماء".
يروي الزعانين للجزيرة نت معاناته المستمرة مع الإصابة، موضحا أن عينه المتضررة فيها شظية وتعاني من نزيف داخلي وإصابة في العدسة، مما أفقده البصر كليا في تلك العين، لافتا إلى أن الإصابة أثرت بشكل كبير على عمله مصورا.
ويشير بأسف إلى أن علاجه غير متوفر في غزة، وحاجته ملحّة إلى السفر للعلاج، إلا أن هذا الأمر صعب للغاية بسبب الإغلاق المفروض من قبل الاحتلال الإسرائيلي على المعابر، مؤكدا أن تأخر سفره يزيد من خطورة حالته، كما أخبره الأطباء.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، تؤكد مؤسسات حقوقية وصحفيون عاملون في الميدان أن استهداف الاحتلال للصحفيين ليس خطأ عرضيا، بل هو سلوك متعمد ممنهج، ويشمل ذلك أيضا قصف منازلهم ومؤسساتهم الإعلامية أو حتى استهداف عائلاتهم، في محاولة لتغييب الرواية الفلسطينية، وعرقلة إيصال الصورة والخبر والمعلومة إلى الرأي العام الإقليمي والعالمي، وإسكات صوت الحقيقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات المصور الصحفی إلى أن
إقرأ أيضاً:
حدث أمنى خطير في حي الشجاعية بغزة وطائرات الاحتلال تنقل أجساد جنوده
أفادت مواقع إسرائيلية، بوقوع حدث أمني خطير في حي الشجاعية بغزة ، خلال ساعات فجر اليوم السبت، على أيدي المقاومة الفلسطينية في غزة، في ارتفاع لعمليات المقاومة خلال الأيام الأخيرة وتكبد الاحتلال خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
وذكرت مواقع صحيفة إسرائيلية، بأن مروحيات إسرائيلية نقلت عددا من الجنود المصابين إلى مستشفى تال هشومير وسط إسرائيل.
وأردفت مواقع إسرائيلية بتعرض مركبة عسكرية إسرائيلية لاستهداف مباشر بصاروخ مضاد للدروع ، أدى إلى ارتفاع عدد المصابين.
ودفع الجيش بمروحيات إلى حي الشجاعية لحظة وقوع الحدث، وأطلق قذائف مدفعية.
وذكرت مواقع إسرائيلية بتعرض آلية عسكرية إسرائيلية لاستهداف مباشر بصاروخ مضاد للدروع، أدى إلى ارتفاع عدد المصابين.
يأتي ذلك فيما قال صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، الخميس، إن 65 إلى 70 في المائة من نظام المياه في غزة قد دُمّر جراء الحرب الإسرائيلية، مما يجعل ضخّ المياه عبر الأنابيب القديمة، وبالتالي وصولها إلى الغزيين، أمرًا مستحيلًا.
هذا الواقع دفع عمّال الإغاثة إلى إنشاء نقاط لتوزيع المياه وإيصالها للسكان عبر الشاحنات، إلا أن مشكلة أخرى حالت دون استمرار العملية وهي شح الوقود.
ولا يؤثر ندرة هذه المادة على نقل المياه فحسب، بل على محطات التحلية أيضا، وفقًا للمتحدث باسم اليونيسيف جوناثان كريكس.
وقال كريكس :"الأطفال هم أكثر من يتحمّل أعباء هذه الحرب"، يقول عامل الإغاثة، موضحًا أنه يرى يوميًا مشاهد مأساوية لا تُحصى، لصغار مزّقهم الجوع وقتلهم العطش، وهم يضطرون للمشي عشرات الكيلومترات للحصول على لقمة تسدّ رمقهم أو قطرة تروي عطشهم.
ويضيف قائلاً: "90% من الأسر تُعاني للحصول على ما يكفي من مياه الشرب، حتى أنها تجد صعوبة في تأمين المياه اللازمة لتنظيف طفل رضيع حديث الولادة وتغيير ملابسه".
وكانت السلطات الفلسطينية قد أوضحت أن معدّل المياه للشخص الواحد انخفض إلى 3-5 لترات يوميًا، وهو أقل بكثير من 15 لترًا، مقدار المياه التي تقول الأمم المتحدة إن الإنسان يحتاجه للبقاء على قيد الحياة.
كانت إسرائيل تدير خط الأنابيب الذي يزوّد 70% من المياه في المدينة، لكن الشبكة تدمّرت مع استئناف الحرب في أبريل الماضي.
كما كانت محطات تحلية المياه توفر حوالي 7% من احتياجات القطاع، إلا أن هذا الخيار أصبح غير متاح بعد تلوث المياه الجوفية ونضوبها.
وبحسب سلطة المياه الفلسطينية، وهي هيئة حكومية غير وزارية تأسست أواخر التسعينات لإدارة ملف المياه في الأراضي الفلسطينية، فإن إسرائيل لم تكن تمدّ غزة بالمياه الكافية لسنوات طويلة، سبقت بكثير مرحلة 7 أكتوبر.
ولم يعد انقطاع المياه في غزة مجرد أزمة صحية أو بيئية، بل تحوّل إلى معركة يومية من أجل البقاء.
وتحدثت أولجا شيريفكو، عاملة إغاثة تعمل في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في غزة، تحدثت بألم عن تصاعد العنف بين الناس بسبب ندرة المياه :"الوصول إلى المياه أصبح شبه مستحيل"، تقول شيريفكو، وتضيف في مؤتمر صحفي تحدثت فيه عبر الفيديو: "حتى وأنا أتحدث إليكم الآن، في الطابق السفلي من هذا المبنى، يقاتل الناس للحصول على المياه. شاحنة مياه وصلت للتو، والمشهد مؤلم، الناس يتدافعون ويتشاجرون فقط من أجل شربة ماء".