ندوة نقدية في رواية “من أجل بيسان” وديوان “قم يا بلال” باتحاد الكتاب العرب
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
دمشق-سانا
أقامت جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع جمعية النقد وجمعية البحوث ندوة نقدية تناولت قراءة في رواية “من أجل بيسان” للأديب عيسى إسماعيل، وديوان “قم يا بلال” للشاعر سعد مخلوف شارك فيها عدد من الأدباء والنقاد.
وفي قراءة للباحث ديب علي حسن لرواية من أجل بيسان رأى أن الرواية وصفت الظروف التي تمر بها سورية والحرب الإرهابية التي تواجهها، وذلك من أجل القضية الفلسطينية وهي القضية المركزية.
وبين حسن أن الرواية شملت قضايا اجتماعية وسياسية وتوثيقية بشكل منهجي إضافة إلى ضرورة المقاومة والمحبة والعادات والتقاليد، ووصفت الشباب الفلسطيني من خلال الأحداث الرئيسة التي ارتكزت عليها الرواية.
الناقدة رجاء كامل شاهين بينت أن رواية من أجل بيسان شق فيها الكاتب إسماعيل طريقه وسط غابة من الأغصان المتشابكة وببراعة خلصها من بعضها البعض، وعين نقطة البدء بتأثير العوامل الخارجية فقارب التفاعل الحاصل بين الواقع الاجتماعي الذي يستحضر الماضي، وبنية الخطاب الرئيس خلال القلق والمعاناة.
وأشارت شاهين إلى أنه في الرواية قدرة على الإبداع بمعرفة كاملة وناضجة تدل عليها الإشارات الزمنية التي مثلت الأحداث كما وظفها الخطاب للإمساك بالصورة ووجودها، مبينة أنه حقق تقدماً مبتكراً.
وعن ديوان “قم يا بلال” قال الناقد الدكتور غسان غنيم: الشعر ليس مجرد تجسيد لفكرة تطرح، وليس مجرد صياغة لغوية تستثمر إمكانيات اللغة، تغيم وتبهر لكنها لا تثمر ولا تملك رؤية من نوع ما، فقد يكون الشعر تجسيداً حياً عبر اللغة والموسيقا والتناغم وتكوين حالات وأفكار اختارها الشاعر لأدائها بطريقة مبتكرة تختلف عن سواها تصل إلى المتلقي فتؤثر فيه.
وأوضح أن المجموعة طرحت موضوعات راهنة وذاتية فارتفعت لغتها أحياناً، وارتبكت وأربكت المتلقي في أحيان أخرى، واتخذت التفعيلة أداء وبناء والشطرين أحياناً، وارتفعت اللغة في أماكن ووصلت إلى الإيحاء، وأخفقت بأخرى لكنها ظلت تراوح في مساحة الشعر الذاتية.
وبدوره لفت الشاعر سليمان السلمان إلى أن الشاعر مخلوف لا يقبل بالصمت، فطالب في نصوصه بما يريده من إيجابيات لتتحول إلى خير وأمل ومحبة.
وتابع السلمان: إن الديوان يتضمن عدداً من القصائد والنصوص على بحور شعرية مختلفة، وفي مواقف متعددة أغلبها يعكس الحاضر المعاش، ويربطه أحياناً بالماضي في جمع بين الأصالة والمعاصرة.
الندوة التي أدارها عضوا المكتب التنفيذي الشاعر توفيق أحمد والأديبة فلك حصرية حضرها عدد من أعضاء الجمعيات الأدبية المشاركة وقدم بعضهم مداخلات انطباعية حول الكتابين.
محمد خالد الخضر
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
ما مدى ارتباك الخطاب الإعلامي المصري بين العداء لـإسرائيل والتنسيق معها؟
ظهرت التناقضات المتزايدة بين الخطاب الإعلامي الرسمي في مصر والسياسة الخارجية الواقعية للدولة، بشكل واضح في رواية الإعلام الحكومي المعادية لـ"إسرائيل" خلال الحرب الأخيرة مع إيران، رغم حفاظ النظام المصري نفسه على السلام مع تل أبيب منذ عقود.
وجاء في تقريرلمجلة "ناشونال انترست" ترجمته "عربي21"، أن سلسلة مطاعم مصرية شهيرة نشرت مؤخرًا صورة ترويجية للكشري، الطبق الوطني للبلاد، مرتبًا على شكل صاروخ، وبدأت الصورة، التي يبدو أنها مُولّدة بالذكاء الاصطناعي، تنتشر في اليوم السادس من الهجوم الإسرائيلي على طهران، وفُسّرت على نطاق واسع على أنها إشارة دعم لإيران، بينما احتفت وسائل الإعلام التابعة للدولة في طهران بالصورة، حتى أنها زعمت أن "إسرائيل" هددت المطعم بعد أن بدأ في تقديم وجبات على شكل الصواريخ الإيرانية.
وأوضح التقرير أنه "في مصر نفسها، لم تلقَ الصورة انتقادات تُذكر، بل إنها تناغمت مع الرواية السائدة التي تُروّج لها وسائل الإعلام المصرية، والتي تُصوّر إيران باعتبارها بطل المقاومة الجديد في المنطقة، وإسرائيل على أنها ضعيفة ومففكة".
وأضاف أنه "بعد أن بدأت الصورة تُثير انتقادات في إسرائيل، التي تربطها علاقات سلام مع مصر منذ أكثر من أربعة عقود، حذفها المطعم بهدوء وأصدر بيانًا زعم فيه أن الإعلان لا علاقة له "بالسياسة"؛ ويُعد المطعم وجهةً شائعةً لكبار الشخصيات الأجنبية، ويبدو أنه على صلة بالمؤسسة السياسية، مما يزيد من احتمال أن تكون الإزالة قد جاءت بناءً على طلب من الحكومة".
وأفاد تقرير المجلة بأنه في مصر اليوم، يُمكن للمرء أن يُهلل لتدمير تل أبيب على شاشة التلفزيون الوطني، لكن صورة صاروخ الكشري المُولّدة بالذكاء الاصطناعي قد تخرج عن النص الرسمي.
وأكد أنه "لطالما كان خطاب النظام أداةً استراتيجية، لكنه أصبح مُشوّشًا لدرجة أن قلّةً من الناس أصبحوا يميزون بين ما يُعتبر معارضةً مقبولةً أو امتثالًا مقبولًا، وتُسلّط هذه الحادثة الضوء على تناقضٍ مُتنامي في صميم السياسة المصرية، وتنافرٍ متزايدٍ بين المصالح الجيوسياسية للحكومة والروايات الشعبوية التي تتسامح معها".
وأشار إلى أن ما يبدو للوهلة الأولى حيلةً تسويقيةً سخيفةً يعكس ثغرةً صغيرةً في التوازن السياسي الدقيق الذي بنته الأنظمة المصرية، فقد استعارت القاهرة لعقود اللغة الشعبوية للرئيس جمال عبد الناصر، الذي صوّر مصر قائدةً للمقاومة العربية لإسرائيل، مع الحفاظ على نهج السلام البراغماتي للرئيس أنور السادات، الذي وقّع معاهدة السلام التاريخية بين مصر وإسرائيل عام 1979، والنتيجة نظامٌ ينتقد إسرائيل علنًا، بينما يحافظ على التنسيق الإستراتيجي خلف الأبواب المغلقة.
وقال إن "هذا النهج المزدوج النظامَ ساعد سابقًا على إرضاء المشاعر الشعبية دون المساس بمعاهدة السلام مع إسرائيل أو بمكانته لدى شركائه الغربيين، لكن الرسائل المعادية لإسرائيل التي تزامنت مع الهجوم على إيران وتبني الجمهور المصري لها بحماس، يشيران إلى أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي قد لا يكون قادرًا على السير على هذا الحبل المشدود".
وأوضح أنه "سرعان ما حوّلت وسائل الإعلام المصرية الخاضعة لسيطرة الدولة الضربات الإسرائيلية ضد إيران إلى حملة دعائية محلية؛ حيث ركّز المُذيع المُقرّب من الدولة أحمد موسى وضيوفه على ما زعموا أنه ضعف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وظهرت رواية مماثلة في برنامج "الحكاية" الذي يقدمه الإعلامي المصري المخضرم والمؤيد للحكومة عمرو أديب. كما ركزت صحيفة الأهرام، الصحيفة الرسمية الرائدة في مصر، بشدة على النجاحات الإيرانية المزعومة، متجاهلةً تقريبًا الضربات الإسرائيلية المباشرة على أهداف الحرس الثوري الإيراني".
وأوضح أن هذا "الاحتفاء والمبالغة في العمليات العسكرية الإيرانية أمر مثير للاستغراب، خاصة وأن مصر لطالما اعتبرت إيران قوةً إقليميةً مُزعزعة للاستقرار؛ فقد قطعت القاهرة العلاقات الدبلوماسية مع طهران عقب ثورة 1979 ولم تستعدها قط، كما عارضت مصر البرنامج النووي الإيراني، وتحالفت مع خصومها الخليجيين، ودعمت كل معارضي إيران في كل صراع إقليمي تقريبًا، من سوريا إلى اليمن، وقد عانت مصر من تداعيات اقتصادية مباشرة جراء أنشطة إيران بالوكالة، وخاصةً هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، والتي كلفت مصر ما يُقدر بـ 7 مليارات دولار من الإيرادات في عام 2024 وحده".
وقال "ولم تُحدث المبادرات الدبلوماسية الأخيرة تغييرًا يُذكر في انعدام الثقة الكامن، ورغم هذه التوترات الجوهرية، تسمح القاهرة بإظهار إيران كلاعب بطولي في خطابها العام، وقد طغى الحماس الشعبوي الخطابي ضد إسرائيل على قدرة النظام على التحدث بوضوح عن مصالحه الوطنية".
وأكدت التقرير أن الخطر الآن لا يكمن في الدعاية فحسب، بل في الارتباك الذي يصاحبها؛ فعندما تُشيد وسائل الإعلام المصرية بدولة تُهدد اقتصادها وتُعارض أهدافها الإقليمية، يُصبح من المستحيل تجاهل هذا التناقض.
واعتبر أن "الأسوأ من ذلك هو تسرب هذا التناقض من الشاشة إلى السياسة، فمن خلال طمس الخط الفاصل بين المقاومة الرمزية والاصطفاف الإستراتيجي، تُخاطر مصر بتعكير صفو موقفها في السياسة الخارجية في ظل التقلبات الإقليمية، فإذا اعتقد الرأي العام أن القاهرة تدعم طهران حقًا، فقد يُضعف ذلك مصداقية مصر الدبلوماسية ويُضعف شراكاتها، ويُشجع الجهات الفاعلة التي لا تُشاركها مصالحها الجوهرية".