لجريدة عمان:
2025-06-27@19:13:59 GMT

أمريكا تختار دورا جديدا في العالم

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

ترجمة ـ قاسم مكي -

بعدما تأكد فوز ترامب برئاسة ثانية تسابقت البلدان حول العالم لبناء العلاقات معه وتقدير الآثار المُرَجَّحة لفوزه والتي يمكن أن تظهر خلال أسابيع من تنصيبه.

عبَّر مسؤول ياباني عن المزاج السائد فـي عدد من العواصم بقوله «تعلَّمنا أن نتعامل مع الرؤساء الأمريكيين الجدد مثل تعاملنا مع هدية عيد الميلاد.

نفتحها وبصرف النظر عما هو موجود بداخلها نقول «(يا سلام) هذا بالضبط ما كنت أريده».

فـي حالة ترامب، ذلك الشعور أكثر وضوحا ومباشرة فـي موسكو التي ابتهج فـيها أنصار الرئيس فلاديمير بوتين بانتصاره. لكن الحسابات أكثر تعقيدا فـي أوروبا وخصوصا بريطانيا وأيضا وسط حلفاء الولايات المتحدة فـي منطقة المحيطين الهندي والهادي. فالمسؤولون هناك يحاولون تشكيل ردود أفعالهم على أساس الملحوظات التي أدلى بها ترامب. وهم يعلمون أن العجز عن التنبؤ بما سيفعله وعدم اتساق تصرفاته هما السمتان اللتان ميّزتا فترة رئاسته الأولى وربما رئاسته الثانية أيضا.

الرسوم الجمركية، من المرجح أن ينشأ الأثر العالمي والأسرع لفوز ترامب عبر الرسوم التي تعهد بفرضها على السلع القادمة من الصين والبلدان الأخرى أيضا. الرسوم لن تفك الارتباط بين الاقتصادين الأمريكي والصيني. لكنها يمكن أن تقيدّ بشدة التجارة فـي السيارات الكهربائية والواردات الأخرى. كما يمكن أيضا أن تقوِّض النمو الاقتصادي العالمي. لقد حذر خبراء الاقتصاد من الأثر التضخمي للرسوم الجمركية والضغوط التي تترتب عنه والتي من شأنها أن ترفع أسعار الفائدة وقيمة الدولار.

سيكون هنالك أثر مماثل على البلدان الأوروبية. وهذا يعتمد على الرسوم التي يتم اختيارها وما إذا كانت إدارة ترامب ستسعى بشدة إلى إقناع أوروبا، التي لا يزال اقتصادها منفتحًا نسبيا، بعدم التعامل تجاريا مع الصين. ونظرا إلى أن حكومات أوروبية عديدة تصارع من أجل تحقيق أي قدر من النمو الاقتصادي سيشكل ذلك ضربة جديدة وكبيرة.

أوكرانيا، فـي الخطاب الذي أعلن فـيه فوزه كرر ترامب نقطة يعتبرها مصدر فخر عظيم له. فخلال فترته الرئاسية الأولى «لم تكن هنالك حروب جديدة» حسب تعبيره. وقال أيضا فـي حين أنه يريد قوات مسلحة أمريكية قوية إلا أنه يفضل عدم استخدامها. لقد عبر علنا عن رغبته فـي إنهاء الحروب فـي أوكرانيا والشرق الأوسط وافتخر بقدرته على «عقد» صفقات لهذا الغرض.

السؤال المفتاحي هو: هل سيتجه ترامب إلى وقف القتال فـي أوكرانيا وكيف سيفعل ذلك؟ فإذا سعى إلى تجميد الحرب على طول خط الجبهة الحالي لن يكون هنالك ما يمكن أن يذكر لحماية أوكرانيا (أو أوروبا) من أي اعتداء آخر من جانب روسيا فـي المستقبل ما لم تتعهد الولايات المتحدة بمنعه. يمكن لواشنطن تقديم ضمانات أمنية واضحة لكييف على الرغم من أن حصولها على عضوية الناتو يظل احتمالا بعيدا.

تعهد واشنطن مباشرة بضمان أمن أوكرانيا أكثر واقعية. لكن ليس واضحا حتى الآن أن ذلك سيكون كافـيا لإقناع كييف بوقف القتال. فقيادة أوكرانيا وشعبها يعتبران الحرب قضية وجود وأي تنازل عن أراض لروسيا حتى إذا لم يكن ذلك رسميا قد يشكل حاجزا يستحيل تخطيه فـي المفاوضات. كما ليس من الواضح كيف يمكن لترامب تأمين اتفاق حقيقي مع بوتين. لقد تباهى ترامب بعلاقته مع زعيم روسيا وبدا أن حملات التضليل الروسية كانت تصب فـي مصلحته. لكن روسيا انتهكت الاتفاقيات فـي السابق. وسيكون الاتفاق أكثر وجاهة إذا أيدته الصين. لكن ذلك سيستوجب من ترامب التعامل مع نظام يعتبره، كما يبدو، المهدد الرئيسي للولايات المتحدة.

الشرق الأوسط .. ترامب يمكنه أن يفاقم الصراع فـي الشرق الأوسط أو (وهذا ممكن) أن يفتح مسارا للاستقرار. لقد ظل يقف باستمرار إلى جانب إسرائيل. لكن علاقته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لم تكن مستقرة. لا شك أن نتنياهو كان يأمل فـي فوز ترامب. وإذا وقف ترامب بوضوح إلى جانب نتنياهو ووزرائه الذين ليست لديهم النية على منح الفلسطينيين دولة سيشكل ذلك خطوة تصعيدية. وستعتبره عناصر فـي المجتمع الإسرائيلي فرصة لضم الضفة الغربية. وستسعى للسيطرة على غزة أو إعادة احتلال جزء منها بأمل دفع الفلسطينيين إلى مغادرتها للبلدان المجاورة. وربما يشجّع ذلك أيضا نتنياهو لتوجيه ضربة أخرى لإيران.

من جهة أخرى يبدو أن ترامب يعني ما يقول بشأن وقف الحروب حتى لو كان ذلك فقط من أجل مصالح الولايات المتحدة. قد يتعرض نتنياهو إلى ضغوط لوقف قصف جنوب لبنان والتوصل إلى اتفاق ما فـي غزة مع حماس بما فـي ذلك إطلاق سراح الرهائن.

هنالك مسار ينطوي على قدر أكبر من الأمل ويتموضع فـي الاتفاقيات الإبراهيمية التي يتفاخر بأنها إنجاز تحقق خلال فترته الرئاسية الأولى. أما الجائزة الكبرى فهي احتمال التطبيع مع السعودية. فهو سيمكن ترامب من الادعاء بأنه جلب السلام للشرق الأوسط. لكنه يظل مستحيلا بالنسبة للرياض دون التزام إسرائيلي بدولة فلسطينية.

بريطانيا، لا يوجد أساس للاعتقاد بأنه سيكون من اليسير لبريطانيا إدارة العلاقة (مع حكومة ترامب). لقد سارع رئيس الوزراء كير ستارمر إلى تهنئة ترامب مضمِّنا فـي رسالة تهنئته بوضوح عبارة «العلاقة الخاصة» بين البلدين ومشيرا إلى التعاون فـي التقنية والأمن. لكن حكومته البريطانية الجديدة والتي كرست الأولوية للنمو ستكون على وعي حاد بالتهديد الذي تمثله الرسوم الجمركية.

سافر وزير الخارجية البريطاني ديفـيد لامي كثيرا إلى الولايات المتحدة لكي يتعرف عن كثب على الجمهوريين الذين يحيطون بترامب. لكن تعليقاته التي أدان بها الرئيس المنتخب قبل فوز حزب العمال بالانتخابات فـي بريطانيا قد تعكر الأجواء. وأيضا الأخبار عن تنظيم أنصار الحزب أنفسهم لدعم الحملة الانتخابية للديموقراطيين.

من المتوقع أن تزور وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز الصين فـي أوائل العام القادم. وسيتوجب عليها حينها أن تقرر موقف بريطانيا من استيراد ألواح الطاقة الكهروضوئية والسيارات الكهربائية الصينية الرخيصة. لكن فوز ترامب لن يجعل اتخاذ هذا القرار سهلا.

المناخ، ترامب وهاريس قدَّما رؤيتين مختلفتين بشدة عن المناخ. تعهد ترامب بتأمين أسعار رخيصة للنفط والغاز فـي الولايات المتحدة وهو يضع فـي باله الناخبين فـي الداخل. وهو سينأى بالولايات المتحدة عن محادثات العالم حول المناخ. وإذا انسحب ترامب من اتفاقية باريس مرة أخرى سيعني ذلك فـي الغالب القضاء على هدف تجنب ارتفاع احترار الكوكب فوق 1.5% درجة مئوية. وأيضا على أي احتمال بتحسين التعاون الغربي مع الصين والهند حول إزالة الكربون. ذلك بدوره ربما سيسمح للصين بتصوير نفسها الدولة المتفوقة أخلاقيا (فـيما يتعلق بحماية المناخ) واتخاذ المزيد من الخطوات للاستثمار فـي الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية.

موقع الولايات المتحدة فـي العالم.. يطرح ترامب رؤية مختلفة لدور الولايات المتحدة. فتشديده على حماية أوروبا فقط إذا أنفقت المزيد على دفاعها يجعل وضع الولايات المتحدة داخل الناتو مرتكزا على المعاملات. وقد يبدو التزام واشنطن تجاه تعهدات المادة الخامسة فـي معاهدة الناتو مشكوكا فـيه سواء لأولئك الذين تحميهم تلك المادة أو من قُصِدَ بها أن تشكل رادعا لهم. (تنص المادة المذكورة على أن أي هجوم مسلح ضد أية دولة عضو فـي الناتو يعتبر هجوما على كل الأعضاء وعليهم مساعدتها على الدفاع عن نفسها ولو باستخدام القوة المسلحة- المترجم.)

كوريا الشمالية واليابان لديهما بدورهما سبب للشك فـي سلامة المظلة الدفاعية الأمريكية التي تحميهما. وقد تتجهان إلى تعزيز دفاعاتهما.

سيكون التنبؤ بمواقف السياسة الخارجية الأمريكية أكثر صعوبة. فكثيرا ما كان تطبيق خطط ترامب فـي فترته الرئاسية الأولى فوضويا ومفتقرا إلى الكفاءة.

لكن مقاربة ترامب قد تنطوي على ميزة غير مقصودة تتمثل فـي الحيلولة دون تشكل كتلتين عالميتين بدا أن كلًا منهما تعارض الأخرى بشكل واضح.

ترامب متلهف للحديث إلى القادة الذين يصطفون حاليا ضد المصلحة «الغربية» بما فـي ذلك روسيا. لكن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين يشعرون بالقلق من أنه بذلك قد يضحي بالقيم الغربية ويعجِّل بظهور نظام عالمي جديد يقوم على أساس المعاملات وليس المبادئ.

برونوين مادوكس الرئيسة التنفيذية ومديرة المعهد الملكي للشؤون الدولية (شاتام هاوس)

الترجمة خاصة لـ عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فوز ترامب

إقرأ أيضاً:

أمريكا بين الغضب والانقسام| احتجاجات واسعة ضد إدارة ترامب ومخاوف من الانفصال

تمر الولايات المتحدة الأمريكية بفترة من التوتر الداخلي غير المسبوق، يعكس حجم التحديات التي تواجه البنية الفيدرالية للنظام السياسي الأمريكي، ومع تصاعد الاحتجاجات في عدد من الولايات الكبرى، بدأت تلوح في الأفق سيناريوهات كانت حتى وقت قريب تعد مستبعدة، كفكرة الانفصال أو تفكك الاتحاد. 

وهذا الواقع الجديد يعكس حجم الانقسام السياسي والاجتماعي، ويعيد إلى الأذهان ملامح الأزمات الكبرى التي مرت بها البلاد في مراحل حرجة من تاريخها، وأخطرها الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر.

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن  الوضع الداخلي في الولايات المتحدة بات ينذر بخطر حقيقي، في ظل تصاعد الاحتجاجات في ولايات رئيسية مثل كاليفورنيا ولوس أنجلوس، احتجاجا على سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأضاف أن هذه التحركات، وإن لم تصل بعد إلى المطالبة الصريحة بالانفصال، فإن مجرد طرح مثل هذه السيناريوهات يعكس حجم التصدع في النسيج الوطني الأمريكي.

وأضاف الرقب لـ "صدى البلد"،  أن الولايات المتحدة لم تشهد منذ الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر تهديدا بهذا الوضوح لوحدة الاتحاد الفيدرالي. ورغم أن البلاد عرفت سابقا احتجاجات عنيفة، فإن ما يميز الوضع الراهن هو طول أمد هذه التحركات، وحدتها، والبعد العرقي والتمييز العنصري الذي يغلفها، خاصة مع سياسات إدارة ترامب تجاه الأقليات، وعلى رأسهم ذوو الأصول اللاتينية والمكسيكية.

وأشار الرقب، إلى أن لجوء الحكومة إلى نشر قوات "المارينز" والقوات الفيدرالية في عدد من الولايات مؤخرا يعد مؤشرا واضحا على خشية الإدارة من انفجار الأوضاع، ويتزايد هذا القلق مع اقتراب مناسبة "يوم الجيش الأمريكي"، والتي قد تكون محفزا لمزيد من التصعيد، وربما مواجهات مباشرة بين المحتجين وقوات الأمن.

وأوضح الرقب، أن هذه الاضطرابات الداخلية تتزامن مع تطورات إقليمية خطيرة في الشرق الأوسط، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي على طهران، وما تبعه من ارتفاع مباشر في أسعار الذهب والنفط، وأشار إلى أن استهداف ممرات استراتيجية كمضيق هرمز وباب المندب قد يساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية العالمية، إذا استمرت وتيرة التصعيد العسكري.

وأكد الرقب، أن الولايات المتحدة تعيش لحظة فارقة من تاريخها الحديث، يتزايد فيها التوتر العرقي والمناطقي، وتعود فيها فكرة الانفصال لتطرح مجددا على الطاولة، وأضاف أن إدارة ترامب، بسياساتها المثيرة للجدل وافتقارها للحكمة في التعامل مع القضايا الحساسة، لعبت دورا رئيسيا في تعميق هذه الانقسامات.

محلل سياسي: الولايات المتحدة تتعامل بوجهينمندوب إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم بعد ضرب إيران

جدير بالذكر، أنه في عالم لا يزال يعاني من اضطرابات سياسية وتوترات عسكرية، تبقى الأسلحة النووية العامل الأشد حساسية في معادلات الردع والتهديد. ومع أن معاهدة عدم الانتشار النووي تهدف إلى الحد من انتشار هذه الأسلحة، فإن الواقع يفرض وجود تسع دول تمتلك قدرات نووية متفاوتة، بعضها معلن والبعض الآخر يحاط بالغموض، فما هي هذه الدول؟ ومن منها يملك السلاح الأقوى؟ وكيف يتوزع التهديد النووي حول العالم؟

القوى النووية الخمس الكلاسيكية

الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، والمملكة المتحدة، تعرف بالدول الخمس "الأصلية" المالكة للسلاح النووي. وقد كانت هذه الدول أول من امتلك القنبلة النووية، وهي جميعها موقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).

تنص هذه المعاهدة على التزام الدول غير النووية بعدم السعي لتطوير أو الحصول على سلاح نووي، مقابل التزام الدول النووية بالتفاوض بنية حسنة لنزع السلاح تدريجيا، ومع ذلك، تظهر الأرقام أن الترسانات النووية لا تزال قائمة، بل تشهد أحيانا تحديثا مستمرا.

ديانج: نُقدّر جماهيرنا الوفية ونعلم أن السفر من القاهرة إلى الولايات المتحدة لم يكن سهلاإيران: الولايات المتحدة خانت الجهود الدبلوماسية والتاريخ لن يغفر أفعالها طباعة شارك أمريكا الرئيس الأمريكي ترامب الولايات المتحدة لوس أنجلوس

مقالات مشابهة

  • عشرات الشهداء بسبب القصف الإسرائيلي بغزة .. وجوتيريش: عمليات الإغاثة التي تدعمها أمريكا غير آمنة
  • ماذا نعرف عن هاتف ترامب؟ ولماذا سُحبت منه إشارة "صُنع في أمريكا"؟
  • الكرملين: ينبغي تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية
  • واشنطن تراقب تهديدات إيرانية.. ماذا يجري داخل الولايات المتحدة؟
  • أمريكا ستنقذه.. ترامب مدافعًا عن نتنياهو وسط محاكمته بتهمة الفساد
  • ترامب يبلغ نتنياهو: الولايات المتحدة انتهت من استخدام القوة العسكرية ضد إيران
  • أمريكا: الحرارة الشديدة تؤثر على اللاعبين في مونديال الأندية
  • عبد المنعم سعيد: الولايات المتحدة في عهد ترامب تسعى لرسم ملامح نظام دولي جديد
  • النشطاء: على أوروبا أن تضمن أمنها بنفسها بعيدا عن الولايات المتحدة
  • أمريكا بين الغضب والانقسام| احتجاجات واسعة ضد إدارة ترامب ومخاوف من الانفصال