لجريدة عمان:
2025-08-12@11:31:38 GMT

أريج الميمنية والحواف المُسننة !

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

ثمّة ما جذبني لمشاهدة حلقة «جلسة كرك» على اليوتيوب، والتي استمرّت لمدّة ساعتين ونصف، وإن كان موضوع «جريمة القتل» هو السبب الذي قد يتبدى ظاهريًا إلا أنّ الشجاعة والقدرة على المسامحة هما الأمران اللافتان اللذان تمكنت الضيفة: أريج عبدالغفور الميمنية من تأكيدهما بشيء من الرهافة والصلابة فـي آن.

فـي الحقيقة عدتُ لمتابعة الحلقة لمرّة ثانية، كمن يرغب فـي استجلاء أمر ما، فلم أكن راغبة فـي الكتابة وأنا تحت تأثير التعاطف المحض، فمن المؤكد أنّ قصّة بالغة التعقيد كهذه يمكن أن تُروى بأكثر من وجهة نظر واحدة، يغدو فـيها الأبطال أشرارًا أو نقيض ذلك تماما.

. ولذا لستُ فـي سياق التحدث عن الجريمة ولا ملابساتها، وإنّما حول أولئك الذين تبقى حياتهم مُعلقة فـي الماضي الكئيب دون تجاوز، يحملون وزرًا لا يخصهم، ويفقدون كل السبل التي تخولهم فرصة امتلاك حياة طبيعية.

فعندما نُصغي للأبناء الذين يعيشون فـي جلابيب ما اقترفه الآباء من خطايا، يتبادر إلى أذهاننا السؤال حول احتمال أن ينشأوا مُحملين بالعقد، أو بوصمة العار، فما بالك بأولئك الذين يفقدون «الأب» بالقتل العمد وبتواطؤ مُدبّر من الأمّ؟ دائما ما نتوقع استحالة أن يقف هؤلاء الأبناء على أرض صلبة وثابتة!

«أريج» البنت المُدللة، لم تكن تُواجه خسارة والدها وحسب، كانت تُواجه غياب الأمّ «التي أجّلت البكاء ريثما ترتمي فـي حضنها»، تواجه سبابة المجتمع التي تُشير إلى أنّها ليست أكثر من ابنة المُجرمة القاتلة!

تمكنت «أريج» فـي تلك الاستضافة الاستثنائية من أن تقبض علينا، وهي تُعري القصّة الغامضة طبقة طبقة. جعلتنا جزءا من التجربة، جعلت كل واحد منا فـي مكانها لبرهة، أرتنا جانبًا من وجه المجتمع المتوحش فـي أحكامه المريضة تجاه البيوت التي تقوضها الجريمة.. لقد تمتعت بذخيرة مُدهشة من القصص، فأعادت ترتيب الحدث على نحو مُغاير. أعادت خلق الحياة التي عاشتها بوداعة بين والديها، ثمّ ألقت بنا فـي قبضة عالم متوحش بالأطماع، انقسم فـيه الأقرباء بين من تحرضهم الرأفة أو النوازع الشيطانية!

هكذا أُصيبت أريج فـي الصميم وهي لا تزال على مقاعد الدرس. لقد لعبنا معها لعبة المراقب، نُراقب حياة المُعذب من مسافة قريبة، ولا أدري حقا كيف نمّت أجنحتها وقاومت يأسها الذي يُخفـي فـي طياته انعدام جدوى أي شيء بعد فقدها العظيم!

لقد بات لأريج «ابنة» ستحمل هي الأخرى جزءا من تاريخ هذه العائلة، فمعتقدات المجتمع الخاطئة وتناسلها المُرعب هو لبّ المشكلة التي لا تجعل الأغصان الجديدة تنمو ناحية سماء حرّة.

من يدري ربما الأمومة العميقة هي التي كسرت القيد الذي استمرّ لمدة ١٨ عاما، فواجهت «أريج» العالم بوجهها وصوتها وحجتها. وضعت كل كلمة فـي مكانها بشفافـية مُذهلة دون أن تُسيء إلى والدها ولا حتى إلى أمّها، وكأنّ تلك المجابهة التي خاضتها هي ردع لكل من تسول له نفسه قمع حياتها وحياة أختها وابنتها التي تنمو على مهل. مجابهة الشك فـي أنّهن لن يغدون أكثر من نسخ مُطابقة لصورة الأمّ المشوهة!

لقد أعادتني هذه المحاورة إلى جملة سقراط المُهمة: «الحياة التي لا نتفحصها جيدا، غير صالحة للعيش»، فهنالك بالتأكيد من وقف على حواف مُسننة كهذه، فلم يتعلم منها شيئًا.. ربما دمر نفسه وتآكل وتحلل من الداخل، ربما صيرته سلطة المجتمعات إلى شيء بالغ الهشاشة والضعف، وكسرته أول ريح عبرت، قد يُدمن المخدرات ورفقاء السوء، وقد يشعر البعض برغبة نهائية فـي إفناء الذات.. لكن «أريج» كانت تحفرُ بيديها المرفّهتين حكاية مُغايرة، لقد أنبتت دروع حمايتها، عقلنة مخاوفها ومضت تشقُّ درب تعليمها وعملها دون هوادة.. حتى أنّ قرار مسامحة الأمّ -اتفقنا أو اختلفنا- من المؤكد أنّه لم يأتِ إلا من طريق الشقاء الوعر الذي خاضته، وأدركت حساسيته من تجربتها الفردية.

وكما يبدو فقد نجت «أريج» بفضل البصيرة التي تشع من أعماقها، وربما بفضل النصائح الثلاث التي تركها لها والدها قبل أن يُقتل بثلاثة أيام، هكذا نتأكد بأنّ والدها عبدالغفور، لم يكن يصنعُ الذهب الذي حرّك الأطماع وحسب، فقد صنع أيضا معدن ابنته وجوهرها الأصيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

مراوغة حوثية في قضية اختطاف ابنة ردمان وتحركات لفرض التنازل عن دم والدها

كشفت مصادر قبلية عن تطورات جديدة في قضية اختطاف مليشيا الحوثي لابنة الشيخ القتيل (حميد منصور ردمان) من أرحب، والمتهم بقتله القيادي الحوثي (أبوعذر فليتة)، مؤكدة أن المليشيا لجأت إلى إعلان شكلي بتحرير المختطفة لتهدئة الغضب القبلي واحتواء التصعيد.

وأوضحت المصادر أن الحوثيين سلموا المختطفة فعلياً إلى أحد قادتهم في أرحب ويدعى (نبيه أبو نشطان)، حيث تخضع للإقامة الجبرية مع منع أسرتها من زيارتها أو التواصل معها، في خطوة وصفت بأنها التفاف على المطالب القبلية وتكريس لسياسة المراوغة.

وأفادت المصادر، بأن المليشيا اشترطت على أبو نشطان إعادة المختطفة إليهم في حال لم يتم التنازل عن دم القتيل، مشيراً إلى تدخل مباشر من القيادي الحوثي (أبو علي الحاكم) لفرض التنازل على أولياء الدم.

وأوضحت أن المليشيا تروج رواية مفادها أن القاتل ارتكب الجريمة "دفاعاً عن النفس"، في محاولة للتأثير على مسار القضية إذا وصلت إلى القضاء.

وأضافت أن (أبو علي الحاكم) عقد اجتماعاً مع عدد من مشايخ أرحب، بينهم الموالي للحوثيين (فارس الحباري)، لاحتواء الغضب الشعبي وتخفيف حدة الموقف القبلي.

ولفتت المصادر إلى أن قبائل أرحب ما تزال ترفض حتى الآن أي شكل من أشكال التحكيم أو التنازل، متمسكة بموقفها في مواجهة ما تعتبره انتهاكاً صارخاً للأعراف والقيم.

وتأتي هذه التطورات بعد أن نصبت قبائل أرحب، الثلاثاء الماضي، خيام اعتصام مفتوح أمام مبنى محافظة عمران، احتجاجاً على جريمة الاختطاف التي نفذتها المليشيا بحق ابنة القتيل، في خطوة وصفتها الأوساط القبلية بأنها ابتزاز سافر لفرض التنازل عن دم أبيها بالقوة.

وكانت المليشيا قد وعدت –عبر أمين عام المجلس المحلي بالمحافظة (صالح المخلوس)– بإطلاق سراح المختطفة، غير أن هذه الوعود لم تنفذ حتى اللحظة.

مقالات مشابهة

  • تغيرات مرحلة النفاس «٢»
  • رانيا محمود ياسين عن والدها الراحل: أفتقده كثيرا
  • إيدا إجه تعود إلى الشاشة بمسلسل الأم الجيل الجديد
  • تناول الفلفل الحار مفيد للنساء الحوامل
  • سلاحُ المقاومةِ.. بينَ بقاءِ الأمّةِ وفنائِها
  • مراوغة حوثية في قضية اختطاف ابنة ردمان وتحركات لفرض التنازل عن دم والدها
  • جانا عمرو دياب تلفت الأنظار بصورتها مع والدها وشقيقتها كنزي
  • هل من حق البنت منع والدها من الزواج بأخرى بعد وفاة أمها؟.. دينا أبو الخير تجيب
  • رفض والدها طلبها فتخلصت من حياتها .. اعرف السبب
  • شيرين تكشف سر تغيير اسمها من أشجان: عوقبت 3 ساعات بسبب معناه