لجريدة عمان:
2025-12-13@20:45:32 GMT

أريج الميمنية والحواف المُسننة !

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

ثمّة ما جذبني لمشاهدة حلقة «جلسة كرك» على اليوتيوب، والتي استمرّت لمدّة ساعتين ونصف، وإن كان موضوع «جريمة القتل» هو السبب الذي قد يتبدى ظاهريًا إلا أنّ الشجاعة والقدرة على المسامحة هما الأمران اللافتان اللذان تمكنت الضيفة: أريج عبدالغفور الميمنية من تأكيدهما بشيء من الرهافة والصلابة فـي آن.

فـي الحقيقة عدتُ لمتابعة الحلقة لمرّة ثانية، كمن يرغب فـي استجلاء أمر ما، فلم أكن راغبة فـي الكتابة وأنا تحت تأثير التعاطف المحض، فمن المؤكد أنّ قصّة بالغة التعقيد كهذه يمكن أن تُروى بأكثر من وجهة نظر واحدة، يغدو فـيها الأبطال أشرارًا أو نقيض ذلك تماما.

. ولذا لستُ فـي سياق التحدث عن الجريمة ولا ملابساتها، وإنّما حول أولئك الذين تبقى حياتهم مُعلقة فـي الماضي الكئيب دون تجاوز، يحملون وزرًا لا يخصهم، ويفقدون كل السبل التي تخولهم فرصة امتلاك حياة طبيعية.

فعندما نُصغي للأبناء الذين يعيشون فـي جلابيب ما اقترفه الآباء من خطايا، يتبادر إلى أذهاننا السؤال حول احتمال أن ينشأوا مُحملين بالعقد، أو بوصمة العار، فما بالك بأولئك الذين يفقدون «الأب» بالقتل العمد وبتواطؤ مُدبّر من الأمّ؟ دائما ما نتوقع استحالة أن يقف هؤلاء الأبناء على أرض صلبة وثابتة!

«أريج» البنت المُدللة، لم تكن تُواجه خسارة والدها وحسب، كانت تُواجه غياب الأمّ «التي أجّلت البكاء ريثما ترتمي فـي حضنها»، تواجه سبابة المجتمع التي تُشير إلى أنّها ليست أكثر من ابنة المُجرمة القاتلة!

تمكنت «أريج» فـي تلك الاستضافة الاستثنائية من أن تقبض علينا، وهي تُعري القصّة الغامضة طبقة طبقة. جعلتنا جزءا من التجربة، جعلت كل واحد منا فـي مكانها لبرهة، أرتنا جانبًا من وجه المجتمع المتوحش فـي أحكامه المريضة تجاه البيوت التي تقوضها الجريمة.. لقد تمتعت بذخيرة مُدهشة من القصص، فأعادت ترتيب الحدث على نحو مُغاير. أعادت خلق الحياة التي عاشتها بوداعة بين والديها، ثمّ ألقت بنا فـي قبضة عالم متوحش بالأطماع، انقسم فـيه الأقرباء بين من تحرضهم الرأفة أو النوازع الشيطانية!

هكذا أُصيبت أريج فـي الصميم وهي لا تزال على مقاعد الدرس. لقد لعبنا معها لعبة المراقب، نُراقب حياة المُعذب من مسافة قريبة، ولا أدري حقا كيف نمّت أجنحتها وقاومت يأسها الذي يُخفـي فـي طياته انعدام جدوى أي شيء بعد فقدها العظيم!

لقد بات لأريج «ابنة» ستحمل هي الأخرى جزءا من تاريخ هذه العائلة، فمعتقدات المجتمع الخاطئة وتناسلها المُرعب هو لبّ المشكلة التي لا تجعل الأغصان الجديدة تنمو ناحية سماء حرّة.

من يدري ربما الأمومة العميقة هي التي كسرت القيد الذي استمرّ لمدة ١٨ عاما، فواجهت «أريج» العالم بوجهها وصوتها وحجتها. وضعت كل كلمة فـي مكانها بشفافـية مُذهلة دون أن تُسيء إلى والدها ولا حتى إلى أمّها، وكأنّ تلك المجابهة التي خاضتها هي ردع لكل من تسول له نفسه قمع حياتها وحياة أختها وابنتها التي تنمو على مهل. مجابهة الشك فـي أنّهن لن يغدون أكثر من نسخ مُطابقة لصورة الأمّ المشوهة!

لقد أعادتني هذه المحاورة إلى جملة سقراط المُهمة: «الحياة التي لا نتفحصها جيدا، غير صالحة للعيش»، فهنالك بالتأكيد من وقف على حواف مُسننة كهذه، فلم يتعلم منها شيئًا.. ربما دمر نفسه وتآكل وتحلل من الداخل، ربما صيرته سلطة المجتمعات إلى شيء بالغ الهشاشة والضعف، وكسرته أول ريح عبرت، قد يُدمن المخدرات ورفقاء السوء، وقد يشعر البعض برغبة نهائية فـي إفناء الذات.. لكن «أريج» كانت تحفرُ بيديها المرفّهتين حكاية مُغايرة، لقد أنبتت دروع حمايتها، عقلنة مخاوفها ومضت تشقُّ درب تعليمها وعملها دون هوادة.. حتى أنّ قرار مسامحة الأمّ -اتفقنا أو اختلفنا- من المؤكد أنّه لم يأتِ إلا من طريق الشقاء الوعر الذي خاضته، وأدركت حساسيته من تجربتها الفردية.

وكما يبدو فقد نجت «أريج» بفضل البصيرة التي تشع من أعماقها، وربما بفضل النصائح الثلاث التي تركها لها والدها قبل أن يُقتل بثلاثة أيام، هكذا نتأكد بأنّ والدها عبدالغفور، لم يكن يصنعُ الذهب الذي حرّك الأطماع وحسب، فقد صنع أيضا معدن ابنته وجوهرها الأصيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

وزير الإسكان: نحرص على تحقيق التكامل بين المدن الجديدة والمحافظة الأم

استقبل المهندس شريف الشربيني، وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، مساء اليوم، الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، لبحث ملفات العمل المشتركة، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الجديدة بحضور مسئولي الوزارة والمحافظة.

وفي مستهل الاجتماع أكد المهندس شريف الشربيني، حرص وزارة الإسكان على وتحقيق التكامل بين المدن الجديدة والمحافظة الأم، من خلال تقديم كل الدعم لكل المشروعات التي يتم تنفيذها على أرض محافظة قنا، وذلك في إطار الرؤية الاستراتيجية للدولة نحو تحقيق التنمية بصعيد مصر.

من جانبه، أعرب الدكتور خالد عبد الحليم، عن شكره للمهندس شريف الشربيني، وسعادته بهذا اللقاء، مثمناً التعاون بين الوزارة والمحافظة بكافة الملفات خاصة منظومة مياه الشرب والصرف الصحي، مشيراً إلى الجهود المبذولة في هذا الاطار والتعامل مع المناطق الساخنة.

 وتناول اللقاء عرضاً لأهم ما يميز محافظه قنا وعدداً من الفرص الواعدة بالمحافظة التي تسهم في دعم الاقتصاد، حيث تمتلك المحافظة مقومات صناعية وسياحية وزراعية بجانب عرض الرؤية التنموية بالمحافظة، والرؤية العمرانية والتي تمثل رؤية استراتيجية بكافة القطاعات العمرانية، تتضمن تنمية العمرانية متوازنة بالمراكز والمدن الجديدة للمحافظة.

وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مارينا ومدينة العلمين الجديدةنائب وزير الاسكان يتابع اجراءات تطوير أداء الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي

 مشروع قنا الكبرى

كما تم استعراض مقترح مشروع قنا الكبرى، حيث تم استعراض المخطط المقترح ودراسة تكامل المرافق والبنية الأساسية والطرق، بجانب مناقشة التعاون المشترك ودعم وزارة الإسكان في الوصول إلى إطار متكامل وواضح للتخطيط الاستراتيجي لتكتل قنا الكبرى كقطب تنموي إقليمي جاذب للاستثمارات الخضراء، وتعظيم وتنمية الموارد الذاتية للمحافظة، وغيرها من الملفات المستهدفة ضمن رؤية المحافظة للتنمية العمرانية. 

كما ناقش الوزير والمحافظ مقترحا لتنمية قرى الظهير الصحراوي، و في هذا الصدد وجه المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان، بتشكيل فريق عمل لدراسة جوانب المشروع ليكون هناك دراسة وافية له تتضمن الرؤية الاقتصادية ونوعية العمران المستهدف في هذه القرى، كما تم استعراض خطة تكامل البنية الأساسية من مياه شرب وصرف صحي ضمن مشروعات شركة مياه الشرب والصرف الصحي بقنا والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي. كما تم استعراض الموقف التنفيذي لمشروعات المبادرات الرئاسية "حياة كريمة"، ومشروعات الصيانة ورفع كفاءة محطات مياه الشرب والصرف الصحي.

وفي ختام الاجتماع، وجه وزير الإسكان بتوفير كافة أوجه الدعم بكافة ملفات عمل وزارة الإسكان بمحافظة قنا والتعاون المشترك فيما يخص رؤية المحافظة للتنمية العمرانية، بجانب توفير كافة أوجه الدعم لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي لتقديم خدمة بأعلى جودة للمواطنين.

طباعة شارك وزير الإسكان محافظ قنا وزارة الإسكان منظومة مياه الشرب مشروع قنا الكبرى

مقالات مشابهة

  • ابنة نجيب محفوظ تتحدث عن أعمال والدها في ذكرى ميلاده
  • سؤال: هل اللَّغة الصينية حاجة لنا أم رفاهية؟
  • فى ذكرى وفاتها.. من هي بهيجة حافظ التي خطفت البطولة من أمينة رزق؟
  • الإفتاء تحسم الجدل حول هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟
  • المطربة أنغام البحيري تكشف أسرار بداياتها الفنية: بدأت في عمر 9 سنوات
  • المطربة أنغام البحيري تكشف كيف شكّل والدها موهبتها منذ الصغر
  • التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة حول جريمة المنوفية بحق عروس وطفلها
  • متى يسقط القانون حضانة الأم؟.. وهل تؤثر الأحكام الجنائية على صلاحيتها؟
  • وزير الإسكان: نحرص على تحقيق التكامل بين المدن الجديدة والمحافظة الأم
  • رانيا فريد شوقي عن والدها: كنت حاسة بالأمان علشان في حضن أبويا