الوطن:
2025-05-30@10:43:16 GMT

سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (2)

تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT

سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (2)

تعددت أشكال الحروب الثقافية؛ المسألة أكثر تعقيداً من جمع تفاصيلها فى مجرد مقال أو حتى عشرات المقالات، لكن نستطيع أن نعرج على بعض التفاصيل التى تكشف حقيقة تلك الحرب. وربما تصبح باباً لمن يريد أن يتعمق بشكل أكبر.

سبق أن تحدثنا، فى مقال الأسبوع الماضى، عن السينما وهوليوود. واليوم أردت أن أعود بالتاريخ إلى السبعينات، مع ظهور أشرطة الكاسيت، والتى كانت المتنفس الأهم فى العمل الدعوى لجماعات الإسلام السياسى مجتمعة، بعد أن استلهموا التجربة الإيرانية وانتشار أفكار ثورة الخومينى من خلال أشرطة الكاسيت.

وفى السبعينات بالتحديد عرف الإخوان أشرطة الكاسيت، لكن فى مقالى اليوم لن أتحدث عن المحاضرات والخطب الدينية وتداولها عبر تلك الأشرطة، فقد تناولها العديد من الباحثين والمهتمين برصد تاريخ الحركة الإسلامية، إنما سأتحدث عن النشيد الإسلامى وأثره فى نفوس الأطفال، ومع ظهور الكاسيت أصبح تداوله أمراً مهماً لنشر الأفكار الدعوية بعيداً عن منابر المساجد والأشكال التقليدية للدعوة!

الأناشيد الموجهة للأطفال من خلال تلك القنوات دشن لها فى سبعينات القرن الماضى شاب سورى يُدعى «رضوان خليل عنان»؛ كان ابن الخامسة عشرة فى حينها مغرماً بالأغنيات الوطنية التى يصدح بها المطربون العرب فى الإذاعات المختلفة، تأثر بالنغمة القومية التى أغنت الكلمات المغناة فى تلك المرحلة، فعمل على تلحين وغناء أناشيد إسلامية حديثة ممزوجة بروح الأغنية الوطنية واللحن الحماسى اختلفت عن شكل النشيد الدينى القديم، ليصبح ذلك الشاب الصغير فى أدبيات الجماعات الإسلامية رائداً لما اصطلح على تسميته بـ«النشيد الحركى»، أو «النشيد الإسلامى الحديث»، واشتهر على إثر ذلك بين أبناء الصحوة الإسلامية فى العالم باسم «أبومازن».

فى الثامنة عشرة من عمره كان أبومازن قد انتهى من تسجيل تسعة أشرطة تضمنت أناشيد حركية كتب أشعارها سيد قطب وأحمد حسن الباقورى وعبدالحكيم عابدين وإبراهيم عزت ومحمد إقبال.

ورغم أن النشيد الدينى معروف وموجود تاريخياً منذ عهد النبوة إلا أن رغبة جماعات الإسلام السياسى فى أسلمة تفاصيل الحياة على طريقتهم الخاصة دفعتهم لتدشين النشيد الإسلامى الحديث، المعتمد على الإنشاد الحماسى والكلمات الرسالية، والقائم على ألحان أشبه بنسق المارشات العسكرية والأناشيد الوطنية.

مع موجات الربيع العربى وانفتاح عالم الفضاء المرئى والمسموع أمام جماعات الإسلام السياسى انتشرت العديد من القنوات الموجهة للأطفال والتى تمتزج برامجها بمناهج التربية المعتمدة لتلك الجماعات، فبعد أن كانت المناهج التربوية للنشء داخل الجماعات الدينية مقتصرة على من يحضرون الأسر والتجمعات المغلقة أصبح من السهل إيصال محتوى أى جماعة عن طريق نشيد إسلامى أو فيلم كارتون أو برنامج دينى موجه للأطفال. وتخصصت قنوات أخرى فى النشيد الإسلامى الموجه للطفل؛ مع إدراكهم لقوة النشيد فى إيصال الرسائل المطلوبة بشكل أفضل وأسرع

رصد نشأة النشيد الحركى وتتبع تطوره تاريخياً وصولاً إلى انتشار قنوات الأطفال التى تنشر تلك الأناشيد داخل كل بيت، إلى جانب ذلك الأثر التى تركته فى نفوس أعضاء جماعات الإسلام السياسى، يطرح سؤالاً مهماً عن الأبواب الخلفية التى تنتهجها الجماعات لنشر أفكارها والوصول لأكبر قدر من معتنقى أفكارها، حتى وإن كانت مجرد قناة للأطفال تقدم أناشيد دينية لا تجد الأسر أى غضاضة فى أن يستمع لها أطفالهم، فهى فى عرف الأسر أولاً وأخيراً مجرد أناشيد إسلامية! يدندنها الأطفال، ولا ضير من بعض المرح واللعب، وفى النهاية هم لا يزالون أطفالاً، وللأسف تلك النظرة هى الأخطر فى التعامل مع الحروب الثقافية، فالطفولة هى البذرة الأولى والأهم فى تشكل ثقافتنا!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحرب الثقافية الخطب الدينية المحاضرات تاريخ الحركة الإسلامية

إقرأ أيضاً:

100 كاتب إماراتي يوقعون إصداراتهم في «العويس الثقافية»

دبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة تراثنا هويتنا «عنتر وعبلة».. قريباً في أبوظبي

وسط حضور ثقافي مميّز، احتضنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية مساء يوم الثلاثاء 27 مايو الجاري، حفلاً كبيراً لتوقيع الكتب الإماراتية الصادرة حديثاً (2024 و2025)، والتي فاقت الـ100 كتاب وفّرتها المؤسسة مجاناً بهذه المناسبة الاستثنائية في الحياة الثقافية الإماراتية، حيث غصت قاعة المعارض الكبرى في المؤسسة بالمئات من الأدباء والكتاب والمثقفين الإماراتيين، الذين توافدوا إلى مقر المؤسسة في طقس ثقافي اجتماعي تحفّه البهجة والسعادة. 
حضر حفل التوقيع عبد الحميد أحمد، الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، والدكتورة فاطمة الصايغ وناصر الظاهري وعبدالله العويس أعضاء مجلس أمناء المؤسسة، كما حضرها حشد كبير من الكتاب والشخصيات العامة والكتاب العرب والإعلاميين وأصدقاء المؤسسة الذين عبّروا عن سعادتهم بتظاهرة ثقافية فريدة كهذه جمعت هذا العدد الكبير من الأدباء الإماراتيين.
وقد وقّع عدد كبير من الكتاب كتبهم الجديدة في مقدمتهم محمد سعيد الضنحاني وظاعن شاهين وعلي عبيد الهاملي ومحمد الجوكر وكريم معتوق وعائشة سلطان وعلي العبدان وناصر الظاهري وشيخة الجابري وخالد البدور ونجوم الغانم وباسمة يونس وأسماء الزرعوني ومحمد الحبسي وإيمان يوسف وصالحة عبيد وسعاد راشد المرزوقي وفهد المعمري وعبيد بوملحة وسعاد زايد المرزوقي وغيرهم من كبار الأدباء أصحاب الطيف الفكري الواسع إماراتياً.
يذكر أن مؤسسة العويس اختارت أن تنظم هذه الاحتفالية توافقاً مع مرور 100 عام على ولادة الشاعر سلطان العويس، واحتفالاً بيوم الكاتب الإماراتي الذي يوافق 26 مايو من كل عام، حيث وجهت الدعوة إلى 100 كاتب إماراتي من أجيال مختلفة لتوقيع إصداراتهم، حيث تعرف الأدباء المخضرمون إلى الأدباء الشباب وعاشوا معاً جواً من التثاقف وتبادل الأفكار والآراء.
وقال عبد الحميد أحمد، الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية: «مبادرة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية في دعوة كُتاب الإمارات إلى هذا الحدث تقديراً تأتي احتراماً لكل مبدع قدم نتاجاً ثقافياً للمكتبة، وعزّز من حضور الشخصية الإماراتية في المحافل الثقافية داخل وخارج الدولة».
وأضاف الأمين العام: «إن دعوة مائة كاتب من أجيال مختلفة بمناسبة مرور مائة عام على ولادة سلطان العويس جاءت تزامناً مع احتفالات المؤسسة بهذه المناسبة الكبيرة، حيث يُعد سلطان العويس أحد أبرز الشخصيات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية محلياً وعربياً».

مقالات مشابهة

  • الترهوني: وقف إطلاق النار في طرابلس هش والمليشيات تواصل التحشيد
  • د.حماد عبدالله يكتب: "العشوائيات وتأثيرها السلبى على السلوك "!!
  • باحث بالشأن الثقافي العراقي: حرية المثقفين موجودة في العراق ولكن دون تجاوز الخطوط الحمراء
  • استعدادا لافتتاح المتحف الكبير.. لجنة للتفتيش الأمني تتفقد تجهيزات مطار سفنكس |صور
  • راشد عبد الرحيم يكتب: الحرب والحب والكوليرا
  • 100 كاتب إماراتي يوقعون إصداراتهم في «العويس الثقافية»
  • سامح اللبودي يفوز بجائزة دبي للصحافة العربية
  • فوز الدكتور سامح اللبودي الأستاذ بلغات الأزهر بجائزة دبي للصحافة العربية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: عودة مهندس ازاحة البشير
  • محمد محمود يكتب: التصدعات بين الفيفا واليويفا.. تحركات إينفانتينو الـدبلوماسية وأولويات مثيرة للجدل