منذ السابع من أكتوبر 2023، ومع تصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية، كثّفت مصر جهودها الدبلوماسية والسياسية لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وتجلّت هذه الجهود من خلال سلسلة من المبادرات والقمم التي استضافتها القاهرة، مؤكدةً دورها المحوري في دعم القضية الفلسطينية.

قمة القاهرة للسلام 2023

وفي 21 أكتوبر 2023، استضافت مصر "قمة القاهرة للسلام"، بمشاركة دولية واسعة، بهدف مناقشة خفض التصعيد في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية. وسلّطت القمة الضوء على الجرائم المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين والأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع. كما وضعت خارطة طريق لتحقيق السلام، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن للمساعدات الإنسانية، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، وصولًا إلى مفاوضات لإحياء عملية السلام، بهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

فتح معبر رفح وتقديم المساعدات الإنسانية

وبالتزامن مع عقد القمة، فتحت مصر معبر رفح البري لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى قطاع غزة، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية هناك. جاء ذلك تأكيدًا على التزام مصر بدعم الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته.

مواقف مصر الثابتة

وأكدت مصر مرارًا على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، وإيمانها بالسلام كخيار استراتيجي لا حياد عنه، حتى تتحقق رؤية حل الدولتين، حيث تعيش الدولة الفلسطينية المستقلة جنبًا إلى جنب مع إسرائيل بسلام.

لم شمل الفصائل الفلسطينية

وفي ظل التصعيد الكبير الذي يشهده قطاع غزة، أخذت مصر على عاتقها دور الوسيط الفاعل في محاولة لاحتواء الأزمة وإعادة الاستقرار إلى المنطقة. ومن خلال جهود دبلوماسية مكثفة، أعلنت مصر عن أول مبادرة شاملة تهدف إلى تحقيق هدنة إنسانية وتهيئة الظروف لحل مستدام يضمن حقوق الشعب الفلسطيني.

بنود المبادرة المصرية:

وقف إطلاق النار فورًا: تدعو المبادرة إلى التهدئة ووقف جميع العمليات العسكرية من الجانبين.إدخال المساعدات الإنسانية: فتح الممرات الآمنة لإيصال الإمدادات الضرورية إلى السكان في قطاع غزة.بدء مفاوضات شاملة: استضافة الأطراف الفلسطينية على طاولة حوار لتحقيق المصالحة الوطنية، بما يعزز وحدة الصف الفلسطيني.إحياء عملية السلام: الدفع باتجاه مفاوضات دولية لتحقيق حل الدولتين، استنادًا إلى حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وضمن هذه المبادرة، تعمل مصر على تهيئة الأجواء لإنهاء الانقسام الفلسطيني، من خلال تقريب وجهات النظر بين الفصائل المختلفة. وتعد هذه الخطوة جزءًا من رؤية أوسع تسعى إلى تعزيز الموقف الفلسطيني في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

ولقيت المبادرة المصرية ترحيبًا واسعًا من عدة أطراف دولية وإقليمية، الذين أثنوا على دور مصر الريادي في تهدئة الأوضاع ودفع جهود السلام.

ومن خلال هذه الخطوة، تؤكد مصر التزامها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية، وسعيها لتحقيق الاستقرار في المنطقة، بما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني وينهي معاناته المستمرة.

مشاركة الرئيس السيسي في القمة العربية الإسلامية

وفي إطار هذه الجهود، شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية، حيث أكد على ضرورة وقف الحرب والسعي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وجاءت هذه المشاركة لتعزز الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية على المستويين الإقليمي والدولي.

ومن خلال هذه المبادرات والجهود، تواصل مصر دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، ساعيةً لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. 

الدكتور بهاء محمودتهدئة الصراع في غزة

وأكد الدكتور بهاء محمود الباحث في العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات، أن مصر لعبت دورًا محوريًا منذ اليوم الأول لحرب غزة، حيث مارست ضغوطًا كبيرة على الولايات المتحدة وإسرائيل بهدف وقف الحرب. كما بذلت جهودًا ملموسة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ورفضت الاستجابة لمطالب إسرائيل المتعلقة بالتنازل عن معبر رفح أو الشروط التي وضعتها لتحقيق هدنة.  

وأوضح محمود في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن مصر كانت الداعم الأول لتهدئة الصراع في غزة، حيث عملت بشكل حثيث على حماية القضية الفلسطينية ومنع انتهاء الوضع بما يتماشى مع المطالب الإسرائيلية. وشدد على أن الدور المصري كان أساسيًا في التوصل إلى هدنة تسهم في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.  

أردوغان: يجب عزل إسرائيل دوليا ما لم تنه عدوانها على غزة ولبنان البرلمان العربي: قمة الرياض مهمة لحشد جهود وقف العدوان على غزة ولبنان

وأشار إلى أن أن مصر كانت سبّاقة في إيصال المساعدات إلى غزة، كما تواصل جهودها التاريخية لتحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس. وأوضح أن هذه المصالحة تهدف إلى لمّ شمل الفلسطينيين وتعزيز موقفهم السياسي، ليس فقط في الحاضر، بل لضمان حماية القضية الفلسطينية في المستقبل. وبيّن أن نجاح مصر في هذا الإطار سيقلل من قدرة إسرائيل أو الولايات المتحدة على استخدام الخلافات الداخلية كورقة ضغط ضد الفلسطينيين.  

وبهذا الدور البارز، تواصل مصر تعزيز موقعها كوسيط رئيسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مسلطةً الضوء على أهمية المصالحة الداخلية ودعم الحقوق الفلسطينية، بما يضمن مستقبلًا أكثر استقرارًا للقضية الفلسطينية.  

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فلسطين مصر حدود عام 1967 قمة القاهرة للسلام معبر رفح لم شمل الفصائل الفلسطينية الفصائل الفلسطينية المساعدات الإنسانیة القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی قطاع غزة من خلال

إقرأ أيضاً:

قافلة "الصمود".. اختبار للمواقف الإقليمية وتحرك شعبي يعيد الزخم للقضية الفلسطينية(تقرير)

 

 

في مشهد يعكس عمق الارتباط الشعبي العربي بالقضية الفلسطينية، انطلقت قافلة "الصمود" من الأراضي التونسية، في تحرك رمزي وإنساني يهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وإعادة تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني داخل القطاع.

 

 القافلة التي تضم أكثر من ألف متضامن من مختلف الدول العربية والأوروبية، تقترب من محطتها الفاصلة عند البوابة المصرية، وسط ترقب وتباين في المواقف الرسمية، وضغط حقوقي وشعبي متصاعد.

 


تحرك رمزي بمضامين إنسانية عميقة

منذ انطلاقها من تونس، جسّدت قافلة "الصمود" نموذجًا للتضامن العابر للحدود، حيث التحق بها نشطاء ووفود شعبية من الجزائر وليبيا وموريتانيا، إلى جانب عدد من أبناء الجاليات العربية في أوروبا. القافلة تحمل مساعدات طبية وغذائية، لكنها قبل كل شيء، تحمل رسالة أخلاقية وإنسانية موجهة إلى العالم، مفادها أن الحصار على غزة لم يعد مقبولًا لا إنسانيًا ولا قانونيًا.

ويؤكد منظمو القافلة أن الهدف لا يقتصر على الجانب الإغاثي، بل يشمل بعث رسالة سياسية واضحة بأن الشعوب العربية، على اختلاف جغرافياتها، لا تزال متمسكة بحق الفلسطينيين في الحياة والكرامة، وترفض واقع الحصار والتجويع الذي بات سلاحًا بيد الاحتلال الإسرائيلي.

 


محطات القافلة وتحركها الحالي

حسب ما نقله مراسل قناة RT، فقد دخلت القافلة الأراضي الليبية خلال الأيام الماضية، ومرت عبر مدن الزاوية وطرابلس، متجهة نحو معبر أمساعد الحدودي مع مصر. وتفيد مصادر مطلعة بأن القافلة تخطط لعبور الحدود المصرية في الأيام القليلة المقبلة، على أمل أن تصل إلى معبر رفح قبل الخامس عشر من يونيو الجاري.

هذا المسار الذي اتخذته القافلة يعكس تنسيقًا عربيًا وشعبيًا واسعًا، لكنه يضع في المقابل السلطات المصرية أمام معادلة حساسة، تجمع بين البعد الأمني والاعتبارات الإنسانية والدبلوماسية.

 


مصر: ترحيب بالمواقف المؤيدة واشتراطات تنظيمية


من جانبها، شددت السلطات المصرية على ترحيبها بكل المبادرات الدولية والإقليمية الداعمة للحقوق الفلسطينية، مؤكدة استمرارها في العمل لوقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن غزة. غير أن القاهرة لم تُخفِ حذرها من مثل هذه التحركات غير المنسقة رسميًا، وأكدت ضرورة الالتزام بالإجراءات التنظيمية المعمول بها منذ اندلاع الحرب.

وتضمنت هذه الضوابط ضرورة تقديم طلبات الدخول إلى المناطق الحدودية من خلال السفارات المصرية بالخارج أو عبر ممثلي المنظمات الدولية لدى وزارة الخارجية المصرية، إلى جانب الحصول على التأشيرات والتصاريح الأمنية اللازمة. وأكدت مصر أنها لن تنظر في أي طلبات لا تتقيد بهذه الآليات، وذلك حفاظًا على سلامة المشاركين وحسن تنظيم الحركة داخل مناطق ذات حساسية ميدانية بالغة.

في الوقت ذاته، جددت القاهرة موقفها الداعم لصمود الفلسطينيين، ودعت المجتمع الدولي لتحمّل مسؤوليته والضغط على إسرائيل لفتح المعابر والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.

 


اختبار للمواقف الإقليمية والنبض الشعبي

تضع قافلة "الصمود" العواصم العربية أمام اختبار حقيقي، بين الشعارات الرسمية المعلنة والوقائع الميدانية، التي تتطلب مواقف جريئة وواضحة. فبينما تصطف الشعوب بقوة إلى جانب الحق الفلسطيني، يظل الموقف الرسمي في عدد من الدول العربية محكومًا باعتبارات أمنية وتحالفات إقليمية ودولية معقدة.

ويرى مراقبون أن تحرك القافلة لا يهدف إلى كسر الحصار فعليًا فحسب، بل يسعى أيضًا إلى كسر حاجز الصمت وإعادة الروح إلى العمل التضامني الشعبي، الذي ما دام كان رافدًا مهمًا للمقاومة السياسية والمعنوية للشعب الفلسطيني.

 

 

قافلة واحدة.. لكنها تمثل الملايين

مهما كانت نتائج هذا التحرك، فإن قافلة "الصمود" ترمز لإرادة شعوب لم تستسلم بعد، وتصرّ على مواصلة دعمها لفلسطين، رغم كل التحديات. هي قافلة واحدة، نعم، لكنها تمثل وجدان ملايين العرب والمسلمين والحقوقيين حول العالم، وتُعيد إلى المشهد الإقليمي مشهدًا طال انتظاره: مشهد التضامن الحي، البعيد عن البيانات، والمُتجسّد في الأفعال.

ومع اقتراب الخامس عشر من يونيو، ستتوجه الأنظار إلى معبر رفح، بانتظار قرار قد يُحدث فرقًا، ليس فقط في حياة المحاصرين في غزة، بل في مستقبل العلاقات بين الشعوب وحكوماتها، في سياق لم يعد يحتمل التردد أو الغموض.

مقالات مشابهة

  • عضو بالشيوخ: بيان الخارجية يؤكد ثوابت الدولة المصرية الداعمة للقضية الفلسطينية
  • الرِّوائي الجزائري واسيني الأعرج: لا أفكر في جائزة نوبل لأنني مناصر للقضية الفلسطينية
  • «برلمانية»: لا يمكن المزايدة على موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية.. وحقها الحفاظ على أمنها القومي
  • مصر والقضية الفلسطينية| دور ريادي ومواقف ثابتة لدعم الحقوق الفلسطينية.. وخبير يوضح أبعاد التحركات المصرية
  • مصطفى بكري: ترحيب دولي وشعبي بالموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية
  • نائب رئيسالمؤتمر: مصر هي الداعم الأول للقضية الفلسطينية.. ولن تسمح بأي محاولة للمساس بسيادتها
  • قافلة "الصمود".. اختبار للمواقف الإقليمية وتحرك شعبي يعيد الزخم للقضية الفلسطينية(تقرير)
  • عضو مجلس السيادة دكتورة سلمى عبد الجبار تشيد بمواقف المملكة العربية السعودية الداعمة للسودان
  • وزيرة العمل الفلسطينية تشيد بدور مصر الداعم للقضية الفلسطينية وتوجّه الشكر للرئيس السيسي|فيديو
  • حماة الوطن: بيان الخارجية يعكس التزام مصر بضمان أمن الوفود ودعمها الثابت للقضية الفلسطينية