عند الحديث عن مخاطر الخصوصية في مختلف القطاعات وتحديدًا منصات التواصل الاجتماعي دائمًا ما تكون شركة "ميتا" في مقدمة الحديث، وذلك بفضل سلوكيات جمع البيانات الشرسة التي تعتمد عليها لبناء حساب شخصي متكامل للمستخدمين، ثم تعتمد على هذه البيانات في توجيه الإعلانات المناسبة لكل مستخدم.

ورغم توجيه العديد من الانتقادات لسياسات الشركة المتنوعة في قطاع الخصوصية تحديدًا، فإنها مستمرة في ما تقوم به، والآن تكشف عن ميزة جديدة تساعد المستخدمين الذين فقدوا الوصول لحساباتهم، إذ يتم استخدام آليات التعرف على الوجه من أجل الوصول لحساباتهم.

العودة إلى تقنية التعرف على الوجوه مجددًا

لا تعد هذه المرة الأولى التي تلجأ "ميتا" فيها لتقنية التعرف على الوجه في خدماتها المختلفة، ولكنها تخلت عنها بعد هجوم موسع عليها منذ 3 أعوام تقريبًا، رغم أن الشركة في ذلك الوقت كانت تستخدم التقنية للتعرف على صور المستخدمين.

تعاود "ميتا" استخدام هذه التقنية مجددًا لأهداف أكثر تنوعًا هذه المرة، إذ تعتمد عليها لإتاحة الوصول إلى الحسابات التي فقد المستخدمون الوصول إليها سواءً بسبب نسيان كلمة المرور أو البريد الإلكتروني أو حتى الهجمات السيبرانية المتنوعة.

فضلًا عن مجابهة الإعلانات الاحتيالية التي تستخدم صورًا ومقاطع للمشاهير دون علمهم، وهو نوع من الإعلانات انتشر في الآونة الأخيرة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية وما تتيحه من قدرات متنوعة ومختلفة.

اختبارات مبدئية وضوابط أكثر صرامة

أشار بيان "ميتا" إلى أن هذه المزايا الجديدة مازالت اختبارية، ولن يتم تعميمها على جميع المستخدمين معًا في آن واحد، بل ستظهر كخاصية اختيارية يمكن للمستخدمين تجربتها، ولكن خاصية حماية المشاهير ستكون تلقائية لأي شخص قام بالتبليغ عن استخدام صوره ومقاطعه في إعلانات احتيالية.

في الحالة الأولى، وهي المساعدة على الدخول إلى الحسابات المغلقة، تطلب "ميتا" من المستخدم رفع صورة أو مقطع فيديو يظهر تفاصيل وجه الشخص من أكثر من زاوية، ثم تقوم الشركة بمقارنة هذا المقطع أو الصورة مع الصور والمقاطع الموجودة في الحساب بالفعل سواءً كان "فيسبوك" أو "إنستغرام".

توضح "ميتا" بأن المقطع أو الصورة التي يتم التقاطها تحذف تلقائيًا بعد استعادة الوصول إلى الحساب، وذلك في خطوة منها لطمأنة المستخدمين ومحاولة حمايتهم من تسريب البيانات أو الهجمات المختلفة، ورغم هذا الادعاء فإن التأكد منه يحتاج لفحص خوادم الشركة بشكل مكثف.

وبالنسبة للمشاهير، رغم أنهم يدخلون في البرنامج الجديد بشكل تلقائي، فإن الشركة تتيح لهم الخروج منه في حالة الحاجة لذلك، ومن الجدير ذكره أن هؤلاء المشاهير لن يحتاجوا لإضافة أي صور أو مقاطع جديدة.

 تاريخ طويل ومضطرب مع التعرف على الوجوه

تملك "ميتا" تاريخًا طويلًا ومضطربًا مع تقنية التعرف على الوجوه، وذلك بعد أن أطلقت الشركة أحد أكثر أنظمة التعرف على الوجوه تقدمًا في عام 2010، آلية استخدام هذه التقنية في الماضي كانت تعرض على المستخدمين إضافة أي شخص يظهر في الصورة بشكل تلقائي بعد أن تتعرف عليه، كما يرسل النظام تنبيهًا للمستخدم بأنه تمت إضافته في الصورة.

وفي عام 2021 مع انتشار التقرير المسرب من فرانسيس هاوجن الذي كان يعمل سابقًا في "فيسبوك"، أعلنت المنصة تخليها عن آلية التعرف على الوجوه مع تدمير قاعدة البيانات الخاصة بها والتي كانت تضم أكثر من مليار شخص.

تجدر الإشارة إلى أن "ميتا" أشارت أكثر من مرة إلى نيتها العودة لهذا النظام، كونها إحدى أهم مزايا المنصة الخاصة بها التي توفر على المستخدمين العديد من التفاصيل والتجارب في عالم منصات التواصل الاجتماعي.

بالطبع، أثارت عودة "ميتا" إلى هذه التقنية حفيظة النشطاء الحقوقيين حول العالم خاصةً بالنظر لتاريخ الشركة المضطرب مع بيانات المستخدمين ومواجهة العديد من التحديات عند محاولة الحفاظ عليها، وهو الأمر الذي ظهر في أكثر من تسريب لبيانات المستخدمين.

وصف كريس جيليارد الباحث المستقل في الأمن السيبراني سلوكيات "ميتا" بأنها في الأساس شركة مراقبة تهدف لجمع البيانات عن المستخدمين من كافة بقاع الأرض، ورغم أن الشركة تؤكد أنها لا تبيع هذه البيانات أو تسربها، فإنها تتيح استخدامها في توجيه الإعلانات المكثف.

وأشار جيليارد أيضًا في حديثه مع "واشنطن بوست" إلى أن "ميتا" اختارت أكثر الحلول خرقًا للخصوصية وتدخلًا في حياة المستخدمين، وذلك رغم أنها كانت تملك العديد من الحلول الأخرى كونها إحدى أغنى شركات العالم، وهي خطوة تؤكد الحاجة إلى وجود قوانين تنظم حماية حقوق وبيانات المستخدمين في المنصات المختلفة.

حل شرس لمشكلة بسيطة

توجد العديد من الخطوات التي يمكن للشركة اتباعها لحل مشكلة الدخول إلى الحسابات في حال فقدان كلمة المرور أو سرقتها، ورغم أن منصات "ميتا" جميعًا تواجه هذه المشكلة ولا تقدم حلولًا بسيطة لها، فإن الاعتماد على فحص الأوجه هو خطوة شرسة ومتقدمة للغاية.

في الوقت الحالي، تتوجه جميع المنصات والمواقع الكبيرة في مختلف المجالات للاعتماد على "مفاتيح المرور الآمنة" وذلك بدلًا من كلمات المرور المعتادة، وهي تقنية تبنتها أيضًا شركات الهواتف المحمولة عبر تقديم الخاصية في أجهزتها.

يمكن أيضًا الاعتماد على المصادقة الحيوية المستخدمة في الهاتف، وهو ما تقوم به الكثير من المنصات أيضًا، إذ تستخدم بيانات المستخدم الحيوية المسجلة في الهاتف وتترك خطوة التحقق منها للهاتف والمستشعرات الخاصة به.

ورغم أن الخطوة تبدو في ظاهرها غير مؤذية، فإنها مؤشر خطر يجبر "ميتا" على تأمين قواعد البيانات لديها والخوادم بشكل أفضل من السابق في مسعى لحماية بيانات المستخدمين، فضلًا عن ذلك، يجب أن تتأكد الشركة من عدم استخدام هذه البيانات في توجيه الإعلانات بالاعتماد على لون البشرة أو شكل الوجه، وهو أمر قد يفيد شركات التسويق كثيرًا.

لذا يظل السؤال الحقيقي، هل تستطيع "ميتا" كبح جنون هذه التقنية وضمان عدم استخدامها في آليات أكثر شراسة سواءً للتسويق أو تسريب البيانات؟ أم ستصبح أوجه المستخدمين في خطر التسريب مثل بقية بياناتهم؟.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التعرف على الوجوه هذه التقنیة العدید من أکثر من

إقرأ أيضاً:

«يوم الحساب» للهيئات الاقتصادية

ولادة متعسرة لإعادة هيكلة 20 هيئة منذ 2022.. و«الموازنة» تتحمل تركة الخسائر

 

على مدار سنوات طويلة ظلت الهيئات الاقتصادية إحدى أكثر الملفات تعقيداً داخل المنظومة المالية فى مصر، ورغم أن الهدف الأساسى لوجود تلك الهيئات هو تحقيق الفائض وربط مواردها بمصروفاتها بصورة مستقلة، إلا أن كثيراً منها تحول من كيانات من المفترض أن تكون رابحة ومولدة للموارد إلى عبء ثقيل على الموازنة العامة للدولة. ومع تراكم الخسائر وتفاقم التشابكات المالية وغياب الحوكمة الفعالة، لم يعد إصلاح هذه الهيئات خياراً مؤجلاً، بل ضرورة حتمية لوقف النزيف المالى وتعظيم إيرادات الدولة، ما دفع الدولة إلى إعادة النظر فى هيكلها بالكامل ضمن برنامج إصلاح اقتصادى شامل. وعلى هذا الأساس تتحرك الحكومة بخطوات واسعة لإعادة الهيكلة، وسط آمال بأن تتحول هذه الهيئات من أزمة مزمنة إلى رافد اقتصادى يسهم فى دعم الناتج المحلى.
إلا أنه منذ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 3994 عام 2022 بتشكيل اللجنة العليا لإصلاح وإعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية، وما زالت خطة تصحيح أوضاع تلك الهيئات بمثابة ولادة متعسرة حتى الآن، حيث يتمثل دورها فى إعادة هيكلة أعمال الهيئات العامة الاقتصادية للسيطرة على مصروفاتها وتعظيم إيراداتها للوصول إلى نقطة التعادل وتحقيق تدفقات نقدية كافية لتمويل كل التزاماتها دون الاعتماد على الموازنة العامة للدولة.
ومؤخراً، عقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى اجتماعاً موسعاً لمتابعة ما حققته اللجنة العليا لإصلاح وإعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية، وأكد مدبولى أن الهدف لم يعد مجرد تحسين الأداء، بل «تحقيق إصلاح هيكلى شامل» يسمح بالاستفادة المثلى من أصول الدولة، ومعالجة المشكلات التى طالما واجهت هذه الهيئات وتسببت فى تراجع كفاءتها.
وفى أول تحرك إيجابى منذ عمل اللجنة، كشف الدكتور حسين عيسى، رئيس الأمانة الفنية للجنة، نتائج المرحلة الأولى من أعمال اللجنة، وشملت مراجعة ملفات 59 هيئة اقتصادية. ووفقاً للتقييم الأولى، اتخذت قرارات مبدئية بالإبقاء على 39 هيئة فقط، أما الـ20 هيئة الأخرى، فستشهد إلغاء وتصفية 4 هيئات ودمج 7 هيئات فى كيانات أخرى، بالإضافة إلى تحويل 9 هيئات إلى هيئات عامة خدمية لعدم توافر المعايير الاقتصادية لاستمرارها كهيئات ربحية. بينما المرحلة الثانية ستتضمن إعادة هيكلة فعلية تفصيلية لكل هيئة فى وضعها الجديد، بالشكل الذى يؤدى إلى رفع معدلات الكفاءة والفاعلية وزيادة مساهمة الهيئات فى الناتج المحلى الإجمالى.
إن الأزمة تتجلى بوضوح فى الأرقام الصادرة عن وزارة المالية، فخلال الأربعة أشهر الأولى من العام المالى الحالى تراجعت أرباح الهيئات الاقتصادية بنسبة 13.7% لتسجل 5.99 مليار جنيه مقابل 6.95 مليار خلال الفترة المقابلة من العام الماضى.
أما فى قطاع الصناعة والبترول والتعدين، فالصورة أكثر تعقيداً، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 30% خلال ثلاث سنوات، لكن الربحية انخفضت بمعدل سالب 37.6%، وهو ما يكشف خللاً هيكلياً حاداً فى إدارة الموارد والتكاليف.
وفى بيان إحصائى لمشروع موازنة 2025/2026، ظهرت خسائر ضخمة لعدد من الهيئات، حيث بلغت خسائر بعض الهيئات الاقتصادية 79.8 مليار جنيه، ما يؤكد أن الإصلاحات السابقة لم تكن كافية، وأن الملف بحاجة إلى تدخلات أكثر عمقاً وجرأة، وجاء أبرز الهيئات الخاسرة الهيئة الوطنية للإعلام بخسائر تفوق 17 مليار جنيه، وكذلك الهيئة القومية للأنفاق والتى حققت خسائر تتجاوز 44 مليار جنيه.
ووافق مجلس النواب مؤخراً على موازنات 63 هيئة اقتصادية للعام المالى 2025/2026، مع استهداف تحقيق أرباح لـ41 هيئة مقابل خسائر لـ16 هيئة. ومع ذلك، تظهر الأرقام فجوة مقلقة فى العلاقة المالية بين هذه الهيئات والموازنة العامة، فالمتوقع أن تؤول من الهيئات الاقتصادية إلى الدولة إيرادات قدرها 355 مليار جنيه فقط، انخفاضاً من 415 ملياراً فى 2024/2025. وفى المقابل، ستقدم الموازنة دعماً ومساهمات مالية للهيئات بقيمة 525 مليار جنيه، بما يجعل صافى العلاقة بين الجانبين سلبياً بقيمة 170 مليار جنيه.
وأكد أحمد كجوك، وزير المالية، أن دراسة وضع الهيئات الاقتصادية ووضع الحلول المثلى لها سواء بالدمج أو الإلغاء، وأخرى بتحسين الأوضاع المالية، يحقق تحسين الأداء ويقلل الاعتماد على الموازنة العامة، وقال إن إحدى التوصيات المهمة للجنة الخطة والموازنة التى استجابت لها الحكومة بجدية، يتمثل فى تحسين أوضاع الهيئات الاقتصادية، وشكلت لجنة عليا برئاسة الدكتور حسين عيسى، إحدى القامات الاقتصادية المعروفة، لوضع خطة إصلاحية لهذه الهيئات.
ولإظهار الوضع المالى الحقيقى للدولة، بدأت وزارة المالية تطبيق مفهوم «موازنة الحكومة العامة» بعد تعديل قانون المالية العامة الموحد لعام 2024. هذا النظام الجديد يدمج البيانات المالية للهيئات الاقتصادية مع الموازنة العامة، مع استبعاد التشابكات، ليكشف للمرة الأولى الحجم الحقيقى لإيرادات ومصروفات الدولة. ووفق هذا المفهوم، تصل مصروفات الحكومة العامة للعام المالى 2024/2025 إلى 6.6 تريليون جنيه مقابل إيرادات قدرها 5.3 تريليون جنيه، ما يعكس حجم الضغوط على المالية العامة.

مقالات مشابهة

  • جامعة طيبة تتيح فرص تعاون للكفاءات الوطنية للتدريس بنظام الساعات
  • الشركة الجهوية متعددة الخدمات بالعيون تنفي أي زيادة في أسعار الماء والكهرباء
  • لإعادة جذب المستخدمين.. ميتا تطلق تحديثات كبيرة لمنصة «فيسبوك»
  • «يوم الحساب» للهيئات الاقتصادية
  • إنستجرام يولد عناوين تلقائية للبحث دون علم المستخدمين
  • جهود في غزة لانتشال وتوثيق جثامين الشهداء وتمكين الأهالي من التعرف على ذويهم
  • حجز محاكمة المتهمة بسب وقذف الفنان محمد نور
  • منها ٢٪؜ بعقود عرفية.. تسجيل أكثر من ٣٥٠ ألف حالة طلاق بمصر في ٢٠٢٤
  • موظفون يخدعون نظام التعرف على الوجه بأقنعة ورقية بالصين
  • إنستغرام” يحوّل منشورات المستخدمين إلى أدوات تسويقية آلية