عربي21:
2025-07-31@04:05:21 GMT

لماذا ينبغي على أوروبا أن تقلق من أحداث أمستردام؟

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

اختطفت أمستردام الأنظار فجأة، بعد مباراة "أياكس" مع "مكابي تل أبيب". لم يكن السبب نتيجة المنافسة المذهلة، خمسة أهداف للفريق الهولندي مقابل لا شيء لنظيره الإسرائيلي، فما صنع الحدث المدوِّي عالميا هي صدامات عنيفة شهدتها مدينة القنوات المائية الهادئة.

اتّضحت تفاصيل الأحداث شيئا فشيئا، وكيف أشعلت جماهير "مكابي تل أبيب" العدوانية الحياة اليومية في أمستردام بصفة غير مسبوقة تقريبا في تاريخ كأس الأندية الأوروبية فأثارت ردود أفعال عكسية عنيفة بالتالي.

وبدل الاكتفاء باستنكار أعمال عنف ما كان ينبغي لها أن تتدحرج على النحو الذي جرى؛ ينبغي أن تثير هذه التطوّرات قلقا جديا في أوروبا، من وجه معيّن لم يقع الاكتراث به على ما يبدو.

بدأ التوتّر في أمستردام مع وصول آلاف المشجٍّعين الإسرائيليين، بعضهم جنود أو جنود احتياط في جيش الاحتلال، لحضور مباراة "مكابي تل أبيب" مقابل "أياكس" مساء الخميس (7 تشرين الثاني/ نوفمبر). إنّهم ليسوا حالة تشجيع رياضية نمطية، فهم حصرا من الذكور ويتوزّعون على مجموعات ذات طابع فاشي مثل "مكابي فاناتيكس" كما يتّضح من هتافاتها وشعاراتها وملصقاتها. أقدم هؤلاء منذ منتصف الأسبوع على التحرّش بما صادفوه من مظاهر التضامن السلمي مع فلسطين في أنحاء أمستردام، وشرعوا في تهديد سيارات أجرة يقودها هولنديون من خلفية عربية ومسلمة. أقدم المشجعون الإسرائيليون على تصرّفات عدوانية ظاهرة، وهدّدوا بعض المارّة ومن يقومون بتصوير سلوكهم العنيف باستخدام قضبان حديدية يحملونها، ووردت تقارير عن استفزازات واعتداءات طالت سائقي سيارات الأجرة تحديدا. كانت أعلام فلسطين المتدلية من بعض النوافذ في المدينة هدفا للتخريب، ونقلت مقاطع مصوّرة إقدام بعض هؤلاء على تسلّق الجدران بصفة لا يمكن توقّعها في أمستردام وانتزاع الأعلام وتمزيقها.

نظّمت جماعة "مكابي فاناتيكس" تجمّعات استفزازية ومسيّرات فاشية خلال وجودها في أمستردام، خاصة يومي الأربعاء والخميس (6 و7 تشرين الثاني/ نوفمبر)، كما جرى مثلا في ميدان دام المركزي، رفعت خلالها رايات تمجِّد جيش الاحتلال الإسرائيلي وتؤيِّد الحرب التي يشنها منذ سنة على قطاع غزة. نشر مشجِّعو "مكابي" ملصقات هائلة العدد تحمل رموزا ذات إيحاءات فاشية باسم جماعاتهم المتعددة على الأعمدة والجدران في قلب المدينة الهولندية، ووجّهوا شتائم نابية لمن اعترضوا على تعبيراتهم، كما وثّقت ذلك مقاطع مصوّرة.

اكتظّت طرق المدينة ووسائل نقلها بالمشجِّعين الإسرائيليين الذين واصلوا إطلاق هتافات تمجيد جيش الاحتلال وتأييد الحرب الوحشية الجارية والاحتفاء بقتل أطفال قطاع غزة صراحة، علاوة على التعبيرات العنصرية الجسيمة ضدّ الشعب الفلسطيني والعرب عموما. تكرّرت هذه المضامين بلا هوادة في كلمات نشيد التشجيع المعتمد لدى جماعة "مكابي فاناتيكس"، وهو نشيد فاشي مشحون بكلمات عدوانية ونابية جدا، ونصّه منشور بالعبرية على مواقع الجماعة. وحقيقة أنّ هذا النشيد تردّد في الطرق ومحطات قطار الأنفاق وكذلك في مدرجات الملعب هو أمر صادم بكلّ المقاييس، وهذا تحت عيون المسؤولين ومندوبي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وعناصر الشرطة الهولندية بطبيعة الحال. ولأنّ كلمات النشيد الفاشي بالعبرية، فإنّ المشجِّعين حرصوا أحيانا على التلفّظ بأجزاء منه بالإنجليزية أيضا واستعملوها كشتائم نابية أحيانا.

ظهر السلوك العدواني المستفزّ لمشجِّعي "مكابي تل أبيب" واضحا خلال دقيقة الصمت على ضحايا فيضانات إسبانيا، التي اخترقها هؤلاء بالهتافات المدوية وإشعال الأدخنة النارية في القسم الخاص بهم من مدرّجات الجمهور، فسدّدوا بذلك إهانة بالغة للضحايا وذويهم، مع احتقار واضح لمحنة الشعب الإسباني وانتهاك للرسالة التضامنية التي أرادها منظِّمو المباراة. ما إن انتهت الجولة بخسارة تاريخية لفريقهم، بواقع صفر مقابل خمسة أهداف، حتى تصاعد السلوك العدواني خارج الملعب، فواصلت الحشود الإسرائيلية إطلاق الهتافات الفاشية في الطرق ومحطّات المواصلات. انتهت الليلة بخروج مجموعات من شبّان الأحياء في أمستردام للعراك مع المشجعين الإسرائيليين الذين فرّوا سريعا إلى فنادقهم خلال مطاردات الشوارع، وتلقّى بعضهم ضربات موجعة وثّقتها مقاطع مصوّرة.

لم تفوِّت القيادة الإسرائيلية الأحداث، فمنحت تصريحاتها الانطباع بأنّ ما جرى في أمستردام هو على منوال 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كما أوحى بذلك الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ. ونقلت الشاشات الإخبارية العبرية في بثّ متواصل تقارير مجتزأة عن الأحداث بصفة أسقطت كلّ التطوّرات التي أفضت إليها، ولم تخرج معظم التقارير الأولى في وسائل الإعلام الأوروبية والغربية عن رواية أحادية هي "الاعتداء على مشجِّعين إسرائيليين في أمستردام" رغم تداول مقاطع مصوّرة تعطي صورة متكاملة للأحداث. وبعد تلك الأخبار المتسرِّعة بدأت الصورة تتكشّف بالتدريج، فتطرّقت بعض التقارير إلى السلوك العدواني الذي ابتدأت به جماهير "مكابي تل أبيب" والهتافات الفاشية والعنصرية التي ردّدوها في أمستردام، ووردت مزيد من المقاطع المصوّرة عن ممارساتهم العنيفة وتحدّثت الشرطة عن اعتداءات قاموا بها.

وبينما واصلت حكومة بنيامين نتنياهو تصوير جماهير "مكابي تل أبيب" في هيئة ضحايا مسالمين وحسب، شوهدوا بعد وصولهم مطار بن غوريون بدءا من مساء الجمعة (8 تشرين الثاني/ نوفمبر) وهم يواصلون الهتافات الفاشية ذاتها الواردة في نشيدهم: تمجيد الجيش الإسرائيلي وتأييد الحرب الوحشية الجارية والاحتفاء بقتل أطفال قطاع غزة، علاوة على التعبيرات العنصرية الصريحة ضدّ الشعب الفلسطيني والعرب عموما، كما ورد في مقاطع مرئية نشروها في مواقع التواصل الاجتماعي.

ليس هذا السلوك العدواني والاستفزازي جديدا على جماهير "مكابي تل أبيب"، فقد أقدموا من قبل على هذه التصرّفات حتى في أوروبا، كما فعلوا عندما سافروا إلى أثينا لحضور مباراة فريقهم مقابل نادي "أولمبياكوس" اليوناني يوم 7 آذار/ مارس من العام ذاته. بلغ الأمر يومها أن نفّذوا اعتداء جماعيا عنيفا بالضرب المبرح والركل على فتى عربي شاهدوه مع ألوان علم فلسطين في ميدان عام ثمّ تركوه ممدّدا على الأرض يصارع آلامه، في واقعة مصوّرة نقلتها الصحافة اليونانية وقتها، منها صحيفة "كاثيميريني" الأبرز في البلاد. وكان غريبا أن تمرّ الواقعة حينها دون عقاب أو إجراء تأديبي حتى من جانب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ويبدو أنّ ذلك شجّع الفاعلين على التمادي في الشهور اللاحقة.

إنّ سلوك جماهير "مكابي تل أبيب" التي حضرت إلى أوروبا، ومنهم جنود ومستوطنون، هي مجرّد عيِّنة ظاهرة فوق السطح وينبغي أن تبعث على القلق العميق في القارّة من التدهور المتزايد الذي ينزلق إليه المجتمع الإسرائيلي. تعبِّر جماهير هذا النادي في الواقع عن مدى انجراف مجتمع الاحتلال والاستيطان إلى الفاشية والعنصرية والعدوانية، خاصة مع ملاحظة وجود جماهير أندية رياضية أكثر تطرّفا في الواقع الإسرائيلي، فهو أقرب لأن يكون معبِّرا عن الوسط الأعرض "مين ستريم".

أحداث أمستردام، ومن قبلها أحداث أثينا، هي بمثابة مؤشِّر على حالة المجتمع الإسرائيلي في ظلّ حكومة اليمين العنصري الفاشية التي تتولّى القيادة منذ سنتين، وفي سياق حرب إبادة جماعية وحشية تتواصل منذ أكثر من سنة. لا يعود مجتمع ما سويّا إن احتفى بإقدام جيشه على قتل عشرات آلاف النساء والأطفال وكبار السنّ والمرضى من شعب واقع تحت الاحتلال خلال سنة واحدة فقط، ثم يطلق مشجِّعوه هتافات عنصرية تبتهج بذلك تحت أنظار العالم
إنّ أحداث أمستردام، ومن قبلها أحداث أثينا، هي بمثابة مؤشِّر على حالة المجتمع الإسرائيلي في ظلّ حكومة اليمين العنصري الفاشية التي تتولّى القيادة منذ سنتين، وفي سياق حرب إبادة جماعية وحشية تتواصل منذ أكثر من سنة. لا يعود مجتمع ما سويّا إن احتفى بإقدام جيشه على قتل عشرات آلاف النساء والأطفال وكبار السنّ والمرضى من شعب واقع تحت الاحتلال خلال سنة واحدة فقط، ثم يطلق مشجِّعوه هتافات عنصرية تبتهج بذلك تحت أنظار العالم في عواصم أوروبية بصفة تتجاوز حدود التشجيع الرياضي أو حتى عنف غوغاء الملاعب "الهوليغانز". جدير بالملاحظة أنّ حركة "مكابي فاناتيكس" واصلت إظهار التأييد لجيش الاحتلال في حربه واستمرّت في تقديم المساعدات والدعم المعنوي للجنود، كما تُظهِر بذلك صور متداولة.

يبدو أيضا أنّ عبارات المساندة غير المحدودة للحرب الوحشية المتواصلة على قطاع غزة، التي صدرت عن قادة غربيين منذ بدء موسم الأهوال هذا، بمن فيهم سياسيون بارزون في هولندا ذاتها، مثل السياسي العنصري الأبرز خيرت فيلدرز الذي تصدّر حزبه الانتخابات الأخيرة، أشعرت هذه الجماهير بأنّ تأييد جرائم الحرب الجارية ضدّ الشعب الفلسطيني أمر مرحّب به حتى في ميادين الدولة التي تحتضن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. ثم إنّ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية يمثّل حافزا إضافيا في هذا الاتجاه، فلا عجب أن شوهدت جماهير "مكابي تل أبيب" في أمستردام وهي ترفع راية ترامب خلال تدفّقها في الطرق بينما تُطلِق هتافاتها الفاشية المُحتفية بقتل أطفال غزة والمنادية بالإجهاز على العرب.

وتبقى المظاهر العدوانية والعنصرية التي عبّرت عنها هذه الجماهير في أوروبا مُلطّفة للغاية قياسا بسلوك بعض هؤلاء وهم يحملون السلاح أو ينفِّذون حملات الاعتداء والإغارة على الفلسطينيين في قطاع غزة أو الضفة الغربية، ولعلّ بعضهم اقترف جرائم حرب أيضا مع ضمان الحصانة من المساءلة والعقاب.

(*) ترجمة خاصة إلى العربية عن "ميدل إيست مونيتور"

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي فلسطين إسرائيل فلسطين ابادة مكابي تل ابيب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة صحافة رياضة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلوک العدوانی مکابی تل أبیب فی أمستردام قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين خطوة رمزية تقلق إسرائيل

القدس المحتلة- تشهد الساحة الدبلوماسية تحركات غربية متسارعة باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوات قد تترك تداعيات واسعة على العلاقات الدولية لإسرائيل، وتزيد من الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف الحرب في قطاع غزة.

وأعلنت 15 دولة غربية، من بينها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وهولندا، الأربعاء، أنها تدرس بشكل إيجابي الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول المقبل.

واعتبرت هذه الدول، في بيان مشترك لها أن الاعتراف بدولة فلسطين يُعد "خطوة أساسية نحو تحقيق حل الدولتين"، داعية بقية دول العالم إلى الانضمام إلى هذا التوجه.

وزير الخارجية السعودي بن فرحان (يسار) ونظيره الفرنسي بارو (وسط) ترأسا مؤتمرا حول حل الدولتين في الأمم المتحدة (الفرنسية)قلق إسرائيلي

قوبل هذا الإعلان برد فعل إسرائيلي غاضب، حيث أعرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- عن معارضته الشديدة للخطوة، مدعيا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو "عقاب للضحية"، وأن قيامها على حدود إسرائيل سيجعلها "دولة جهادية" تشكل تهديدا لاحقا حتى للدول الأوروبية.

ورغم الطابع الرمزي لهذا الاعتراف من الناحية السياسية، فإن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى قلق متزايد من تأثيره على علاقات إسرائيل مع المجتمع الدولي، لا سيما مع أوروبا.

فاعتراف الدول الغربية بالدولة الفلسطينية ينظر إليه، حسب القراءات الإسرائيلية، كإشارة إلى تآكل الدعم التقليدي لإسرائيل، وكنتيجة مباشرة لتزايد الانتقادات الدولية لسلوكها في الحرب على غزة، التي توصف في الغرب بأنها "حرب إبادة" تتخللها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

وتحذر التحليلات الإسرائيلية من أن الاعتراف الغربي قد يمهد الطريق لقرارات أشد في مجلس الأمن، وقد يدفع باتجاه محاسبة إسرائيل دوليا، سيما إذا ما تطور الأمر إلى اعتراف رسمي في المجلس بدعم من الدول دائمة العضوية.

إعلان

وبرغم التلويح الأميركي باستخدام الفيتو، فإن الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين يمنح زخما قانونيا وأخلاقيا لأي تحرك لعزل إسرائيل أو فرض عقوبات عليها.

تسونامي سياسي

وصف محرر الشؤون العالمية في القناة 12 الإسرائيلية عيران نير، التحركات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين بأنها بمنزلة "تسونامي سياسي"، لكنه أقر في الوقت ذاته بأن هذه الخطوة -من حيث الجوهر- تحمل طابعا رمزيا أكثر من كونها تغييرا ملموسا في الواقع الفلسطيني.

وطرح نير تساؤلا "ما الذي يدفع هذه الدول فعليا إلى دعم قيام دولة فلسطينية الآن؟"، وأتبعه بجواب أن "الاعتراف -حتى لو تم رسميا- فلن يحدث فرقا في حياة الفلسطينيين اليومية، لكنه سيترك أثرا كبيرا على علاقات إسرائيل الخارجية، وربما يصل إلى حد فرض عقوبات ملموسة عليها".

وأشار إلى أن دولا مثل فرنسا وهولندا وبريطانيا "لا تتحرك فقط تحت ضغط ناخبيها المسلمين، بل تسعى أيضا -على نحو ساخر- لإنقاذ إسرائيل من نفسها".

ويرى أن هذا التوجه الأوروبي نابع من عدة دوافع متشابكة، في مقدمتها:

تنامي ضغط الرأي العام المحلي الغاضب من صور التجويع والدمار في غزة. ازدياد الشعور بالعجز السياسي تجاه الحرب. فشل المجتمع الدولي في فرض وقف لإطلاق النار أو الدفع بمسار سياسي حقيقي.

كما يتعزز ذلك بالقلق الأوروبي من احتمال إقدام حكومة نتنياهو على تنفيذ خطط ضم كامل للضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يعتبر تهديدًا نهائيا لأي أفق لحل الدولتين، بحسب نير.

من هذا المنطلق، يقول نير إن الاعتراف بدولة فلسطين لا يقرأ فقط كخطوة تضامنية رمزية مع الشعب الفلسطيني، بل ينظر إليه كـ "أداة ضغط سياسي على إسرائيل لإجبارها على الانخراط في مسار تسوية ووقف الحرب المستمرة"، خاصة في ظل انسداد الأفق السياسي وفشل الخيارات الدبلوماسية التقليدية.

محللون يرون أن الاعتراف بدولة فلسطين يدفع نحو تغييرات ملموسة في خريطة المواقف العالمية (غيتي)"إذلال سياسي"

من ناحيتها، اعتبرت مراسلة الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" بيرنيت غورين، أن هذا الاعتراف الذي تسعى له الدول الأوروبية يعد "رمزيا ولا يغير شيئا على الأرض، إذ سبق أن اعترفت 150 دولة بفلسطين منذ 2012″.

وترى الكاتبة أن هذه الخطوة تعكس إحباطا دوليا من سياسات إسرائيل في غزة، لكنها لا تحمل دعما حقيقيا للفلسطينيين، ولا تقدم مساعدات ملموسة، ووصفتها بـ"إذلال سياسي" لإسرائيل أكثر من كونها انتصارا للفلسطينيين.

وأوضحت أن التحرك الأوروبي باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين، يشكل تطورا دبلوماسيا بارزا، يضع حكومة نتنياهو أمام تحديات متزايدة على الساحة الدولية، وقد يدفع تدريجيا نحو تغييرات ملموسة في خريطة المواقف العالمية إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ووفق غورين، فإن الغرب لا يريد التدخل فعليا، لا باستقبال لاجئين ولا بإرسال قوات عسكرية، وقالت بسخرية إن أقصى ما يقدمه هو "فطائر بالمظلات"، وأضافت أن "الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت خلال الحرب العالمية الثانية لم يكتفِ بإعلان دولة يهودية، بل أرسل الجيش لإنقاذ اليهود، بدلا من إرسال الفطائر".

الهجرة الطوعية

وفي مقال حمل عنوان "دولة فلسطينية سيئة للعالم"، نشره السفير الإسرائيلي السابق في إيطاليا درور إيدار بصحيفة "يسرائيل هيوم"، شن الكاتب هجوما لاذعا على الدعوات الغربية المتزايدة للاعتراف بدولة فلسطينية، مستخدما لهجة تحريضية ضد الفلسطينيين، وموجها انتقادات حادة لدول الغرب، خاصة فرنسا، التي وصفها بـ"الفاشلة".

إعلان

وصف إيدار فكرة إقامة دولة فلسطينية بأنها "هراء"، مشيرا إلى أن مجرد مناقشتها بعد "هجوم 7 أكتوبر" يعد "نوعا من الإخلاص الخاص لعبدة الأوثان الفرنسيين" وفق تعبيره.

ورأى أن السلطة الفلسطينية لا تختلف في جوهرها عن حركة حماس، زاعما أنها "تدفع الأموال للذين يقتلون اليهود"، وأن "عدم وقوع هجوم من جهة الضفة يعود فقط إلى عجز السلطة، وليس إلى اختلاف في النوايا".

كما امتدح دور المستوطنين في الضفة، واعتبر أن انتشارهم الكثيف هو ما منع تكرار الهجوم من الشرق، كما دعا إلى تعزيز هذا الوجود عبر فرض السيادة الكاملة على الأراضي الفلسطينية.

واقترح إيدار "تفريغ الاعتراف بالدولة الفلسطينية من أي مضمون" عبر خطوات عملية تشمل فرض السيادة الإسرائيلية من البحر إلى النهر، واستقدام يهود العالم للاستيطان في فلسطين التاريخية، وتشجيع ما وصفه بـ"الهجرة الطوعية للفلسطينيين"، لتحقيق أغلبية يهودية طويلة الأمد.

وختم مقاله بالدعوة إلى الصبر والإيمان بالانتصار الديمغرافي، مشددا على أن السيطرة الكاملة والدائمة على الأرض هي الضمانة الحقيقية، لا التسويات السياسية أو الحلول الدبلوماسية.

مقالات مشابهة

  • الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين خطوة رمزية تقلق إسرائيل
  • شرطة الاحتلال تعتقل موظفات بالقنصلية التركية في تل أبيب
  • تل أبيب.. مسؤولون سابقون يتظاهرون للمطالبة بوقف الحرب وإعادة الأسرى
  • الحوثيون يقصفون تل أبيب.. وملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ (شاهد)
  • إسرائيل تستدعي السفير الهولندي لدي تل أبيب.. اعرف السبب
  • هولندا تحظر دخول اثنين من وزراء إسرائيل إلى أراضيها
  • لماذا لم تنتصر إسرائيل رغم تفوقها؟
  • ضياء رشوان: اليمين الإسرائيلي يعتبر موقف مصر خطرًا على تل أبيب
  • كاتب أمريكي يرصد أوجه الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول الملف السوري
  • دعوات لمحاصرة السفارة المصرية في تل أبيب