"أهلاً وسهلاً بكم في عالَمٍ من الجمال {لغة الضاد} تلك اللغة العربية الساحرة التي تبوأت مكانتها بين اللغات ، إنها لغة أهل الجنة، ولغة القرآن الكريم التي بها أنزلت آيات الهداية.

يا لها من لغة أصيلة تحمل في طياتها عظمة التاريخ وعمق الثقافة، فهي ناطقة بلسان 27 دولة، تُعتبر لغة رسمية، إضافةً إلى العديد من الدُّول التي تُستخدم فيها بجانب لغات أخرى.

تخيلوا، أكثر من ٤٦٧ مليون نسمة ينطقون بها ، يحملون إرثها ويعيشون جمالها، في رحلةٍ مستمرة عبر الأزمان"
يا لغة الأمل، يا صدى الأجداد . 

في الأونة الأخيرة، بدأت أرى كيف أن لغتنا الجميلة تتغير وتكتسب مفردات جديدة غريبة، هذا بسبب وجود التعليم الأجنبي في مجتمعنا، سواء كان إنجليزياً أو ألمانيا أو فرنسياً أو غير ذلك. أصبح الحديث بالعربية يُنظر إليه وكأنه أمر أقل رقياً، في حين أن التحدث باللغات الأخرى صار مقياساً لتحضُّر الشخص وتقدُّمه ومكانته الاجتماعية.

ما هذا العبث؟!

ألهذه الدرجة يجري الاستهزاء بلغتنا، اللغة التي نزل بها القرآن الكريم تكريمًا لها، اللغة العربية، لغة أهل الجنة؟! البعض يتنكر لها وكأنها عار يلصق به، فما هذا؟

ثقافات غريبة اجتاحت مجتمعنا منذ التسعينات، ومع دخول التعليم الدولي وانتشار المدارس الباهظة، تغيّرت لغتنا ولغة أطفالنا على حد سواء.

ثم جاءت كارثة تدعى "الفرنكوارب"، حيث تُكتب العربية بحروف إنجليزية، بلغة اخترعها الأولاد نتيجة الفوضى التي يعيشونها بين تعليمهم واندماجهم في لغة أخرى غير لغتهم الأم. أصبحوا يعيشون تلك اللغة الأخرى، ويعبّرون بها عن أنفسهم، فتخلوا عن لغتهم الأصلية. أترون الكارثة؟!

"استقيموا يرحمكم الله...

حينما تستخف بلغة أهلك، تتجاهل هويتك العربية، وعندما تمجد لغات أخرى، فإنما تُعلي من شأنها وتنسى قيمتك. وهذا لا يعني أنني أدعو إلى عدم تعلم اللغات، بالعكس، تعلموا أكثر من لغة، وأتقنوا كل واحدة منها. فمن يعرف لغة قوم، يضمن سلامته. ولكن، يجب أن نفهم أن تعلم لغة جديدة لا يعني العيش في كنفها، بل عليك أن تظل متمسكًا بجذورك وفخرك بهويتك."

كلامك بالعربية يدعو للفخر، فهو ليس عيباً ولا حراماً. أعلم أن هذه قضية حساسة، لكن يجب علينا أن نُنبه للخطر، فإحياء لغتنا العربية في مدارسنا بات ضرورة ملحة. يجب أن نلزم الإعلاميين في الإعلام المصري بالتحدث بالعربية الفصحى، وألا يستخدموا أي لغة أخرى إلا في البرامج المخصصة لذلك. ومن المهم أيضاً أن نعيد اختبار اللغة وسلامة مخارج الألفاظ عند اختيار المذيعين والإعلاميين.

ندعو لنشاهد سينما نظيفة لغوياً، وعلينا أن نتجنب اللغة الهزيلة التي سيطرت على العديد من الأفلام منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. يجب علينا أن نرتقي بلغتنا، وأن نكون على قدر قيمتها وعظمتها.

علينا أن نبدأ بأنفسنا، لنعيد إلى لغتنا مكانتها، فهي تعبر عن هويتنا. دعونا نغرس هذه القيمة في نفوس أبنائنا منذ الصغر، لنصحح أخطاء الماضي معاً. فلغتنا العربية خط أحمر، والوقت قد حان لتجديد العهد معها.

وختاماً 
سطرت هذه الكلمات حباً في لغة الضاد :

أنتِ جَمال الروح
ونسيم السماء
لغةُ الجنة
كيف لا تكونين
وأنتِ من نطق بها 
رسولٌ قدسي

أصيلةٌ كالأرض
كنجوم الليل
تُهدي كرام الأمة 
سُبل العز

في قلوبِ ٢٧ وطناً تجري
كأحلامٍ 
تسافر في سماءٍ من الأزرق،  

وما يزيد عن مليون نبض
تكنّ لكِ المحبة
وتشدو بأحرفكِ

أيها الحرف
أنتِ صوتُ الفجر 
ومفتاحُ الأبواب إلى الخلود.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

كيف تكتب عن فلسطين؟ دليل ساخر للسلوك الإعلامي المريح

تسخر الكاتبة الجنوب أفريقية سيسونكي ميسمانغ في المقال التالي من التضييق الذي يتعرض له العديد من الكتاب والصحفيين الذين يسعون إلى تقديم تغطية متوازنة عن الحرب الإسرائيلية على غزة. والمقال المنشور على موقع "إنترسبت" الأميركي -كما تقول الكاتبة- مستوحى من الأسلوب الساخر للنص الشهير "كيف تكتب عن أفريقيا؟" للكاتب الكيني الراحل بينيافانغا واينانا. وتوجه ميسمانغ بشكل ساخر ما يشبه تفاصيل السياسة التحريرية للمؤسسات الإعلامية حول موضوع معين، حيث كتبت التالي:

ابدأ من 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يحدث شيء مهم قبل هذا التاريخ، التاريخ بدأ في 7 أكتوبر. لا تذكر كلمة "احتلال"، وتجنب استخدام مصطلحات مثل "فصل عنصري"، "تمييز"، و"مستوطنات غير شرعية". تجنب الكتابة عن الجدار، وإن فعلت، فابدأ بالحديث عن "الإرهاب" و"الأمن". فكلمتا "الإرهاب" و"الأمن" مهمتان جدا، استخدمهما بكثرة عند الحديث عن الفلسطينيين. ذكّر جمهورك دائما بأن فلسطين "وضع معقّد". تجنب استخدام كلمة "إبادة جماعية"؛ لأسباب قانونية وفنية، بالطبع. وإن اضطررت لكتابتها، فضعها بين علامتي اقتباس.

لا تذكر كيف قُتلوا أو من قتلهم: Iلكاتبة: لا تطلب من قرّائك أن يتخيلوا شعور الأطفال الذين يعيشون، ويصابون، ويموتون في غزة والضفة (وكالة الأناضول)

لا تصف التصعيد الإسرائيلي بأنه هجوم على سكان غزة، بدلًا من ذلك استخدم كلمات مثل "حرب" و"صراع"، فذلك أسهل لتجنب كلمة الإبادة.

عند الحديث عن القتلى، استخدم صيغة المبني للمجهول دائمًا، ولا تذكر كيف قُتلوا أو من قتلهم، وكرّر ذكر 7 أكتوبر كلما سنحت الفرصة. عند الكتابة عن الفلسطينيين، لا تنسَ أن تُركّز على مشاعر الإسرائيليين، فرغم أن الجيش الإسرائيلي يقصف ويقتل، إلا أن القصة الحقيقية هي "معاناة الإسرائيليين" بعد 7 أكتوبر. ولا تعقّد الأمور أكثر بالإشارة إلى أن معاداة السامية نشأت أصلًا في أوروبا. الكتابة عن فلسطين تعني أساسًا الكتابة عن حماس، والكتابة عن حماس لا تقل أهمية عن الكتابة عن 7 أكتوبر. فحماس "شخص"، "شيء"، "وحش"، "شبح".
حماس في كل بيت، حماس في الأنفاق والمستشفيات، حماس في الخيام، نائمة بجوار المرضى على الكراسي المتحركة، حماس في سيارات الإسعاف المدفونة مع المسعفين، حماس تسللت إلى مطبخ الغذاء العالمي وكل المطابخ والمدارس، حتى أرواح الأطفال تسللت إليها حماس. يمكن وصف هجوم حماس في 7 أكتوبر بأي من الكلمات التالية: مروّع، وحشي، شنيع، قاتل، صادم، فظيع، مأساوي، مرعب. أما عند الكتابة عن الهجمات على الفلسطينيين، فيُفضّل عدم استخدام أي صفات. يكفي مثلًا أن تكتب: "مقتل أكثر من 90 في غارات على غزة." ولا تُشعر القارئ أنك متحيّز لطرف ما. عند الكتابة عن فلسطين، لا تدع الحقائق تُفسد القصة الجيدة، ولهذا، تجاهل المصادر الفلسطينية، فقد تكون منحازة، أما الجيش الإسرائيلي، فهو مصدر موثوق جدا. إذا قال الجيش الإسرائيلي إن شيئًا لم يحدث، إذن لم يحدث شيء. وعندما ينكر الجيش أنه اغتصب نساء فلسطينيات، أو استخدم مدنيين كدروع بشرية، أو أطلق النار على أطفال وصحفيين، استمر في نشر نفيه دون تعليق.
لا تتّبع هذه القاعدة عند الحديث عن إسرائيل: ربط الدول التي تموّل الجيوش بالأسلحة التي تستخدمها هو أمر يعزز الشفافية، لذا، عند الحديث عن هجمات على تل أبيب، اذكر أن الصواريخ أطلقتها جماعة حزب الله المدعومة من إيران، افعل الشيء نفسه عند الحديث عن الحوثيين، لكن لا تتّبع هذه القاعدة عند الحديث عن إسرائيل، فالجيش الإسرائيلي المدعوم أميركيًا يتخذ قراراته بنفسه بشأن استخدام القنابل الأميركية والبريطانية. عند الحديث عن المجتمعات المسلمة، استخدم عبارات مثل "مرتع للإرهاب" و"متعاطفون مع حماس". هذه العبارات تعمل جيدًا حتى إن كانت تلك المجتمعات في بريطانيا أو أميركا. شيطن دائمًا الأشخاص الذين يحتجون سلميا دعما لفلسطين، ركّز على أصوات الأشخاص في الدول الغربية الذين يشعرون بالخوف عند سماع عبارة "من النهر إلى البحر"، لكن لا تطلب من قرّائك أن يتخيلوا شعور الأطفال الذين يعيشون، ويصابون، ويموتون في غزة والضفة، ولا تسألهم إن كانت الأمهات يشعرن بالأمان وهنّ يدخلن غرف الولادة. ولا تكتب حتى فقرة واحدة تتساءل فيها إن كان من حق الآباء الذين يدفنون أبناءهم أن يشعروا بعدم الأمان في غزة. عند الكتابة عن فلسطين، تجنّب التركيز على القصص الفردية أو التفاصيل الإنسانية، ركّز على مقاتلي حماس. في الواقع، عند الكتابة عن فلسطين، من الأفضل ألا تُجري مقابلات مع فلسطينيين، فقد يكونون من حماس أو متعاطفين معها. وإن اضطررت لمقابلة فلسطيني، فابدأ بسؤاله: هل تُدين ما حدث في 7 أكتوبر؟ ثم اسأله: هل تعترف بحق إسرائيل في الوجود؟ واطرح الأسئلة نفسها على أي شخص يبدو عربيّا أو مسلما أو متعاطفا مع الفلسطينيين. أحيانا، سيقلب الشخص السؤال ويقول: وهل تعترف أنت بحق فلسطين في الوجود؟ تجاهل هذا السؤال، لأنه يفتح باب مشاكل لا نهاية لها. وعندما لا تعرف ماذا تفعل، تذكّر: ابدأ من 7 أكتوبر 2023. لم يحدث شيء مهم قبل هذا التاريخ. التاريخ بدأ في 7 أكتوبر.

مقالات مشابهة

  • اللغة والسيادة.. العربية مفتاح النهضة وصوت الهوية
  • كيف تكتب عن فلسطين؟ دليل ساخر للسلوك الإعلامي المريح
  • هند عصام تكتب: الملك لير
  • جامعة صحار تطلق برنامج اللغة العربية لغير الناطقين بها
  • طلاب الصف السادس الابتدائي بالدقهلية يؤدوا امتحان مادتي اللغة العربية والدين
  • نماذج امتحانات اللغة العربية للثانوية العامة 2025
  • طلاب الصف الأول الثانوي يؤدوا اليوم امتحان امتحان اللغة العربية في الدقهلية
  • كريمة أبو العينين تكتب: من خاف سِلم
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 53
  • إيمان كمال تكتب:عادل إمام..حلم لا يشيخ