تأجيل انطلاق التعداد السكاني في إقليم كردستان إلى يوم غد الأحد
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
أعلن رئيس الهيئة التنفيذية للتعداد السكاني في العراق، محمود عثمان، اليوم السبت (16 تشرين الثاني 2024)، انطلاق عملية التعداد في إقليم كردستان يوم غدٍ الأحد، بعد تأجيلها اليوم.
وقال عثمان في تصريح صحفي، تابعته "بغداد اليوم"، إن "التأجيل جاء بهدف ضمان سير العمل بشكل منظم، ولتوفير مزيد من التدريب للعدادين المشاركين في العملية".
وأضاف، أن "وزارة التربية والتعليم تتعاون بشكل كامل مع الهيئة التنفيذية للتعداد، حيث سيشارك أكثر من 8000 معلم في تنفيذ التعداد"، مشيراً إلى أنه" رغم الحاجة إلى 21 ألف عدّاد إضافي، فإنه تم الاستعانة بخريجي الجامعات والمعاهد، الذين يخضعون حالياً للتدريب استعداداً للبدء في عملية التعداد".
وفيما يتعلق ببقية محافظات العراق، أوضح عثمان أن "ما جرى حتى الآن هو تعريف العدادين بتوزيع السكان في كل حي وطريقة العمل، وذلك لضمان تنفيذ التعداد بكفاءة وسلاسة".
وتقترب الحكومة العراقية من وضع اللمسات الأخيرة على استعداداتها لإجراء التعداد العام للسكان، في 20 نوفمبر الحالي، وهو التعداد الأول الذي يشمل جميع مناطق العراق منذ نحو 4 عقود.
وشهد العراق آخر تعداد عام للسكان شمل جميع محافظاته عام 1987، وعلى الرغم من أن البلد أجرى تعدادا آخر للسكان عام 1997، الا أن الأخير لم يشمل محافظات إقليم كردستان، لأنها كانت شبه مستقلة عن العراق في عهد النظام السابق.
ويعتبر التعداد المقرر اجراءه، في 20-21 نوفمبر الحالي، التاسع الذي يشهده العراق في تاريخه الحديث، وفيما إذا سارت العملية بسلاسة، فسيطوي العراق صفحة الإحصاءات والأرقام الصادرة عن المعاهد والمنظمات الخاصة بهذا الشأن المعتمد عليها منذ سنوات.
ويختلف التعداد الحالي عن سابقيه في كونه لا يحتوي على حقلي القومية والمذهب وينص فقط على الديانة، ويثير غياب القومية في استمارة التعداد الى جانب عمليات التغيير الديمغرافي، الذي شهدته المناطق المتنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور العراقي، مخاوف الكرد والتركمان من أن يؤدي الى ترسيخ هذه التغييرات، خاصة أن غالبية سكان المناطق المتنازع عليها مثل سنجار غرب الموصل مازالوا نازحين في المخيمات.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
لاريجاني في بغداد وبيروت بين حصر السلاح وتثبيت النفوذ
طهران- في خضم مشهد إقليمي مشحون بالتوترات السياسية والأمنية وصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى العاصمة العراقية بغداد، في زيارة رسمية تهدف إلى "توقيع اتفاقية أمنية ثنائية مع الحكومة العراقية"، قبل أن يتوجه لاحقا إلى لبنان.
وقال لاريجاني -الذي عُين قبل أسبوع أمينا جديدا للأمن القومي- للتلفزيون الإيراني قبيل مغادرته طهران إن زيارته تشمل العراق ولبنان، موضحا أن الاتفاق المزمع توقيعه في بغداد "يؤكد أن أمن المنطقة مبدأ إستراتيجي مشترك".
وشدد لاريجاني على شكر طهران الحكومة العراقية لـ"تعاونها الكبير" في تنظيم مراسم زيارة الأربعين وتسهيل شؤون الزوار الإيرانيين.
والتقى لاريجاني في العراق مسؤولين وقوى سياسية واجتماعية، لبحث "سبل تعزيز التعاون الثنائي"، في حين ستشهد محطته الثانية في بيروت غدا الأربعاء مشاورات مع مسؤولين وشخصيات مؤثرة، لنقل "رسائل واضحة تركز على وحدة الشعب اللبناني واستقلال البلاد، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري".
وأكد أن إيران مستعدة دائما لدعم الشعب اللبناني لتجاوز الأزمات وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
أبعاد إقليميةوتأتي الزيارة في ظل تفاعلات إقليمية متشابكة، إذ تزامنت مع جدل واسع في العراق عقب دعوة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى حصر السلاح بيد الدولة، وهي دعوة وُجهت رسميا إلى جميع الأطراف، لكن الأنظار تركزت على فصائل الحشد الشعبي التي تحولت من قوة قتالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلى لاعب سياسي وعسكري واسع النفوذ.
ويرى محللون أن تصريحات السوداني قد تستهدف بالأساس الفصائل المسلحة خارج إطار الحشد، ولا سيما ذات التوجهات المعادية لواشنطن والمنخرطة في عمليات ذات بعد إقليمي، في وقت يقترب فيه العراق من استحقاق انتخابي، وتتصاعد فيه الضغوط الغربية بشأن مستقبل السلاح خارج الدولة.
إعلانوفي لبنان، أقرت الحكومة رسميا مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، وهو ما رفضه حزب الله، معلنا تمسكه بسلاحه، في حين جاء الدعم الإيراني لهذا الموقف صريحا على لسان مسؤولين بارزين، مثل وزير الخارجية عباس عراقجي ومستشار المرشد علي أكبر ولايتي.
ولم يتأخر الرد اللبناني الرسمي، إذ أصدرت وزارة الخارجية بيانين منفصلين أدانت فيهما تصريحات المسؤولين الإيرانيين، واعتبرتهما "تدخلا في الشأن الداخلي اللبناني وعدم احترام لسيادة البلاد".
وبحسب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، فإن جولة لاريجاني إلى العراق ولبنان تأتي في إطار "تعزيز استقرار الأمن في المنطقة ضمن المستجدات الإقليمية"، وهو ما يرى مراقبون أنه يعكس رغبة طهران في تثبيت نفوذها السياسي والأمني في محطات إقليمية حساسة، وسط تقاطعات محلية ودولية معقدة.
أستاذ العلوم السياسية عصام الفيلي: زيارة لاريجاني تأتي على خلفية ملف حاسم وساخن في أروقه السياسة العراقية وهو موضوع قانون الحشد#ما_وراء_الخبر pic.twitter.com/1uRVAgEGKo
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 12, 2025
رد على ضغوطتقول المحللة السياسية هدى يوسفي إن زيارة لاريجاني إلى بيروت لا يمكن النظر إليها على أنها مجرد زيارة دبلوماسية اعتيادية، بل تمثل في جوهرها ردا إستراتيجيا على ضغوط جيوسياسية متزايدة تتعرض لها إيران من عدة جبهات في وقت واحد.
وأشارت في حديثها للجزيرة نت، إلى أن توقيت الزيارة ومسارها يجعلها نقطة تحول محورية بالنسبة لمحور المقاومة، وخاصة لطهران.
وأضافت أن لاريجاني قدّم أهداف زيارته ضمن الخطاب الدبلوماسي التقليدي، متحدثا عن "التشاور مع المسؤولين اللبنانيين" و"الحفاظ على الوحدة الوطنية"، و"دعم استقلال لبنان"، لكن هذه العناوين، بحسب يوسفي، تخفي وراءها أهدافا إستراتيجية أعمق وأكثر إلحاحا.
في مقدمة هذه الأهداف، بحسب يوسفي، احتواء وإدارة الأزمة التي أثارها قرار الحكومة اللبنانية الأخير بنزع سلاح حزب الله بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وهو ما تعتبره طهران "خطا أحمر" أمنيا.
ورأت يوسفي أن مهمة لاريجاني متعددة المستويات:
تبدأ بتقييم مدى جدية الحكومة اللبنانية في تنفيذ القرار ومدى تماسكها الداخلي. مرورا بتقوية صفوف المعارضين له عبر التواصل مع طيف واسع من الشخصيات المؤثرة، وبما يتجاوز الحلفاء التقليديين لإيران، بهدف تحويل الملف من تحد عسكري محتمل إلى أزمة سياسية داخلية تزيد كلفة التنفيذ على حكومة بيروت.ولفتت إلى أن أبعاد الزيارة تتجاوز الأزمة اللبنانية، إذ تأتي ردا على ما تصفه بـ"المأزق الإستراتيجي" الذي تواجهه إيران جراء تزامن مشروع نزع سلاح حزب الله مع التطورات في القوقاز، لا سيما اتفاق أرمينيا وأذربيجان الذي أتاح تمدد الحضور الأميركي والأطلسي حتى حدود إيران الشمالية، وهو ما تعتبره طهران استكمالا لحلقة تطويقها إقليميا.
وبحسب يوسفي، فإن نتائج الزيارة ستختلف باختلاف المدى الزمني؛ ففي المدى القصير يرجح أن يتمكن لاريجاني من تأجيل أو إبطاء تنفيذ الخطة عبر تسليط الضوء على مخاطر الصدام الداخلي وإحداث انقسامات في النخبة الحاكمة.
إعلانلكن النجاح الكامل في إفشال المشروع سيبقى رهينا بعوامل خارج سيطرة إيران، أبرزها مستوى الضغط الأميركي والإسرائيلي والأوضاع الاقتصادية الهشة في لبنان.
وختمت بأن الرسالة الأهم التي تحملها الزيارة موجهة إلى واشنطن وتل أبيب وعواصم المنطقة، ومفادها أن إيران لن تتخلى عن أصولها الإستراتيجية، وعلى رأسها حزب الله، وأنها مستعدة لاستخدام كل الأدوات الدبلوماسية والسياسية، بل والأمنية إذا لزم الأمر، للحفاظ على عمقها الإستراتيجي، مؤكدة أن الزيارة تهدف أكثر إلى منع خسارة إستراتيجية كبرى، لا إلى تحقيق مكسب جديد.
الدبلوماسية الإقليميةوفيما يتعلق بزيارة بغداد، قال الباحث الإيراني المختص بالشأن العراقي علي بيدبو في حديثه للجزيرة نت، إن "العراق يمر حاليا بحالة من الاستقرار الهش، وهو وضع يمكن أن يتغير في أي لحظة تحت تأثير موجة من التطورات الإقليمية، ورغم انشغال القادة السياسيين بالتحضير للانتخابات، فإنهم يتابعون المشهد المقبل بقلق واضطراب".
وأضاف بيدبو "قبيل إجراء الانتخابات وحلّ أكثر دورات البرلمان إثارة للجدل، يتحرك النواب والأحزاب بين مساعي إقرار أو رفض أو تعديل مشروع القانون المتعلق بالحشد الشعبي".
وأوضح أن "مشروع القانون، فضلا عن منحه صلاحيات خاصة للحشد الشعبي، يجعل جميع تحركاته خاضعة لأوامر القائد العام للقوات المسلحة، كما ينص على تزويده بأسلحة متطورة، ورفع منصب رئيسه إلى مرتبة وزير بما يتيح له حضور اجتماعات مجلس الوزراء كعضو في الحكومة".
وأشار الباحث الإيراني إلى أنه مؤخرا، وبعد زيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قآني إلى بغداد ولقائه القيادات الشيعية العراقية، جرت مشاورات حول القانون وضغوط الولايات المتحدة لمنع إقراره، وانتهت هذه المشاورات إلى توافق على صياغة مقترح لمستقبل الحشد الشعبي".
وبيّن أن زيارة لاريجاني إلى بغداد، وهي الأولى له منذ توليه منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، تحمل رسالة عامة بأن مهمة الدبلوماسية الإقليمية أُوكلت إليه بدلا من وزارة الخارجية، وفي الملف العراقي على وجه الخصوص، فهو يحمل رسالة وقرارا بشأن مستقبل الحشد الشعبي.