حكم الخروج من المسجد بعد الأذان وفضل التبكير في الذهاب
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الشرع الشريف حث على التبكير في الذهاب إلى المساجد وانتظار الصلاة، كما حث على اغتنام الوقت الذي بين الأذان والإقامة؛ بصلاة السنن والنوافل، والإكثار مِن الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن وذِكر الله تعالى والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في أحاديث كثيرة.
روى أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» متفقٌ عليه.
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 280، ط. مكتبة الرشد): [يدخل في معنى التهجير: المسارعة إلى الصلوات كلها قبل دخول أوقاتها؛ ليحصل له فضل الانتظار قبل الصلاة] اهـ.
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، حَتَّى يَنْصَرِفَ، أَوْ يُحْدِثَ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
حكم الخروج من المسجد بعد الأذان
قالت الإفتاء إن جمهور الفقهاء ذهبوا بكره الخروج من المسجد بعد الأذان وقبل الإقامة، إلا لحاجة أو عذر شرعيٍّ مقبول أو بنية الرجوع.
وأضافت الإفتاء أنه إذا بادر المسلم إلى المسجد لأداء الصلاة؛ امتثالًا للأمر ورجاءً في الفضل، فلا ينبغي له أن يخرج منه بعد الأذان وقبل الشروع في الإقامة؛ لما ثبت عن أبي الشعثاء رضي الله عنه أنه قال: "كنا قعودًا في المسجد مع أبي هريرة رضي الله عنه، فأذَّن المؤذِّن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتَّى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: "أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ" رواه مسلم في "صحيحه".
وأخرجه الإمام الترمذي في "السنن" عن أبي الشعثاء رضي الله عنه بلفظ: "خرج رجل مِن المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر"، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم"، وقال عَقِبه: [وعلى هذا العمل عند أهل العلم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومَن بعدهم: ألَّا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان، إلَّا من عذر: أن يكون على غير وضوءٍ، أو أمرٍ لا بد منه. ويروى عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة"، وهذا عندنا لمَن له عذرٌ في الخروج منه] اهـ.
وفي رواية شريك عن المسعودي رضي الله عنه، ثم قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ»" أخرجها الإمام أحمد في "مسنده".
قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (24/ 213، ط. أوقاف المغرب): [أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يُصَلِّ وكان على طهارة، وكذلك إذا كان قد صلَّى وحده إلَّا لما لا يعاد من الصلوات.. فلا يحلُّ له الخروج من المسجد بإجماع إلَّا أن يخرج للوضوء وينوي الرجوع] اهـ.
آراء الفقهاء في حكم الخروج من المسجد بعد الأذان من دون عذر
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، وبعض الحنابلة إلى كراهة الخروج من المسجد في غير الحالات والأعذار المسموح بها شرعًا؛ وهو ما ذهب إليه الحنفية غير أنهم رفعوا درجة الكراهة حيث جعلوها كراهة تحريمية، إلَّا إذا كان الخروج لعذرٍ أو حاجةٍ، وأن عندهم -أي: الحنفية- لا يكره الخروج بعد الأذان لمَن كان صلَّى وحده في جميع الصلوات إلا في الظهر والعشاء فإنه يكره الخروج عند الشروع في الإقامة فقط لا قبله.
بينما ذهب فقهاء الحنابلة في الصحيح من المذهب والإمام ابن حزم الظاهري إلى حرمة الخروج من المسجد بعد الأذان وقبل الصلاة ما لم يكن هناك عذر.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 296-297، ط. مكتبة القاهرة): [ولا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلَّا لعذر.. فأما الخروج لعذر فمباح؛ بدليل أن ابن عمر رضي الله عنهما خرج من أجل التثويب في غير حينه. وكذلك من نوى الرجعة؛ لحديث عثمان رضي الله عنه] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأذان الأذان والإقامة السنن الإفتاء دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم الإمام ابن أبو هریرة ى الله ع
إقرأ أيضاً:
اختتام مولد السيدة نفيسة بالليلة الكبيرة غداً.. تعرف على قصتها وسر حب المصريين لها
يختتم محبو آل البيت، غداً الأربعاء، الليلة الختامية لمولد السيدة نفيسة، وعاشت السيدة نفيسة في مصر نحو 15 عامًا، وذاع صيتها منذ وصولها من المدينة المنورة، والسيدة نفسية، جدها الأكبر الحسن بن علي بن أبي طالب، ولقبت بـ نفيسة العلوم ونفيسة الدارين، وقيل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء في رؤيا منامية إلى زوجها قائلاً له: «اترك نفيسة لـأهل مصر فإن البركات تتنزل عليهم ببركتها».
اسم السيدة نفيسةالسيدة نفسية، هي بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبى طالب، فهي حسينية بمعنى أن جدها الأكبر هو الإمام الحسن ولقبت بنفيسة العلوم لكثرة علومها ومعارفها، ولأنها أمدت الإمام الشافعي بعلمها ونفيسة الدارين، لأنها عملت للدنيا والآخرة بعلومها ومعارفها والنفيسة الطاهرة الفريدة العفيفة الزاهدة العابدة الساجدة الراكعة، ونفيسة المصريين لأنها كانت تحب أهل مصر، وكانوا يحبونها كل هذه ألقاب للسيدة نفيسة رضى الله عنها، والعلوم التي اكتسبتها السيدة نفيسة هي العلوم التي لا تكتسب عن طريق الاطلاع وإنما التي تكتسب من الله عز وجل كفيض وهبة ومنحة.
زواج السيدة نفيسةتزوجت إسحاق المؤتمن، ابن جعفر الصادق رضي الله عنه في شهر رجب سنة 161هـ، وبزواجهما اجتمع نور الحسن والحُسَين، وأصبحت السيدة نفيسة كريمة الدارَيْن، فالسّيدة نفيسة جدُّها الإمام الحسن، وإسحاق المؤتمن جدّه الإمام الحسين رضي الله عنهما. وأنجبت لإسحاق ولدًا وبنتًا هما القاسم وأم كلثوم. وكان إسحاق مشهودًا له بالصلاح.
زهد السيدة نفيسةكانت تمضي أكثر وقتها في حرم جدّها صلى الله عليه وسلم، وكانت الآخرة نصب عينيها، حتى إنها حفرت قبرها الذي دُفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، وقرأت فيه المصحف مائة وتسعين مرة وهي تبكي بكاءً شديدًا.
وكان لأخيها يحيى (المتوّج) بنت واحدة اسمها (زينب) انقطعت لخدمة عمتها، تقول: خدمتُ عمّتي السيدة نفيسة أربعينَ عامًا، فما رأيتها نامَت بلَيل، ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق، فقلت لها: أمَا ترفُقِين بنفسِك؟ فقالت: كيف أرفُق بنفسي وأمامي عَقَبات لا يقطَعُهُنّ إلا الفائزون؟ وكانت تقول: كانت عمتي تحفَظ القرآن وتفسِّره، وكانت تقرأ القرآنَ وتَبكي.
دعاء المطر .. سنة نبوية مستحبة وأوقات إجابة لا تترك فضلها
3 أدعية عن النبي للشفاء والوقاية من الحسد.. لا تغفل عنها
السيدة نفيسة ولدت في مكة المكرمة عام 145هـ وجاءت مع عائلتها عام 193 هـ إلى مصر، وقضت السيدة نفيسة في مصر 15 عاما، وجاء الإمام الشافعي إلى مصر عام 198 هجرية، والتقت به في مصر، وعندما جاء الشافعي إلى مصر تعرض إلى محنة مع العلماء فقالوا عليه هذا فقيه جاء من العراق وجاء إلى مصر ويقول إنه فقيه وتعلم العلم ومن تلاميذ الإمام مالك وحدث (وقتها) بينه وبين العلماء مشادات ومناظرات والبعض لجأ إلى اضطهاده، لكن السيدة نفيسة كانتوقتها العون والسند له وكان لها الفضل عليه لأنه تعلم منها كثيرًا.
ما قصة السيدة نفيسة مع نهر النيل في مصر؟كان وجود السيدة نفيسة في مصر إيجابيًا، فلجأ إليها المصريون عندما شح عليهم نهر النيل وجف منسوبه جاءوا إليها وقالوا لها إن منسوب النيل انخفض، وما لبثت أن أظهرت كرامة من كراماتها، فخلعت حجابها وطلبت من أهل مصر أن يلقوا به في ماء النيل ففاض النيل ببركة ربنا وببركة نفيسة العلوم، وهذه إضافة إلى أهل مصر الذين تعلقوا تعلقا شديدا بها.
وصية الإمام الشافعي
لمَّا وفد الإمام الشافعي رضي الله عنه إلى مصر، توثقت صلته بالسيدة نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء، وأوصى أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، وصلّت عليها إنفاذًا لوصيته.
هل حفرت السيدة نفيسة قبرها بيدها؟عُرف عن السيدة نفيسة حسن عبادتها وعدلها، فيروى أنها لما كانت بالمدينة كانت تمضي أكثر وقتها في المسجد النبوي تتعبد، وتروي زينب ابنة أخيها يحيى المتوج “خدمتُ عمّتي السيدة نفيسة أربعينَ عامًا، فما رأيتها نامت بليل، ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق، فقلت لها: أما ترفقين بنفسك؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبات لا يقطعهن إلا الفائزون؟ وكانت تقول: كانت عمتي تحفظ القرآن وتفسره، وكانت تقرأ القرآن وتَبكي”، وقيل أنها حفرت قبرها الذي دُفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، وقرأت فيه المصحف 190 مرة وهي تبكي بكاء شديدا.
منزلة آل البيتلكل آل البيت منزلة كبيرة عند المصريين، لكن تظل السيدة نفيسة في مكانة مختلفة؛ لأنها عاشت 15 عاما بمصر، كما دفنت بها بناء على رغبة المصريين أنفسهم، وهو أمر ليس محل شك على عكس مسجد الحسين، الذي ما زالت الآراء مختلفة حول حقيقة دفن رأس الحسين في المسجد الذي يحمل اسمه.
كانت السيدة نفيسة عالمة وفقيهة وقريبة من المصريين، ولها مواقف كثيرة دعمتهم فيها ضد حكامهم، إضافة لمكانتها التي تحدث عنها الإمام الشافعي، الذي كان يعتبر نفسه أحد تلاميذها، وهي الأسباب التي اجتمعت لتجعل ارتباط المصريين بالمسجد، هو في الأساس لارتباطهم بحفيدة النبي صلى الله عليه وسلم.
سبب دفن السيدة نفيسة في مصروهناك رواية محققة في سبب دفن السيدة نفيسة في مصر، فبعد وفاتها عام 208هجرية، أراد زوجها دفنها بالبقيع في المدينة المنورة، لكن المصريين رفضوا وتجمعوا حول منزلها، ووسطوا الوالي لإقناع زوجها بدفنها في مصر، وجمعوا له أموالا، إلا أن زوجها أصر على نقلها للمدينة، وهو ما قابله المصريون بإصرار أشد على بقائها بينهم، وفي اليوم التالي للوفاة فاجأهم بموافقته على دفنها بمصر، وعندما سُئل عن سبب عدوله عن موقفه، أخبرهم بأنه "رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه وطلب منه أن يرد على المصريين أموالهم وأن يدفنها بينهم".