هناك أشخاص معدودون تظل سيرتهم أطول من مسيرتهم بمقدار ما قدموه، من ضمن هؤلاء «وجيه صبحى باقى»، الذى صار فيما بعد يُعرف باسم البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، وحمل الرقم 118 فى تاريخ بابوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ المسيحى، وأحد أركان الدولة المصرية طوال مسيرة تعدت الألفى عام.

كسيده المسيح، وديعاً، محباً، متضعاً، يصنع سلاماً، كان «وجيه» فى طفولته وشبابه. 

ملتصقاً بالكنيسة، مهموماً بمشاكل الأقباط، مشغولاً بالشأن العام والحفاظ على سلامة الوطن واستقراره، عُرف عنه فى مسيرته الكهنوتية منذ أن كان راهباً باسم «ثيؤدور»، مروراً برسامته أسقفاً عاماً باسم «الأنبا تواضروس»، ووصولاً لجلوسه على كرسى مارمرقس الرسول فى 18 نوفمبر 2012 باسم «البابا تواضروس الثانى». 

كان له من اسمه نصيب، فهو «وجيه» فى صباه وشيخوخته، وهو «عطية الله»، كما يرمز اسمه القبطى لـ«الوطن والكنيسة»، نثر الحب يوم أن أراد أهل الشر بمصر سوءاً فى 2013، وزرع السلام بكلماته يوم أن أُريقت الدماء على مذبح الرب فى فورة الإرهاب بعد ثورة الثلاثين من يونيو، وبشّر بالمستقبل حينما بارك مشاريع «الجمهورية الجديدة».

الأحداث الجسام تليق بالرجال، تختبر قوة حكمتهم، والصيدلانى الذى تعلّم أن يصنع من «السم الدواء»، قاد دفة سفينة الكنيسة فى بحر متلاطم بالتحديات طوال اثنى عشر عاماً، ودوّن فى دفتر مسيرته الممتدة العديد من الإنجازات، فأعاد ترتيب البيت الكنسى من الداخل على نظام مؤسسى عصرى يلبى متطلبات الزمان واحتياجات رعيته، وخلّد اسمه فى كتاب التاريخ الحديث من أوسع أبوابه بما حصل الأقباط عليه من منجزات ومكاسب فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى جعل شعار «المواطنة» حقيقة على أرض الواقع. 

فى ذكرى تجليسه، تقلب «الوطن» فى دفتر مسيرة البابا تواضروس الثانى، تلقى الضوء على مسيرة رجل المحبة والصلاة، احتفاءً يليق بقدره ومكانته فى قلوب المصريين.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عطية الله البابا تواضروس

إقرأ أيضاً:

إغناطيوس: البرنامج النووي الإيراني أعيد سنوات إلى الوراء بعد حرب الأيام الـ12

قال الكاتب الأميركي ديفيد إغناطيوس، إن الحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي ضد إيران واستمرت 12 يومًا، تسببت في أضرار "هائلة" للبرنامج النووي الإيراني، قد تمنعه من استعادة قدراته السابقة لسنوات.

وأضاف إغناطيوس في مقاله بصحيفة واشنطن بوست أن مصادر إسرائيلية مطلعة أبلغته أن إيران لم تعد تُعتبر دولة على عتبة التسلح النووي، وأنها بحاجة الآن لعام أو عامين على الأقل لصنع سلاح نووي قابل للإيصال، إذا تمكنت من إخفاء جهودها. واعتبرت هذه المصادر أن أي محاولة إيرانية لتجربة قنبلة بدائية ستكون على الأرجح مرصودة من قبل إسرائيل، التي قد تبادر عندها إلى تنفيذ ضربة استباقية لتعطيلها.

ورأى الكاتب أن هذه التقديرات تدعم ما تقوله كل من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والحكومة الإسرائيلية، من أن الحملة حققت أهدافها الاستراتيجية. لكنه لفت إلى أن بعض التفاصيل ما تزال غامضة، مثل احتمال وجود أجهزة طرد مركزي أو مخزونات يورانيوم أو منشآت نووية لم تُدمّر، أو أن تلجأ طهران إلى الرد عبر تنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة أو تل أبيب.

وكشف إغناطيوس، نقلًا عن مصادر إسرائيلية وأمريكية، أن القصف المركّز دمّر جانبًا كبيرًا من البنية التحتية لإنتاج اليورانيوم المخصب، بالإضافة إلى عناصر رئيسية من برنامج التسلح النووي الإيراني، بينها أبحاث تتعلق بقنبلة نووية اندماجية وسلاح نووي تقليدي، وحتى مشروع لتطوير سلاح نبضي كهرومغناطيسي (EMP) كان الحرس الثوري يعتقد أنه لا يتعارض مع فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي بتحريم السلاح النووي.

وربما كانت الضربة "الأكثر فتكًا والأقل تناولًا إعلاميًا"، بحسب المقال، هي تلك التي استهدفت العلماء الإيرانيين أنفسهم. إذ قال مصدر إسرائيلي إن الضربات الجوية خلال الساعات الأولى من الحرب قتلت جميع علماء الفيزياء والنوويين الإيرانيين من "الصف الأول والثاني"، بالإضافة إلى معظم "الصف الثالث"، وهو ما وصفه بخسارة بشرية يصعب تعويضها، وقد تردع الأجيال الجديدة عن الانخراط في البرنامج.

وأشار الكاتب إلى أن الاحتلال الإسرائيلي استخدم مزيجًا من التفوق الجوي، والاستخبارات الدقيقة، والتكنولوجيا الحاسوبية المتقدمة، لتنفيذ ضربات شبه متزامنة ضد بنية البرنامج النووي والعسكري الإيراني، واصفًا إياها بأنها كانت "حرب طيران، وحرب تجسس، وحرب خوارزميات" في آن واحد.

أما الضربة الأخيرة، فقد نفذتها القوات الأميركية، وفقًا للمصادر، عبر قاذفات B-2 المحملة بقنابل خارقة للتحصينات، وصواريخ توماهوك أطلقتها السفن الحربية، وهو ما منح ترامب دورًا مباشرًا في الإنجاز، وأظهر القوة العسكرية الأمريكية.


وذكر إغناطيوس أن ترامب منح إسرائيل الضوء الأخضر لبدء الهجوم في 13 حزيران/يونيو، لكنه أوضح أنه كان مستعدًا للتدخل الأميركي فقط إذا سارت العملية بشكل جيد، وهو ما حصل لاحقًا. وبحلول إعلان وقف إطلاق النار، كانت إسرائيل تستعد لمرحلة أخيرة من الهجمات تهدف إلى "إسقاط النظام".

ووفقًا للتقييم الإسرائيلي الذي يتطابق إلى حد كبير مع التقييم الأميركي، فإن الضربات دمّرت منشأة نطنز الرئيسية للتخصيب، وأخرجت عن الخدمة مجمع فوردو المدفون تحت الأرض، إضافة إلى تدمير منشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان، وموقع كانت إيران قد خبأت فيه 400 كغم من اليورانيوم عالي التخصيب.

وقالت المصادر الإسرائيلية إن أي كميات مخفية أخرى من هذا اليورانيوم لن تكون كافية لصنع "قنبلة قذرة" (dirty bomb) ذات تأثير إشعاعي واسع، شبيه بكارثة تشرنوبل.

وأضافت بحسب إغناطيوس أن "إسرائيل، وبعد سيطرتها الجوية الكاملة منذ اليوم الثاني من الحرب، نجحت في تدمير نصف الصواريخ البالستية الإيرانية (3,000 صاروخ) و80 بالمئة من منصات الإطلاق (500 منصة)".

وأكدت أن إيران كانت تخطط لمضاعفة ترسانتها الصاروخية إلى 8,000 صاروخ، ما كان سيجعل أي تأخير في الهجوم أكثر كلفة على إسرائيل. كما فوجئت تل أبيب، بحسب المصدر، بحجم الترسانة الإيرانية من الصواريخ العاملة بالوقود الصلب، التي يصعب اعتراضها".

وبالإضافة إلى استهداف العلماء والمنشآت، دمرت إسرائيل البنية اللوجستية للبرنامج النووي، بما يشمل المقرات والأرشيفات والمختبرات وأجهزة الاختبار، ما يجعل من الصعب إعادة تشغيل البرنامج حتى لو وُجدت الإرادة السياسية.

وختم إغناطيوس مقاله بالقول إن الإدارة الأمريكية تواجه الآن معضلة بشأن ما إذا كانت ستسعى لاتفاق نووي جديد يمنع إيران من إعادة بناء برنامجها. لكن طهران، حتى الآن، ترفض مطلبًا أميركيًا رئيسيًا بوقف تخصيب اليورانيوم، ما يجعل إمكانية التوصل لاتفاق "معدومة" على الأرجح.

وفي ظل الركام الذي خلّفته الضربات، تأمل واشنطن وتل أبيب بأن تظل إيران موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تتيح التفتيش الدولي. لكن عمليًا، معظم المواقع النووية الإيرانية تحولت اليوم إلى "غبار وركام"، كما يقول المقال.

مقالات مشابهة

  • "المصمك".. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة
  • عاجل | المتحدث العسكري باسم أنصار الله: قررنا تصعيد عملياتنا العسكرية والبدء في المرحلة الرابعة من الحصار على العدو
  • “المصمك”.. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة
  • إغناطيوس: البرنامج النووي الإيراني أعيد سنوات إلى الوراء بعد حرب الأيام الـ12
  • البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس الخامس
  • البابا تواضروس يفتتح ملتقى لوجوس للشباب حول العالم
  • العودة إلى الجذور.. البابا تواضروس يفتتح ملتقى «لوجوس للشباب» حول العالم بعنوان «متصلون»|صور
  • محافظة ريمة تشهد 77 مسيرة نصرة لفلسطين وتنديداً بالجرائم الصهيونية
  • بحضور البابا تواضروس الثاني.. «الصحة» تنظم قافلة طبية متنقلة في الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية
  • 39 مسيرة في صعدة تندد بجرائم التجويع في غزة