من ذاكرة مدينة.. بين أسواق دمشق وأسوارها حكايات لا تنتهي
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
دمشق، عاصمة التاريخ، وسيدة المدن، والمدينة العتيقة التي تبوأت مكانةً مرموقة في سجلّ الحضارة الإنسانية، وعلى أرضها اِلتقت أمم وثقافات وحضارات شتى؛ من الآراميين إلى الرومان، وصولًا إلى الأمويين والعباسيين والسلاجقة والزنكيين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، لتتداخل ثقافاتهم في نسيج عمراني وثقافي متفرد.
الجمال المعماري الدمشقي
دمشق مدينة تتميز بتراث معماري يروي فصولًا متعاقبة من حضارات متنوعة، تتناغم فيها لمسات الطراز الإسلامي مع تأثيرات الحضارات الآشورية والفينيقية والسلوقية والرومانية والبيزنطية. ويأتي المسجد الأموي الكبير ليعبر عن هذا التنوع الفريد، بفضل زخارفه الفسيفسائية ونقوشه المعقدة التي تجسد قمة الإبداع والرقي الفني الذي بلغته الحضارة العربية الإسلامية.
أما البيوت الدمشقية التقليدية، فتجسد صورة واضحة للعمارة المحلية، حيث تبدو بسيطة في واجهاتها الخارجية، لكنها تكشف خلف جدرانها أفنية هادئة تزينها النوافير وتحيط بها النباتات، مكونةً واحة من السكينة وسط المدينة الصاخبة. ومن خلال تنوع الطرز المعمارية، بدءًا من القصور الشرقية إلى المساجد والمدارس العريقة، تعكس دمشق تكاملًا فريدًا بين الأصالة والتنوع، لتظل عمارتها مصدر إلهام مستمر لكل من يتأملها.
أسواق دمشق.. إرثٌ تاريخي وفسيفساءٌ ثقافية
الأسواق القديمة في دمشق تمثل القلب النابض للمدينة القديمة، حيث تتداخل فيها ملامح التاريخ والحياة اليومية للدمشقيين في مشهد متكامل يجمع بين التجارة والتراث. فالأسواق الدمشقية تُعد مزيجًا من العراقة والحرفية، إذ تعكس بوضوح طابع دمشق التاريخي والاجتماعي والاقتصادي. وكانت هذه الأسواق منذ القدم ملتقى للتجار والمسافرين من شتى أنحاء العالم، فبقيت اليوم بمثابة متحف مفتوح يتنفس عبق الماضي.
ويعد "سوق الحميدية" الأشهر بين أسواق دمشق التاريخية، يمتد من بوابة الصالحية إلى المسجد الأموي، ويشتهر بسقفه المقوس، وواجهاته التي تجسد طرازاً معمارياً عريقاً. وهنا، تتنوع البضائع المعروضة، من السجاد اليدوي والأقمشة الدمشقية المطرزة، إلى التوابل والعطور التي تملأ المكان برائحة الشرق العتيقة. وقد كان السوق عبر العصور رمزًا للتبادل الثقافي والتجاري، إذ تداخلت فيه المنتجات المحلية مع ما يأتي به التجار من بلدان بعيدة.
أما "سوق مدحت باشا" أو "السوق الطويل"، الذي يعود تاريخه إلى العصر الروماني، فيشهد على مراحل تطور التجارة بدمشق، حيث تصطف المحلات المخصصة للأقمشة الحريرية والمشغولات النحاسية، لتعرض المنتجات التي تعكس حرفية المهارة الدمشقية المتوارثة عبر الأجيال. ويعد "سوق الصاغة" مكانًا مميزًا لعشاق الحلي والمجوهرات التقليدية، فهو يضم ورشًا صغيرة لصياغة الذهب والفضة، ويمتاز بجمال الحرفية والإتقان، ما يجذب إليه الزوار والسياح من كل مكان.
بعض الأسواق الدمشقية تحمل أسماء ترتبط بالمهن مثل "سوق الحدادين" و"سوق الخياطين"، بينما يشير "سوق الحرير" و"سوق القطن" إلى نوع البضائع التي عرفت بها هذه الأماكن. بجانب هذه الأسواق الكبيرة، تتفرع أسواق أصغر مثل "سوق الجزماتية" المختص بالأحذية التقليدية، و"سوق القباقبية" لصناعة القباقيب، و"سوق المسكية" حيث تباع الكتب القديمة والجديدة، ما يجعل هذه الأسواق لوحة واقعية تُعبر عن التنوع والتميز في التراث المحلي.
ولا تكتمل أبهة وروعة هذه الأسواق دون البيوت الدمشقية الأصيلة التي تفتح أبوابها للزوار، مثل "مكتب عنبر" و"بيت السباعي"، مما يعزز تجربة الزيارة ويتيح للزوار اكتشاف روعة العمارة التقليدية. تجمع أسواق دمشق بين النشاط التجاري وأصالة التراث، لتظل رمزاً حياً لمدينة عريقة ومركزاً ثقافياً واقتصادياً يروي حكايات الماضي والحاضر.
أسوار دمشق وأبوابها.. صروح تاريخية
تمثل أسوار دمشق وأبوابها رموزًا أصيلة لقوة المدينة وعراقتها، حيث ظلت هذه الأسوار والأبواب شاهدًا على تجارب وأحداث تاريخية كبرى، إذ بنيت هذه الأسوار منذ العهد الروماني لحماية دمشق من غزوات الأعداء، واختير موقع المدينة بعناية ليكون محاطًا بحصون طبيعية من جبال ووديان، ما جعل من هذه الأسوار خط دفاع إضافي يعزز مناعتها عبر العصور. ومع تطور دمشق عبر الفترات الإسلامية، ظلت هذه الأسوار والأبواب حامية للمدينة، صامدة أمام تحديات الزمن وشاهدة على أحداث وتحولات سياسية واجتماعية متنوعة.
تنتشر على طول الأسوار التاريخية للمدينة أبواب عديدة، يبلغ عددها عشرة، سبعة منها تعود للعهد الروماني، وأضيفت إليها في العهد الإسلامي أبواب أخرى لدعم التحصينات وتلبية حاجات النمو الحضري. لكل باب من هذه الأبواب طابعه الخاص وقصته المميزة؛ فالباب الشرقي، مثلًا، الذي يرتبط بكوكب الشمس، يضم ثلاث بوابات، استخدمت حجارته لاحقًا في تبليط أرضية الجامع الأموي، وهو أحد الأبواب الباقية حتى اليوم. باب كيسان، الذي يقع في الجهة الجنوبية الشرقية، يُعتقد أن اسمه يعود إلى مولى معاوية بن أبي سفيان، ويُرمز إليه بكوكب زحل، وقد جُدد في العهد المملوكي ليبقى صامدًا في وجه الزمن.
أما باب توما، الذي يُنسب إلى القديس توما، فيتميز بجمال زخارفه المعمارية التي تعكس مزيجًا رائعًا بين الفن الروماني والإسلامي، ويرمز لكوكب الزهرة، وقد تم تعزيز بنيانه في العهد المملوكي لإضفاء مزيد من القوة. من الجهة الغربية، يقع باب الجابية، نسبة إلى قرية الجابية، وكان يشكل منفذًا للقوافل التجارية المتجهة غربًا. ويُرمز إليه بكوكب المريخ، ويعكس في تصميمه الصلابة التي كانت تحمي المدينة.
أضاف المسلمون أيضًا أبوابًا جديدة خلال العهد الزنكي، منها باب السلامة وباب الفرج، وقد أُنشئ باب السلامة شمالي المدينة في عهد نور الدين زنكي، وسمي بذلك تفاؤلًا بكونه خاليًا من المعارك. وأما باب الفرج، الواقع أيضًا في الشمال، فقد سمي تيمنًا بالفرج والتيسير، وأعيد ترميمه مرات عدة، ليكون وجهةً للتجارة والصناعة.
وهكذا، أصبحت أسوار دمشق وأبوابها مع مرور الزمن صمام أمان للمدينة؛ حيث كانت تُغلق عند الضرورة، وتُفتح في أوقات السلم والتجارة، وأضحت تحفًا معمارية تنطق بقصص مجد وعراقة. وإن زخارف هذه الأبواب وتفاصيلها الغنية تعكس براعة الحرفيين الذين صمموها، إذ يتميز كل باب بزخارفه الدقيقة وأقواسه العالية وأعمدته المتينة. وباب الفراديس، على سبيل المثال، يمتاز بنقوشه الدقيقة التي تعكس ثقافة المدينة وتاريخها، بينما يروي باب توما حكايات تمازج بين العمارة الرومانية والإسلامية، ليبقى كل باب وأساسٍ في سور دمشق شاهدًا على عصور المجد وصمود شعبها.
رحلات الرحالة والمستشرقين إلى دمشق.. انبهار بتراثها وأسواقها
دمشق، درّة الشرق، وعنوان الحضارة؛ مدينة لا يمرّ بها الزائر مرورًا عابرًا، بل يجد نفسه مفتونًا بسحرها، وتأخذك المدينة في رحلة آسرة بين أزقتها العتيقة، وأسواقها الصاخبة وحكاياتها التي لا تنتهي. ولقد أسرت هذه المدينة قلوب الرحالة والمستشرقين على مر العصور، فاكتشفوا فيها أسرارًا لا حصر لها من الحضارة الإنسانية، وسجلوا إعجابهم بطابعها الفريد، وكرم أهلها، وعمرانها المهيب، لتظل دمشق مدينةً ملهمةً لكل من وطأ أرضها..
دمشق، بجمالها الأصيل وثرائها الثقافي، كانت دائمًا محط اهتمام الرحالة والمستشرقين الذين جذبتهم بجاذبية استثنائية، فلم تكن مجرد مدينة عادية، بل "جوهرة الشرق" ومقصدًا لكل من أراد استكشاف أسرار الحضارة الإسلامية. عبر العصور، سجل الرحالة إعجابهم العميق بهذه المدينة الساحرة، بدءًا من عمرانها وأسواقها وصولًا إلى كرم أهلها وأوقافها التي تضمنت جوانب إنسانية واجتماعية وثقافية عميقة.
يصف ابن بطوطة، أحد أبرز الرحالة، دمشق بأنها المدينة التي "تفضُل جميع البلاد حسنًا، وتتقدمها جمالًا"، معترفًا بأنه مهما حاول وصفها، فإن الكلمات تبقى قاصرة عن محاسنها. زار ابن بطوطة دمشق مرتين، وتزوج فيها، وارتبط بها بشكل خاص حتى بعد مغادرتها، إذ كانت حاضرة في ذاكرته وعاطفته. عندما عاد إليها بعد عشرين عامًا من الغياب، كان يتمنى لقاء ابنه، ليكتشف بمرارة أن ولده قد وافته المنية قبل اثنتي عشرة سنة.
ولم تكن دمشق بالنسبة له مجرد مدينة يقيم فيها، بل كانت منارة علمية وثقافية؛ حيث منحته إجازات علمية متعددة من علماء بارزين، ومن بينهم السيدة زينب بنت الكمال المقدسية. ويصف ابن بطوطة أهل دمشق بأنهم يتنافسون في بناء المساجد والزوايا والمدارس، ويحيطون الغرباء بكرمهم، حيث تتوافر لهم الخيرات دون عناء. أوقاف المدينة شملت عدة جوانب إنسانية، فقد خصصت لفكاك الأسرى، وتجهيز البنات الفقيرات للزواج، ودعم أبناء السبيل، مما يعكس روح التضامن الاجتماعي العميق الذي كان يميز أهلها.
ولم يقتصر انبهار الرحالة بدمشق على ابن بطوطة، بل امتد إلى مستشرقين آخرين مثل الفرنسي دارفيو الذي انبهر بجمال المسجد الأموي، ووصفه بأنه "درّة تاج المدينة". وهذا المسجد الذي يعج بأصوات الذكر وقراءة القرآن، ويشهد طقسًا جماعيًا يُعرف بالكوثرية، حيث يتلى القرآن من سورة الكوثر إلى آخره، ما يعكس مكانة الدين في قلوب الدمشقيين.
وفي القرن السابع عشر، لاحظ المستشرق جان تيفينو الحياة الاجتماعية والثقافة الغنية في دمشق، حيث كتب عن المقاهي المحيطة بأسوار المدينة، مثل السنانية والدرويشية، والتي كانت أماكن للتفاعل والالتقاء، مما يعكس أصالة نمط الحياة الدمشقي في تلك الفترة. زأما في القرن الثامن عشر، فقد أبهرت الكاتبة الإنجليزية الليدي ماري وورتلي مونتاجو بتناغم سكان دمشق، من مسلمين ومسيحيين ويهود، كما أثنت على كرم الضيافة السورية، مؤكدة على استقبال الدمشقيين للغرباء بترحيب حار.
ومع دخول القرن التاسع عشر، ازدادت جاذبية دمشق، إذ وصفها الكاتب ألكسندر كينغليك بأنها "مدينة التناقضات"، حيث يتداخل فيها القديم مع الجديد. أما في أوائل القرن العشرين، كتب جيسون إليوت في "الطريق إلى دمشق" عن دمشق بوصفها مركزًا لتجربة التحول الشخصي، وتحدث عن أهلها الذين يعيشون بين تحديات السياسة وتوترات الحياة، بينما تبقى مدينتهم رمزًا للتراث والثقافة العريقة.
وفي الختام، ستبقى مدينة دمشق بتراثها العريق متحفًا مفتوحًا يروي حكايات وذكريات وقصص شعوب وثقافات تعاقبت عليها عبر الزمن؛ شوارعها وأسواقها وأسوارها ليست مجرد آثار صامتة، بل شواهد حية على تاريخ عميق ومجد خالد؛ أسواقها التقليدية، كسوق الحميدية ومدحت باشا، وورش الحرف اليدوية التي لم تندثر، تعكس روح التراث وجمال الصناعة الدمشقية، فيما تروي أسوارها وأبوابها قصص الصمود أمام الغزاة والطامعين. ومهما طال عليها ليل الظلام ستعود منارةً شامخة، ومدينة تهدي العالم بصمات حضارية لا تُقدر بثمن، تلهم كل من عرفها ومر بها.
المراجع:
1 ـ أحمد البهادلي، أحمد البهادلي، حياة دمشق كما وصفها الرحالة الغربيون، 1 أكتوبر 2024م، رابط: حياة دمشق كما وصفها الرحالة الغربيون | مركز الكوثر الثقافي التعليمي
2 ـ سنان ساتيك، أبواب دمشق: أسوار تخفي خلفها الأسرار وتصون التاريخ، 12 يوليو 2015م، صحيفة العربي الجديد.
3 ـ محمد شعبان أيوب، وصف أهلها بالكرم والحضارة ورأى فيها ابن تيمية.. هكذا سحرت دمشق عقل ابن بطوطة، 9/3/2020، موقع ميدان، رابط: وصف أهلها بالكرم والحضارة ورأى فيها ابن تيمية.. هكذا سحرت دمشق عقل ابن بطوطة | الجزيرة نت
4 ـ محمد عبد الكريم، شهادات ومذكرات: دمشق في كتب الرحالة، صحيفة المثقف، نشر بتاريخ: 31 أيار 2024 . رابط: محمد عبد الكريم: دمشق في كتب الرحالة
5 ـ هشام عدرة، في أسواق مدينة دمشق القديمة... التسوق بين التاريخ والتراث، مجلة العربي، العدد 343.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير دمشق التاريخ سوريا تاريخ دمشق هوية تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الأسوار هذه الأسواق أسواق دمشق ابن بطوطة
إقرأ أيضاً:
الهيكل البنائي في حكايات فهرس الملوك
مدخل
يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء. إنّ أحوالَ المُلك غير مستقرّة، والمشيئة الربانية قادرةٌ على تبديلها؛ بتوفير أسباب متوافقة مع سنن الحياة؛ فالملك الظالم الجاهل أدنى لزوال ملكه من ملك حكيم عادل؛ لأن العدل أساس الملك، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. ولنا في العصر الحديث نماذج لا تبدأ بهتلر ولن تنتهي ببشار.
وفي سبري لحكايات «فهرس الملوك» عملت على رصد صورة الحاكم والمحكومين التي لها أثر كبير في تحوّل أحوالهم؛ فالتحوّل هو الركيزة الأساس للهيكل البنائي للحكايات.
الغلاف الأول
1. صورة الغلاف مستمدة من ورق اللعب (الكوتشينه)، إنها صورة الباش (الشايب) مع بعض التفاصيل المضافة كالسيف في يده اليسرى (اليد اليسرى ترمز للشر)، تجتمع في ورقة «الباش» رموز اللعبة: الهاس، الكلفس، الديمن، والسبيت في دلالة أن هذا «الباش» ما هو إلا رمز للملك المستحوذ على الشعب بكل أطيافه (يمكن كذلك قراءة هيمنته على سلطات الدولة: التشريع، القضاء، التنفيذ، الرقابة/الإعلام).
وإذا كان السيف المسلول في يده اليسرى إشارة للبطش والطغيان؛ فإننا نجد خيطا متصلا بذلك المعنى في الحكاية الأخيرة (ملكة القلوب) التي تستخدم جنود الورق لتنفيذ أحكام الموت «اقطعوا رأسه»، أو «اقطعوا رؤوسهم»، تلك الأوامر الموجهة إلى جنود ورقة اللعب مشددة بالحبر الأسود الغليظ، إظهارا للجبروت المتمثل في القتل العشوائي، لحظة وجع أو غضب.
ولئن كان النص الأخير يسرد حكاية ملكة القلوب وهي أنثى إلّا أنه ينتهي بتسلط ابنها، وانقلابه عليها: «اقطعوا رأسها» ليظهر التواشج بين صورة الملك الذكوري في الحكايات وصورته الرمزية في غلاف الكتاب.
صحيح أن «الباش» حاكمٌ على معظم أرقام اللعب، وعلى صورتي «الغلام» و«الميمة» إلا أنّ «الجوكر» لديه هيمنة على كلّ الأوراق. «الجوكر» في لعبة الحياة هو ما لا يملك الإنسان السيطرة المطلقة عليه مثل: قوى الطبيعة، والمرض، والزمن، والموت.
وعلاوة على ذلك؛ فهناك ورقة أخرى تتغلب على «الباش»، وهي وإن بدت أصغر الأرقام إلّا أنها ورقة قادرة على الإطاحة به، إنه «الخال» رقم واحد، وذلك الشعب إذا توحّد.
2. رغم أن نصوص المجموعة سردية وقصيرة نسبيا غير أنّها لم تُصنف في غلاف الكتاب «قصصا قصيرة». إنّ لغتها، ومناخاتها المكانية والزمانية، وطبيعة أحداثها، ونمط شخصياتها أقرب إلى ملامح الحكايات القديمة؛ فلغتها بسيطة، وتركيبها الفني غير معقّد.
تظهر رواسب الحكاية القديمة (كان يا ما كان) في مفتتح كثير من النصوص، ستة منها يبدأ بالفعل الناسخ كان ومشتقاته مثلا:
- كانت البلاد في هرج ومرج... (نفايات الشعب)
- كان يبدو للجميع أن ملك بلاد الذهب... (وريثة العرش)
- كان الجمع على يقين أنّ المرأة... (ليلة سقوط شهريار)
كذلك يظهر نفس الحكاية القديمة في مطلع نص (تمثال الملك): في زمن غابر...، (الكرسي): عاشت بلاد العروش...، (ملكة القلوب): يُقال: إنّ ملكة القلوب...
ولا تقتصر لغة الحكاية القديمة على المطالع ولكنها مضمّنة كذلك في حوارات الشخصيات: «أيها الملك الميمون» وفي سرد الراوي: «وأثرت في أحوال البلاد والعباد».
بتلك اللغة، تأخذ الحكايات القارئ إلى زمن غابر، وأحداث بعيدة عن معطيات الواقع، راسمة صورا نمطية للشخصيات، وأماكن مألوفة في الحكايات القديمة.
لكنّ غرابة الموضوع، ولا منطقية الأحداث (فقير يصاب بالنقرس، سكير يصبح ملكا، ملك يرتدي خردة، مرايا ممنوعة في مملكة، شعب يتظاهر بالخرس...) تلك الغرائبية واللامنطقية تخلق حيوية في السرد تتجاوز الحكاية القديمة بما تستثمره من بعض أدوات السرد المعاصر كتوظيف السارد المشارك في (الملك المزيف)، (نهاية شعب لا يسمع)، وكوضع نهايات غير مباشرة كما في نصي (تمثال الملك)، و(لوحة الملك الفحمية).
تكتسب الحكايات ثوبها الحديث من خلال إسقاط حال الشعب في الماضي على الحاضر؛ فما عاشه الأسلاف من جوع وقهر وتهجير يحدث الآن في بعض البلدان. إنّ مغازي تلك الأمثولات ماثلةٌ في واقعنا، وأسباب التوتر بين الحاكم والمحكوم باقيةٌ ليومنا. وحاجات الإنسان ورغباته ومشاعره وقيمه لا تتغير حسب الزمن.
إنّ التدافع بين منظومة السلطة ومنظومة الشعب سنة من سنن الحياة، وهذه الحكايات تحاول تفنيد ممارسات الحاضر من خلال تفكيك الماضي المتخيّل؛ بفضح الغش في اللعبة السياسية (إثارة الإشاعات، وتزوير التاريخ)، وكشف الأوراق التي تعمل لصالحها: كالبوّاق/الإعلام، الخاطّ/الكاتب المأجور، السياف/أداة القمع، وغيرها من الأوراق الرخيصة.
أخيرا يظهر أثر الحكاية القديمة في استجلاب موضوعات وعناصر من حكايات موروثة وعالمية: ملكة القلوب (أليس في بلاد العجائب)، ليلة سقوط شهريار (ألف ليلة وليلة)، نفايات الشعب (ثياب الإمبراطور العجيبة)، وريثة العرش (الملك والملح وبناته الثلاث).
التحوّل الضدي
يقوم الهيكل البنائي لمجمل الحكايات على صناعة التحوّل الضدي سواء للشخصيات أو للموجودات أو للأحداث أو للأفكار، ويبرز التحوّل من خلال التفاعل بين منظومة السلطة ومنظومة الشعب، وقد أسس لذلك التحوّل/الصيرورة المقطع الشعري للشاعر الكردي لطيف هملت في التصدير الأول:
«أمر الملك باعتقال البحر
فصار البحر غيما
أمر الملك باعتقال الغيم
فصار الغيم مطرا...
الملك أمر باعتقال الفيضان
فالتهمه السيل بأسنانه الحادّة».
وتحدث التحولات بواسطة محفزات، وهي عوامل تدفع إلى تغيير واقع الشخصية أو الحدث إلى مآلات ضدّية عن طريق توتر الأحداث وتجاذباتها، وانحراف خط السرد. إذن يتأسس الهيكل البنائي للحكايات على (بؤرة تحوّل) من خلال إقامة علاقات ضدّية تبرز التباين بين منظومة السلطة ومنظومة الشعب، والتفاعل بينهما مثال ذلك: يتحوّل الجائع النحيل إلى مترهل مريض بالنقرس، تحفزه الرغبة في الحياة، والابتعاد عن الفقر، بينما يتحول الملك صاحب الموائد العامرة إلى مصاب بسوء التغذية، ومحفزه الرهبة من الموت مسموما.
وسنضرب لاحقا أمثلة مفصلة لأبرز التحولات: من الصلابة إلى التهشيم، من القبح إلى الجمال، من الوعي إلى التجهيل، من العزّة إلى الذل، من الحقيقة إلى الزيف، من المادي إلى المعنوي، من الخفاء إلى الظهور... كما سنعرض تحليلا موضوعيا للحكايات من خلال التحولات واستنباط محفز لكل تحوّل، وقد يحدث التحوّل الضدي تبادليا بين المنظومتين كما في «ذواق الملك»، و«الملك المزيف» أو في إحدى المنظومتين، وهو في معظم الحكايات.
نخلص إلى أنّ التحوّل الضدي يتألف من ثلاثة عناصر (الحال– المحفز– المآل)، ويمكن رصد هذه العناصر في كلّ حكاية مشفوعة بقرائن نصيّة تدلل على التحوّلات ومحفزاتها.
منظومة السلطة
تتشكّل منظومة السلطة في الحكايات من الأسرة الملكية (الزوجة، البنات، الأم، الأخ، الزوج، الابن) وهي أسرة نووية محدودة لا يظهر اتصالها بعائلتها، ولعلّ في ذلك مقصدا إلى التفرد في الحكم، وإقصاء المنافسين ممن «يحكيون مؤامراتهم في قصره» ص9.
ويدخل في منظومة السلطة أيضا: الوزراء، المستشارون، البوّاق، الخاطّ، الناطق الرسمي، السيّاف، حاملو لواء الملك، مدونو التاريخ... كلّهم يعملون لصالح الملك، كأدوات لتحقيق أهدافه (قمع الشعب، تجهيله، نهب ثرواته).
ترسم الحكايات صورة نمطية للملك، تختزل رؤية الكاتبة للسلطة، فهو:
طاغية، مغرور، طائش، غارق في الملذات «عرف ملك المدينة الكبيرة بأنه عاشق لذاته، مفرط في تقديس نفسه، ويسعى إلى تضخيم خصاله في المحافل»، «إلى جانب حبه الشديد لنفسه، كان معروفا أيضا بجبروته وبطشه، ومشهور بنزواته التي لا يُحمد عقباها» ص55. والملك مزوّر للواقع (لوحة الملك الفحميّة)، مشوّه للتاريخ (حكاية حاملو لواء الملك مثلا)، مروّج للإشاعات الكاذبة كما في (جحافل الشيطان)، خائف من الاغتيال (ذواق الملك، الملك الزائف)، ساذج يسهل خداعه (نفايات الشعب).
إنّ تلك الصفات ما هي إلّا تنميط لصورة السلطة بغرض نقد الفكرة وعرض أثرها على المجتمع الذي تستفحل فيه، وتهيمن عليه.
منظومة الشعب
تتألف منظومة الشعب في الحكايات من مجموعات عامّة: الشعب، الناس، الجماهير، الحشود، العباد، أهل القرية، نساء، رجال، أطفال... أو مجموعات خاصة: الكتبة، حاملو اللواء، مدونو التاريخ، فرقة من المسلحين... لكنّ المشارك الرئيس في الأحداث فردٌ منهم يتّصل بمنظومة السلطة كالذواق، والرسام المحتال، والخياط المحتال، والسكّير، والمتحدث الوحيد وغيرهم.
ورغم أنّ أولئك الأفراد يمثلون حال الجماعة، ويعكسون صورة الشعب إلّا أنّ منهم من يساند منظومة السلطة إمّا رغبة كالخاط (الكاتب المأجور) أو رهبة كمدوني التاريخ (الكاتب المقهور)، ومنهم أعوان من عامّة الناس كالعطار، وإمام المسجد وحتى الداية: «عيّن في السوق عطارا حذقا يبخ الناس كلاما جميلا، ويمجد ملك البلاد، وعين في المسجد إماما جديدا، يخطب في الرجال أوقات الصلاة، ويدرس الأطفال في الكتاتيب قصائد المديح، وطلب من الداية أن تطوف على البيوت، ليس في أوقات الولادات فحسب، بل في كل حين، وتنشر بين النساء شائعات القصر، وتحث على تسمية أطفالهن بأسماء تتوافق وسياسة البلاط» ص22.
إنّ أبرز صور الشعب في الحكايات:
1. جائع: «ومع مرور الأيام تفاقمت أعباء الحكم، وازداد الجياع في الخارج» ص11، «مطالبين بوضع حدّ للمجاعة» ص19، «المجاعة اجتاحت البلاد وأهلكت العباد» ص52.
2. خاضع: «قمن يتهافتن عليه مسحا وتلميعا... انتهى بهنّ المطاف للتبرك به، وتقديم النذور، بينما أخذ الرجال ينحنون أمامه...» ص14 تمثال الملك، «امتثلوا خاضعين لأوامره، وغادروا... وهم يحنون رؤوسهم للملك» ص56 مدونو التاريخ.
لإن زخرت الحكايات بإشارات إلى هيئة الخضوع؛ فهي مكرّسة بوضوح في نصي «لعنة المرايا» و«نهاية شعب لا يسمع».
3. هارب: بسبب البطش والجوع يلجأ الشعب إلى الهروب والفرار «أضحى كثير من الشعب ضاجّا ومحتاجا، وفرّ كثيرون منهم إلى الممالك المجاورة» ص56 مدونو التاريخ، «فارق كثير منهم الحياة بينما فرّ آخرون إلى ديار بعيدة جدّا» ص62 الكرسي.
تظهر صور نادرة للشعب منها إيجابي، محتج مثلا «أعيدوا لنا خردتنا»، ومنها سلبي، جاهل مثلا: «ما معنى طاغية؟» لكن أبرز صوره: جائع خاضع هارب.
ملك أم كتابة؟
اللعبة السياسية في الحكايات ليست معقدّة كالشطرنج؛ إذ لا تكترث بالحسابات الداخلية والخارجية، ولا تقوم الأحداث على استراتيجية أو تكتيك، وتغيب فيها التضحيات الموقفية، إنما هي لعبة للحظ فيها النصيب الأكبر، أليس الذواق والسكير والخياط والخاط والناطق الرسمي والرسام وغيرهم؛ أليسوا محظوظين إذ يلجون إلى دائرة المُلك بكلّ سلاسة؟
لعبة الورق إذن أنسب في التعبير عن اللعبة السياسية التي قواعدها بسيطة، ونمط شخصياتها محدد.
إنّ منظومة السلطة ومنظومة الشعب وجهان لعملة واحدة، كلاهما ضدّ الآخر، ولا مجال للتفهم أوالإصلاح أوالموضوعية. وإذا كانت صورة الملك في العملة المعدنية تدلّ على السلطة؛ فإن رسم الكتابة يشير إلى المثقف الذي يمثّل الشعب. سيظهر وجه المثقف في الحكايات في موقف الكتبة ومدونو التاريخ والمتحدث الوحيد وفي شخصية شهر زاد (في حكاية ليلة سقوط شهريار يحدث التحوّل الضدي من المتخيل إلى الواقعي إذ تنبعث شخصيات حكاياتها لتتجسد في الواقع) كما يظهر في موقف الأميرة/وريثة العرش حين تقنع أباها الملك أنّ ما هو معنوي (الحكايات) أهم مما هو مادي (الجواهر، والطعام)، وتلك الحكاية هدنة سردية في سيرة الصراع بين الملك والكاتب. ذلك الصراع بدأ منذ التصدير الثاني للكتاب ص7 بالمحاورة الملغزة التي دارت بين الملك والشاعر، وانتهت بطرد الشاعر، لتؤسس للتوتر بين المثقف والسلطة في الحكايات.
نماذج للتحوّل الضدّي
حكاية ذواق الملك: من الجوع إلى المرض بالشبع/ من الشبع إلى الموت بالجوع
يحدث التحوّل الضدي تبادليا بين عنصرين أحدهما من منظومة الشعب (الفقير الذواق) والآخر من منظومة السلطة (الملك المرتاب)
حال الذوّاق: فقير جائع «لم أفكر في ميتة مختلفة عمّا ألفه مئات الفقراء أمثالي»، «كان همّي أن أشبع قبل أن أشهد نهايتي»، «لعلي أنقذها وأطفالي من شبح الجوع»
محفز التحوّل: النهم: «قد ينتهي أمري الليلة لكن سأموت شبعان» «أزدرد ما تصل إليه يداي»، «كنت ألتهم دون خوف... آكل بشراهة».
حال الملك: شبعان مبذّر «طواقم متعددة في بلاط المطبخ الملكي، يعدّون أطعمة مختلفة»، «ليتذوقوا الأطعمة كلها، بأن تؤخذ لقمة من كل قدر، قبل أن يختار الملك طعاما»، «الطعام الملكي وفير، وما يتبقى يُرمى».
محفّز التحوّل: الارتياب «إن للملك خصوما يحيكون مؤامراتهم في قصره»، «تكالبت شكوك الملك خصوصا بعد موت أحد الذواقين».
جمل التحوّل: «أزداد تخمة بينما الملك يزداد نحافة»، «صار جسمي مترهلا من الشحوم، وبدا الملك كخيط رفيع».
مآل الذواق: «عدت مريضا بالنقرس».
مآل الملك: «قضى الملك نحبه بسبب سوء التغذية».
حكاية تمثال الملك: من الصلابة إلى التهشيم
حال التمثال: صلب بارز، «أصدر أتباعه أمرا بنحت تمثال لمليكهم ووضعه في مكان بارز في القرية»، «وضع التمثال على كومة حجرية وسط القرية حتى يراه الرائح والغادي».
المحفز: إهمال متطلبات الناس «لم يقدّم البلاط الملكي لتلك القرية خدمات سوى ذلك التمثال، ويا لها من خدمة!»
المآل: «وقبل أن يغادروا حطموا تمثال الملك بمساعدة شباب القرية».
حكاية لوحة الملك الفحمية: من القبح إلى الجمال
حال الملك: القبح، «على نقيض ملك البحار الذي اتسم بالقبح، وملامحه الدميمة».
المحفز: حيلة الرسام، «تعمدت أن أرسمك رسمة تجريدية، لا تظهر التفاصيل...».
جملة التحوّل: «هدأت ثورة الملك، متأملا ذوبان الثآليل في سواد الفحم».
المآل: الجمال، «وقبل وفاة الملك شاع أنه أكثر ملوك التاريخ وسامة فوق سطح الأرض».
حكاية حاملو لواء الملك:
من التعليم والثورة إلى التجهيل والطاعة
حال المجتمع: متعلّم، ثائر «حكمه يتزامن في زمن الكتاتيب، وظهور الكتبة، وكان مضطرا لمسايرتهم، حتى لا يوصم بالجهل في مقابل الممالك الأخرى المتحضرة»، «أن يأذن بفتح كتاتيب لتعليم الناس القراءة والكتابة، وتدوين المخطوطات العلمية منها والطبية والثقافية، وتخصيص سوق لهذه المخطوطات لعرضها وبيعها، وهذا من شأنه أن يشغل الناس بمتابعة العلوم»، «ووقوفهم أمام قصر الملك مطالبين بوضع حد للمجاعة المتفشية».
المحفز: الحفاظ على العرش «الكتبة حرّضوا الناس على الثورة والإطاحة بعرش الملك، بدعوى أن الملك لا يقوم بدوره، وهو ممثل لإرادة الشعب، وموجود لخدمتهم ورعاية مصالحهم»، «أنتمي لمنهج غايته هداية الشعوب، ووأد الفتن التي تهدد عروشكم، عبر آراء نصوغها بأسلوب يقنع البسطاء المعدمين بأهمية طاعة الملك، وتقديم الولاء له».
جملة التحوّل: «يدرس الأطفال في الكتاتيب قصائد المديح».
المآل: جاهل، طائع، «فلا الناس ثارت، ولا تجرأ أحد الكتبة على التلاعب بعقول الناس، فقد أصبح كل أولئك الناس البسطاء حاملي لواء الملك».
نفايات الشعب: من العزّة والكبرياء إلى الذّلة والسخرية
حال الملك: متباه، «الزي الذي سينافس به الملوك الآخرين... لكنه لم يقتنع بها، فهو يبحث عن شيء مختلف يميّزه عن بقية الملوك القادمين من الممالك الأخرى»، «وحين دنا من البسطاء متباهيا بطلته».
المحفّز: الزي الغريب «يا له من زي لا مثيل له، إنه يعبر عن انتمائي لشعبي، هذا ما أريده حقا، شيء يميّزني ويظهر حب شعبي لي أمام الملوك الآخرين».
جمل التحوّل: «استنكروا سلوك ملك هذه البلاد قائلين: الملك يلبس خردة شعبه، يا له من ملك! انظروا إلى شعبه، هؤلاء البسطاء، حتى خردتهم سلبت منهم، يا له من ملك جشع»، «وأصوات البسطاء تهتف: أعيدوا لنا خردتنا».
المآل: منتهك، «الملك يقف مذعورا في داخل كائن ينهار رويدا رويدا، فقد كانت الأيدي الممتدة تنتشل ما كان ملكا لها».
الغلاف الأخير
تنتهي علاقتنا بالكتاب في غلافه الأخير الذي يبرز في نصه دور الصغار في تحوّل المجتمع، وهو وإن كان تحوّلا سلبيا من حالة السماع إلى حالة الصمم أو التظاهر به إلا أنها وسيلة من وسائل المراوغة هروبا من الواقع، وابتكارا للغة وحدهم من يصنعون قواعدها.
أولئك الأطفال هم مستقبل البلاد، فهم لم ينحنوا لتمثال الملك، ولم يلمعوه، ولم ينشدوا له أغان تبجّل مكانته، بل هم يشعرون بالدهشة لما يقوم به الكبار حيال التمثال الذي لا يرون فيه سوى ملامح متحجرة.
خميس قلم شاعر عماني