تصاعدت خلال الأيام الأخيرة، الأزمة بين رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي عاصيمي غويتا، ورئيس حكومته شوغيل كوكالا مايغا، انتهت بقرار إقالة الحكومة مساء أمس الأربعاء.

وأقال الرئيس الانتقالي المالي عاصيمي غويتا، الحكومة والوزير الأول شوغيل كوكالا مايغا، بعدما انتقد الأخير بشكل واضح قبل أيام تمديد الفترة الانتقالية للعسكريين الممسكين بالسلطة في هذا البلد الإفريقي الذي يعيش على وقع توتر أمني وسياسي منذ سنوات.



وفق مرسوم وقعه رئيس المجلس العسكري الجنرال عاصيمي غويتا، وتلاه عبر التلفزيون الرسمي الأمين العام للرئاسة ألفوسيني دياوارا، فقد "تم إنهاء مهام الوزير الأول وأعضاء الحكومة".

جذور الأزمة
بدأت الأزمة بين الرجل حين انتقد رئيس الحكومة بشكل واضح، طول الفترة الانتقالية، ودعوته بشكل واضح لإجراء انتخابات تنتهي باختيار رئيس مدني للبلاد الذي يحكمه مجلس عسكري منذ نحو ثلاثة سنوات.

فقد قال رئيس الحكومة المقال شوغيل كوكالا مايغا، في تصريحات صحفية قبل أيام، إن هناك "شبح ارتباك يخيم على العلمية الانتقالية في البلاد، وإن الشعب لن يقبل أن يستمر هذا الأمر".


وأضاف في كلمة أمام الآلاف من أنصاره في باماكو يوم 16 تشرين الثاني /نوفمبر الجاري: "يمكن التحلي بالصبر لكن هذا الصبر له حدود، نحن مطالبون بالوحدة والتماسك".

ولفت شوغيل، إلى أنه كان من المنتظر أن تنتهي المرحلة الانتقالية مع بداية شهر مارس 2024، مضيفا أنه تم تمديد الفترة الانتقالية بقرار من المجلس العسكري دون التشاور معه.

وعقب تصريحات شوغيل، خرج أنصار المجلس العسكري في مظاهرات بعدة مدن مالية للمطالبة بإقالة رئيس الحكومة، وهو ما تم بالفعل أمس الأربعاء.

شوغيل وجد نفسه في "وضع حرج"
ويرى الباحث المختص في شؤون إفريقيا ومنطقة الساحل، محفوظ ولد السالك، أن رئيس الحكومة المالية شوغيل كوكالا مايغا، وجد نفسه في وضع حرج منذ بعض الوقت.

وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "شوغيل كان أمام خيارين، فإما أن يواصل دعمه للمجلس العسكري الحاكم، وهذا يعتبر نفسه مغيبا فيه عن دائرة صنع القرار، لدرجة أنه كما قال لم يسمع بقرار تمديد الفترة الانتقالية إلا في الإعلام، رغم أهمية منصبه الحكومي، وإما أن ينهي علاقته بالمجلس العسكري، ويعود إلى حاضنته الشعبية والسياسية حركة 5 يونيو".


ولفت ولد السالك، إلى أن "حركة 5 يونيو" التي تعد حاضنة شوغيل مايغا، بدأت في الفترة الأخيرة تصعد لهجتها ضد النظام العسكري، واعتقل على إثر ذلك بعض عناصرها.

وتابع ولد السالك: "يبدو أن مايغا آثر الخيار الثاني، فخرج عن صمته منتقدا المرحلة الانتقالية التي قال إنها ضبابية، وإن حركته والشعب المالي لن يقبلان استمرارها بلا نهاية، كان هذا سببا في إقالته من طرف غويتا".

تداعيات متوقعة
ويرى عدد من المتابعين أن الأزمة المتصاعدة بين الرجلين، ستكون لها تداعيات كبيرة سواء على مالي أو بقية دول الساحل التي تصنف ضمن المناطق الأكثر توترا في القارة السمراء.

وفي هذا السياق يقول خبير الشؤون الإفريقية، محفوظ ولد السالك، إن انعكاسات توتر علاقات غويتا ومايغا داخليا، سيحددها الموقف الذي سيتخذه الرجل المقال.

وأضاف ولد السالك في حديثه لـ"عربي21": "إذا صعد رئيس الحكومة المقال لهجته ضد النظام وبدأت حركته السياسية تتحرك ضمن خطها المعارض، واستطاع هو أن يعيد النشاط للحراك السياسي المعارض، فأعتقد أن البلاد حينها ستعرف أزمة سياسية، قد تشكل تهديدا للمرحلة الانتقالية، وستكون كل الاحتمالات واردة".

وتوقع المتحدث أن "يرغم هذا الأمر الحاكم العسكري غويتا على تنظيم انتخابات رئاسية عاجلة، وسيكون مضطرا على الانفتاح على المعارضة أحزابا ومنظمات".


واعتبر ولد السالك أنه "بقدر قوة الحراك السياسي المعارض في مالي، سيكون الانعكاس على الوضع في المنطقة، خصوصا بوركينا فاسو والنيجر، حيث الحراك المعارض فيهما منعدم على غرار مالي، بفعل قبضة العسكر على السلطة في هذه البلدان".

وتابع: "بالمقابل إذا لم يرق تحرك مايغا إلى ذلك المستوى المؤثر داخليا، فلا أعتقد أن توتر علاقاته مع غويتا سيكون له تأثير".

فيما يرى متابعون أن الأزمة بين الرجيلين تعكس أيضا حجم الصراع بين القوى الدولية والإقليمية في مالي، حيث يعتبر رئيس الحكومة المقال من أبرز المقربين من روسيا، فيما يعتبر رئيس المجلس العسكري أكثر قربا لتركيا التي باتت حاضرة بقوة في المنطقة.

ومنذ الانقلاب العسكري في مالي قبل ثلاث سنوات، تم تأجيل تنظم الانتخابات الرئاسية عدة مرات، وفي كل مرة يتم تبرير ذلك بعدم الجاهزية لتنظيم الانتخابات.

واستولى الجيش على الحكم في مالي سنة 2021 وأعلن رئيس المجلس العسكري أسيمي غويتا، تجريد الرئيس حينها باه نداو، ورئيس الوزراء مختار وان من صلاحياتهما.

ومنذ يونيو 2021، أصبح غويتا رئيساً انتقاليا للبلاد، وتراجع عن تعهده بإعادة السلطة للمدنيين بعد انتخابات وعد بإجرائها في فبراير 2022، لكنها لم تتم حتى الآن.

وتعاني مالي من توترات أمنية وسياسية، فيما يعش هذا شبه عزلة إفريقية، كما توترت علاقات باماكو مع الدول الغربية، إذ تم طرد القوات الفرنسية والألمانية من هذا البلد، مقابل تعزز العلاقة مع موسكو وأنقرة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مالي غويتا أفريقيا مالي غويتا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس المجلس العسکری الفترة الانتقالیة رئیس الحکومة فی مالی

إقرأ أيضاً:

صورة سعيّد بوزارة الخارجية هل تعيد إحياء طقوس تقديس الحاكم؟

أشعلت صورة لرئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، عُلقت بإطار رسمي خلف وزير الخارجية محمد علي النفطي، جدلا واسعا في الأوساط التونسية بعد نشرها على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية في فيسبوك.

وقد تصدرت صورة الرئيس سعيّد الترند التونسي، لتصبح مادة نقاش مجتمعي واسع عن موقع السلطة وشخصنة الدولة في زمن التحولات السياسية التي تشهدها البلاد.

وأعادت الصورة ذاكرة التونسيين إلى سنوات ما قبل ثورة 2011، حيث كان تعليق صور الرؤساء ممارسة روتينية ترمز إلى مركزية الحاكم، وتجسّد ثقافة تقديس الفرد وربط مؤسسات الدولة بشخص الزعيم.

وتفاعل النشطاء والمدونون على نطاق واسع مع الصورة، معتبرين أن وزارة الخارجية "أعادت إحياء طقوس تقديس الحاكم" التي ظنوا أنها طويت مع الثورة، والتي دفع الشعب التونسي ثمن التحرر منها تضحيات جسامًا.

وتناولت تعليقات عديدة رمزية الخطوة باعتبارها تراجعا عن مكتسبات الثورة وعودة إلى الوراء.

ظهور محمد علي النفطي وخلفه صورة معلقة لقيس سعيد ليس مجرد تفصيل بصري عابر، بل مؤشر واضح على انزلاق الدولة نحو منطق الزعامة الفردية وتقديس الصورة، في استعادة فجة لأساليب منظومة سقطت بثورة. عودة الصور إلى الجدران ليست بريئة، بل تكشف عن مشروع سياسي يحنّ إلى التحكم الرمزي والمؤسساتي، pic.twitter.com/PDqPESz7pF

— Politiket (@PolitiketAr) May 19, 2025

إعلان

ورأى مدونون أن الغاية من إظهار صورة الرئيس بهذه الصيغة رسالة سياسية للمعارضة والشعب بأن سلطة الحاكم حاضرة في كل مؤسسات الدولة، وأن ذلك يُستخدم كوسيلة "لإعادة تشكيل الوعي وثقافة الخضوع".

وأشار بعض النشطاء إلى أن الديمقراطيات الحقيقية تعلق رموز الدولة مثل العلم والشعار وليس صور الرؤساء، مؤكدين أن الأشخاص يرحلون وتبقى رموز الوطن.

وسخر آخرون من المفارقة بين شعارات الرئيس سعيّد عن "عدم الرجوع إلى الوراء"، وبين ما اعتبروه دليلا على تراجع المسار الديمقراطي، حيث كتب أحدهم: "ومازال ومازال"، في إشارة إلى استمرار الممارسات القديمة رغم تغير الشعارات.

من جهة أخرى، ربط كتاب ومثقفون بين هذه الصورة وسقوط صور الزعماء في انتفاضات الربيع العربي، معتبرين، أن التخلص من عبادة الصورة كان إحدى علامات الأمل بأن الشعوب تستطيع كسر دائرة الاستبداد وبناء ديمقراطية حقيقية.

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع ورئيس الأركان يجتمعان بقيادة المنطقة الرابعة ومحاورها
  • «زلزال سياسي».. الرئيس الفلبيني يُجبر جميع وزراء حكومته على الاستقالة
  • المستشارين يسائل رئيس الحكومة حول الحماية الاجتماعية
  • صورة سعيّد بوزارة الخارجية هل تعيد إحياء طقوس تقديس الحاكم؟
  • تحيات القيادة إلى رئيس مالي ينقلها شخبوط بن نهيان
  • شخبوط بن نهيان آل نهيان يلتقي رئيس المرحلة الانتقالية في بوركينا فاسو
  • قائد القوى الجوية في وزارة الدفاع برفقة رئيس أركان القوى الجوية يجريان جولة تفقدية في مطار السين العسكري
  • ما المختلف في تصريحات رئيس الوزراء القطري عن أزمة قطاع غزة؟
  • رئيس الوزراء يتدخل لحل أزمة المياه في البحر الأحمر
  • محافظ البحر الأحمر يكشف خطة الحكومة لحل أزمة المياه بالغردقة