23 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة: لطالما عانت الكفاءات الشيعية من التهميش والإقصاء، سواء خلال العقود السابقة أو بعد سقوط النظام السياسي عام 2003.

رغم التغيرات التي شهدها العراق، لم يُمنح العديد من النخب الشيعية الدور المستحق في بناء الدولة، حيث غلبت على المشهد معايير الولاء والطاعة في اختيار المسؤولين، على حساب الكفاءة والخبرة.

هذا النهج أسهم في استمرار حالة التراجع داخل مؤسسات الدولة، وحرمان المجتمع العراقي، وخصوصًا المكون الشيعي، من استثمار قدراته في تحقيق التنمية والإصلاح.

في هذا السياق، جاءت دعوة المرجعية الدينية العليا لدعم النخب الواعية بمثابة نداء ملحٍّ للإصلاح.

هذه الدعوة تتطلب استجابة جادة من القوى السياسية، وخصوصًا قوى الإطار التنسيقي، التي تُعد المرجعية السياسية الوحيدة للمكون الشيعي في العراق في الوقت الراهن.

يقع على عاتق الإطار التنسيقي مسؤولية أكبر مقارنة بالشركاء السياسيين الآخرين، نظرًا لثقله السياسي والاجتماعي، ودوره المحوري في تشكيل الحكومة وصنع القرار.

اتخاذ الإطار التنسيقي خطوة عملية نحو تفعيل دعوة المرجعية من خلال تشكيل لجنة خاصة لتقييم أصحاب الدرجات الخاصة في مؤسسات الدولة، يعد ضرورة ملحة.

يجب أن تعمل هذه اللجنة على مراجعة أداء المسؤولين الحاليين بناءً على الكفاءة والإنتاجية، وتفسح المجال للنخب الشيعية المؤهلة التي تم تهميشها سابقًا.

إن تنفيذ هذه الخطوة سيترتب عليه فوائد متعددة. أولًا، سيعيد الثقة بين الجمهور الشيعي وقوى الإطار التنسيقي، خاصة النخب المثقفة التي شعرت بالإقصاء والتهميش لعقود.

ثانيًا، سيُظهر الامتثال لتوجيهات المرجعية العليا، مما يعزز صورة الإطار التنسيقي في وعي الجمهور الشيعي باعتباره قوة سياسية مسؤولة تسعى للإصلاح وتستجيب لدعوات المرجعية.

هذا الامتثال سيكون رسالة قوية تعكس أن الإطار التنسيقي قادر على استيعاب رؤية المرجعية وتنفيذها بشكل عملي، مما يجعله أكثر استحقاقًا لتمثيل المكون الشيعي في العراق.

علاوة على ذلك، فإن اتخاذ هذه الخطوة سيحفز الشركاء من المكونات الأخرى على اتباع نهج مشابه لإصلاح مؤسسات الدولة، مما يسهم في تحقيق العدالة وبناء مؤسسات رصينة تستند إلى الكفاءة.

أما تجاهل دعوة المرجعية أو الاكتفاء بإصدار بيانات صورية، فسيُفاقم أزمة الثقة بين القوى السياسية والمرجعية العليا من جهة، والجمهور من جهة أخرى، مع ما يترتب على ذلك من محاذير خطيرة تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي في المستقبل.

إن دعوة المرجعية لدعم النخب الواعية ليست مجرد توجيه أخلاقي، بل هي خارطة طريق نحو إصلاح شامل لمؤسسات الدولة، وفرصة لقوى الإطار التنسيقي لتعزيز دورها كقوة سياسية ملتزمة بمبادئ الإصلاح والتنمية.

الاستجابة لهذه الدعوة هي مسؤولية تاريخية تعكس الوفاء لقيم العدالة التي تمثلها المرجعية، وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل السياسي القائم على الكفاءة والمصلحة الوطنية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الإطار التنسیقی مؤسسات الدولة

إقرأ أيضاً:

يونامي ترحل: كفى وصاية

13 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: في لحظة تاريخية تلامس أعماق الروح العراقية، تغادر بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أرض الرافدين نهائياً، بعد اثنين وعشرين عاماً من الوجود الذي بدأ في 2003.

إنها ليست مجرد إغلاق لبعثة سياسية، بل هي شهادة حية على انتصار إرادة شعب، ودليل دامغ على أن العراق قد نضج ليحكم مصيره بيده، بعيداً عن أي وصاية خارجية.

أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بحكمة عميقة: انتهاء عمل يونامي لا يعني قطيعة مع الأمم المتحدة، بل بداية فصل جديد يقوم على الشراكة الحقيقية.

هذا الفصل الجديد يعكس حق العراق الأصيل في تقرير مستقبله بنفسه، بعد أن أثبت استقراره السياسي والأمني، ونجاحه في بناء مؤسسات ديمقراطية قادرة على الصمود.

الحكومة الحالية، أكملت مشوار السنوات السابقة، ونجحت في إبعاد العراق عن محاور الصراع الإقليمي، وأرسيت توازناً داخلياً وخارجياً يجعل بلادنا جسراً للسلام لا ساحة للنزاع.

المشاريع الإنمائية والعمرانية الضخمة، التي غيرت وجه المدن والأرياف، تؤكد أن ديمومة الإعمار أصبحت واقعاً ملموساً، لا حلماً بعيداً.

في هذا السياق، يبرز رحيل يونامي كرمز للتحرر الجماعي.

إنه انتصار للكرامة الوطنية، يشفي جراح الماضي ويفتح أبواب الأمل.

ومع ذلك، يظل الطريق أمامنا يتطلب يقظة مستمرة. يجب أن يستمر مسار التوازن الداخلي والخارجي، ليبقى العراق قوياً مستقلًا، جاهزاً لمواجهة التحديات، وأبرزها محاربة الفساد المستشري، الذي بدأ ينحسر في السنوات الأخيرة بفضل الإصلاحات الجريئة.
إن رحيل يونامي ليس نهاية، بل بداية عصر جديد من السيادة الكاملة، حيث يعود العراق إلى موقعه الطبيعي كقلب نابض للشرق الأوسط.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • يونامي ترحل: كفى وصاية
  • الخلافات الداخلية والرسائل الخارجية تعيد تشكيل مشهد اختيار رئيس الوزراء
  • من الإطار إلى طاولة الشراكة: العراق نحو صياغة معادلة السلطة
  • "نداء أهل القبلة: دعوة مشتركة لوحدة المسلمين".. في ندوةٍ لحكماء المسلمين بمعرض العراق الدولي للكتاب
  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • الحكمة يعلن عن امتلاكه مرشحاً لرئاسة الوزراء.. زهد القوى بالمنصب يرتب أوراق الترشح نحو توافق سريع
  • سعيد عبد الحافظ: العمل الحقوقي في مصر يشهد مرحلة تعاون غير مسبوق مع مؤسسات الدولة
  • الفلاحة ماتت ولازم نسلّم نفسنا!
  • المالكي يؤكد على أهمية تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين بغداد وواشنطن
  • امريكا: نجدد التزامنا بالشراكة مع العراق