عربي21:
2025-06-08@00:42:54 GMT

لماذا أوقف العراق صفقة بقيمة 10 مليارات دولار مع الصين؟

تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT

لماذا أوقف العراق صفقة بقيمة 10 مليارات دولار مع الصين؟

نشر موقع "ذا دبلومات" تقريرًا يسلط الضوء على قرار العراق تعليق اتفاقية النفط مقابل البنية التحتية بقيمة 10 مليارات دولار مع الصين، وهو تحول هام في الديناميكيات الجيوسياسية للشرق الأوسط؛ حيث كان هذا الاتفاق جزءًا من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي كان من المقرر بموجبها أن تزود بغداد الصين بـ100,000 برميل من النفط يومياً مقابل تطوير البنية التحتية في العراق.



وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن تعليق الاتفاق ينبع من المخاوف المتزايدة داخل القيادة العراقية بشأن الآثار المترتبة على مثل هذا الاعتماد الكبير على الاستثمار الأجنبي، لا سيما في سياق التدقيق المتزايد في الإستراتيجيات الاقتصادية العالمية للصين، ويمثل لحظة محورية بالنسبة للعراق في وقت تعيد فيه البلاد تقييم دورها في المشهد المتغير للجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، مما يسلط الضوء على التوازن المعقد بين الضرورة الاقتصادية والاستقلالية الإستراتيجية في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد.

ويجسد هذا التطور أيضًا التفاعل المعقد بين القوى الإقليمية والمصالح العالمية في الشرق الأوسط، كما يمثل تحولًا مهمًا في نهج العراق تجاه الشراكات الدولية، ويعكس المخاوف الإقليمية الأوسع نطاقًا بشأن الآثار طويلة الأجل للدبلوماسية المتعلقة بالبنية التحتية؛ مما يؤكد على حساسية التوازن الدقيق الذي تحاول دول الشرق الأوسط الحفاظ عليه بين الاستفادة من الاستثمار الأجنبي من أجل التنمية المحلية والحفاظ على استقلالها الإستراتيجي.

وعلاوة على ذلك؛ يوضح هذا التوقف الإستراتيجي التعقيد المتزايد للعلاقات الدولية في منطقة يتقاطع فيها النفوذ الغربي التاريخي مع القوة الاقتصادية الشرقية الناشئة، ويوضح أن دول الشرق الأوسط تعمل على تطوير نهج أكثر دقة لإدارة العلاقات مع القوى العالمية والانتقال إلى ما هو أبعد من الخيارات الثنائية البسيطة إلى استراتيجيات دبلوماسية أكثر تعقيدًا، وبينما تسعى الدول الإقليمية إلى تحديث بنيتها التحتية مع الحفاظ على السيادة، فقد يكون قرار العراق بمثابة نموذج لكيفية التعامل مع تحديات مماثلة في المستقبل.

النفط مقابل البنية التحتية وطموحات الصين الإقليمية
وأشار الموقع إلى أن جذور هذه الشراكة الإستراتيجية تعود إلى سنة 2019، عندما أبرمت بغداد وبكين اتفاقية رسمية في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية التي كانت ستؤمن تمويلاً صينياً بقيمة 10 مليارات دولار لجهود إعادة إعمار العراق، وكانت الشروط واضحة وبعيدة المدى: سيزود العراق الصين بـ 100 ألف برميل من النفط يومياً لمدة 20 سنة مقابل تطوير شامل للبنية التحتية.

وكان هذا الترتيب تحولًا كبيرًا في استراتيجية العراق لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب بعيدًا عن نماذج التنمية التقليدية المدعومة من الغرب.

وقد أشار تغلغل المبادرة في هذه المنطقة المنحازة تاريخيًا للغرب إلى ثقة الصين المتزايدة في إبراز قوتها الاقتصادية خارج مناطق نفوذها التقليدية، ومثّلت تحديًا مباشراً للنظام الإقليمي القائم، لا سيما في القطاعات التي تهيمن عليها المصالح الغربية.

وقد شعرت الولايات المتحدة بالقلق من توسع نفوذ الصين في ممرات الطاقة الحساسة؛ فالولايات المتحدة التي استثمرت أكثر من 90 مليار دولار في إعادة إعمار العراق منذ سنة 2003، تحتفظ بنفوذ كبير على قرارات بغداد الإستراتيجية، ويعزز هذا النفوذ اعتماد العراق على الدعم المالي الخارجي؛ حيث تستمد 40 بالمئة من ميزانيتها السنوية من القروض الدولية، ومعظمها من مؤسسات منحازة للولايات المتحدة.

القيود المحلية في العراق
وأوضح الموقع أن الاقتصاد السياسي المحلي في العراق يضيف تعقيدات أخرى إلى هذه المعادلة الجيوسياسية، فمع وجود 30 بالمئة من العراقيين تحت خط الفقر والتحديات المستمرة في توفير الخدمات الأساسية، تواجه القيادة العراقية ضغوطًا لتطوير البنية التحتية، لكن شبح التبعية للخارج يلوح في أفق الخطاب السياسي العراقي، لا سيما بالنظر إلى تجارب البلاد التاريخية مع القوى الخارجية، وقد خلقت هذه الديناميكية الداخلية قيودًا كبيرة على قدرة العراق على السعي وراء الاعتبارات الاقتصادية في شراكاتها الخارجية.

إن الأسس الاقتصادية الكامنة وراء هذا التوقف الإستراتيجي في صفقة النفط مقابل البنية التحتية ليست  أقل أهمية، فاعتماد العراق الكبير على عائدات النفط يجعل اقتصاد البلاد هشًا أمام تقلبات السوق العالمية، ويؤكد النمو السنوي المتواضع للناتج المحلي الإجمالي في البلاد الحاجة الملحة للتنوع الاقتصادي، ومع ذلك، فإن التزام العراق بالصفقة لمدة 20 سنة كان من المحتمل أن يحد من قدرة العراق على التكيف مع ظروف السوق المتغيرة، لا سيما بالنظر إلى التقلبات الكبيرة في أسعار النفط التي شهدتها السنوات الأخيرة، والتي تراوحت بين 20 و100 دولار للبرميل الواحد.

التداعيات الإقليمية وديناميكيات القوة
وأفاد الموقع أن التداعيات الإقليمية لقرار العراق تمتد إلى ما هو أبعد من حدوده، فقد برزت مبادرة الحزام والطريق الصينية كقوة مهمة في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، لكن تردد العراق يشير إلى وعي إقليمي متزايد بالحاجة إلى الحفاظ على الاستقلالية الإستراتيجية مع الاستفادة من الاستثمار الصيني، ويتجلى هذا التوازن الحذر في جميع أنحاء المنطقة، من القاهرة إلى الرياض؛ حيث تسعى الدول إلى الاستفادة من المشاركة الاقتصادية الصينية دون المساس بمرونتها الإستراتيجية.

وقد أضافت أزمة الطاقة العالمية التي عجل بها الغزو الروسي لأوكرانيا بعدًا آخر لهذه الحسابات الجيوسياسية المعقدة؛ حيث أدى الارتفاع الحاد في أسعار النفط الناتج عن ذلك إلى تغيير الجاذبية الاقتصادية لالتزامات الإمدادات طويلة الأجل، مما شجع العراق على إعادة تقييم خياراته الاستراتيجية في سوق الطاقة العالمي سريع التطور.

التداعيات المستقبلية والتوقعات الاستراتيجية
وأكد الموقع أن هذا التعثر ليس مجرد توقف مؤقت في العلاقات الثنائية، بل يشير إلى إعادة تقييم إستراتيجي أوسع نطاقًا في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، فبينما تتعامل القوى الإقليمية مع المصالح العالمية المتنافسة، تصبح القدرة على الحفاظ على الاستقلالية الإستراتيجية مع تأمين موارد التنمية أمرًا بالغ الأهمية، ويوضح قرار العراق الحسابات المعقدة المطلوبة في عالم متعدد الأقطاب؛ حيث يجب الموازنة بعناية بين التنمية الاقتصادية والسيادة الوطنية والمواءمة الاستراتيجية.

واخختم الموقع تقريره بالقول إن هذا التوقف الإستراتيجي في الاتفاق الصيني-العراقي يمثل حالة حاسمة في الجغرافيا السياسية المعاصرة، ويوضح كيفية تعامل الدول مع تقاطع التنمية الاقتصادية والاستقلالية الاستراتيجية ومنافسة القوى العظمى، ومن المرجح أن تؤثر نتيجة هذا الوضع على قرارات مماثلة في جميع أنحاء العالم النامي مع تغير النظام العالمي، لا سيما في المناطق التي تتقاطع فيها المصالح الصينية والغربية.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العراق الصين الولايات المتحدة العراق الولايات المتحدة الصين صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط البنیة التحتیة الحفاظ على العراق على لا سیما

إقرأ أيضاً:

مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية يكشف فسادا في البنتاغون.. احتيال بقيمة 11 مليار دولار

كشف مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية (GAO) أنه لا يستطيع تقييم المدى الكامل للهدر والاختلاس في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" بشكل دقيق، إلا أنه قيّمه على أنه هائل، ودعا الوزارة إلى التعامل مع الأمر بسرعة.

أصدر المكتب تقريرًا بعنوان "إدارة مخاطر الاحتيال في وزارة الدفاع: يجب على وزارة الدفاع تنفيذ ممارسات رائدة لإدارة مخاطر الاحتيال بسرعة وفعالية" (GAO-25-108500)، ويتناول جهود وزارة الدفاع الأمريكية (DOD) في تنفيذ ممارسات رائدة لإدارة مخاطر الاحتيال، بالإضافة إلى استجابتها للتوصيات السابقة الصادرة عنه.

ويعتمد التقرير بشكل أساسي على أعمال المكتب من عام 2019 حتى عام 2024 المتعلقة بإدارة مخاطر الاحتيال في وزارة الدفاع.


أبلغ التقرير وزارة الدفاع عن ما يقرب من 11 مليار دولار من الاحتيال المؤكد على مدى سبع سنوات، وهو مبلغ يعكس جزءًا صغيرًا فقط من التعرض المحتمل للاحتيال في الوزارة، وأن أحد الأمثلة البارزة هو قيام شركة وهمية بتزويد وزارة الدفاع بقطع غيار معيبة، مما أدى إلى إيقاف تشغيل 47 طائرة مقاتلة.

على الرغم من اتخاذ وزارة الدفاع خطوات أولية لتنفيذ نهج لإدارة مخاطر الاحتيال يتماشى مع الممارسات الرائدة في إطار GAO لإدارة مخاطر الاحتيال في البرامج الفيدرالية، إلا أن هناك حاجة إلى جهد مستمر لمنع الاحتيال واكتشافه والاستجابة له بفعالية.

وأكد التقرير أن قيادة وزارة الدفاع لم تُظهر التزامًا قويًا بإدارة مخاطر الاحتيال، ويجب عليها اتخاذ إجراءات في ثلاثة مجالات رئيسية لتعزيز هذه الجهود.


ومنذ عام 2019، قدم المكتب 17 توصية عبر ثلاثة تقارير حول إدارة مخاطر الاحتيال في وزارة الدفاع، ولم يتم تنفيذ 13 منها حتى أيار/ مايو 2025، بما في ذلك توصيتان سيتم تصنيفهما كتوصيات ذات أولوية.

ويوصي التقرير بأن تلتزم وزارة الدفاع بمكافحة الاحتيال من خلال إنشاء ثقافة تنظيمية وهيكل مناسبين لإدارة مخاطر الاحتيال، وتعيين كيان مخصص للإشراف على أنشطة إدارة مخاطر الاحتيال، وتوفير التوجيه والأدوات والتدريب للمكونات العسكرية لتحديد مخاطر الاحتيال والإبلاغ عنها.

مقالات مشابهة

  • 4 تريليونات دولار في متناول اليد .. أفريقيا أمام فرصة تاريخية لتمويل البنية التحتية محليًا
  • مستشار حكومي سابق:فساد بقيمة ملياري دولار بطلها السوداني
  • 140 تريليون دينار تدخل خزينة العراق في عام.. 91% منها من النفط
  • مليارات ماسك تتبخر
  • صندوق النقد لبرنامج قبل نهاية السنة: قيمة القرض دون الـ 3 مليارات دولار
  • طبع النقود: سيف ذو حدين يهدد استقرار الدينار العراقي
  • مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية يكشف فسادا في البنتاغون.. احتيال بقيمة 11 مليار دولار
  • النفط يفضح التصدير المظلم: مليار دولار ضائعة وبغداد تلوّح بالمحاسبة
  • سفارة الصين في الفلبين: نحث الاتحاد الأوروبي على احترام سيادة بلادها الإقليمية
  • “أونكتاد”:“اقتصاد المحيطات” شكل 7% من التجارة العالمية في 2023 بقيمة 2.2 تريليون دولار